تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: شبهة للقبورية

  1. #1

    افتراضي شبهة للقبورية

    السلام عليكم ورحمة الله

    نقل الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء ج17ص76تر ابن لال كلاماً لشيرويه قال:عن ابن لال "والدعاء عند قبره مستجاب".

    من شيرويه هذا؟ وهل هو من الصوفية أو القبورية؟

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: شبهة للقبورية

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
    هو المحدث الحافظ شيرويه بن شهردار بن شيرويه، قال الذهبي في " التذكرة ": 1259: " مفيد همذان ومصنف تاريخها، ( قلت : هو طبقَات الهَمَذَانِيِّي نَ) ومصنف كتاب الفردوس " توفي سنة (509 هـ) أهـ

    وقال الذهبي في تاريخ الإسلام : شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسرة بن خَسْرُكان، الحافظ، أبو شجاع الدَّيْلَميّ، الْهَمَذَانيّ، [المتوفى: 509 هـ]
    مؤرّخ هَمَذَان، ومصنف كتاب " الفِرْدوس ".
    سَمِعَ الكثير بنفسه، ورحل، سَمِعَ: أبا الْفَضْلُ محمد بن عثمان القُومَسَانيّ، ويوسف بْن محمد بْن يوسف المستملي، وسُفْيان بْن الحُسَيْن بْن [ص:122] محمد بْن فَنْجُوَيْه الدّيَنَوريّ، وعبد الحميد بْن الْحَسَن الفقاعي الدلال، وأبا الْفَرَج علي بن مُحَمَّد بن علي الجريري الْبَجَليّ، وأحمد بْن عيسى بْن عبّاد الدّيَنَوريّ، وخلقًا سواهم، وببغداد: أبا منصور عبد الباقي بن علي العطّار، وأبا القاسم بْن البُسْريّ، وخلقًا، وبإصبهان: أبا عَمْرو بْن مَنْدَهْ، وغيره، وبقزوين والجبال.
    قَالَ فيه يحيى بْن مَنْدَهْ: شاب كيّس، حسن الخلق والخلق، ذكي القلب، صلب في السنة، قليل الكلام، قال: روى عَنْهُ ابنه شهردار، ومحمد بْن الْفَضْلُ الإسفراييني، ومحمد بن أبي القاسم الساوي، وأبو العلاء أحمد بْن محمد بْن الْفَضْلُ الحافظ، وآخرون، وتُوُفّي في تاسع عشر رجب.
    وهو متوسط المعرفة، وليس هُوَ بالمُتْقِن، وُلِد سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وكان صلْبًا في السُّنَّة، دخل إصبهان في سنة خمس وخمسمائة، فروى عنه أبو موسى المديني، وطائفة.

    وفي طبقات الشافعية للسبكي : شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسره الْحَافِظ أَبُو شُجَاع الديلمي

    مؤرخ همذان ومصنف كتاب الفردوس
    ولد سنة خمس وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة
    وَسمع أَبَا الْفضل مُحَمَّد بن عُثْمَان القومساني ويوسف بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْمُسْتَمْلِي وَأَبا الْفرج عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الْجريرِي البَجلِيّ وَأحمد بن عِيسَى بن عباد الدينَوَرِي وَأَبا مَنْصُور عبد الْبَاقِي بن عَليّ الْعَطَّار وَأَبا الْقَاسِم بن البسري وَأَبا عَمْرو بن مندة وَغَيرهم بِبِلَاد كَثِيرَة روى عَنهُ ابْنه شهردار وَمُحَمّد بن الْفضل الإسفرايني وَأَبُو الْعَلَاء أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفضل الْحَافِظ وَأَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ وَآخَرُونَ
    وَكَانَ يلقب إِلْكيَا
    مَاتَ فِي تَاسِع شهر رَجَب سنة تسع وَخَمْسمِائة

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: شبهة للقبورية

    بارك الله فيك .
    وفي تتمة كلام الذهبي في السير من نفس الموضع قال : قُلْتُ ( أي : الذهبي ) : وَالدُّعَاءُ مُسْتَجَاب عِنْد قُبُوْر الأَنْبِيَاء وَالأَوْلِيَاء، وَفِي سَائِر البِقَاع، لَكِن سَبَبُ الإِجَابَة حُضُورُ الدَّاعِي، وَخُشُوعُهُ وَابتِهَاله، وَبلاَ رَيْبٍ فِي البقعَةِ المُبَارَكَة، وَفِي المَسْجَدِ، وَفِي السَّحَر، وَنَحْوِ ذَلِكَ، يَتَحَصَّلُ ذَلِكَ للدَاعِي كَثِيْراً، وَكُلُّ مُضطر فَدُعَاؤُه مُجَابٌ.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: شبهة للقبورية

