تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: البيان المختصر لحكم التشاؤم بصفر

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي البيان المختصر لحكم التشاؤم بصفر

    بسم الله الرحمن الرحيم


    ’’ البيان المختصر لحكم التشاؤم بصفر ‘‘



    الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، و على آله و صحبه ، و بعد :


    فهذا مقال مختصر، و بحث معتصر في بيان معنى صفر الوارد في الأثر ، و اعتقاد أهل الجاهلية فيه ؛ للعلم و الحذر ، و الله أسأل توفيقه و سداده، وأن ينفع به من شاء من عباده ، إن ربي لسميع الدعاء .


    توطئة :


    اعلم أيها الأخ الصفي ـ رحمني الله و إياك ـ أن ( الطيرة هي التشاؤم بالطيور أو الأسماء أو الألفاظ أو البقاع أو غيرها فجاء الشارع بالتحذير منها و ذمها و ذم المتطيرين ، و كان ـ صلى الله عليه و سلم ـ يحب الفأل و يكره الطيرة ، لأن الفأل لا يخل بعقيدة الإنسان و لا بعقله ، و ليس فيه تعليق للقلب بغير الله ، بل فيه من المصلحة إدخال النشاط و السرور على القلب ، و تقوية العزائم و الهمم ، و شحذ النفوس للسعي في تحقيق المقاصد النافعة و الغايات الحميدة ، بخلاف النظرة المتشائمة فإنها نظرة متعثرة تخلخل التفكير و تعوق القلب و تقطع النفس و تثبط الهمم و تجلب لصاحبها التواني و الكسل ، فلا غرو أن يأتي الدين الحنيف بذم هذه النظرة القاتمة و محاربة هذا التفكير المظلم ) [1] .


    نص الحديث :


    عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (( لا عدوى ، و لا طيرة ، ولا هامة ، و لا صفر )) .

    رواه البخاري (5707) و مسلم (2220) .


    قال العلامة محمد العثيمين ـ رحمه الله ـ في ( القول المفيد على كتاب التوحيد ص 361 ) : (( النفي في هذه الأمور الأربعة ليس نفيا للوجود ؛ لأنها موجودة و لكنه نفي للتأثير ، فالمؤثر هو الله ، فما كان منها سببا معلوما ؛ فهو سبب صحيح ، و ما كان منها سببا موهوما ؛ فهو سبب باطل ، و يكون نفيا لتأثيره بنفسه إن كان صحيحا ، و لكونها سببا إن كان باطلا )) اهـ.

    و قال معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ ـ حفظه الله ـ في ( التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص 339 ) :


    (( من المعلوم أن المنفي هنا ليس هو وجود الطيرة ؛ لأن الطيرة موجودة من جهة اعتقاد الناس ، و من جهة استعمالها ، و كذلك العدوى موجودة من جهة الوقوع ، و لهذا قال العلماء : النفي هنا راجع إلى ما تعتقده العرب و يعتقده أهل الجاهلية ؛ لأن ( لا ) هنا نافية للجنس و اسمها مذكور ، و خبرها محذوف لأجل العلم به ، فإن الجاهليين يؤمنون بوجود هذه الأشياء ، و يؤمنون أيضا بتأثيرها ، فالمنفي ليس هو وجودها و إنما هو تأثيرها ، فيكون التقدير هنا : لا عدوى مؤثرة بطبعها و نفسها و إنما تنتقل العدوى بإذن الله ـ جل و علا ـ ، و كان أهل الجاهلية يعتقدون أن العدوى تنتقل بنفسها ، فأبطل الله ذلك الاعتقاد ، فقال ـ عليه الصلاة و السلام ـ : " لا عدوى " ، يعني : مؤثرة بنفسها ، " و لا طيرة " أي : مؤثرة أيضا ، فإن الطيرة شيء وهمي يكون في القلب ، لا أثر له في قضاء الله و قدره ، فحركة السانح ، أو البارح ، أو النطيح ، أو القعيد [2] ، لا أثر لها في حكم الله و في ملكوته ، و في قضائه و قدره ، فخبر ( لا ) النافية للجنس تقديره ( مؤثرة ) أي : لا طيرة مؤثرة ، بل الطيرة شيء وهمي، و كذلك قوله : " و لا هامة و لا صفر .. " إلخ الحديث ، و قد سبق بيان أن خبر ( لا ) النافية للجنس يحذف كثيرا في لغة العرب إذا كان معلوما، كما قال ابن مالك في آخر باب ( لا ) النافية للجنس في الألفية :

    و شاع في ذا الباب إسقاط الخبر ** إذا المراد مع سقوطه ظهر )) اهـ.


    و نقتصر في هذا المقال على إيضاح معنى قوله ـ عليه الصلاة و السلام ـ : " لا صفر " ، و أقوال أهل العلم في شرحه ، مع بيان الراجح منها ، و من أراد الإطلاع على معاني الألفاظ الأخرى فما عليه إلا الرجوع إلى مضان هذا الموضوع مثل شروح ( كتاب التوحيد ) و غيرها.



    أقوال العلماء في معنى " لا صفر " :


    اعلم أيها المحب ـ علمني الله و إياك ما لا نعلم ـ أن للعلماء ثلاثة أقوال في معنى قوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ : " و لا صفر " ، أقربها إلى الصواب من قال أن المراد به إبطال التشاؤم بشهر صفر [3] نبذا لاعتقاد أهل الجاهلية فيه ، و هذا حماية لجناب التوحيد من دنس الشرك ، فالتشاؤم هو من جنس الطيرة المنهي عنها في هذا الحديث و في غيره من الأحاديث الثابتة .


    1- قال الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي ( ت 795 هـ ) ـ رحمه الله ـ في كتابه ( لطائف المعارف ص 74 ط دار ابن حزم ) :


    (( و أما قوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ : " و لا صفر " ، فاختلف في تفسيره ، فقال كثير من المتقدمين : الصفر داء في البطن يقال إنه دود فيه كبار كالحيات ، وكانوا يعتقدون أنه يعدي فنفى ذلك النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ ، و ممن قال هذا من العلماء : ابن عيينة و الإمام أحمد و غيرهما . و لكن لو كان كذلك لكان داخلا في قوله : " لا عدوى " ، و قد يقال : هو من باب عطف الخاص على العام ، و خصه بالذكر لاشتهاره عندهم بالعدوى .


    و قالت طائفة : بل المارد بصفر شهر صفر ، ثم اختلفوا في تفسيره على قولين :


    أحدهما : أن المراد نفي ما كان أهل الجاهلية يفعلونه في النسيء ، فكانوا يحلون المحرم و يحرمون صفر مكانه ، و هذا قول مالك [4] .


