السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل من دليل من كتاب أو سنة أو إجماع على أنَّ العمل الصالح للكافر يُخَفَّفُ به عنه من سكرات موته؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل من دليل من كتاب أو سنة أو إجماع على أنَّ العمل الصالح للكافر يُخَفَّفُ به عنه من سكرات موته؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى الطبراني في ((الكبير)) عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ نَفْسَ الْمُؤْمِنِ تَخْرُجُ رَشْحًا، وَإِنَّ نَفْسَ الْكَافِرِ تَسِيلُ كَمَا تَخْرُجُ نَفْسُ الْحِمَارِ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَعْمَلُ الْخَطِيئَةَ فَيُشَدَّدُ بِهَا عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَوْتِ لِيُكَفَّرَ بِهَا، وَإِنَّ الْكَافِرَ لَيَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَيُسَهَّلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَوْتِ لِيُجْزَى بِهَا».
قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (2/ 329): ((فيه القاسم بن مطيب، وهو ضعيف)).
الأدلة التي قرأتها في القرآن الكريم تُجمِع على أن:
1) الكافر لا ينتفع بأي عمل صالح له مطلقاً
2) الإيمان شرط لقبول الأعمال الصالحة
وفيما يلي نقل لهذه الآيات
الدليل على أن الله لا يقبل العمل من الكافرين وأن كل الأعمال الطيبة لا ينتفع بها الكافرون يوم القيامة:
1) قال الله عز وجل: " وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) " سورة البقرة
2) قال الله عز وجل: " قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54) فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) " سورة التوبة
3) قال الله عز وجل: " وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) " سورة الفرقان
4) قال الله عز وجل: " أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ " الأحزاب الآية 19
5) قال الله عز وجل: " وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) " سورة الزمر
6) قال الله عز وجل: " وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) " سورة محمد
7) قالت عائشة رضي الله عنها: " يا رسولَ اللهِ، ابنُ جدعانِ، كان في الجاهليةِ يصلُ الرَّحِمَ، ويُطعِمُ المسكينَ، فهلْ ذاكَ نافعهُ؟ قال لا ينفعهُ، إنهُ لم يقُلْ يومًا: ربِّ اغفرْ لي خَطيئتي يومَ الدِّينِ " صحيح مسلم برقم 214
الدليل على أن (الإسلام) شرط لقبول العمل عند الله والإثابة عليه يوم القيامة:
1) قال الله عز وجل: " وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124) " سورة النساء
2) قال الله عز وجل: " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّ هُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) " سورة النحل
3) قال الله عز وجل: " وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) " سورة الإسراء
4) قال الله عز وجل: " وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112) " سورة طه
5) قال الله عز وجل: " فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ (94) " سورة الأنبياء
6) قال الله عز وجل: " مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) " سورة غافر
جزاكما الله خيرًا
كلاكما أخبر بما هو معلوم أن لا شيء ينفع الكافر مطلقًا؛ وهذا اعتقادي، ولكن هل من دليل "يصح" في المسألة عكس هذا الاعتقاد؟
لا يصح ، وكيف يصح وقد كفر بالله العظيم : أما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها .
ولا بأس أن أنقل كلام العلامة الألباني رحمه الله فلعل له علاقة بما نحن بصدده :
53 - " إن الله لا يظلم مؤمنا حسنته يعطى بها ( و في رواية : يثاب عليها الرزق في الدينا ) و يجزى بها في الآخرة و أما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 82 :
أخرجه مسلم ( 8 / 135 ) ، و أحمد ( 3 / 125 ) ، و لتمام في " الفوائد "( 879 ) الشطر الأول .
تلك هي القاعدة في هذه المسألة : أن الكافر يجازى على عمله الصالح شرعا في الدنيا ، فلا تنفعه حسناته في الآخرة ، و لا يخفف عنه العذاب بسببها فضلا عن أن ينجو منه .
و قد يظن بعض الناس أن في السنة ما ينافي القاعدة المذكورة من مثل الحديث الآتى :
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب ، فقال : " لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار ، يبلغ كعبيه ، يغلي منه دماغه " .
لكنه صح موقوفا عن ابن مسعود"
قال عبد الرزاق في المصنف 6772 : عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ:
كَانَ عِنْدَ أَخٍ لَهُ وَهُوَ يَسُوقُ فَجَعَلَ يَرْشَحُ جَبِينُهُ، فَضَحِكَ عَلْقَمَةُ.
فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ بْنُ أَوْسٍ: مَا يُضْحِكُكَ يَا أَبَا شِبْلٍ؟
قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: إِنَّ نَفْسَ الْمُؤْمِنِ تَخْرُجُ رَشْحًا، وَإِنَّ نَفْسَ الْكَافِرِ تَخْرُجُ مِنْ شِدْقِهِ كَمَا تَخْرُجُ نَفْسُ الْحِمَارِ.
إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ بِالسَّيِّئَةِ قَدْ عَمِلَهَا لِتَكُونَ بِهَا، وَإِنَّ الْكَافِرَ لَيُهَوَّنُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِهِ بِالْحَسَنَةِ قَدْ عَمِلَهَا لِتَكُونَ بِهَا.
وقال ابن أبي شيبة في المصنف 12137: حدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَن عَلْقَمَةَ ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى صَدِيقٍ لَهُ مِنَ النَّخَعِ يَعُودُهُ , فَمَسَحَ جَبِينَهُ فَوَجَدَهُ يَرْشَحُ فَضَحِكَ ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ : مَا يَضْحَكُك يَا أَبَا شِبْلٍ ؟
قَالَ : ضَحِكْت مِنْ قَوْلِ عَبْدِ اللهِ : إنَّ نَفْسَ الْمُؤْمِنِ تَخْرُجُ رَشْحًا , وَإِنَّهُ يَكُونُ قَدْ عَمِلَ السَّيِّئَةَ فَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَوْتِ لِيَكُونَ بِهَا , وَإِنَّ نَفْسَ الْكَافِرِ أوِ الْفَاجِرِ لَتَخْرُجُ مِنْ شِدْقِهِ كَمَا يَخْرُجُ نَفْسُ الْحِمَارِ , وَإِنَّهُ يَكُونُ قَدْ عَمِلَ الْحَسَنَةَ فَيُهَوَّنُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَوْتِ لِيَكُونَ بِهَا.
رد الشيخ الألباني رحمه الله على هذا فقال في الحديث الذي بعده :
54 - عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب ، فقال : " لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه " .
رواه مسلم ( 1 / 135 ) ، وأحمد ( 3 / 50 - 55 ) ، وابن عساكر ( 19 / 51 / 1 ) ، وأبو يعلى في " مسنده " ( ق 86 / 2 ) .
وجوابنا على ذلك من وجهين أيضا :
الأول : أننا لا نجد في الحديث ما يعارض القاعدة المشار إليها ، إذ ليس فيه أن
عمل أبي طالب هو السبب في تخفيف العذاب عنه ، بل السبب شفاعته صلى الله عليه وسلم ، فهي التي تنفعه . ويؤيد هذا ، الحديث التالي :
عن العباس بن عبد المطلب أنه قال : يا رسول الله ، هل نفعت أبا طالب بشيء ،
فإنه كان يحوطك ويغضب لك ؟ قال : " نعم ، هو في ضحضاح من نار ، ولولا أنا
( أي شفاعته ) لكان في الدرك الأسفل من النار " .
55 - عن العباس بن عبد المطلب أنه قال : يا رسول الله ، هل نفعت أبا طالب بشيء فإنه كان يحوطك و يغضب لك ؟ قال : " نعم هو في ضحضاح من نار و لولا أنا ( أي شفاعته ) لكان في الدرك الأسفل من النار " .
رواه مسلم ( 1 / 134 - 135 ) ، و أحمد ( 1 / 206 ، 207 ، 210 ) . و أبو يعلى ( 213 / 2 و 313 / 2 ) ، و ابن عساكر ( 19 / 51 / 1 ) و استقصى طرقه و ألفاظه .
فهذا الحديث نص في أن السبب في التخفيف إنما هو النبي عليه السلام ، أي شفاعته
- كما في الحديث قبله - وليس هو عمل أبي طالب ، فلا تعارض حينئذ بين الحديث
وبين القاعدة السابقة ، ويعود أمر الحديث أخيرا إلى أنه خصوصية للرسول صلى الله عليه وسلم ، وكرامة أكرمه الله تبارك وتعالى بها حيث قبل شفاعته في عمه وقد مات على الشرك ، مع أن القاعدة في المشركين أنهم كما قال عز وجل :
( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) ، ولكن الله تبارك وتعالى يخص بتفضله من شاء ،
ومن أحق بذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأنبياء ؟ عليهم جميعا
صلوات الله .ه
والجواب الثاني : أننا لو سلمنا جدلا أن سبب تخفيف العذاب عن أبي طالب هو
انتصاره للنبي صلى الله عليه وسلم مع كفره به ، فذلك مستثنى من القاعدة ولا
يجوز ضربها بهذا الحديث كما هو مقرر في علم أصول الفقه ، ولكن الذي نعتمده في
الجواب إنما هو الأول لوضوحه . والله أعلم .اهــ
فكيف لو كان رحمه الله - الألباني - شاهد مَن يستشهد بهذه الآية على كون أبي طالب لم يمت على الكفر أصلاً لأنه نفعته شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، والكافر لا ينتفع بالشفاعة، وعليه حكم هؤلاء بضعف الأحاديث المقررة لعذاب أبي طالب بحجة معارضتها للقرآن، فما الرد العلمي التأصيليّ على ذلك؟
أنا أعرف أن هذا الكلام لا قيمة له، لكن كيف نرد عليه علمياً ؟؟
ليس هناك معارضة البتة ، أما تلحظ ما قال الشيخ الألباني رحمه الله فيما نقلناه آنفا ، حيث قال :
فلا تعارض حينئذ بين الحديثوبين القاعدة السابقة ،ويعود أمر الحديث أخيرا إلىأنه خصوصية للرسول صلى الله عليه وسلم، وكرامة أكرمه الله تبارك وتعالى بها حيث قبل شفاعته في عمه وقد مات على الشرك ،مع أن القاعدة في المشركين أنهم كما قال عز وجل :
( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) ، ولكن الله تبارك وتعالى يخص بتفضله من شاء ،
ومن أحق بذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأنبياء ؟ عليهم جميعاصلوات الله .ه
فالآية عامة والحديث خاص .
ثم إن الشفاعة هنا - كما تعلم - جزئية صغرى ، لم يخرجه من النار ، بل خففت عنه جزاء لنصرته للنبي صلى الله عليه وسلم ، فلم تنفعه نفعا تاما .