    وقال الذهبي في السير 9 / 339 : مَعْرُوْفٌ الكَرْخِيُّ أَبُو مَحْفُوْظٍ البَغْدَادِيُّ *عَلَمُ الزُّهَّادِ، بَرَكَةُ العَصْرِ، أَبُو مَحْفُوْظٍ البَغْدَادِيُّ.
    وَاسْمُ أَبِيْهِ فَيْرُوْزٌ.
    وَقِيْلَ: فَيْرُزَانُ، مِنَ الصَّابِئَةِ.
    وَقِيْلَ: كَانَ أَبَوَاهُ نَصْرَانِيَّيْن ِ، فَأَسلَمَاهُ إِلَى مُؤَدِّبٍ كَانَ يَقُوْلُ لَهُ:
    قُل: ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ.
    فَيَقُوْلُ مَعْرُوْفٌ: بَلْ هُوَ الوَاحِدُ.
    فَيَضرِبُهُ، فَيَهْرُبُ، فَكَانَ وَالِدَاهُ يَقُوْلاَنِ: لَيْتَهُ رَجَعَ.
    ثُمَّ إِنَّ أَبَوَيْهِ أَسْلَمَا.
    ثم قال : وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيِّ، قَالَ: قَبْرُ مَعْرُوْفٍ التِّرْيَاقُ المُجَرَّبُ (4) . يُرِيْدُ إِجَابَةَ دُعَاءِ المُضْطَرِ عِنْدَهُ؛ لأَنَّ البِقَاعَ المُبَارَكَةِ يُسْتَجَابُ عِنْدَهَا الدُّعَاءُ، كَمَا أَنَّ الدُّعَاءَ فِي السَّحَرِ مَرْجُوٌّ، وَدُبُرَ المَكْتُوْبَاتِ ، وَفِي المَسَاجِدِ، بَلْ دُعَاءُ المُضْطَرِ مُجَابٌ فِي أَيِّ مَكَانٍ اتَّفَقَ، اللَّهُمَّ إِنِّيْ مُضْطَرٌ إِلَى العَفْوِ، فَاعْفُ عَنِّي.


    _____________________
    (4) هذا الكلام لا يسلم لقائله، إذ كيف يكون قبر أحد من الاموات الصالحين ترياقا ودواءا للاحياء، وليس ثمة نص من كتاب الله يدل على خصوصية الدعاء عند قبر ما من القبور، ولم يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ولا سنه لامته، ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا استحسنه أحد من أئمة المسلمين الذين يقتدى بقولهم، بل ثبت النهي عن قصد قبور الأنبياء والصالحين لاجل الصلاة والدعاء عندها، فعن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب زين العابدين الثقة الثبت، الفقيه أنه رأى رجلا يجئ إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيدخل فيها فيدعو، فدعاه، فقال: ألا أحدثك بحديث سمعته من أبي عن جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: " لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا، وصلوا علي، فإن صلاتكم وتسليمكم تبلغني حيثما كنتم " أخرجه ابن أبي شيبة 2 / 375، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم رقم (20)، ويقويه ما أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (6726) من طريق سهيل، عن الحسن بن علي قال: رأى قوما عند القبر، فنهاهم، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تتخذوا قبري عيدا ".
    وأخرجه أبو داود (2042)، وأحمد 2 / 367 من طريق عبد الله بن نافع، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم "، وهذا سند حسن.
    وأخرج ابن أبي شيبة في " المصنف " 2 / 376 من طريق أبي معاوية عن الأعمش، عن المعرور بن سويد قال: خرجنا مع عمر في حجة حجها، فقرأ بنا في الفجر: (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) و(لايلاف قريش)، فلما قضى حجه ورجع والناس يبتدرون، فقال: ما هذا ؟ فقالوا: مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هكذا هلك أهل الكتاب، اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا، من عرضت له منكم فيه الصلاة، فليصل، ومن لم تعرض له منكم فيه الصلاة، فلا يصل.
    وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
    وجاء في " مناسك الحج للامام النووي 69 / 2، وهو من محفوظات الظاهرية ما نصه: كره مالك رحمه الله لاهل المدينة كلما دخل أحدهم وخرج الوقوف بالقبر، قال: وإنما ذلك للغرباء، قال: ولا بأس لمن قدم من سفر، أو خرج إلى سفر أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيصلي عليه ويدعو له ولابي بكر وعمر رضي الله عنهما.
    قال الباجي: فرق
    مالك بين أهل المدينة والغرباء، لان الغرباء قصدوا ذلك، وأهل المدينة مقيمون بها.
    وقد قال صلى الله عليه وسلم: " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد " فتأمل قول مالك: " يصلي عليه ويدعو له ولابي بكر وعمر " فإن هذه هي الزيارة الشرعية للقبور أن نسلم على أصحابها وندعو لهم كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المخرج في صحيح مسلم (974) عن عائشة، و(975) عن بريدة.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: شبهة للقبورية

    وفي السير أيضا 10 / 106 : نَفِيْسَةُ بِنْتُ الحَسَنِ بنِ زَيْدِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ العَلَوِيَّةُ *السَّيِّدَةُ، المُكَرَّمَةُ، الصَّالِحَةُ، ابْنَةُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ الحَسَنِ بنِ زَيْدِ ابْنِ السَّيِّدِ سِبْطِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- العَلَوِيَّةُ، الحَسَنِيَّةُ، صَاحِبَةُ المَشْهَدِ الكَبِيْرِ المَعْمُوْلِ بَيْنَ مِصْرَ وَالقَاهِرَةِ.
    وَلِجَهَلَةِ المِصْرِيِّيْنَ فِيْهَا اعْتِقَادٌ يَتَجَاوَزُ الوَصْفَ، وَلاَ يَجُوْزُ مِمَّا فِيْهِ مِنَ الشِّرْكِ، وَيَسْجُدُوْنَ لَهَا، وَيَلْتَمِسُوْن َ مِنْهَا المَغْفِرَةَ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ دَسَائِسِ دُعَاةِ العُبَيْدِيَّةِ (2)
    وَقِيْلَ: كَانَتْ مِنَ الصَّالِحَاتِ العَوَابِدِ، وَالدُّعَاءُ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قَبْرِهَا، بَلْ وَعِنْدَ قُبُوْرِ الأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِيْن َ (1) ، وَفِي المَسَاجِدِ، وَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، وَفِي السَّفَرِ المُبَاحِ، وَفِي الصَّلاَةِ، وَفِي السَّحَرِ، وَمِنَ الأَبَوَيْنِ، وَمِنَ الغَائِبِ لأَخِيْهِ، وَمِنَ المُضْطَّرِ، وَعِنْدَ قُبُوْرِ المُعَذَّبِيْنَ (2) ، وَفِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِيْنٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ: ادْعُوْنِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.
    وَلاَ يُنْهَى الدَّاعِي عَنِ الدُّعَاءِ فِي وَقْتٍ إِلاَّ وَقْتَ الحَاجَةِ، وَفِي الجِمَاعِ، وَشِبْهِ ذَلِكَ.
    وَيَتَأَكَّدُ الدُّعَاءُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَدُبُرَ المَكْتُوْبَاتِ ، وَبَعْدَ الأَذَانِ