    و الثاني : أن المراد أن أهل الجاهلية كانوا يستشئمون بصفر و يقولون : إنه شهر مشؤوم، فأبطل النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ ذلك ، و هذا حكاه أبو داود عن محمد بن راشد المكحولي عمن سمعه يقول ذلك [5] .


    و لعل هذا القول أشبه الأقوال ، و كثير من الجهال يتشاءم بصفر ، و ربما ينهى عن السفر فيه ، و التشاؤم بصفر هو من جنس الطيرة المنهي عنها .


    و كذلك التشاؤم بالأيام كيوم الأربعاء ، و قد روي أنه : "يوم نحس مستمر " في حديث لا يصح ، بل في المسند عن جابر ـ رضي الله عنه ـ : " أن النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ دعا على الأحزاب يوم الاثنين و الثلاثاء و الأربعاء ، فاستجيب له يوم الأربعاء بين الظهر و العصر " ، قال جابر : فما نزل بي أمر مهم غائظ إلا توخيت ذلك الوقت فدعوت الله فيه فرأيت الإجابة [6] ، أو كما قال. و كذلك تشاؤم أهل الجاهلية بشوال في النكاح فيه خاصة ... )) .


    ثم قال ـ رحمه الله ـ ( ص 75- 76 ) :


    (( و أما تخصيص الشؤم بزمان دون زمان كشهر صفر أو غيره فغير صحيح ، و إنما الزمان كله خلق الله ـ تعالى ـ ، و فيه تقع أفعال بني آدم ، فكل زمان شغله المؤمن بطاعة الله فهو زمان مبارك عليه ، و كل زمان شغله العبد بمعصية الله فهو مشؤوم عليه ، فالشؤم في الحقيقة هو معصية الله ـ تعالى ـ كما قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : " إذا كان الشؤم في شيء ففيما بين اللحيين " ؛ يعني اللسان ...)) ، ثم أطال ـ رحمه الله ـ في هذا المعنى و الاستدلال له بما ورد عن السلف الصالح ، فانظره فإنه نفيس .


    قال الشيخ إبراهيم الحقيل ـ حفظه الله ـ : (( وما ذكره الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله تعالى ـ يقع فيه بعض الناس ؛ فيمتنعون عن السفر في صفر ، أو الزواج فيه ، أو الخطبة ، أو إجراء العقد . وبعض التجار لا يمضي فيه صفقة ؛ تشاؤما به . وهذا كله من الطيرة المنهي عنها ، وهو قادح في التوحيد )) .



    2- قال العلاّمة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ( ت 1285هـ ) ـ رحمه الله ـ في كتابه ( فتح المجيد ص 324 ) :


    (( قوله : "و لا صفر" بفتح الفاء ، روى أبو عبيدة في غريب الحديث عن رؤبة أنه قال : هي حية تكون في البطن تصيب الماشية و الناس ، و هي أعدى من الجرب عند العرب . و على هذا فالمراد بنفيه ما كانوا يعتقدونه من العدوى ، و ممن قال بهذا سفيان بن عيينة والإمام أحمد و البخاري و ابن جرير .


    و قال آخرون : المراد به شهر صفر ، و النفي لما كان أهل الجاهلية يفعلونه في النسيء و كانوا يحلون المحرم و يحرمون صفر مكانه ، و هو قول مالك .


    و روى أبو داود عن محمد بن راشد عمن سمعه يقول : أن أهل الجاهلية يتشاءمون بصفر ، ويقولون إنه شهر مشؤوم ، فأبطل النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ ذلك .


    قال ابن رجب : و لعل هذا القول أشبه الأقوال ، و التشاؤم بصفر هو من جنس الطيرة المنهي عنها ، و كذلك التشاؤم بيوم من الأيام كيوم الأربعاء و تشاؤم أهل الجاهلية بشوال في النكاح فيه خاصة )) اهـ .


    3- قال العلاّمة صديق حسن خان القنوجي ( ت 1307هـ ) ـ رحمه الله ـ في كتابه ( الموعظة الحسنة ص 141 ط دار الكتب العلمية ) :


    (( قد وقع نفي صفر ، و النهي عن التطير به في أحاديث كثيرة بطرق متعددة ثابتة ، و اختلف أهل العلم في المراد بصفر .


    فقيل : هو حية في البطن تعض إذا جاع ، و قيل : دود فيه .


    و قيل : هو الشهر المعروف ، زعموا أن فيه تكثر الدواهي و الفتن ، فنفاه الشارع ، و أبطله الإسلام .

    و قيل المراد به : النسيء ، و هو تأخير المحرم إلى صفر ، و جعل صفر هو الشهر الحرام ، و بنحوه قال القاضي عياض ، و قيل غير ذلك .

    و حاصل الأقوال يرجع إلى ثلاثة : الشهر المعروف ، أو الدود في البطن ، أو النسيء ، و لم أقف على حديث في فضل شهر صفر و لا ذمه )) اهـ .


    4- قال العلاّمة المفسر مفتي الديار التونسية محمد الطاهر بن عاشور( ت 1393هـ ) ـ رحمه الله ـ في مقال له نشر في ( المجلة الزيتونية ) [7] بعد مقدمة عن اعتقادات أهل الجاهلية و إبطال الإسلام لها :

    (( و من الضلالات التي اعتقدها العرب اعتقاد أن شهر صفر شهر مشؤوم ، وأصل هذا الاعتقاد نشأ من استخراج معنى مما يقارن هذا الشهر من الأحوال في الغالب عندهم و هو ما يكثر فيه من الرزايا بالقتال و القتل ، ذلك أن شهر صفر يقع بعد ثلاثة أشهر حرما نسقا و هي ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم ، و كان العرب يتجنبون القتال و القتل في الأشهر الحرم ؛ لأنها أشهر أمن ، قال الله ـ تعالى ـ : " جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس و الشهر الحرام " الآية . فكانوا يقضون الأشهر الحرم على إحن من تطلب الثارات و الغزوات ، و تشتت حاجتهم في تلك الأشهر ، فإذا جاء صفر بادر كل من في نفسه حنق على عدوه فثاوره ، فيكثر القتل و القتال ، و لذلك قيل : إنه سمي صفرا ؛ لأنهم كانوا يغزون فيه القبائل فيتركون من لقوه صفرا من المتاع و المال ، أي خلواً منهما [8] .

