بسم الله الرحمن الرحيم
من أجل طمأنينة عالمية
لا بد أن توضع حدود للتكنولوجيا والابتكارات؛ فالوضع الحالي لا يبشر بخير. لقد أبانت التكنولوجيا عن أخطار كبيرة لم تك معروفة في السابق ولم يشهد لها التاريخ مثيلا. ما نسمعه اليوم عن أخطارها قليل وقليل جدا؛ والمجهول فوق العد والحصر؛ هذا بغض النظر عن الأهداف التجارية التي تمنع من التصريح بأخطارها، أو تدفع إلى الترويج لمعلومات مكذوبة؛ وذلك ما يتنافى مع أخلاقيات العلم.
لست بالناكر لفوائد التكنولوجيا، ولست داع إلى التخلي عنها كليا؛ بل أدعو إلى التنبه واليقظة لمخاطرها وكوارثها؛ وأدعو كذلك أهل الميدان للموازنة بين فوائدها ومصائبها على مستويات عدة؛ مع الأخذ بعين الاعتبار أولوية الصحة بشقيها النفسي والبدني.
لا يخامرني الشك أن الدراسة والمقارنة ستفضي إلى النتيجة التالية: "التكنولوجيا خطرة على الإنسانية"، هذا إذا كانت الدراسة نزيهة واعية بالأولويات الضرورية، فاقهة للمصالح الآجلة والعاجلة.
السعادة والرفاهية ليس مصدرها التكنولوجية؛ بل نبعها حسن الاستفادة من الطاقات الذاتية، وخلق الأجواء المناسبة لكينونة الكائن البشري. الرفاهية والسعادة التي يمكن توهمها في ظل التكنولوجية...آن ة ولحظية سرعان ما تتبدد، مثالها السعادة التي تحصل للطفل عند احتكاكه لأول وهلة باللعبة.
لا ذنب للمستهلكين للتكنولوجيا، لأنهم مجرد مستهلكين؛ والذنب العظيم ذنب الذين يعرفون مخاطرها وأضرارها فتدفعهم الشراهة والجشع إلى دفعها للأسواق، وقبل ذلك إشهارها في وجه المستهلكين بطرائق مغرية وجذابة سالبة للألباب.
ليس المستهلك ببالغ من العلم والمعرفة ما يؤهله لإدراك مخاطرها، إن الذي يمكنه أن يبحث في هذا الأمر هو الصانع أو المخترع؛ شريطة أن لا يعمي ضوء الاختراع مقلتيه فينصرف إلى الربح ويعرض عن العيوب والمفاسد؛ إن كانت قد خطرت على باله.
(من نظري وتصوري) أن العالم يتطور وهدفه ربح الوقت والتحكم في الزمن؛ ولكن ذلك يتحقق على حساب تقليص عمر الإنسان وإشقائه؛ فكلما تعسفنا في التحكم بالزمن إلاَّ وانعكس ذلك سلبا على الزمن النفسي، وهو زمن ثمين له ارتباطات بالصحة العضوية وبفلسفة الوجود.
منهج التوسط والاعتدال أسلم المناهج وأنجعها، والحرص الشديد على المال/ الماديات عموما من أشر ما رأيته على في الكون. وصلاح الكون واستقامته كائن في إعطاء كل ذي حق حقَّه (أنسانا وحيوانا ونباتا وماء...).