    __________________-
    (2) قال ابن كثير في " البداية " 10 / 262: وإلى الآن قد بالغ العامة في اعتقادهم فيها وفي غيرها كثيرا جدا، ولا سيما عوام مصر، فإنهم يطلقون فيها عبارات بشيعة مجازفة تؤدي إلى الكفر والشرك، وألفاظا ينبغي أن يعرفوا أنها لا تجوز، وربما نسبها بعضهم إلى زين العابدين وليست من سلالته، والذي ينبغي أن يعتقد فيها ما يليق بمثلها من النساء الصالحات، وأصل عبادة الاصنام من المغالاة في القبور وأصحابها، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتسوية القبور وطمسها، والمغالاة في البشر حرام، ومن زعم أنها تفك من الخشب، أو أنها تنفع أو تضر بغير مشيئة الله فهو مشرك، رحمها الله وأكرمها.
    (1) لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم شيء في كون الدعاء مستجابا عند قبور الأنبياء والصالحين، والسلف الصالح لا يعرف عنهم أنهم كانوا يقصدون قبور الأنبياء والصالحين للدعاء عندهم، ويرى ابن الجزري في " الحصن الحصين " أن استجابة الدعاء عند قبور الأنبياء والصالحين ثبتت بالتجربة، وأقره عليه الشوكاني في " تحفة الذاكرين " ص 46 لكن قيده بشرط ألا تنشأ عن ذلك مفسدة وهي أن يعتقد في ذلك الميت ما لا يجوز اعتقاده كما يقع لكثير من المعتقدين في القبور، فإنهم قد يبلغون الغلو بأهلها إلى ما هو شرك بالله عزوجل فينادونهم مع الله، ويطلبون منهم ما لا يطلب إلا من الله عزوجل، وهذا معلوم من أحوال كثير من العاكفين على القبور خصوصا العامة الذين لا يفطنون لدقائق الشرك.
    (2) أخرج البخاري برقم (4420) و(4702) ومسلم (2980) من حديث عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب الحجر - أي: في شأنهم، وكان هذا في غزوة تبوك -: " لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل ما أصابهم " وفي رواية: لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: " لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم الا أن تكونوا باكين حذرا أن يصيبكم مثل ما أصابهم " ثم قنع رأسه، وأسرع السير حتى أجاز الوادي.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: شبهة للقبورية