    قال الذبياني يحذر قومه من التعرض لبلاد النعمان بن الحارث ملك الشام في شهر صفر:

    لقد نهيت بني ذبيان عن أُقر ** و عن تربعهم في كل أصفار

    و لذلك كان من يريد العمرة منهم لا يعتمر في صفر إذ لا يأمن على نفسه ، فكان من قواعدهم في العمرة أن يقولوا : " إذا برأ الدبر و عفا الأثر و انسلخ صفر ؛ حلت العمرة لمن اعتمر " على أحد تفسيرين في المراد من صفر و هو التأويل الظاهر . و قيل : أرادوا به شهر المحرم ، و أنه كان في الجاهلية يسمى صفر الأول ، و أن تسميته محرما من اصطلاح الإسلام ، و قد ذهب إلى هذا بعض أئمة اللغة [9] ، و أحسب أنه اشتباه ، لأن تغيير الأسماء في الأمور العامة يدخل على الناس تلبيسا لا يقصده الشارع ، ألا ترى أن رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ لما خطب حجة الوداع فقال : " أي شهر هذا ؟ "، قال الراوي : فسكتنا حتى طننا أنه سيسميه بغير اسمه ، فقال : " أليس ذا الحجة ؟ " ، ثم ذكر في أثناء الخطبة الأشهر الحرم ، فقال : ذو القعدة ، و ذو الحجة ، و المحرم ، و رجب مضر الذي بين جمادى و شعبان . فلو كان اسم المحرم اسما جديدا ؛ لوضحه للحاضرين الواردين من الآفاق القاصية . على أن حادثا مثل هذا لو حدث ؛ لتناقله الناس ، و إنما كانوا يطلقون عليه و صفر لفظ " الصفرين" تغليبا .

    فنهى النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ عن التشاؤم بصفر .. )) .


    ـ ثم ذكر حديث الباب ، و قال بعد ذلك ـ :


    (( و قد اختلف العلماء في المراد من صفر في هذا الحديث ، فقيل : أراد الشهر ، و هو الصحيح وبه قال مالك و أبو عبيدة معمر بن المثنى ، و قيل : أراد مرضا في البطن سمي الصفر ؛ كانت العرب يعتقدونه معديا ، و به قال ابن وهب و مطرف و أبو عبيد القاسم بن سلام ، و فيه بعد ؛ لأن قوله : " لا عدوى " يغني عن قوله : " و لا صفر " .


    و على أنه أراد الشهر فقيل : أراد إبطال النسيء ، و قيل : أراد إبطال التشاؤم بشهر صفر ، و هذا الأخير هو الظاهر عندي.


    و وجه الدلالة فيه أنه قد علم من استعمال العرب أنه إذا نفي اسم الجنس و لم يذكر الخبر أن يقدر الخبر بما يدل عليه المقام ، فالمعنى هنا : لا صفر مشؤوم ، إذ هذا الوصف هو الوصف الذي يختص به صفر من بين الأشهر ، و هكذا يقدر لكل منفي في هذا الحديث على اختلاف رواياته بما يناسب معتقد أهل الجاهلية فيه .



    و سواء كان هذا هو المراد من هذا الحديث أم غيره ؛ فقد اتفق علماء الإسلام على أن اعتقاد نحس هذا الشهر : اعتقاد باطل في نظر الإسلام ، و أنه من بقايا الجاهلية التي أنقذ[نا] الله منها بنعمة الإسلام .


    قد أبطل الإسلام عوائد الجاهلية فزالت من عقول جمهور المؤمنين ، و بقيت بقاياها في عقول الجهلة من الأعراب البعداء عن التوغل في تعاليم الإسلام ، فلصقت تلك العقائد بالمسلمين شيئا فشيئاً مع تخييم الجهل بالدين بينهم ، ومنها التشاؤم بشهر صفر ، حتى صار كثير من الناس يتجنب السفر في شهر صفر اقتباسا من حذر الجاهلية السفر فيه خوفا من تعرض الأعداء ، و يتجنبون فيه ابتداء الأعمال خشية أن لا تكون مباركة ، و قد شاع بين المسلمين أن يصفوا شهر صفر بقولهم : صفر الخير ، فلا أدري : هل أرادوا به الرد على من يتشاءم به ، أو أرادوا التفاؤل لتلطيف شره كما يقال للملدوغ : سليم ؟ و أيًّا ما كان فذلك الوصف مؤذن بتأصل عقيدة التشاؤم بهذا الشهر عندهم .


    و لأهل تونس حظ عظيم من اعتقاد التشاؤم بصفر ، لاسيما النساء و ضعاف النفوس ، فالنساء يسمينه " ربيب العاشوراء " ليجعلوا له حظا من الحزن فيه و تجنب الأعراس و التنقلات .


    و من الناس من يزيد ضغثا على إبالة فيضم إلى عقيدة الجاهلية عقيدة أجهل منها ، و هي اعتقاد أن يوم الأربعاء الأخير من صفر هو أنحس أيام العام ، ومن العجب أنهم ينسبون ذلك إلى الدين الذي أوصاهم بإبطال عقائد الجاهلية ، فتكون هذه النسبة ضلالة مضاعفة ، يستندون إلى حديث موضوع يروى عن ابن عباس أن رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ قال : " آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر " ، و قد نص الأئمة على أن هذا حديث موضوع ، فإذا ضم ذلك إلى التشاؤم بشهر صفر من بين الأشهر ؛ أنتجت هذه المقدمات الباطلة نتيجة مثلها ، و هي أن آخر أربعاء من شهر صفر أشأم أيام العام ، و أهل تونس يسمونها " الأربعاء الكحلاء " أي السوداء، كناية عن نحسها؛ لأن السواد شعار الحزن و المصائب ، عكس البياض [10] .


    قال أبو الطيب في الشيب:


    أبعِد بعُدت بياضاً لا بياض له ** لأنت أسود في عيني من الظُلَمِ


    و هو اعتقاد باطل إذ ليس في الأيام نحس، قال مالك ـ رحمه الله ـ : " الأيام كلها أيام الله ، و إنما يفضل بعض الأيام بعضا بما جعل الله له من الفضل فيما أخبر بذلك رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ " .


    و لأجل هذا الاعتقاد الباطل قد اخترع بعض الجهلة المركبين صلاة تصلى صباح يوم الأربعاء الأخير من صفر ، و هي صلاة ذات أربع ركعات متواليات تقرأ في كل ركعة سور من القرآن مكررة متعددة ، و تعاد في كل ركعة ، و يدعى عقب الصلاة بدعاء معين . و هي بدعة و ضلالة إذ لا تُتلقى الصلوات ذوات الهيئات الخاصة إلا من قبل الشرع ، و لم يرد في هذه الصلاة من جهة الشرع أثر قوي و لا ضعيف فهي موضوعة . و ليست من قبيل مطلق النوافل ؛ لأنها غير جارية على صفات الصلوات النوافل ، فليحذر المسلمون من فعلها ، و لاسيما من لهم حظ من العلم ، و نعوذ بالله من علم لا ينفع وهوى متبع )) اهـ.



    5- قال الشيخ العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين ( ت1421هـ ) ـ رحمه الله ـ في كتابه ( القول المفيد ص 361 ) :


    (( قوله : " و لا صفر " ؛ قيل إنه شهر صفر ، كانت العرب يتشاءمون به ، و لاسيما في النكاح .


    و قيل : إنه داء في البطن يصيب الإبل ، و ينتقل من بعير إلى آخر ؛ و على هذا فيكون عطفه على العدوى من باب عطف الخاص على العام .


    وقيل : إنه نهي عن النسيئة ، و كانوا في الجاهلية يُنسئون ، فإذا أرادوا القتال في شهر المحرم استحلوه ، و أخروا الحرمة إلى شهر صفر ، و هذه النسيئة التي ذكرها الله بقوله ـ تعالى ـ : " فيحلوا ما حرم الله " [التوبة:37] ، و هذا القول ضعيف ، و يضعفه أن الحديث في سياق التطير ، و ليس في سياق التغيير .


    و الأقرب أن صفر يعني الشهر ، و أن المراد كونه مشؤوما ؛ أي : لا شؤم فيه ، و هو كغيره من الأزمان يقدر فيه الخير ، و يقدر فيه الشر )) .


    ثم قال ـ رحمه الله ـ ( ص 361- 362 ) :


    (( و قوله : " و لا صفر " فيه ثلاثة أقوال سبقت ، و بيان الراجح منها.


    و الأزمنة لا دخل لها في التأثير و في تقدير الله ـ عز وجل ـ ؛ فصفر كغيره من الأزمنة يقدَّر فيه الخير و الشر ، و بعض الناس إذا انتهى من شيء في صفر أرَّخ ذلك و قال : انتهى في صفر الخير ، و هذا من باب مداواة البدعة ببدعة ، و الجهل بالجهل ؛ فهو ليس شهر خير ، و لا شهر شر.


    أما شهر رمضان ، و قولنا : إنه شهر خير ؛ فالمراد بالخير العبادة ، و لا شك أنه شهر خير ، و قولهم : رجب المعظم ؛ بناءً على أنه من الأشهر الحرم . و لهذا أنكر بعض السلف على من إذا سمع البومة تنعق قال : خيرا إن شاء الله ، فلا يقال : خير و لا شر ، بل هي تنعق كبقية الطيور )) اهـ.



    6- قال الشيخ العلامة المتفنن بكر بن عبد الله أبو زيد ( ت 1429هـ ) ـ رحمه الله ـ في كتابه ( معجم المناهي اللفظية ص339- 340 ) :


    (( و في معنى " لا صفر " أقوال ثلاثة :


    أنه داء في البطن يعدي ؛ و لهذا فهو من باب عطف الخاص " و لا صفر " على العام " لا عدوى " .


    أو أنه نهي عن النَّسَأ ، الذي كانت تعمله العرب في جاهليتها و ذلك حينما يريدون استباحة الأشهر الحرم فإنهم يؤخرونه إلى شهر صفر .


    و الثالث : أنه شهر صفر ؛ إذ كانت العرب تتشاءم به . و لهذا نعته بعض بقوله : " صفر الخير " منابذةً لما كانت تعتقده العرب في جاهليتها ...


    و بعض يقول : " صفر الخير " تفاؤلاً يرد ما يقع في نفسه من اعتقاد التشاؤم فيه ، و هذه لوثة جاهليةٌ من نفس لم يصقلها التوحيد بنوره
    )).


    ثمَّ قال ـ رحمه الله ـ ( ص658 / فوائد في الألفاظ ) :


    (( للعرب مواسم في الشهور و الأيام في بعضها التشاؤم ، وفي بعضها التيامن و التفاؤل بها منها :


    شهر صفر وكان لهم فيه نوع تشاؤم ، فكان يلقَّب بشهر صفر الخير ؛ منابذةً للجاهلية في اعتقادها . فكان يتسمَّح في هذا الفظ لمنابذة الاعتقاد و التشاؤم .


    و الإسلام محى هذه ، و ثبَّت الاعتقاد و الإيمان ، و محى معالم التعلُّق بغيره )) اهـ.



    7- قال معالي الشيخ العلامة صالح آل الشيخ ـ وفقه المولى ـ في إحدى خطبه : (( ذهب أكثر أهل العلم إلى أن معنى قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : " ولا صفر " يعني لا تشاؤم بصفر و هو الشهر المعروف الذي نستقبل أيامه .


    ثم لما قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : " لا صفر " ؛ دلنا على إبطال كل ما كانت تعتقده الجاهلية في شهر صفر ، فإنهم كانوا يتشاءمون بصفر و يعتقدون أنه شهر فيه حلول المكاره و حلول المصائب ، فلا يتزوج من أراد الزواج في شهر صفر لاعتقاده أنه لا يوفق ، و من أراد تجارة فإنه لا يمضي صفقته في شهر صفر لاعتقاده أنه لا يربح ، و من أراد التحرك والمضي في شئونه البعيدة عن بلده فإنه لا يذهب في ذلك الشهر لاعتقاده أنه شهر تحصل فيه المكاره و الموبقات ، و لهذا أبطل ـ عليه الصلاة و السلام ـ هذا الاعتقاد الزائف فشهر صفر شهر من أشهر الله ، و زمان من أزمنة الله ؛ لا يحصل الأمر فيه إلا بقضاء الله و قدره ، ولم يختص الله ـ جل و علا ـ هذا الشهر بوقوع مكاره و لا بوقوع مصائب ، بل حصلت في هذا الشهر في تاريخ المسلمين فتوحات كبرى و حصل للمؤمنين فيه مكاسب كبيرة يعلمها من يعلمها ، و لهذا يجب علينا أن ننتبه لهذه الأصول التي مردها إلى الاعتقاد ، فإن التشاؤم بالأزمنة و التشاؤم بالأشهر و ببعض الأيام أمر يبطله الإسلام ، لأننا يجب علينا أن نعتقد الاعتقاد الصحيح المبَّرأ من كل ما كان عليه أهل الجاهلية ، و قد بين ذلك ـ عليه الصلاة و السلام ـ في أحاديث كثيرة ضرورة تخلص القلب من ظن السوء بربه و من الاعتقاد السيئ في الأمكنة أو في الأشهر و الأزمنة ، كما أن بعض الناس يعتقد أن يوم الأربعاء يوم يحصل فيه ما يحصل من السوء ، و ربما صرفهم ذلك عن أن يمضوا في شئونهم .


    و لهذا ينبغي علينا أيها المؤمنون أن ننبه إلى هذه الأصول و إلى الاعتقاد الصحيح و أن لا يدخل علينا اعتقادات باطلة و لا تشاؤم بأزمنة و لا بأمكنة ، لأن هذا مخالف لما أمر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ و للاعتقاد الناصع السليم الذي جاء به دين الإسلام )) اهـ عن ( موقع المنبر ) .



    8- قال الشيخ الأمين الحاج محمد ـ حفظه الله ـ في مقال له بعنوان ( مرحبا بصفر الخير !! ) : (( بمناسبة حلول صفر الخير [11] ، أحببت أن أحذر إخواني المسلمين من صنيع الجاهليين ، و اعتقاد المشعوذين ، و أوهام المنجمين و الدجالين ، و ادعاءات الكذابين ، و أذكرهم بسلوك المؤمنين الموحدين الموقنين ؛ بأن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم ، و ما أخطأهم لم يكن ليصيبهم ، عملا بقول الناصح الأمين و الرسول الكريم ، و من قبل قال ربنا ـ سبحانه وتعالى ـ : " قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا " ، و قال في الحديث القدسي : " و اعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، و لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك " ، أو كما قال )) .


    ثم ذكر حديث الباب ، و قال : (( ذهب أهل العلم في تفسير ذلك مذاهب ، هي :


    *أ- ذهب كثير منهم إلى أن المراد بصفر هو داء في البطن بسبب دود كبار كالحيات ، و كانوا يعتقدون أنه معدٍ ، و ممن ذهب إلى ذلك سفيان بن عيينة و الإمام أحمد ـ رحمهما الله ـ .


    و يرد على ذلك أنه لو كان كذلك لكان داخلا في قوله : " لا عدوى " ، و قد يقال : إنه من باب عطف الخاص على العام .


    *ب- أن المراد بصفر شهر صفر ، الذي يسميه العوام في السودان " الويحيد " ، ثم اختلفوا في تفسيره على قولين :


    أحدهما : أن المراد نفي ما كان الجاهليون يفعلونه في النسيء ، فكانوا يحلون المحرم ، و يحرمون صفر مكانه ، و هذا قول مالك ـ رحمه الله ـ .


    و الثاني : أن المراد أن الجاهليين كانوا يتشاءمون بصفر ، و يقولون : إنه شهر مشؤوم .


    و الذي يترجح لدي أن هذا التفسير هو المراد ؛ لأن الجاهليين كانوا يتشاءمون به ، و لا يزال البعض يتشاءم به إلى يومنا هذا ، بحيث : لا يتزوجون فيه ، و لا يسافرون فيه ، و لا يحاربون فيه .

    و قد أبطل الله كل ذلك على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .



    *ج- الصفر وجع في البطن بسبب الجوع ، و من اجتماع الماء الذي يكون من الاستسقاء )) اهـ عن ( موقع الدين النصيحة ) .



    لا تقل : ( صفر الخير )


    بعد هذه الجولة العلمية في رحاب أقوال أهل العلم ، والتي ازددنا منها علما و فهما و بصيرة في مسألة مهمة من مسائل التوحيد ، لا يخفى عليك أن مسألة الطيرة و التشاؤم مسألة طويلة الذيل عظيمة النيل ليس هذا موضع بسطها ، فانظرها في شروح ( كتاب التوحيد ) حرصا على تحقيق التوحيد ، و تخليصه من أن تشوبه شائبة من شوائب الشرك ـ عياذا بالله ـ .


    و تنبَّه ـ أخي الصفي ـ أنه يتعين علينا اجتناب التعبير بـ: " صفر الخير " ؛ لأن الباطل لا يرد بباطل آخر ، فصفر ـ كما مرَّ معنا ـ كغيره من الشهور لا يقال فيه : صفر الشر و لا صفر الخير ، و من جهة أخرى هو من الفضول في الكلام ، و من التطويل الذي لا طائل تحته ، و لا هو مأثور عن السلف الصالح . و مثله أو قريب منه قولهم : " رجب الأصم " ؛ لأنه لا تُسمع فيه قعقعة السلاح للقتال ، أو " رجب الفرد " ؛ لأنه شهر حرام فرد بين أشهر حلال [12] .


    قال الشيخ إبراهيم الحقيل في خطبة له عن ( التشاؤم بصفر ) : (( و ليس من العلاج الصحيح مداواة البدعة ببدعة أخرى ، كما يفعله بعض الناس ردا على التشاؤم بشهر صفر ؛ فإذا أخبر عن شيء حصل في شهر صفر ، قال : حدث في صفر الخير ، أو أرَّخ تاريخا قال : انتهى في صفر الخير ، و نحو ذلك ؛ فإن شهر صفر لا يوصف لا بالخير و لا بالشر فهو ظرف لما يقع فيه ، و ليس له تأثير فيما يقع فيه سواء كان خيرا أم شرا ؛ و لهذا أنكر بعض السلف على من إذا سمع البومة تنعق قال : خيرا إن شاء الله ، فلا يقال : خير و لا شر، بل هي تنعق كبقية الطيور )) اهـ عن ( موقع الألوكة ) .


    و في الأخير تذكر ـ أخي المحب ـ أن ( التشاؤم و التطير من الصفات الذميمة ، و الأخلاق اللئيمة ، و لا يصدر إلا من النفوس المستكينة ، لمنافاة ذلك للتوكل و اليقين ، فهو من سمات الكسالى و البطالين ، و لهذا نهى الإسلام أتباعه عن التشاؤم و التطير ، و كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحب التفاؤل لما يبعثه في النفس من الأمل و الاطمئنان ، و يكره التشاؤم لما يحدثه في النفس من الاستكانة ، و الضعف و العجز و الهوان ) [13] .


    هذا و الله أعلى و أعلم، و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم، و الحمد لله رب العالمين .


    فريد المرادي .


    الجزائر ـ حرسها الله ـ : ضحى السبت 30 من شهر صفر 1426هـ.


    تمت مراجعة هذه المقالة ، و إضافة بعض الزيادات على عجالة : عصر يوم السبت 2 صفر 1429هـ .


    الهوامش :


    [1] ( الفوائد المنثورة ص28-29 ) للشيخ الدكتور عبد الرزاق العباد ـ حفظه الله ـ .


    [2] السانح : هو ما تيامن من الطير عند الزجر ، و البارح : هو ما تياسر ، و الناطح ( أو النطيح ) : هو ما استقبل المرء و جاء من قدَّامه ، و القعيد : هو ما جاء من خلفه .


    [3] قال العلامة اللغوي الفيروز آبادي في ( القاموس المحيط ص 450 ط دار الكتب العليمة ) : (( و الصفر ، بالتحريك : داء في البطن يصفر الوجه ، و تأخير المحرم إلى صفر ، و منه : " لا صفر " ، أو من الأول لزعمهم أنه يعدي )) ، و لم يذكر ـ رحمه الله ـ القول الثالث .


    [4] راجع ـ زيادة في العلم ـ كتب التفسير عند قول الله ـ تعالى ـ : " إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا " الآية [التوبة :37] .


    [5] ( سنن أبي داود 3915 ) .


    [6] ( صحيح الأدب المفرد 542 ) .


    [7] ( الجزء 5 ، المجلد 1 ، شهر صفر عام 1356هـ ، ص381-385 ) ، بواسطة ( معجم المناهي اللفظية ص 342-346 ) .


    [8] و قيل: سمي بذلك لإصفار مكة من أهلها ؛ أي خلوها من أهلها إذا سافروا فيه .


    [9] منهم الفيروز آبادي ؛ حيث قال في ( القاموس المحيط ص 450 ) : (( الصفران : شهران من السنة ، سمي أحدهما في الإسلام المحرم )) .


    [10] انظر للفائدة ( السنن و المبتدعات ص 159 ط دار الآثار ) للشيخ محمد الشقيري ـ رحمه الله ـ .


    [11] مر في كلام الشيخ ابن عاشور و الشيخ العثيمين و الشيخ بكر أبو زيد ـ رحمهم الله ـ أن الواجب اجتناب مثل هذا التعبير لما فيه من المحاذير ، فتنبه ! .


    [12] انظر ( معجم المناهي اللفظية ص 281 ) .


    [13] من كلام الأستاذ الأمين الحاج محمد في مقاله المذكور .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: البيان المختصر لحكم التشاؤم بصفر

    شهر صفر : الآثار الواردة فيه وبدعة التشاؤم به (( عبدالله التويجري ))

    بعض الآثار الواردة فيه :

    1. عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا عدوى ولاصفر ولا هامة )) ، فقال أعرابي : يا رسول الله ! فما بال إبلي تكون في الرمل كأنها الظباء ، فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها يجربها؟فقال: (( فمن أعدى الأول )) متفق عليه

    2. عن أبي هريرة -رضي الله عنه-عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولاصفر)) متفق عليه .

    وفي رواية لمسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا عدوى ، ولا غول ، ولا صفر )) .

    3. عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (( لا يعدي شيء شيئاً ))، فقال أعرابي : يا رسول الله ! البعير أجرب الحشفة ندبنه فيجرب الإبل كلها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( فمن أجرب الأول ؟ لا عدوى ولا صفر ، خلق الله كل نفس فكتب حياتها ورزقها ومصائبها )) .

    4. عن ابن عباس- رضي الله عنهما – قال : (( كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ، ويجعلون المحرم صفر ، ويقولون : إذا برأ الدبر ، وعفا الأثر ، وانسخ صفر ، حلَّت العمرة لمن اعتمر . قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة ، فتعاظم ذلك عندهم ، فقالوا:يا رسول الله !أي الحل ؟. قال: (( حل كله)) .

    5. قال أبو داود : قُرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد : أخبركم أشهب ، قال سُئل مالك عن قوله : (( لا صفر)) قال : إن أهل الجاهلية كانوا يُحلُّون صفر ، يُحلونه عاماً ويُحرمونه عاماً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا صفر )) .

    6. قال البخاري في صحيحه : باب (( لا صفر )) ، ( وهو داء يأخذ البطن ) .



    بدعة التشاؤم بصفر :


    ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم (( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولاصفر)) .

    واختلف العلماء في قوله (( لا عدوى )) ، فهل المراد النهي أو النفي ؟.

    قال ابن قيم الجوزية : ( هذا يحتمل أن يكون نفياً ، أو يكون نهياً ، أي :لا تتطيروا ، ولكن قوله في الحديث : (( لا عدوى ولاصفر ولا هامة)) يدل على أن المراد النفي ،وإبطال هذه الأمور التي كانت الجاهلية تعانيها، والنفي في هذا أبلغ من النهي ؛لأن النفي يدل على بطلان ذلك ، وعدم تأثيره ،والنهي إنما يدل على المنع منه )ا.هـ .

    وقال ابن رجب : ( اختلفوا في معنى قوله : (( لا عدوى))، وأظهر ما قيل في ذلك : أنه نفي لما كان يعتقده أهل الجاهلية، من أن هذه الأمراض تعدي بطبعها، من غير اعتقاد تقدير الله لذلك، ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم : (( فمن أعدى الأول ))، يشير إلى الأول إنما جرب بقضاء الله وقدره ،فكذلك الثاني وما بعده ) ا.هـ .

    قال الله تعالى : {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا........ } .

    وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (( ولا صفر )) ، فاختلف في تفسيره :

    أولاً : قال كثير من المتقدمين : الصفر داء في البطن . يقال : أنه دود فيه كبار كالحيات ، وهو أعدى من الجرب عند العرب ، فنفى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وممن قال بهذا من العلماء : ( ابن عيينة ، والإمام أحمد ، والإمام البخاري ، والطبري ) .

    وقيل : المراد بالصفر : الحية ، لكن المراد بالنفي نفي ما كانوا يعتقدون أن من أصابه قتله ، فردّ الشارع ذلك بأن الموت لا يكون إلا إذا فرغ الأجل .

    وقد جاء هذا التفسير عن جابر وهو أحد رواة حديث : (( ولاصفر)) .

    ثانياً : وقالت طائفة : بل المراد بصفر هو شهر صفر . ثم اختلفوا في تفسيره على قولين :

    أ*- أن المراد نفي ما كان أهل الجاهلية يفعلونه في النسيء فكانوا يحلون المحرم، ويحرمون صفر مكانه،وهذا قول الإمام مالك

    ب*- أن المراد أهل الجاهلية كانوا يستشئمون بصفر ويقولون أنه شهر مشئوم ، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك . ورجَّح هذا القول ابن رجب الحنبلي .

    ويجوز أن يكون المراد هو الدواب التي في البطن ، والتي هي أعدى من الجرب بزعمهم ، وأن يكون المراد تأخير الحرم إلى صفر وهو ما يسمى بالنسيء ، وأن الصفرين جميعاً باطلان لا أصل لهما ، ولا تصريح على واحد منهما .

    وكذلك يجوز أن يكون المراد هو نفي التشاؤم بصفر ؛لأن التشاؤم صفر من الطيرة المنهي عنها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (( لا طيرة )) . لقوله صلى الله عليه وسلم : (( طيرة شرك ، طيرة شرك)) . ويكون قوله : (( ولا صفر ))من باب عطف الخاص على العام ، وخصَّه بالذكر لاشتهاره .

    فالنفي- والله أعلم- يشمل جميع المعاني التي فسر العلماء بها قوله صلى الله عليه وسلم (( لا صفر )) والتي ذكرتها ؛ لأنها جميعاً باطلة لا أصل لها ولا تصريح على واحد منها .

    فكثير من الجهال يتشاءم بصفر ، وربما ينهى عن السفر فيه ، وقد قال بعض هؤلاء الجهال : ذكر بعض العارفين أنه ينزل في كل سنة ثلاثمائة وعشرون ألفاً من البليات ،وكل ذلك في يوم الأربعاء الأخير من صفر ، فيكون ذلك اليوم أصعب أيام السنة كلها ، فمن صلى في ذلك اليوم أربع ركعات ، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة ، وسورة الكوثر سبع عشرة مرة والإخلاص خمس عشرة مرة ، والمعوذتين مرة ، ويدعو بعد السلام بهذا الدعاء ، حفظه الله بكرمه من جميع البليات التي تنزل في ذلك اليوم ولم تحم حوله بلية في تلك السنة ، وهذا هو الدعاء :

    (( بعد البسملة....... اللهم يا شديد القوة ، ويا شديد المحال ، يا عزيز ، يا من ذلت لعزتك جميع خلقك. اكنفني من شر خلقك ، يا محسن يا مجمل يا متفضل ، يا منعم يا متكرم ، يا من لا إله إلا أنت ، ارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم بسر الحسن وأخيه وجده وأبيه وأمه وبنيه ، اكفني شر هذا اليوم وما ينزل فيه يا كافي المهمات ويا دافع البليات ، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين )) .

    وكذلك ما يفعله بعض الناس في اجتماعهم في آخر أربعاء من شهر صفر بين العشاءين في بعض المساجد ، ويتحلقون إلى كاتب يرقم لهم على أوراق آيات السلام السبعة على الأنبياء ؛ كقوله تعالى : { سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ } .

    ثم يضعونها في الأواني،ويشربون من مائها،ويعتقدون أن سر كتابتها في هذا الوقت،ثم يتهادونها إلى البيوت.

    ونظير هذا تشاؤم بعض الناس في بعض الأقطار الإسلامية من عيادة المريض يوم الأربعاء وتطيرهم منه . ولا شك التشاؤم بصفر أو بيوم من أيامه هو من جنس الطيرة المنهي عنها : فقد قال صلى الله عليه وسلم (( لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة ، ولاصفر )) .

    وقال صلى الله عليه وسلم (( لا عدوى، ولا طيرة ، ويعجبني الفأل )) قالوا : وما الفأل ؟ قال : (( كلمة طيبة )) .

    وقال عليه الصلاة والسلام (( طيرة شرك ، طيرة شرك)) .

    وقال صلى الله عليه وسلم : (( من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك )) ، قالوا : فما كفارة ذلك ؟ قال : (( أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك ، ولا طير إلا طيرك ، ولا إله غيرك )) .......إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في النهي عن الطيرة .

    وتخصيص الشؤم بزمان دون زمان ؛ كشهر صفر وغيره ، غير صحيح ، لأن الزمان كله خلق الله تعالى ، وفيه تقع أفعال بني آدم ، فكل زمان شغله المؤمن بطاعة الله فهو زمان مبارك عليه ، وكل زمان شغله العبد بمعصية الله فهو مشؤم عليه .

    فالشؤم في الحقيقة هو معصية الله تعالى ، واقتراف الذنوب، فإنها تسخط الله عز وجل، فإذا سخط على عبده ، شقي في الدنيا والآخرة ، كما أنه إذا رضي عن عبده سعد في الدنيا والآخرة .

    فالعاصي مشؤم على نفسه، وعلى غيره، فإنه لا يؤمن أن ينزل عليه عذاب فيعم الناس، خصوصاً من لم ينكر عليه عمله، فالبُعد عنه متعين .

    أما قوله صلى الله عليه وسلم : (( لا عدوى،ولا طيرة ، والشؤم في ثلاث : المرأة ، والدار ، والدابة )) ، فقد اختلف العلماء فيه :

    أ*- فروي عن عائشة – رضي الله عنها – أنها أنكرت هذا الحديث أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم : إنما قال : (( كان أهل الجاهلية يقولون : الطيرة في المرأة والدار والدابة )) ، ثم قرأت عائشة : { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} .

    وقال معمر : سمعت من يفسر هذا الحديث يقول : ( شؤم المرأة إذا كانت غير ولود ، وشؤم الفرس إذا لم يغز عليه في سبيل الله ، وشؤم الدار جار السوء )

    ب*- ومنهم من قال: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( لا شؤم،وقد يكون اليمن في الدار والمرأة والفرس )) .

    والتحقيق : أن يقال في إثبات الشؤم في هذه الثلاث ما ورد في النهي عن إيراد المريض على الصحيح ، والفرار من المجذوم ، ومن أرض الطاعون : أن هذه الثلاث أسباب يقدر الله تعالى بها الشؤم واليمن ويقرنه.

    والشؤم بهذه الثلاثة إنما يلحق من تشاءم بها،فسيكون شؤمها عليه ، ومن توكل على الله ولم يتشاءم ولم يتطير ، لم يكن مشؤومة عليه ، ويدلُّ على ذلك حديث أنس – رضي الله عنه - : (( الطيرة على من تطير )) .

    وقد يجعل الله سبحانه وتعالى تطير العبد ، وتشاؤمه سبباً لحلول المكروه ، كما يجعل الثقة به ، والتوكُّل عليه وإفراده بالخوف والرجاء من أعظم الأسباب التي يدفع بها الشر المتطير به ، وسر هذا أن الطيرة إنما تتضمن الشرك بالله تعالى ، والخوف من غيره ،وعدم التوكل عليه والثقة به ،فكان صاحبها غرضاً لسهام الشر والبلاء ، فيتسرع نفوذها ؛ لأنّه لم يتدرع بالتوحيد والتوكل ، والنفس لابد أن تتطير ، ولكن المؤمن القوي الإيمان يدفع موجب تطيره بالتوكل على الله ، فإن من توكل على الله وحده كفاه من غيره ، قال تعالى : { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ *إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ } . .

    قال ابن الجوزية : ( فإخباره صلى الله عليه وسلم بالشؤم أنه يكون في هذه الثلاثة، ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها، وإنما غايته أن الله سبحانه ، قد يخلق منها أعياناً مشؤمة على من قاربها وسكنها وأعياناً مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر ،وهذا كما يعطي سبحانه الوالدين ولداً مباركاً ،يريان الخير على وجهه ، ويعطي غيرهما ولداً فكذلك الدار والمرأة والفرس.والله سبحانه خالق الخير والشر من قارنها ، وحصول اليمن له والبركة ، ويخلق بعض ذلك نحوساً يتنحس بها من قارنها ، وكل ذلك بقضائه وقدره ،كما خلق سائر الأسباب ، وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة ، فكما خلق المسك وغيره من حامل الأرواح الطيبة ، ولذذ بها من قارنها من الناس ، وخلق ضدها وجعلها سبباً لإيذاء من قارنها من الناس ، والفرق بين هذين النوعين يدرك بالحس، فكذلك في الديار والنساء والخيل ، فهذا لون والطيرة الشركية لون آخر .

    ولهذا يشرع لمن استفاد زوجة أو أمة أو دابة ، أن يسأل الله تعالى من خيرها ، وخير ما جبلت عليه، ويستعيذ به من شرها وشر ما جبلت عليه ،كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك ينبغي لمن سكن داراً أن يفعل ذلك ، وقد أمر صلى الله عليه وسلم قوماً سكنوا داراً فقلَّ عددهم ، وقلَّ مالهم أن يتركوها ذميمة .

    فترك ما لا يجد الإنسان فيه بركة، من دار أو زوجة أو دابة، منهي عنه، وكذلك من اتّجر في شيء فلم يربح فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا كان لأحدكم رزق في شيء فلا يدعه حتى يتغير له أو يتنكر له )) . فالتطير والتشاؤم بوقت أو شخص أو دار أو غير ذلك ، من الشرك كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث السابق ذكرها .

    والتشاؤم من الاعتقادات الجاهلية التي انتشرت – وللأسف الشديد – بين كثير من جهال المسلمين ، نتيجة جهلهم بالدين عموماً ، وضعف عقيدة التوحيد فيهم خصوصاً ، وسبب ذلك الجهل ،ونقص التوحيد ، وضعف الإيمان ، هو عدم انتشار الوعي الصحيح فيهم ، ومخالطة أهل البدع والضلال ، وقلة من يرشدهم ويبين لهم الطريق المستقيم ، وما يجب اعتقاده ، وما لا يجوز اعتقاده ، وما هو شرك أكبر يخرج المسلم عن الملة الإسلامية وما هو شرك أصغر ،وما هو ذريعة إلى الشرك ينافي كمال التوحيد ، ويوصل الفاعل في النهاية إلى الشرك الأكبر ، الذي لا يغفر الله لصاحبه إن مات ولم يتب ، ويكون مخلداً في النار ، وتحبط جميع أعماله الصالحة ، كما قال تعالى : { ..... إنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} . وقال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} . .

    ومع ذلك لا زال كثير من الناس يتشاءمون من شهر صفر ، ومن السفر فيه ،فلا يقيمون فيه مناسبة ولا فرحاً ، فإذا جاء في نهاية الشهر ، احتفلوا في الأربعاء الأخير ، احتفالاً كبيراً ،فأقاموا الولائم والأطعمة المخصوصة والحلوى ، خارج القرى والمدن ، وجعلوا يمشون على الأعشاب للشفاء من الأمراض .

    وهذا لا شك أنه من الجهل الموقع في الشرك – والعياذ بالله – ومن البدع الشركية ، ويتوقف بالدرجة الأولى على سلامة العقيدة . فهذه الأمور لا تصدر إلا ممن يشوب اعتقاده بعض الأمور الشركية ، التي يجر بعضها بعضاً كالتوسلات الشركية ، والتبرك بالمخلوقين ، والاستغاثة بهم .

    أما من أنعم الله عليه بسلامة العقيدة ، وصحتها ، فإنه دائماً متوكِّل على الله ، معتمدٌ عليه ، موقنٌ بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وأن التشاؤم والطيرة ، واعتقاد النفع أو الضر في غير الله ، ونحو ذلك كله من الشرك الذي هو من أشد الظلم ، قال تعالى : { ........ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} .

    والتشاؤم مما ينافي تحقيق التوحيد ، وتحقيق التوحيد منه ما يكون واجباً ، ومنه ما يكون مندوباً .

    فالواجب : تخليصه وتصفيته عن شوائب الشرك والبدع والمعاصي ، فالشرك ينافيه بالكلية ، والبدع تنافي كماله الواجب ، والمعاصي تقدح فيه وتنقص ثوابه .

    فلا يكون العبد محققاً التوحيد حتى يسلم من الشرك بنوعيه ويسلم من البدع والمعاصي .

    والمندوب : تحقيق المقربين ، وهو انجذاب الروح إلى الله محبة وخوفاً ، وإنابة وتوكلاً ، ودعاءً وإخلاصاً وإجلالاً وهيبة ، وتعظيماً وعبادةً، فلا يكون في قلبه شيء لغير الله، ولا إرادة لما حرَّم الله، ولا كراهة لما أمر الله، وذلك هو حقيقة لا إله إلا الله .

    قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد – باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب ، وذكر فيه حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( عرضت على الأمم، فأخذ النبي يمر معه الأمة ، والنبي يمر معه النفر ، و النبي يمر معه العشرة ، و النبي يمر معه الخمسة ،النبي يمر وحده ، فنظرت فإذا سواد كثير ، قلت:يا جبريل! هؤلاء أمتي ؟ قال :لا ولكن انظر إلى الأفق ،فنظرت فإذا سواد كثير قال : هؤلاء أمتك قال : هؤلاء أمتك، وهؤلاء سبعون ألفاً قدّامهم لا حساب عليهم ولا عذاب. قلت : ولِم ؟ قال : كانوا لا يكتوون ، ولا يسترقون ، ولا يتطيِّرون ، وعلى ربهم يتوكلون ........)) الحديث .

    فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم من صفات الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب ، الذين لا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون ، والتوكل على الله هو الأصل الجامع الذي تفرعت عنه هذه الأفعال .

    فخلاصة الكلام أن التشاؤم بصفر وغيره من الأزمنة ونحو ذلك ، من البدع الشركية ، التي يجب تركها والابتعاد عنها ، لما ورد في ذلك من الترغيب والترهيب . والله أعلم .

    --------------

    الهوامش والتعليقات يراجع كتاب ( البدع الحولية )

    http://saaid.net/mktarat/12/2-2.htm

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: البيان المختصر لحكم التشاؤم بصفر

    ملف مفيد عن شهر صفر :

    http://saaid.net/mktarat/12/2.htm

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: البيان المختصر لحكم التشاؤم بصفر

    يرفع للفائدة ...
    « الحمد لله وحده »

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: البيان المختصر لحكم التشاؤم بصفر

    ملخص المقال هنا :

    http://merathdz.com/play.php?catsmktba=2036
    « الحمد لله وحده »

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: البيان المختصر لحكم التشاؤم بصفر

    تحريم التشاؤم بشهر صفر وغيره


    خطبة لمعالي الشيخ/ د. صالح بن فوزان الفوزان

    http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/MyNe...454&new_id=145
    « الحمد لله وحده »

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: البيان المختصر لحكم التشاؤم بصفر

    للفائدة ،،،
    « الحمد لله وحده »

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •