سلسلة(3)
قذائف المنقول والمعقول
على بدعة القائد المجهول
الحمد لله الذي عليه اعتمادي ، ومن عظيم مدده أستمد مدادي ، وعند كرمه وجوده أحتسب جهادي ، في بيان ما طرأ على الفقه الجهادي ، من محدثات لم أعرفها من تلادي ، بدعة الجهالة بحال الأمير أو القائد الجهادي ..
أما بعد :
بدعة القائد أو الأمير المجهول ...
بدعة عصرية ، حديثة قديمة ، ليس لها سلف في تاريخ أعيان أهل السنة ، لم تُعرَف إلا في رموز الضلالة التي أفرزتها الأيدي اليهودية الخبيثة ، بدءاً بابن الصياد وابن سبأ اللعين إلى المُسردب في السرداب انتهاءً بالدجال لعنه الله ، مروراً بما نراه في عصرنا من ظلامية القائد المجهول ، التي وفدت علينا من أرض طلوع قرن الشيطان ، من أرض الفتن على مر الأزمان ، من العراق وفيها نشأت ، ثم صدَّرت بضاعتها إلى لبنان أولاً ثم إلى سوريا ..
وهذه البدعة متمثلة اليوم بقيادة ما يُعرف بدولة العراق أو دولة العراق والشام ثم بقيادة جبهة النصرة-وإن كان هناك كبير فرق بين الدولة والجبهة وسنبينه في حينها إن شاء الله -
ويتذرعون بأن الجهالة لدواعٍ أمنية ، وهذه دعوى غير مستساغة من قائد أو أمير المنوط به أن يكون جُنّة ، ومما لا شك فيه أن الجهالة مقبولة معتبرة للأفراد إذ لا تضر جهالتهم ، وهذه آفة عند البعض حيث يخلط بين جواز جهالة الأفراد وجهالة القادة أو الأمراء ، إذ جهالة الأفراد لها في التاريخ سلف ، أما جهالة القادة والأمراء فليس لها سلف ، ومن عجبٍ فيمن ذهب ليُثبتها ويُثبت صوابيتها فلم يأتِ إلا بالتلبيس والتدليس ، والافتراء على السلف ، وكأن المُراد في هذا العصر أن يكون القائد المجهول أصلاً يود الناس تقريره ، ولماذا ؟
ولمصلحة من ؟
قد يقول قائل لا بد من تحسين الظن بالمسلمين ...
فأقول إن تحسين الظن مطلوب وواجب ولكنه يأتي تبعاً لأمور بديهية ، فإن وُجدت شروط التبعية المتواترة في القرآن والسيَر وتراجم الرجال من القادة والأمراء ، فحينها تحسين الظن أصل لا محيد عنه ، وإن لم تتوفر تلك الشروط فالأصل التوقف في حسن الظن ، بل قد يؤجر المرء على سوء ظنه لعدم توفر الشروط البديهية التي يُعمل على طمسها في هذا الزمان ، والتي نصَّ عليها القرآن صراحة كما أسلفنا ، وليس هذا طعناً بعدالة القادة أو الأمراء بل هو جهل بعدم تحقق العدالة ، التي تُشترط للتبعية ، سواءً كانت التبعية بالعلم أو بالجهاد إذ لا فرق بينهما لأن العلم هو الأصل والجهاد فرعٌ عنه ..
ذلك أن الله جل وعلا لم يتعبدنا لا في بادئ الأمر ولا في أخره بالتبعية للمجاهيل- كما بينا ذلك في السلسلتين الماضيتين- ، فكيف نقدم نفوسنا التي إن ذهبت لا نملك غيرها رهناً للمجاهيل ؟!؟! .
فأول الأمر إقرأ ، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ، وكلاهما لا ينبغي أن نكون فيه تبعاً لمجهول .
وأنا أعرف مُسبقاً أنه لا سبيل لصد كلامي الذي سأسلسله إلا بالسباب والتهم المعلبة - كما فعلوا اليوم حيثُ هددوا بالقتل - إذ كل من خالف الدولة فهو مخالف للإسلام ، وبالتالي هو حلُّ الدم لأنه ينقض (بزعمهم ) أصلاً من أصول الإسلام ، فإن عجزوا عن إنزال العقوبة أو أظهروا الورع فلا سبيل لديهم إلا الرمي بالعظائم ( مرجئ ، جهمي جلد ، عبد السلاطين ، عميل ، مأجور ، مفتون ، طعان بالمجاهدين ، ووو ، ينسفون كل مالك من حسنات ولا يتورعون من قذفك )
لذا أقول لهم ولكل من ناصرهم : هب أنني طعَّان لماذا لم أطعن ببقية الفصائل الجهادية ؟! والتي طالبَتْكُم بتعريف أميركم فعلبتم لها التهم ؟!
ثم أعود لأقول إن ما أكتبه ليس طعناً بل هو خدمة للجهاد وصيانة له من الدُخلاء عليه -ولا أبالي بتهويلاتهم وتهديداتهم ولو كلفني ذلك دمي فما أجمل أن أموت لأحق الحق وأبطل الباطل- فلو كان المجاهيل حريصون على الحق واتباعه ، فليرفعوا الجهالة عن أنفسهم لندعو الناس بأريحية لاتباعهم ..
قد يقول قائل لم وبمَ وكيف ؟
نقول أن رفع الجهالة إنما هو لتحقق العدالة التي هي شرط التبعية ..
وقد مضى أن بينتُ في الحلقتين الماضيتين الأدلة من القرآن ثم أردفت بدليل آخر الزمان حتى لا يتذرعوا بالظروف ثم بعد ذلك أستعين الله في مستقبل الحلقات من هذه السلسلة المباركة في بيان الطرائق السلفية في تنصيب الإمام وأكمل بإذن الله بيان تدليس وتلبيس الكُتاب الذين ترجموا للبغدادي وسيتخلل كل هذا أبحاث نافعة ننصف بها الإخوان في الجبهة وداعش ونبين الفرق بين البيعتين ، حتى لا نأخذ فصيلاً بجريرة آخر ، ولا يعني هذا بحال أني أطعن بكل أفراد الدولة(داعش) بل أقول أن بعضهم يشرفُ رأسي ولكني أنصح لهم كي يكونوا على بصيرة وليرفضوا أن يُساقوا إلى حيث لا يعلمون فإما أن يكونوا على طريقة السلف في اتباع العلماء والقادة وإلا فإن الجهاد غير محظور عنهم ولا ممنوع فإن هناك الكثير من أفاضل الناس الذين يجاهدون ويعرفهم العرفاء والوجهاء وأهل الرأي من أهل الأرض فهم أولى بالاتباع ، ولا أذكر فصيلاً واحداً منهم حصراً حتى لا يظن ظان أني متعصب لفئة أم متحيز لأخرى فدونكم الأحرار وجيش الإسلام ولواء التوحيد وغيرهم الكثير من أهل الفضل ، ولو كانوا متأولين في بعض علاقاتهم ، فقتالك خلف متأول معلوم خير من قتالك خلف من رفع الشعارات الصحيحة واستعلن بالغايات الحميدة وهو مجهول وقد تواتر عنه الغلو في الأحكام وسفك الدماء بالظن دون اليقين هذا والله ولي التوفيق.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين...
يتبع بإذن الله....
كتبه مصباح بن نزيه الحنون..
طرابلس الشام
18/محرم/1435