    كلام شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى 27 / 112 وما بعدها :
    سُئِلَ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ - :
    عَنْ حُكْمِ قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَرَاءِ : إنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قُبُورِ أَرْبَعَةٍ - مِنْ أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ " قَبْرُ الفندلاوي " مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ و " قَبْرُ الْبُرْهَانِ البلخي " مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ و " قَبْرُ الشَّيْخِ نَصْرٍ المقدسي " مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ . و " قَبْرُ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ " مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ؟ وَمَنْ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ عِنْدَ قُبُورِهِمْ وَدَعَا اُسْتُجِيبَ لَهُ ؟ وَقَوْلُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ يُوصِيهِ : إذَا نَزَلَ بِك حَادِثٌ أَوْ أَمْرٌ تَخَافُهُ اسْتَوْحِنِي يَنْكَشِفُ عَنْك مَا تَجِدُهُ مِنْ الشِّدَّةِ : حَيًّا كُنْت أَوْ مَيِّتًا ؟ وَمَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَاسْتَقْبَلَ جِهَةَ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ الجيلاني وَسَلَّمَ عَلَيْهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ يَخْطُو مَعَ كُلِّ تَسْلِيمَةٍ خَطْوَةً إلَى قَبْرِهِ قُضِيَتْ حَاجَتُهُ أَوْ كَانَ فِي سَمَاعٍ فَإِنَّهُ يَطِيبُ وَيَكْثُرُ التَّوَاجُدُ وَقَوْلُ الْفُقَرَاءِ : إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَنْظُرُ إلَى الْفُقَرَاءِ بِتَجَلِّيهِ عَلَيْهِمْ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ : عِنْدَ مَدِّ السِّمَاطِ وَعِنْدَ قِيَامِهِمْ فِي الِاسْتِغْفَارِ أَوْ الْمُجَارَاةِ الَّتِي بَيْنَهُمْ وَعِنْدَ السَّمَاعِ ؟ وَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْمُتَعَبِّدِي نَ مِنْ الدُّعَاءِ عِنْدَ قَبْرِ زَكَرِيَّا وَقَبْرِ هُودٍ وَالصَّلَاةِ عِنْدَهُمَا وَالْمَوْقِفِ بَيْنَ شَرْقِيِّ رِوَاقِ الْجَامِعِ بِبَابِ الطَّهَارَةِ بِدِمَشْقَ وَالدُّعَاءِ عِنْدَ الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ وَمَنْ أَلْصَقَ ظَهْرَهُ الْمَوْجُوعَ بِالْعَمُودِ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِ قَبْرِ مُعَاوِيَةَ عِنْدَ الشُّهَدَاءِ بِبَابِ الصَّغِيرِ . فَهَلْ لِلدُّعَاءِ خُصُوصِيَّةُ قَبُولٍ أَوْ سُرْعَةُ إجَابَةٍ بِوَقْتِ مَخْصُوصٍ أَوْ مَكَانٍ مُعَيَّنٍ : عِنْدَ قَبْرِ نَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَغِيثَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّعَاءِ بِنَبِيِّ مُرْسَلٍ أَوْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ أَوْ بِكَلَامِهِ تَعَالَى أَوْ بِالْكَعْبَةِ أَوْ بِالدُّعَاءِ الْمَشْهُورِ بِاحْتِيَاطِ قَافٍ أَوْ بِدُعَاءِ أُمِّ دَاوُد أَوْ الْخَضِرِ ؟ ؟ . وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقْسِمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي السُّؤَالِ بِحَقِّ فُلَانٍ بِحُرْمَةِ فُلَانٍ بِجَاهِ الْمُقَرَّبِينَ بِأَقْرَبَ الْخَلْقِ أَوْ يُقْسِمَ بِأَفْعَالِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ ؟ وَهَلْ يَجُوزُ تَعْظِيمُ مَكَانٍ فِيهِ خَلُوقٌ وَزَعْفَرَانٌ وَسَرْجٌ ؛ لِكَوْنِهِ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ عِنْدَهُ أَوْ يَجُوزُ تَعْظِيمُ شَجَرَةٍ يُوجَدُ فِيهَا خِرَقٌ مُعَلَّقَةٌ وَيُقَالُ : هَذِهِ مُبَارَكَةٌ يَجْتَمِعُ إلَيْهَا الرِّجَالُ الْأَوْلِيَاءُ ؟ وَهَلْ يَجُوزُ تَعْظِيمُ جَبَلٍ أَوْ زِيَارَتُهُ أَوْ زِيَارَةُ مَا فِيهِ مِنْ الْمَشَاهِدِ وَالْآثَارِ وَالدُّعَاءُ فِيهَا وَالصَّلَاةُ كَمَغَارَةِ الدَّمِ وَكَهْفِ آدَمَ وَالْآثَارِ . وَمَغَارَةِ الْجُوعِ وَقَبْرِ شيث وَهَابِيلَ وَنُوحٍ وَإِلْيَاسَ وحزقيل وشيبال الرَّاعِي وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ بِجِبِلَّةِ وَعُشِّ الْغُرَابِ بِبَعْلَبَكَّ وَمَغَارَةِ الْأَرْبَعِينَ وَحَمَّامِ طبرية وَزِيَارَةُ عَسْقَلَانَ وَمَسْجِدِ صَالِحٍ بعكا - وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالْحُرُمَاتِ وَالتَّعْظِيمِ وَالزِّيَارَاتِ ؟ .
    وَهَلْ يَجُوزُ تَحَرِّي الدُّعَاءِ عِنْدَ الْقُبُورِ وَأَنْ تُقَبَّلَ أَوْ يُوقَدَ عِنْدَهَا الْقَنَادِيلُ وَالسُّرُجُ ؟ وَهَلْ يَحْصُلُ لِلْأَمْوَاتِ بِهَذِهِ الْأَفْعَالِ مِنْ الْأَحْيَاءِ مَنْفَعَةٌ أَوْ مَضَرَّةٌ ؟ وَهَلْ الدُّعَاءُ عِنْدَ " الْقَدَمِ النَّبَوِيِّ " بِدَارِ الْحَدِيثِ الأشرفية بِدِمَشْقَ وَغَيْرِهِ وَقَدَمِ مُوسَى وَمَهْدِ عِيسَى " وَمَقَامِ إبْرَاهِيمَ وَرَأْسِ الْحُسَيْنِ وصهيب الرُّومِيِّ وَبِلَالٍ الْحَبَشِيِّ وَأُوَيْسٍ القرني وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ - كُلَّهُ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ وَالْقُرَى وَالسَّوَاحِلِ وَالْجِبَالِ وَالْمَشَاهِدِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْجَوَامِعِ ؟ . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ : الدُّعَاءُ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ بُرْجِ " بَابِ كيسان " بَيْنَ بَابَيْ الصَّغِيرِ وَالشَّرْقِيِّ مُسْتَدْبِرًا لَهُ مُتَوَجِّهًا إلَى الْقِبْلَةِ وَالدُّعَاءُ عِنْدَ دَاخِلِ بَابِ الْفَرَّادِينَ ؟ فَهَلْ ثَبَتَ شَيْءٌ فِي إجَابَةِ الْأَدْعِيَةِ فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَغَاثَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ يَقُولَ : يَا جَاهَ مُحَمَّدٍ أَوْ يَا لَسِتِّ نَفِيسَةَ أَوْ يَا سَيِّدِي أَحْمَد أَوْ إذَا عَثَرَ أَحَدٌ وَتَعَسَّرَ أَوْ قَفَزَ مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ يَقُولُ : يال عَلِيٍّ أَوْ يال الشَّيْخِ فُلَانٍ : أَمْ لَا ؟ وَهَلْ تَجُوزُ النُّذُورُ لِلْأَنْبِيَاءِ أَوْ لِلْمَشَايِخِ : مِثْلُ الشَّيْخِ جاكير أَوْ أَبِي الْوَفَاءِ أَوْ نُورِ الدِّينِ الشَّهِيدِ أَوْ غَيْرِهِمْ أَمْ لَا ؟ وَكَذَلِكَ هَلْ تَجُوزُ النُّذُورُ لِقُبُورِ أَحَدٍ مِنْ آلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَمُدْرِكِهِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَمَشَايِخِ الْعِرَاقِ وَالْعَجَمِ وَمِصْرَ وَالْحِجَازِ وَالْيَمَنِ وَالْهِنْدِ وَالْمَغْرِبِ وَجَمِيعِ الْأَرْضِ وَجَبَلِ قَانٍ وَغَيْرِهَا أَمْ لَا ؟

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: شبهة للقبورية

    فَأَجَابَ :
    الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، أَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ : إنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قُبُورِ الْمَشَايِخِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَهُوَ مِنْ جِنْسِ قَوْلِ غَيْرِهِ : قَبْرُ فُلَانٍ هُوَ التِّرْيَاقُ الْمُجَرَّبُ وَمِنْ جِنْسِ مَا يَقُولُهُ أَمْثَالُ هَذَا الْقَائِلِ : مِنْ أَنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قَبْرِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ . فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ بَعْضِ الْقُبُورِ ثُمَّ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ الْقَبْرُ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ قَبْرُ رَجُلٍ صَالِحٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَوْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الصَّالِحِينَ وَقَدْ يَكُونُ نِسْبَةُ ذَلِكَ الْقَبْرِ إلَى ذَلِكَ كَذِبًا أَوْ مَجْهُولَ الْحَالِ : مِثْلُ أَكْثَرِ مَا يُذْكَرُ مِنْ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ يَكُونُ صَحِيحًا وَالرَّجُلِ لَيْسَ بِصَالِحِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَقْسَامَ مَوْجُودَةٌ فِيمَنْ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ أَوْ مَنْ يَقُولُ : إنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قَبْرٍ بِعَيْنِهِ وَأَنَّهُ اُسْتُجِيبَ لَهُ الدُّعَاءُ عِنْدَهُ وَالْحَالُ أَنَّ ذَاكَ إمَّا قَبْرُ مَعْرُوفٍ بِالْفِسْقِ وَالِابْتِدَاعِ وَإِمَّا قَبْرُ كَافِرٍ كَمَا رَأَيْنَا مَنْ دَعَا فَكُشِفَ لَهُ حَالُ الْقُبُورِ فَبُهِتَ لِذَلِكَ وَرَأَيْنَا مِنْ ذَلِكَ أَنْوَاعًا . وَأَصْلُ هَذَا : أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ : إنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ قَوْلٌ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْمَشْهُورِينَ بِالْإِمَامَةِ فِي الدِّينِ ؛ كَمَالِكِ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِي وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْه وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَلَا مَشَايِخِهِمْ الَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ : كالْفُضَيْل بْنِ عِيَاضٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ ؟ وَأَبِي سُلَيْمَانَ الداراني وَأَمْثَالِهِمْ . وَلَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ وَالْمَشَايِخِ الْمُتَقَدِّمِي نَ مَنْ يَقُولُ : إنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لَا مُطْلَقًا وَلَا مُعَيَّنًا . وَلَا فِيهِمْ مَنْ قَالَ : إنَّ دُعَاءَ الْإِنْسَانِ عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَفْضَلُ مِنْ دُعَائِهِ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْبُقْعَةِ وَلَا إنَّ الصَّلَاةَ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِهَا . وَلَا فِيهِمْ مَنْ كَانَ يَتَحَرَّى الدُّعَاءَ وَلَا الصَّلَاةَ عِنْدَ هَذِهِ الْقُبُورِ ؛ بَلْ أَفْضَلُ الْخَلْقِ وَسَيِّدُهُمْ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ فِي الْأَرْضِ قَبْرٌ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهُ قَبْرُ نَبِيٍّ غَيْرَ قَبْرِهِ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي قَبْرِ الْخَلِيلِ وَغَيْرِهِ - وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ عِنْدَ زِيَارَتِهِ وَعَلَى صَاحِبَيْهِ لِمَا فِي السُّنَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ . " { مَا مِنْ رَجُلٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ } وَهُوَ حَدِيثٌ جَيِّدٌ . وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالدَّارَقُطْن ِي عَنْهُ : " { مَنْ سَلَّمَ عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي سَمِعْته وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ نَائِيًا أُبْلِغْته } وَفِي إسْنَادِهِ لَيِّنٌ . لَكِنْ لَهُ شَوَاهِدُ ثَابِتَةٌ ؛ فَإِنَّ إبْلَاغَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ مِنْ الْبُعْدِ قَدْ رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ . كَمَا فِي السُّنَنِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " { أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمْعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمْعَةِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ . قَالُوا : كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْك وَقَدْ أَرَمْت ؟ أَيْ بَلِيتَ . فَقَالَ : إنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ لُحُومَ الْأَنْبِيَاءِ } وَفِي النَّسَائِي وَغَيْرِهِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " { إنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِقَبْرِي مَلَائِكَةً يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلَامَ } . وَمَعَ هَذَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قَبْرِهِ وَلَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَحَرَّى الدُّعَاءَ مُتَوَجِّهًا إلَى قَبْرِهِ بَلْ نَصُّوا عَلَى نَقِيضِ ذَلِكَ وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْعُو مُسْتَقْبِلَ الْقَبْرِ . وَتَنَازَعُوا فِي السَّلَامِ عَلَيْهِ . فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ كَمَالِكِ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا : يُسَلِّمُ عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقَبْرِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَأَظُنُّهُ مَنْقُولًا عَنْهُ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ : بَلْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ؛ بَلْ نَصَّ أَئِمَّةُ السَّلَفِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُوقَفُ عِنْدَهُ لِلدُّعَاءِ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إسْحَاقَ فِي " كِتَابِ الْمَبْسُوطِ " وَذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ . قَالَ مَالِكٌ : لَا أَرَى أَنْ يَقِفَ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدْعُوَ ؛ وَلَكِنْ يُسَلِّمُ وَيَمْضِي . وَقَالَ أَيْضًا فِي " الْمَبْسُوطِ " لَا بَأْسَ لِمَنْ قَدِمَ مَنْ سَفَرٍ أَوْ خَرَجَ إلَى سَفَرٍ أَنْ يَقِفَ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ وَيَدْعُو لَهُ وَلِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ . فَقِيلَ لَهُ : فَإِنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا يَقْدَمُونَ مِنْ سَفَرٍ وَلَا يُرِيدُونَهُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ وَرُبَّمَا وَقَفُوا فِي الْجُمْعَة أَوْ فِي الْيَوْمِ الْمَرَّةَ وَالْمَرَّتَيْن ِ أَوْ أَكْثَرَ عِنْدَ الْقَبْرِ فَيُسَلِّمُونَ وَيَدْعُونَ سَاعَةً فَقَالَ : لَمْ يَبْلُغْنِي هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ بِبَلْدَتِنَا وَلَا يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ إلَّا مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا وَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ أَوَّلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَصَدْرِهَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ ؛ إلَّا مَنْ جَاءَ مَنْ سَفَرٍ أَوْ أَرَادَهُ . قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : رَأَيْت أَهْلَ الْمَدِينَةِ إذَا خَرَجُوا مِنْهَا أَوْ دَخَلُوهَا أَتَوْا الْقَبْرَ وَسَلَّمُوا . قَالَ : وَذَلِكَ دَأْبِي . فَهَذَا مَالِكٌ وَهُوَ أَعْلَمُ أَهْلِ زَمَانِهِ - أَيْ زَمَنِ تَابِعِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ الَّذِينَ كَانَ أَهْلُهَا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ أَعْلَمَ النَّاسِ بِمَا يُشْرَعُ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْرَهُونَ الْوُقُوفَ لِلدُّعَاءِ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَيْهِ . وَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ هُوَ الدُّعَاءُ لَهُ وَلِصَاحِبَيْهِ وَهُوَ الْمَشْرُوعُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَأَنَّ ذَلِكَ أَيْضًا لَا يُسْتَحَبُّ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ كُلَّ وَقْتٍ . بَلْ عِنْدَ الْقُدُومِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ إرَادَتِهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَحِيَّةٌ لَهُ وَالْمُحَيَّا لَا يُقْصَدُ بَيْتُهُ كُلَّ وَقْتٍ لِتَحِيَّتِهِ ؛ بِخِلَافِ الْقَادِمَيْنِ مِنْ السَّفَرِ . وَقَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي وَهْبٍ : إذَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقِفُ وَجْهَهُ إلَى الْقَبْرِ ؛ لَا إلَى الْقِبْلَةِ وَيَدْنُو وَيُسَلِّمُ وَلَا يَمَسُّ الْقَبْرَ بِيَدِهِ . وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُقَالَ : زُرْنَا قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : كَرَاهَةُ مَالِكٍ لَهُ لِإِضَافَتِهِ إلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ : " { اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلُ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ } يَنْهَى عَنْ إضَافَةِ هَذَا اللَّفْظِ إلَى الْقَبْرِ وَالتَّشَبُّهِ بِفِعْلِ ذَلِكَ ؛ قَطْعًا لِلذَّرِيعَةِ وَحَسْمًا لِلْبَابِ . قُلْت : وَالْأَحَادِيثُ الْكَثِيرَةُ الْمَرْوِيَّةُ فِي زِيَارَةِ قَبْرِهِ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ بَلْ مَوْضُوعَةٌ . لَمْ يَرْوِ الْأَئِمَّةُ وَلَا أَهْلُ السُّنَنِ الْمُتَّبَعَةِ - كَسُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِي وَنَحْوِهِمَا فِيهَا شَيْئًا وَلَكِنْ جَاءَ لَفْظُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ : مِثْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ . أَلَّا فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْآخِرَةَ } وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ إذَا زَارُوا الْقُبُورَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ : " { السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِين َ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِ ينَ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِ رِين نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَة } . وَلَكِنْ صَارَ لَفْظُ " زِيَارَةِ الْقُبُورِ " فِي عُرْفِ كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِي نَ يَتَنَاوَلُ " الزِّيَارَةَ الْبِدْعِيَّةَ وَالزِّيَارَةَ الشَّرْعِيَّةَ " وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَسْتَعْمِلُونَ هَا إلَّا بِالْمَعْنَى الْبِدْعِيِّ ؛ لَا الشَّرْعِيِّ ؛ فَلِهَذَا كُرِهَ هَذَا الْإِطْلَاقُ . فَأَمَّا " الزِّيَارَةُ الشَّرْعِيَّةُ " فَهِيَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ : يُقْصَدُ بِهَا الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ كَمَا يُقْصَدُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ فِي حَقِّ الْمُنَافِقِينَ : { وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ } فَلَمَّا نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَالْقِيَامِ عَلَى قُبُورِهِمْ : دَلَّ ذَلِكَ بِطَرِيقِ مَفْهُومِ الْخِطَابِ وَعِلَّةِ الْحُكْمِ أَنَّ ذَلِكَ مَشْرُوعٌ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ . وَالْقِيَامُ عَلَى قَبْرِهِ بَعْدَ الدَّفْنِ هُوَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَبْلَ الدَّفْنِ يُرَادُ بِهِ الدُّعَاءُ لَهُ . وَهَذَا هُوَ الَّذِي مَضَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَاسْتَحَبَّهُ السَّلَفُ عِنْدَ زِيَارَةِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ . وَأَمَّا " الزِّيَارَةُ الْبِدْعِيَّةُ " فَهِيَ مِنْ جِنْسِ الشِّرْكِ وَالذَّرِيعَةِ إلَيْهِ كَمَا فَعَلَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُسْتَفِيضَة ِ عَنْهُ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ : " { لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا } وَقَالَ : " { إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ } وَقَالَ : " { إنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمْ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءُ وَاَلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ } وَقَالَ : " { لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ وَالْمُتَّخِذِي نَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ } فَإِذَا كَانَ قَدْ لَعَنَ مَنْ يَتَّخِذُ قُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ مَسَاجِدَ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ تَحَرِّيهَا لِلدُّعَاءِ مُسْتَحَبًّا لِأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي يُسْتَحَبُّ فِيهِ الدُّعَاءُ يُسْتَحَبُّ فِيهِ الصَّلَاةُ لِأَنَّ الدُّعَاءَ عَقِبَ الصَّلَاةِ أجوب . وَلَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ مَكَانٌ يُنْهَى عَنْ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ مَعَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ عِنْدَهُ . وَقَدْ نَصَّ الْأَئِمَّةُ كَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ مُعَلَّلٌ
    بِخَوْفِ الْفِتْنَةِ بِالْقَبْرِ لَا بِمُجَرَّدِ نَجَاسَتِهِ كَمَا يَظُنُّ ذَلِكَ بَعْضُ النَّاسِ ؛ وَلِهَذَا كَانَ السَّلَفُ يَأْمُرُونَ بِتَسْوِيَةِ الْقُبُورِ وَتَعْفِيَةِ مَا يُفْتَتَنُ بِهِ مِنْهَا كَمَا أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِتَعْفِيَةِ قَبْرِ دَانْيَالَ لَمَّا ظَهَرَ بتستر فَإِنَّهُ كَتَبَ إلَيْهِ أَبُو مُوسَى يَذْكُرُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قَبْرُ دَانْيَالَ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَسْقُونَ بِهِ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ يَأْمُرُهُ أَنْ يَحْفِرَ بِالنَّهَارِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَبْرًا ثُمَّ يَدْفِنُهُ بِاللَّيْلِ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا وَيُعْفِيهِ لِئَلَّا يَفْتَتِنَ بِهِ النَّاسُ . وَاَلَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَانَ مَعْرُوفًا عِنْد السَّلَفِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الموصلي فِي " مُسْنَدِهِ " وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ المقدسي فِي " مُخْتَارِهِ " عَنْ { عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْمَعْرُوفِ بِزَيْنِ الْعَابِدِينَ - أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَجِيءُ إلَى فُرْجَةٍ كَانَتْ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَدْخُلُ فَيَدْعُو فِيهَا فَنَهَاهُ فَقَالَ : أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْته مِنْ أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا وَلَا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا ؛ فَإِنَّ تَسْلِيمَكُمْ يَبْلُغُنِي أَيْنَمَا كُنْتُمْ } . وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ } وَفِي سُنَنِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي سُهَيْلٍ قَالَ : رَآنِي الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ الْقَبْرِ فَنَادَانِي وَهُوَ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ يَتَعَشَّى فَقَالَ : هَلُمَّ إلَى الْعَشَاءِ فَقُلْت : لَا أُرِيدُهُ فَقَالَ : مَالِي رَأَيْتُك عِنْدَ الْقَبْرِ فَقُلْت : سَلَّمْت عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَ : إذَا دَخَلْت الْمَسْجِدَ فَسَلِّمْ ثُمَّ قَالَ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " { لَا تَتَّخِذُوا بَيْتِي عِيدًا وَلَا تَتَّخِذُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ ؛ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُمَا كُنْتُمْ مَا أَنْتُمْ وَمَنْ بِالْأَنْدَلُسِ إلَّا سَوَاءٌ } . وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . فَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ الْمَشْرُوعَ فِي قَبْرِ سَيِّدِ وَلَدٍ آدَمَ وَخَيْرِ الْخَلْقِ وَأَكْرَمِهِمْ عَلَى اللَّهِ فَكَيْفَ يُقَالُ فِي قَبْرِ غَيْرِهِ وَقَدْ تَوَاتَرَ عَنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا نَزَلَتْ بِهِمْ الشَّدَائِدُ - كَحَالِهِمْ فِي الْجَدْبِ وَالِاسْتِسْقَا ءِ وَعِنْدَ الْقِتَالِ وَالِاسْتِنْصَا رِ - يَدْعُونَ اللَّهَ وَيَسْتَغِيثُون َهُ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْبُيُوتِ وَلَمْ يَكُونُوا يَقْصِدُونَ الدُّعَاءَ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ ؛ بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا إذَا أَجْدَبْنَا تَوَسَّلْنَا إلَيْك بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِيَنَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا فَيُسْقَوْنَ . فَتَوَسَّلُوا بِالْعَبَّاسِ كَمَا كَانُوا يَتَوَسَّلُونَ بِهِ وَهُوَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَسَّلُونَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ وَهَكَذَا تَوَسَّلُوا بِدُعَاءِ الْعَبَّاسِ وَشَفَاعَتِهِ وَلَمْ يَقْصِدُوا الدُّعَاءَ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَقْسَمُوا عَلَى اللَّهِ بِشَيْءِ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ بَلْ تَوَسَّلُوا إلَيْهِ بِمَا شَرَعَهُ مِنْ الْوَسَائِلِ وَهِيَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ وَدُعَاءُ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا يَتَوَسَّلُ الْعَبْدُ إلَى اللَّهِ بِالْإِيمَانِ بِنَبِيِّهِ وَبِمَحَبَّتِهِ وَمُوَالَاتِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالسَّلَامِ وَكَمَا يَتَوَسَّلُونَ فِي حَيَاتِهِ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ كَذَلِكَ يَتَوَسَّلُ الْخَلْقُ فِي الْآخِرَةِ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ . وَيَتَوَسَّلُ بِدُعَاءِ الصَّالِحِينَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { وَهَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إلَّا بِضُعَفَائِكُمْ : بِدُعَائِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَاسْتِغْفَارِه ِمْ } . وَمِنْ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الدُّعَاءَ عِنْدَ الْقُبُورِ لَوْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ الدُّعَاءِ عِنْدَ غَيْرِهَا وَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ وأجوب : لَكَانَ السَّلَفُ أَعْلَمَ بِذَلِكَ مِنْ الْخَلَفِ " وَكَانُوا أَسْرَعَ إلَيْهِ . فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَعْلَمَ بِمَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ وَأَسْبَقَ إلَى طَاعَتِهِ وَرِضَاهُ وَلَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَيِّنُ ذَلِكَ وَيُرَغِّبُ فِيهِ ؛ فَإِنَّهُ أَمَرَ بِكُلِّ مَعْرُوفٍ وَنَهَى عَنْ كُلِّ مُنْكَرٍ وَمَا تَرَكَ شَيْئًا يُقَرِّبُ إلَى الْجَنَّةِ إلَّا وَقَدْ حَدَّثَ أُمَّتَهُ بِهِ وَلَا شَيْئًا يُبْعِدُ عَنْ النَّارِ إلَّا وَقَدْ حَذَّرَ أُمَّتَهُ مِنْهُ وَقَدْ تَرَكَ أُمَّتَهُ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَنْزَوِي عَنْهَا بَعْدَهُ إلَّا هَالِكٌ . فَكَيْفَ وَقَدْ نَهَى عَنْ هَذَا الْجِنْسِ وَحَسَمَ مَادَّتَهُ بِلَعْنِهِ وَنَهْيِهِ عَنْ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ ؟ فَنَهَى عَنْ الصَّلَاةِ لِلَّهِ مُسْتَقْبِلًا لَهَا وَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي لَا يَعْبُدُ الْمَوْتَى وَلَا يَدْعُوهُمْ كَمَا نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَوَقْتَ الْغُرُوبِ ؛ لِأَنَّهَا وَقْتُ سُجُودِ الْمُشْرِكِينَ لِلشَّمْسِ وَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي لَا يَسْجُدُ إلَّا لِلَّهِ ؛ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ . فَكَيْفَ إذَا تَحَقَّقَتْ الْمَفْسَدَةُ بِأَنْ صَارَ الْعَبْدُ يَدْعُو الْمَيِّتَ وَيَدْعُو بِهِ كَمَا إذَا تَحَقَّقَتْ الْمَفْسَدَةُ بِالسُّجُودِ لِلشَّمْسِ وَقْتَ الطُّلُوعِ وَوَقْتَ الْغُرُوبِ . وَقَدْ كَانَ أَصْلُ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ تَعْظِيمِ الْقُبُورِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا } قَالَ السَّلَفُ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ : كَانَ هَؤُلَاءِ قَوْمًا صَالِحِينَ فِي قَوْمِ نُوحٍ فَلَمَّا مَاتُوا عَكَفُوا عَلَى قُبُورِهِمْ ثُمَّ صَوَّرُوا تَمَاثِيلَهُمْ ثُمَّ عَبَدُوهُمْ . ثُمَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ بِمَقَابِرَ " بَابِ الصَّغِيرِ " مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخِ الْأَرْبَعَةِ فَكَيْفَ يُعَيَّنُ هَؤُلَاءِ لِلدُّعَاءِ عِنْدَ قُبُورِهِمْ دُونَ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُمْ ثُمَّ إنَّ لِكُلِّ شَيْخٍ مِنْ هَؤُلَاءِ وَنَحْوِهِمْ مَنْ يُحِبُّهُ وَيُعَظِّمُهُ بِالدُّعَاءِ دُونَ الشَّيْخِ الْآخَرِ فَهَلْ أَمَرَ اللَّهُ بِالدُّعَاءِ عِنْدَ وَاحِدٍ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُشْرِكُونَ بِهِمْ ؟ الَّذِينَ ضَاهَوْا الَّذِينَ { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا وَاحِدًا لَا إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •