تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 25

الموضوع: موضوع كبير أرجو نقاشه

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    951

    افتراضي موضوع كبير أرجو نقاشه

    هل يتسق الإسلام ويتماشى مع الحضارة الإنسانية من علوم وفنون وآداب ؟؟؟
    أم لا ؟!
    بمعنى العلم الحديث يُبنى على الشك وعدم الرضا بالواقع وتعمير الدنيا
    وتسخيرها للرفاهية !!
    بينما الإسلام مثلاً يدعوك أن تكون كأنك غريب أو عابر سبيل !
    وكذلك عندما رأى النبي عليه الصلاة والسلام عمرو بن العاص يبني بيتاً فيما معناه
    قال ( الأمر أسرع من ذلك )
    كذلك في مجال العلوم ، مثلاً نجد الغرب ينفق مليارات لأبحاث وعلوم الفضاء
    فهل هذا أمر مرغب فيه ؟! أو هندسة العمائر والبنيان ؟
    كذلك عدم الرضا بالواقع دفع علماء الغرب للبحث والوصول لآلات الطيران
    والمركبات !!
    ولا أدري ...... ! لم أرى نصاً نبوياً يدعو لذلك وإنما يدعو للرضا بالقليل
    والشعور كأنك عابر سبيل !! فما هو رأيكم ؟!

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    إذا كانت الأفعال بمقاصدها كما هو معلوم، فلا شك أن من يبني في هذه الدنيا لقصد الاكتفاء بما تتحقق به حاجة عابر السبيل، لن يستوي في عمله بمن يبني للخلود والبقاء والإرفاه فيها. هذا الصنف الأخير هو الذي قال الله تعالى في حقه: ((وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ)) [الشعراء : 129]. ولهذا وصف الرب جل وعلا أهل الكفر بقوله: ((يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)) [الروم : 7]
    ولكن سؤالك جاء على صيغة توهم بما لا يصح، إذ تقول:
    هل يتسق الإسلام ويتماشى مع الحضارة الإنسانية من علوم وفنون وآداب ؟؟؟
    أم لا ؟!
    فمصطلح الحضارة الإنسانية هذا مصطلح متشابه يحتاج إلى تعريف وتفصيل. فإن كان المقصود بالحضارة تلك الملاهي والمصانع التي ذم الله تعالى أصحابها طالبي الخلد في الدنيا، فلا شك أن الإسلام يرغبنا عن هذا لا فيه. وإن كان المقصود بالحضارة كل ما ينفع الإنسان في دنياه وآخرته (من مصانع ومزارع ومباحث وغير ذلك)، فهذا جاء الشرع بالترغيب فيه ولا شك.
    كذلك عدم الرضا بالواقع دفع علماء الغرب للبحث والوصول لآلات الطيران
    والمركبات !!
    قولك "عدم الرضا بالواقع" مشتبه أيضا، ويحتاج إلى تفصيل في المقصود بالواقع. فكل من كان الواقع على خلاف تصوره المعياري لما يجب أن يكون عليه الحال، فإنه سيكون مدفوعا - لا محالة - للعمل على تغيير ذلك الواقع، ولا فرق في هذا بين علماء الطبيعة وغيرهم.
    وأنا أعيذك بالله تعالى من أن يكون في نفسك ميل إلى التصور بأن الإسلام يثبط الباحث المسلم عن العلو في العلوم الدنيوية والتفوق فيها، وعن التفوق في الاختراع والتطوير وكذا. وإنما جاء الإسلام بالحكمة والمقصد الإنساني الأسمى للحضارة البشرية، ليوضع البناء والصناعة والإنتاج (وغير ذلك من أعمال البشر) في محله الصحيح، من غير إفراط ولا تفريط.
    الطائرات والأقمار الصناعية والقنابل النووية وغير ذلك من نواتج التكنولوجيا الحديثة التي أشرتَ إليها ليست إلا وسائل، والوسائل لها نفس أحكام المقاصد كما هو معروف. وحسبك أن تعلم أننا الملة الوحيدة في الأرض التي قد يصبح فيها صناعة تلك الأشياء والتفوق فيها فرضا واجبا على أصحابها يأثمون في الآخرة بتركه! أما سمعت قول الله تعالى: ((وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ)) الآية [الأنفال : 60]؟ هذا الإعداد لا يتحصل اليوم إلا بالتفوق في جملة كبيرة من العلوم والصناعات الحديثة التي أصبح حكم التفوق فيها واجبا على المسلمين وجوبا كفائيا بنص هذه الآية الكريمة وحدها، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فتأمل.
    ولا شك أن التخفيف من المشقة مقصد مشروع لإنتاج التكنولوجيا، ولكن يفصل بينه وبين مقصد التنعيم والإرفاه خيط رفيع لا يميزه إلا مدقق، والله أعلى وأعلم.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    951

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    لي عودة على الموضوع لكن سريعاً
    الحضارة الإنسانية : أقصد بها التعريف المعروف والمتداول بين المثقفين
    وهو كل أمر أنشيء لرقي ورفاهية الإنسان من آداب وعلوم وبنيان !!

    علوم الفضاء : اقصد الغرب مثلاً ينفق مليار دولار فقط لإرسال مركبة نحو كوكب
    المشتري ، وربما تتبخر المركبة قبل الوصول لسطح المشتري وتصبح في غلافه لالتقاط
    بعض الأشعة وتحليلها !! فهم ينغمسون في العلوم المجردة ! بينمازفي الإسلام مثلاً لا يوجد ترغيب في ذلك إلا فيما يتعلق بحق الجهاد أو ماشابه..... لي عودة باذن الله

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    سريعا أيضا:
    وهو كل أمر أنشيء لرقي ورفاهية الإنسان من آداب وعلوم وبنيان !!
    لا داعي لعلامات الترقيم (!!) بارك الله فيك.
    فهم ينغمسون في العلوم المجردة ! بينمازفي الإسلام مثلاً لا يوجد ترغيب في ذلك إلا فيما يتعلق بحق الجهاد أو ماشابه..... لي عودة باذن الله
    هذا الكلام ليس دقيقا.
    التوسع في العلوم ليس غاية في نفسه. فهم ينغمسون في علوم تخدم غاياتهم ومقاصدهم المبنية على فلسفاتهم الغيبية (التي تدور اليوم دورانا كليا على الفلسفة المادية)، أما شريعتنا فترغب في كل ما هو مشروع من وسائل لإصابة مقاصد الشريعة، وليس مقاصد الفلسفة المادية.
    هذا الاستثناء "إلا فيما يتعلق بحق الجهاد أو ما شابه" = غلط كبير. والصواب إعمال القواعد الفقهية في المسألة كما تقدم تحريره في المشاركة الآنفة، والله أعلم.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    951

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    بارك الله فيك أخي
    =============
    إنما أوردت علامة الترقيم لأن تعريف الحضارة معروف ومفهوم في عرف الناس
    =============
    الذي فهمته من كلامك أن الإسلام لا يرغب إلا في العلوم التي تصب في مقاصد الشريعة ! أليس كذلك ؟!
    فإن كان مافهمته صحيحاً ، فيبقى السؤال الذي هو أساس الموضوع قائماً !

    فلو جعلنا مقاصد الشريعة هي المحرك والمحفز الوحيد للعلوم لاختزلنا الكثير من العلوم الإنسانية !
    علوم الفضاء المجرد وصناعة الآلات وعلوم الرفاهية ستلغى ! أليس كذلك ؟!
    بل حتى التوسع في العلوم التي فيها مقصد شرعي سيكون محدود
    عند أي نقطة نرى أنها أوصلتنا للمقصد !
    =============
    الآن علوم البنيان والتعمير والهندسة وبناء ناطحات السحاب كمثل !!
    هل سيوسع فيه أم يضيّق ؟حتى ولو كان المقصد شرعياً !
    بناء المولات التجارية على سبيل المثال هل سيبقى أم يتطور؟ !

    * العلوم الآن شتى ومتوسع فيها كعلوم البيئة والحياة البرية
    الفيزيا والكيمياء وعلوم الفضاء كيف سنكيفها أو نطور فيها لمقصد شرعي وفقط!؟
    بل هناك علوم مجردة جداً متوسع الآن فيها كيف سنوفق بينها وبين المقصدالشرعي ؟!
    بل أين سيكون مجال ( الإبداع ) فيها ؟!

    أضف إلى ذلك أخي الكريم : تزهيد الإسلام في الدنيا كما أشرت لبعض النصوص
    النبوية في أول الموضوع !! وفي المقابل عدم وجود نصوص شرعية في الترغيب في ذلك !

    فيبقى سؤالي قائماً أخي الكريم !

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    951

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    نقطة عدم الرضا :
    علماء الطبيعة دائماً غير راضين حتى يتوصلون لنتيجة الرفاهية !!
    فمثلاً تجد الطائرات في أواسط القرن المنصرم ليس كطائراتنا في الوقت الحالي

    والفرق في ذلك أخي الكريم هو بالسؤال الآتي :
    هل الإسلام يدعوك للرفاهية ؟! أم يدعوك للرضا بالقليل ؟!
    الآن توجد شركات سيارات تطور من منتجها ليكون أفضل حتى من ناحية الديكور
    والشكل الخارجي فهم في تطور مستمر ! فهل الإسلام يتماشى مع ذلك ؟!

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    أما قولك: "هل الإسلام يدعوك إلى ..."، فسؤال غير محرر، لأن الشريعة تدور على أحكام خمسة تكليفية (وعند بعض الأصوليين: ستة)، فينبغي أن يكون الكلام عن المشروعية (وفروعها: الإيجاب والندب والإباحة)، وليس بإطلاق السؤال هل الإسلام "يدعونا" إلى كذا أم كذا.
    صحيح إن الرفاهية مذمومة شرعا، ولكن ما حدها وما ضابطها، وما مرجع ذلك؟ كثير من صور الإفراط والترف المبالغ فيه يرجع إلى العرف في معرفتها، والإسراف والترف أمر نسبي على الصحيح، أي إنه يقاس بنسبة ما ينفقه صاحب المال في التكميليات إلى جميع ماله، لا بمقدار ذلك الإنفاق زيادة أو نقصانا، وفي المأثور عن بعض السلف قولهم "لو أنفق الرجل ثلث ماله في الطيب لم يكن مسرفا".
    علماء الطبيعة دائماً غير راضين حتى يتوصلوا لنتيجة الرفاهية !!
    غير مسلم. العناية بالشكل والهيئة (وليس بالضرورة أن يكون ذلك ترفا وإسرافا ورفاهية) مطلب انتاجي يدعو إليه "الطلب الاستهلاكي" في سوق يتنافس فيه أصحاب الصناعات على جذب المستهلك، لذا تتخذ منه الشركات المنتجة - عالميا - دافعا لبعض الأبحاث العلمية التطويرية في منتجاتها وليس لجميعها. والعلماء والباحثون في ذلك - كما في غيره - لا ينخرط كل واحد منهم إلا فيما ترضاه نفسه ويراه متفقا مع منظومته الأخلاقية والاعتقادية من صنوف الأبحاث والدراسات.
    والشكل الخارجي فهم في تطور مستمر ! فهل الإسلام يتماشى مع ذلك ؟!
    إن كنت تقصد "بتماشي الإسلام" مع ما ذكرت: المشروعية، فهو مشروع بلا خلاف، والأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم أو الكراهة. فإذا كان ذلك التطوير الشكلي التكميلي لأي منتج صناعي مما تستدعيه مصلحة المنافسة التجارية في السوق، فلا شيء فيه، والنبي عليه السلام كان في زمانه في مكة والمدينة صناعات (كالآنية والأدوات والحدائد والملابس وغير ذلك) يتنافس أصحابها في الشكليات والتكميليات ولم ينههم عن ذلك. وهذا ما نبهتك إليه من إعمال القواعد الكلية عند فقد النصوص الصريحة، بارك الله فيك.
    ولكن لا شك أن التورع عن اتخاذ ما يأسر النفوس من الزخارف والزينات والتكميليات وهذه الأشياء (إجمالا) أولى وهو محبب في الشريعة، والله أعلم.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    فلو جعلنا مقاصد الشريعة هي المحرك والمحفز الوحيد للعلوم لاختزلنا الكثير من العلوم الإنسانية !
    هذا الكلام غير متجه. العلوم الإنسانية ما غرض الباحثين من دراستها، بارك الله فيك؟ إن كان غرضا مشروعا فهو داخل في جملة مقاصد الشريعة، إذ يكون له ما له من الأحكام التكليفية بحسب مقدار الحاجة إليه والداعي إلى دراسته. وقد نشأت العلوم الإنسانية وأصول العلوم الطبيعية المعاصرة في مجتمع المسلمين بالأساس، وفي إطار اعتقادهم الغيبي ومفهومهم للغاية من الوجود في الحياة الدنيا، الذي تقوم عليه مقاصد الشريعة، ومنها رفع المشقة والضرر واستجلاب التيسير .. الخ.
    الآن علوم البنيان والتعمير والهندسة وبناء ناطحات السحاب كمثل !!
    هل سيوسع فيه أم يضيّق ؟ حتى ولو كان المقصد شرعياً !
    بناء المولات التجارية على سبيل المثال هل سيبقى أم يتطور؟ !
    كما سبق.
    العلوم الآن شتى ومتوسع فيها كعلوم البيئة والحياة البرية
    الفيزيا والكيمياء وعلوم الفضاء كيف سنكيفها أو نطور فيها لمقصد شرعي وفقط!؟
    بل هناك علوم مجردة جداً متوسع الآن فيها كيف سنوفق بينها وبين المقصدالشرعي ؟!
    بل أين سيكون مجال ( الإبداع ) فيها ؟!
    يا أخي بارك الله فيك، الذي يبدو لي أنك لا تضبط معنى "المقصد الشرعي". كل بحث يجري لمقصد مشروع فالتوسع فيه - بحسب مقتضى ذلك المقصد - مشروع أيضا ولا شك. و"الإبداع" ليس عملا بلا مقصد ولا يمكن أن يكون بلا غاية وهدف عند صاحبه. ما من مبدع إلا وقد حمله على الإبداع حامل ودعاه إليه داع، فإن كان ذلك الداعي مشروعا، وكانت الوسيلة مشروعة كذلك، فهو عمل مشروع (وقد يكون مندوبا إليه أو واجبا).
    يعني علوم الفضاء هذه - التي ضربت بها مثلا - منها ما توسع فيه أصحابه لخدمة مقاصد توافق شريعتنا، كإطلاق الأقمار الصناعية في الفضاء لتسهيل الاتصالات والعمل العسكري ونحو ذلك، فهذا علم التوسع فيه مشروع ولا شك. ومنها - أي علوم الفضاء - ما كان جاريا على مقاصد غير مشروعة في ديننا، كمباحث seti التي ينفق أصحابها الأموال الطائلة بغية الاستماع إلى أصوات الكائنات العاقلة في الفضاء الخارجي، أو البحث في كيفية استجلاب الموارد المعدنية من كواكب بعيدة ولم تعدم الأرض من مثلها، أو السعي في "غزو الفضاء" وتهيئة الكواكب للسكنى ولا تزال الأرض (ولن تزال كما دل عليه القرءان) تؤوينا، هذه كلها مقاصد غير مشروعة تقوم على فلسفات مخالفة لعقائدنا، وفيها من التبذير ما يفوق الوصف والتصور.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    951

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    بارك الله فيك .... لا أرى من الضرورة تقييد السؤال على ( الندب أو الوجوب ... )
    فقولي هل يدعو الإسلام ... أي يندب أو يأمر ! لا مشاحة في ذلك
    لأن المهم في الموضوع هو هل يتسق ويتماشى دييننا مع ذلك .
    ولأن سؤالي ليس عن حكم فقهي ! بقدر ماهو سؤال فكري
    =================
    دعني أستوضح منك :
    هل تريد القول أي مقصد مشروع في العلوم هو مباح في الإسلام ؟!

    إذا كانت إجابتك بنعم ، فأقول ( الإباحة لا تكفي ) للاستمرار والتطوير في العلم !
    وبالأخص عند وجود نصوص نبوية تزهد في الدنيا !!
    فبالضرورة نحتاج لنصوص شرعية تفيد التحفيز ألا ترى ذلك ؟!
    =================
    تقول ماضابط الرفاهية؟ : جعل تعريفها مطاطياً لا ينزع عنها صفة الذم في الإسلام !
    وسؤالي لك : هل ترى علم الديكور مثلاً رفاهية لا داعي لها ام لا ؟!
    ناطحات السحاب هل هي رفاهية لا داعي لها ؟!
    أضف إلى ذلك الكثير من العلوم التي تندرج تحت هذا .
    =================
    قولك ((ولكن لا شك أن التورع عن اتخاذ ما يأسر النفوس من الزخارف والزينات والتكميليات وهذه الأشياء (إجمالا) أولى وهو محبب في الشريعة، والله أعلم.))
    أقول هنا المحك ! فليس بالضرورة أن يكون مباحاً يكون مندوباً إليه بل ربما العكس !
    والكثير من جماليات العلوم ربما تدخل تحت هذا البند فيبقى السؤال قائماً .
    ==================
    نشأة العلوم الطبيعة في المسلمين هو صحيح ، لكن لك أن تتجول في كتب العلماء لترى ماذا يقولون عن علماء الطبيعة كابن سينا والبيروني على ما أظن ! وغيرهم فهم ( بالإجمال ) مذمومون في عقيدتهم وفي فلسفتهم الفكرية ! .
    =================
    تقول الإبداع ليس عملاً بلا مقصد ! صحيح ! لكن لا شك كلما كان سقفه مرفوع
    كان ذلك أدعى لاتقانه وإبهارنا بذاك الشيء مهما كان !
    والإنسان بطبعه تواق للمعرفة ! فقد يكون هناك بعثة علمية فقط لدراسة سلوك
    حيوان ما! دون وحود مقصد مشروع سوى المعرفة !
    وكما في الحديث منهومان لا يشبعان وذكر منهما طالب علم لا يشبع ! وهذا الحديث وان قصد طلب العلم الشرعي لكن بقية العلوم تدخل في نهمة الإنسان وتوقه .
    ==================
    وعلى العموم وفي المجمل يوجد الكثير الكثير من العلوم الإنسانية مما لا حصر لها في مجالات عدة ، إن قلت أن الإسلام فيها أصله على الإباحة ! قد يقول قائل ليس كل مباح مرٌغب فيه ! وبالأخص أن هذه العلوم تصب في رفاهية الإنسان في أكثر من شكل ! أضف إلى ذلك وجود نصوص شرعية تزهد في الدنيا وترغب عنها ! فما قولك ؟

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    ولأن سؤالي ليس عن حكم فقهي ! بقدر ماهو سؤال فكري
    وما وجه التفريق عندك؟
    هل تريد القول أي مقصد مشروع في العلوم هو مباح في الإسلام ؟!
    "مشروع" لا تساوي "مباح" كما تقدم بيانه. المشروع قد يكون مباحا أو مستحبا أو واجبا (على الأعيان أو الكفاية).
    إذا كانت إجابتك بنعم ، فأقول ( الإباحة لا تكفي ) للاستمرار والتطوير في العلم !
    أكرر: التطوير في العلم ليس غاية في نفسه. فإن كان كذلك عند غيرنا، فليس هو كذلك عندنا، فما المشكلة في هذا؟
    وبالأخص عند وجود نصوص نبوية تزهد في الدنيا !!
    التزهيد في الدنيا لا يساوي التزهيد في العلم الدنيوي بإطلاق، وقد تقدم التفصيل فلا نكرر.
    فبالضرورة نحتاج لنصوص شرعية تفيد التحفيز ألا ترى ذلك ؟!
    نعم لا أرى ذلك. وقد بينت لك أن القواعد الفقهية تؤخذ منها الأحكام كالنصوص، فهل نشترط على الشارع أن يجعل لنا من أنواع الأدلة على الحكم "المطلوب" ما نرى نحن بعقولنا أنه أنسب وأحسن؟ نعوذ بالله من الاستدراك على شرع الله.
    جعل تعريفها مطاطياً لا ينزع عنها صفة الذم في الإسلام !
    "المطاطية" هذه في تصورك أنت ولا تلزمني.
    وسؤالي لك : هل ترى علم الديكور مثلاً رفاهية لا داعي لها ام لا ؟!
    ناطحات السحاب هل هي رفاهية لا داعي لها ؟!
    لم أقل بذلك، ولكن لا شك أن علم الديكور يأتي في منزلة دنيا بين العلوم في ميزان شريعتنا، وإلا فحاجة الناس إليه مشروعة لا شيء فيها. أما ناطحات السحاب فليست "علما مستقلا"! ثم من الذي قال إن المبنى حتى يؤدي المطلوب منه يجب أن يكون "ناطحا للسحاب"؟ لو كان لك اطلاع على نظريات العمارة والعمران ومدارس الفكر المعماري والتخطيط لعرفت أن هذا مما ينازع فيه الخبراء والمتخصصون في تلك العلوم، والتطاول في البنيان مذموم عندنا بالنص على أي حال.
    فليس بالضرورة أن يكون مباحاً يكون مندوباً إليه بل ربما العكس !
    لم أفهم هذه العبارة!
    والكثير من جماليات العلوم ربما تدخل تحت هذا البند فيبقى السؤال قائماً .
    والله يا أخي لم أعد أدري ما السؤال من الأصل! هل سؤالك لماذا لم يأت في النصوص الشرعية ما يرغبنا في تعلم العلم الدنيوي لمجرد إشباع شهوة الاطلاع والمعرفة؟ إن كان هذا سؤالك فقد أجبت عنه فيما تقدم، ولا أعيد.
    نشأة العلوم الطبيعة في المسلمين هو صحيح ، لكن لك أن تتجول في كتب العلماء لترى ماذا يقولون عن علماء الطبيعة كابن سينا والبيروني على ما أظن ! وغيرهم فهم ( بالإجمال ) مذمومون في عقيدتهم وفي فلسفتهم الفكرية ! .
    كلامي في هذه الجزئية كان عن السياق الفكري الذي نشأت فيه تلك العلوم لا عن أحوال بعض رؤوسها، فمع تكفيرنا لمن ذكرت وشهادتنا عليهم بالزندقة، إلا أنه لم يقل أحد من الفقهاء من معاصريهم بنكارة ما جاؤوا به من علوم نافعة في الطب وغيره، وهذا بيت القصيد عندي. والطب من العلوم المرغّب في تعلمها بالمناسبة، لعموم الترغيب المنصوص عليه في التداوي والتطبب، ولذا فهو يأتي على رأس العلوم الدنيوية في ميزان شريعتنا، ويقاس عليه كل ما كان في مثل نفعه وفائدته. ويدخل في حكمه ومنزلته (كعلم) كل علم يخدم غاياته كعلوم الكيمياء والفيزياء والهندسة وغيرها، فلا تداوي ولا تطبب اليوم إلا بجملة كبيرة من العلوم الدنيوية التي يجب أن يلم بها طلبة الطب والصيدلة كما هو معلوم، والحاجة تقدر بقدرها (بالرجوع إلى أهل الشأن) من غير إفراط ولا تفريط. أما قولك "وغيرهم فهم بالإجمال" فلا أسلم لك بهذا الإجمال إذ يوحي بأن جميع من برعوا في العلوم الدنيوية في تاريخ المسلمين كانوا زنادقة، وهذا عدوان عظيم وتعميم باطل لا يتسع المقام لبيان بطلانه.
    لكن لا شك كلما كان سقفه مرفوع
    كان ذلك أدعى لاتقانه وإبهارنا بذاك الشيء مهما كان !
    "كلما كان سقفه مرفوعاً" = هذا تعبير لا ينضبط، وفيه تعميم لا أسلم به. تقدم بيان أن ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا يقوم المندوب إلا به فهو مندوب، يعني في شريعتنا ما قد يجعل الإبداع واجبا، فما المطلوب فوق ذلك؟ المطلوب أن نأتي بنصوص تزكي "الإبداع" مطلقا بغض النظر عن مقصده ومادته؟ هذا خطل ما كان ليليق بعاقل أصلا، دع عنك أن يأتي منصوصا عليه في شريعة الإسلام!
    والإنسان بطبعه تواق للمعرفة ! فقد يكون هناك بعثة علمية فقط لدراسة سلوك
    حيوان ما! دون وجود مقصد مشروع سوى المعرفة !
    والله يا أخي الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى! فمن نوى المعرفة لمجرد المعرفة فقد أشبع شهوة في نفسه ولا أجر له في الآخرة، لأن الله لم يأمرنا بتعلم ظاهر الحياة الدنيا لمجرد التلذذ بذلك. ولو لم يجد المسلمون فيما جاء به طالب العلم لشهوة نفسه هذا أي نفع يعتبر، فقد جاء بما استعاذ منه النبي عليه السلام (علم لا ينفع). وتقدير النافع من غير النافع من العلوم المشروعة (كعلم الحيوان مثلا) إنما يُرجع فيه إلى أهل كل علم بحسبه، فهم أدرى بما يرجى من فائدة كل مبحث من المباحث، فإما أن تكون تلك الفائدة مشروعة وإما ألا تكون كذلك. فما المشكلة عندك في تصور هذا الكلام، بارك الله فيك؟
    وكما في الحديث منهومان لا يشبعان وذكر منهما طالب علم لا يشبع ! وهذا الحديث وان قصد طلب العلم الشرعي لكن بقية العلوم تدخل في نهمة الإنسان وتوقه .
    لو كان طالب العلم الدنيوي منهوما لمجرد إشباع شهوة المعرفة كما تقدم، فهو من طلاب الدنيا، ولا يؤخذ من هذا الحديث تزكية لمثله، والله أعلم.
    وعلى العموم وفي المجمل يوجد الكثير الكثير من العلوم الإنسانية مما لا حصر لها في مجالات عدة ، إن قلت أن الإسلام فيها أصله على الإباحة ! قد يقول قائل ليس كل مباح مرٌغب فيه ! وبالأخص أن هذه العلوم تصب في رفاهية الإنسان في أكثر من شكل ! أضف إلى ذلك وجود نصوص شرعية تزهد في الدنيا وترغب عنها ! فما قولك ؟

    أقول إنك تعمم تعميما فاسدا حين تقول "هذه العلوم تصب في رفاهية الإنسان"، والأمر ليس في تلك العلوم على صورة واحدة حتى نطلق له حكما واحدا، بل ليس هو على صورة واحدة وغرض واحد في مباحث العلم الواحد من تلك العلوم، وبعض هذه العلوم قد يدخل في حكم علوم الطب كبعض فروع علم النفس ونحوه، فهي ليست كلها على منزلة واحدة.
    والذي يبدو لي، أخي الكريم، أننا قد آل بنا الكلام إلى التكرار، فإن وجدت نفسي مضطرا إلى إعادة ما سبق تحريره فسأنقطع عن المناقشة، وأرجو المعذرة من هذا، وفقني الله وإياك للرشاد.

    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    لو كان الكلام على كل مسألة على حدة لكان أفضل من أن تطرح هذه المسائل تباعا، لأن الموضوع يتشعب ،
    أما عن مسألة التمتع بالمباحات فلا بأس بها، ما لم تصل إلى حد الترف، لكن ما المقصود بالترف ؟ وما الفرق بينه وبين التمتع بالمباحات ؟
    إن التُّرفة في اللغة هي: النَّعْمَةُ والطعامُ الطَّيِّبُ، و[أ]تْرفته النعمة: أي أطغته وأبطرته، واسْتَتْرَفَ: تَغَتْرَفَ وطَغَى.
    والمُتْرَف شرعا: هو المتَنَعّم والمُتَوَسّع في مَلاَذّ الدنيا وشَهواتها إلى حد الطغيان والتكبر.
    فإن لم يكن هنالك تكبر، بل حمْد وفرح بنعم الله وفضله فهو أمر مطلوب .
    وأما عن مسألة العلوم فإن من خصائص الشريعة العالمية والشمول ، وقد مات النبي عليه السلام وما من شيء في أرض ولا بحر ولا جو إلا ذكر منه علما كما صح في الحديث .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    951

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    طيب أخي الكريم لا تؤاخذني على قلة فهمي لكلامك وكثرة تشعبه !!
    هل تتكرم علي وتلخص ماتريد قوله !
    لأني كلما لخصت قولاً لك لا أراك توافقه ! فلا أفهمها
    ===============
    التفريق لدي أني أسأل عن شيء مجمل وليس مفصل !!
    فلم أقل ماحكم تعلم علم بعينه ! ، ومن المعروف أن الحضارة الغربية لم تقم على علم بعينه ، بل قامت على عدة علوم منها النظريات والعلوم الطبيعية المجردة !
    وسؤالي هل ديننا الحنيف يتسق ويتماشى مع هذا أم لا ؟!
    فيما فهمته منك أن هناك تفصيل بين الندب والكراهة والوجوب كل علم بحسبه
    وحسب مقصده ! بغية إصابة مقاصد الشريعة !
    ===============
    ررجعت وقلت لك : إذا كان الهدف من العلوم إصابة مقاصد الشريعة ستختزل المثير من العلوم وضربت لك عدة أمثلة على العلوم التي ستختزل ! ، فعدت لتنبهني على معنى المقصد الشرعي ! مع اني لم أرى فارق بين ملخصته لك سابقاً وبين تعريفك للمقصد الشرعي ! وعلى العموم أرى النتيجة واحدة وهي اختزال الكثير من العلوم
    ===============
    ناطحات السحاب ليست علماً مستقلاً صحيح لكن هي نتاج لتطوير علم العمارة !
    والبنيان مكون أساسي في حضارة تقوم !
    ===============
    الرفاهية يريدها الإنسان ولاشك والأشياء التي تكون اليوم ضرورية
    كالسيارة مثلاً ماصنعت بدءاً إلا لرفاهية الإنسان
    ===============
    أخيراً : لم اقل حكماً ولم اصادر على شرع والعياذ بالله ! أنا طرحت هذا الموضوع
    لمعرفة ماهو توجه ديننا تجاه هذا الأمر !
    وقولي انه لا توجد نصوص شرعية ! هو في مقام الإخبار ولأنه في المقابل
    يوجد الكثير من الأحاديث التي تزهد في الدنيا والرضا بالقليل !
    وأذكرك بقولك في بداية الموضوع :
    (فلا شك أن من يبني في هذه الدنيا لقصد الاكتفاء بما تتحقق به حاجة عابر السبيل، لن يستوي في عمله بمن يبني للخلود والبقاء والإرفاه فيها)
    وأريد منك أن تطبق كلامك أعلاه في علم الطب الذي لا ينازع فيه اثنان في مشروعيته
    فهل سترى ان هذا العلم سيتطور ؟! هل سيبدع فيه ؟!
    بارك الله فيك

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    الذي يبدو لي أن ثمة اختلاطا في مفهوم "الترف" و"الرفاهية" عند بعض الإخوة. قال الأزهري في تهذيب اللغة: المترف الذي أبطرته النعمة وسعة العيش، وَقَالَ ابْن عَرَفَة: المترف الْمَتْرُوك يصنع مَا يَشَاء لَا يمْنَع مِنْهُ، وَقيل للمتنعِّم: مُترف لِأَنَّهُ مُطلق لَهُ لَا يمْنَع من تنعم، أَمَرْنَا مُتْرفيها، قَالَ قَتَادَة جبابرتها.
    فالترف المذموم في الشرع إنما هو العلو في الأرض بطرا، ومنه تسخير أسبابها لما لا نفع فيه إلا التنعم المجرد.
    فهل يلزم من هذا المفهوم "اختزال بعض العلوم" التي بدعها الغربيون؟ وهل يلزم منه أن صورة حضارة المسلمين ستختلف عن صورة حضارة الغرب ولابد؟ أقول بإجمال كما سألت أنت بإجمال: نعم ولا شك، فكان ماذا؟ ما المشكلة لديك في هذا؟
    هذا من فضل ربنا علينا، أن أنزل لنا شريعة لو التزمنا بها تمام الالتزام لما التصقت أقدامنا بالوحل والتراب كحال أولئك، ولاتجهت علومنا الدنيوية إلى كل نافع ومفيد من غير عبث ولا لغو ولا ترف مذموم! فلا شك أن من يتناول الدنيا على أنها دار ممر لا دار مقر، فلن يشتغل بكثير مما يشغل به أهل الكفر أنفسهم، ولا مشكلة في هذا. المشكلة تُتوهم عندما يظن بعض الناس أن الحضارة الغربية هذه شيء واحد لا يتجزأ، والعلم الحديث كذلك، فإما أن تؤخذ كلها أو تترك كلها! وهذا غلط كبير
    التراكم المعرفي البشري (الذي يقال لثمرته المادية - على أشهر التعريفات -: الحضارة) عملية في غاية التعقيد يا أخي الفاضل، تحركها الشرائع والعقائد كما تحركها الأعراف والعوائد، وتؤثر فيها الأحداث والخطوب والنوازل، وهذه هي منابع الأغراض البحثية والمقاصد المعرفية عند الباحثين في الطبيعيات والإنسانيات في أي مجتمع. فلو أردنا تصور ما تكون عليه الحضارة والعلوم في بلاد المسلمين لو اختلف تاريخهم عما جرى عليه وبقيت دولتهم دولة خلافة راشدة، وبقيت لهم منزلة الريادة في العلم الدنيوي، لما أمكننا ذلك. حتى الهياكل المعرفية للعلوم والمعارف الدنيوية المعاصرة أغلب الظن أنها ما كانت لتكون على هذا النحو الذي استوردناه من حضارات أخرى. ولو اختلف تاريخ أمم الغرب عما جرى عليه لما كانت علومهم على هذا النحو كذلك. هذا سؤال من الأسئلة التي يشتغل بها بعض الفلاسفة ولا أرى نفعا في طرحه أصلا. نحن لدينا واقع علينا أن نتعامل معه بعيدا عن الأوهام والافتراضات الخيالية. والآن نحن المسلمون مضطرون للنظر فيما سبقنا فيه غيرنا من وفاء لاحتياجات لم يعد بوسعنا تفويتها على الناس، فننصب المصفاة الشرعية لما يؤخذ وما يترك، فإن أبدعنا وزدنا فبحسب حوائجنا وأغراضنا، كما هو دافع الإبداع في أي مجتمع.
    أما أن نسأل سؤالا مجملا: هل الإسلام "يتماشى" مع الحضارة الغربية المعاصرة أم لا، فلا نفع في جوابه، بل إنه يفتح أبواب الشبهات على مصاريعها!
    ولو أني أجبت بجواب مجمل كما كان سؤالك مجملا وقلت: قطعا الإسلام لا يتسع لكل ما جاءت به الحضارة الغربية! فهل يكفيك هذا الجواب؟
    أقول إن كل صناعة وبناء وإنتاج لا نفع فيه فهو ما بين الإسراف والتبذير، وكلاهما مذموم شرعا. وبطبيعة الحال فالاشتغال بأبحاث لا تخدم إلا ذلك العمل المذموم = مذموم أيضا. فما ضابط هذا النفع وما حده؟ هذا ما يختلف النظر فيه في كل مسألة بحسبه، على أنه مرتب في شريعتنا في منازل كما بينت لك.
    وأنا ما فصلت في المسائل وكررت التنبيه على مسألة التفصيل هذه إلا لكثرة ما سقته أنت إليّ من أمثلة تريد بها بيان محل الإشكال لديك، كمثل قولك هذا:
    الرفاهية يريدها الإنسان ولاشك والأشياء التي تكون اليوم ضرورية
    كالسيارة مثلاً ماصنعت بدءاً إلا لرفاهية الإنسان
    فأنت تسوق أمثلة تزعم أن عدم ورود النص في الشرع بتشجيع المسلمين للبحث والإبداع فيها = أمر مشكل. مع أن أصل الإشكال في تصورك أنت لكل مسألة من تلك المسائل، وما تريد الوصول إليه من استقراء بناء على ذلك.
    فهذا الكلام المقتبس أعلاه ليس صحيحا، بل معروف أن "الحاجة أم الاختراع" كما يقولون، والسبب في احتياج الإنسان إلى مركبة أفضل من ظهر الدابة أنه احتاج إلى ركوبة توفر الوقت والجهد، فتكون أسرع وأسهل وأهون في الركوب والقياد، وهذا غرض مشروع لا يقال فيه إنه ترف أو إفراط في التلذذ بنعيم الدنيا. فهل كان المسلمون ليسبقوا إلى اختراع السيارة لو لم يسبق إليها الكفار؟ الجواب: لا أدري، ولكن لا أرى في شريعتنا شيئا يمنعهم من ذلك ما دعتهم الحاجة إليه! والحاجة التي تدعو الناس إلى مثل هذا قد تقدم بيان وجهها، فلا يلزم أن تكون عقيدة الإنسان مادية إلحادية حتى تحركه دواعي الحاجة لإبداع واختراع السيارة والطيارة والغواصة .. الخ! ولا أرى أن نصوص التزهيد في الدنيا تتعارض مع ذلك! الزهد الذي يصد الإنسان عن الأخذ بأسباب سد الحاجات (على مراتبها المتفاوتة) زهد مذموم زائف!
    وعلى ذكر الغواصة، فمعلوم أن منبع الفكرة التي جاءت منها كان في رواية خيالية للروائي "جول فيرن"، تصور فيها مركبة تتحرك تحت الماء، ولم يكن ذلك منه خدمة لحاجة من حوائج البشر. ولكن لما اخترعت الغواصة بالفعل، ظهرت لها استعمالات وفوائد لم يتصورها "فيرن" نفسه. ولهذا قلت لك إن عملية التراكم المعرفي والحضاري عملية لا يمكن التنبؤ بها، ومع أني لا يمكنني الآن أن أتصور حاجة بعينها يمكن أن تدعو المسلمين إلى اختراع الغواصة (يعني لو لم يكن "فيرن" قد سبق إلى فكرتها)، إلا أن هذا لا يعني أن في شريعتنا ما يمنع من أن نسبق نحن إلى فكرة كهذه (من حيث المبدأ)، وإنما غايته أن يعني ان دواعي الاختراع والإبداع (التي تترجم إلى "حاجة" على المصطلح الشرعي) متراكبة ولا يمكن التنبؤ بها.
    ناطحات السحاب ليست علماً مستقلاً صحيح لكن هي نتاج لتطوير علم العمارة !
    إطلاق آخر ومثال آخر لم توفق فيه، بارك الله فيك.
    أولا العمارة ليست علما واحدا. وثانيا: ناطحات السحاب = نمط من أنماط الإنشاء والتصميم لبعض أنواع المباني في العمارة ظهر في النصف الأول من القرن العشرين الميلادي في إطار مدرسة "الحداثة" على يد المعماري الفرنسي "لو كوربوزييه" وبعض معاصريه كحل من الحلول التخطيطية التي كان يُعتقد أنها أفضل لتشكيل عمران المدينة ولتكوينها على أساس من بعض المبادئ التخطيطية لديهم (وهي مبادئ لم يعد أحد من خبراء التخطيط يوافقهم عليها أصلا بالمناسبة، وإن كانت فكرة البرج أو المبنى الذي يناطح السحاب لا يزال بعض المعماريين يفضلونها إلى اليوم). ولو شئت لجئتك بمراجع الخبراء في هذا الشأن. ونحن المسلمون عندنا مبادئ في شريعتنا تتنافى مع تلك الفلسفة التي خرجت منها فكرة "ناطحة السحاب" هذه (وهذا أمر لا يتسع المقام لبسطه)، فهل كان هذا مانعنا من أن تتطور عمارتنا وعمراننا وتتشعب علومها ومعارفها على النحو الذي يخدم غاية الإنسان من اتخاذ البناء؟ كلا ولا شك! وإنما تختلف صورة النتاج المادي الذي يقال له "العمارة" و"العمران" ما بين ثقافتين تبعا للأصول والمنابع التي تقوم عليها كل منهما.
    والقصد أن قولك "نتاج لتطوير علم العمارة" قول سطحي للغاية، من وجوه عدة (واعذرني في هذا الوصف، بارك الله فيك).
    فلو تأملت لرأيت أنك أنت من تشغلنا بتلك التفاصيل مع أننا قد أجبنا بفضل الله جوابا كافيا من البداية، والله أعلم.
    (فلا شك أن من يبني في هذه الدنيا لقصد الاكتفاء بما تتحقق به حاجة عابر السبيل، لن يستوي في عمله بمن يبني للخلود والبقاء والإرفاه فيها)
    وأريد منك أن تطبق كلامك أعلاه في علم الطب الذي لا ينازع فيه اثنان في مشروعيته
    فهل سترى ان هذا العلم سيتطور ؟! هل سيبدع فيه ؟!
    نعم سيتطور ولا أرى مانعا من ذلك، لأن موضوع علم الطب مداواة الأمراض وعلاجها، وهذا ليس ترفا أو رفاهية!

    فهل زال الإشكال بهذا، بارك الله فيك؟
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    951

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    بارك الله فيك وفي مجهودك ....
    ماذا يقول بقية الإخوة في هذا الموضوع ؟!

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    808

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    وفقك الله.
    كلام الأستاذ أبي الفداء- حفظه الله- وجيه نافع، وهو موافق لما ذكره العلاّمة الشنقيطي- رحمه الله- في أضوائه.


    قال أبو الفداء: "المشكلة تُتوهم عندما يظن بعض الناس أن الحضارة الغربية هذه شيء واحد لا يتجزأ، والعلم الحديث كذلك، فإما أن تؤخذ كلها أو تترك كلها! وهذا غلط كبير"

    قال الشنقيطي رحمه الله في معرض كلامه عن "السبر والتقسيم" (سورة مريم):

    " اعلم أنّ هذا الدليل التاريخي العظيم يوضح غاية الإيضاح موقف المسلمين الطبيعيّ من الحضارة الغربية ؛ وبذلك الإيضاح التام يتميز النافع من الضار ، والحسن من القبيح ، والحق من ال(باطل).
    وذلك أنّ الاستقراء التام القطعي دلّ على أنّ الحضارة الغربية المذكورة تشتمل على نافع وضار : أمـا النافع منها ؛ فهو من الناحية المادية وتقدمها في جميع الميادين المادية أوضح من أنْ أُبيّنه . وما تضمنته من المنافع للإنسان أعظم ممّـا كان يدخل تحت التصور ، فقد خدمت الإنسان خدمات هائلة من حيث أنه جسد حيوانيّ .
    وأمّـا الضار منها ؛ فهو إهمالها بالكليّة للناحية التي هي رأس كل خير ، ولا خير البتة في الدنيا بدونها ، وهي التربية الروحيّة للإنسان وتهذيب أخلاقه ،وذلك لا يكون إلاّ بنور الوحي السماويّ الذي يوضح للإنسان طريق السعادة ويرسم له الخطط الحكمية في كل ميادين الحياة الدنيا والآخرة ، ويجعله على صلة بربه في كل أوقاته .
    فالحضارة الغربية غنية بأنواع المنافع من الناحية الأُولى ، مفلسة إفلاساً كليّاً من الناحية الثانية . ومعلوم أنّ طغيان المادة على الروح يهدد العالم أجمع بخطرٍ داهم ، وهلاك مستأصل ؛كما هو مشاهد الآن .. وحل مشكلتهن لا يمكن البتة إلاّ بالاستضاءة بنور الوحي السماوي الذي هو تشريع خالق السماوات والأرض ن لأنّ من أطغته المادة حتى تمردّ على خالقه لا يفلح أبداً .
    والتقسيم الصحيح يحصر أوصاف ( المحل ) ، الذي هو الموقف من الحضارة الغربية ، في أربعة أقسام لا خامس لها ، حصراً عقلياً لا شكّ فيه : ( الأول ) ترك الحضارة المذكورة نافعها وضارها .
    ( الثاني ) أخذها كلها وضارها ونافعها .
    ( الثالث ) أخذ ضارها وترك نافعها .
    ( الرابع ) أخذ نافعها وترك ضارها
    فنرجع بـ ( السبر ) الصحيح إلي هذه الأقسام الأربعة ، فنجد ثلاثة منها ....ة بلا شكّ ، وواحداً صحيحاً بلا شك .
    أمّــا الثلاثة ال....ة : فالأول منها ؛ تركها كلها ، ووجه بطلانه واضحٌ ، لأنّ عدم الاشتغال بالتقدم المادي يؤدي إلى الضعف الدائم ، والتواكل والتكاسل ، ويخالف الأمر السماوي في قوله جلّ وعلا : { وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة …} الآية .
    القسم الثاني من الأقسام الباطلة ؛ أخذها ، لأنّ ما فيها من الانحطاط الخلقي وضياع القيم الروحية والمثل العليا للإنسانية ؛ أوضح من أنْ أُبينه ،ويكفي في ذلك ما فيها من تمرد على نظام السماء ، وعدم طاعة خالق هذا الكون جلّ وعلا { آلله أذن لكم أم على الله تفترون } . { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأْذن به الله }.
    والقسم الثالث من الأقسام ال(باطلة)ة ؛ هو أخذ الضار وترك النافع ؛ ولا شك أنّ هذا لا يفعله من له أقلُّ تمييز .
    … فتعينت صحة القسم الرابع بــ ( التقسيم والسـبر ) الصحيح ؛ وهو أخذ النافع وترك الضار .. وهكذا كان صلى الله عليه وسلّم يفعل ، فقد انتفع بحفر الخندق في غزوة ( الأحزاب ) ، مع أنّ ذلك خطة عسكرية كانت للفرس ، أخبره بها سلمان فأخذ بها ، ولم يمنعه من ذلك أنّ أصلها للكفار . وقد همّ صلى الله عليه وسلّم بأن يمنع وطء النساء المراضع خوفاً على أولادهن ، لأنّ العرب كانوا يظنون أنْ ( الغيلة ) ،وهي وطء المرضع ، تضعف ولدها وتضره ؛ ومن ذلك قول الشاعر :
    فوارس لم يغالوا في رضاع *** فتنبوا في أكفهم السيوف
    فأخبرته صلى الله عليه وسلّم فارس والروم بأنهم يفعلون ذلك و لا يضر أولادهم ن فأخذ صلى الله عليه وسلّم منهم تلك الخطة الطبيّة ، ولم يمنعه من ذلك أنّ أصلها من الكفار . وقـد انتفع صلى الله عليه وسلّم بدلالة ابن الأريقط الدؤلي له في سفر الهجرة على الطريق ، مع أنه كافرٌ .
    … فاتضح من هذا الدليل أنّ الموقف الطبيعي للإسلام والمسلمين من الحضارة الغربية هو : أن ْ يجتهدوا في تحصيل ما أنتجته من النواحي المادية ، ويحذروا ممّـا جنته من التمرد على خالق الكون جل وعلا فتصلح لهم الدنيا والآخرة .
    … والمؤسف أنّ أغلبهم يعكسون القضية . .!! فيأخذون منها الانحطاط الخلقي ، والانسلاخ من الدين ، والتباعد من طاعة خالق الكون ، ولا يحصلون على نتيجة ممّـا فيها من النفع الماديّ .. فخسروا الدنيا والآخرة ، ذلك هو الخسران المبين .
    ومـا أحسـن الدين والدنيـا إذا اجتمـعا *** وأقبح الكفر والإفـلاس بالـرجل . ) أ . هـ

    ملحوظة: لم أنسخ كلام الشيخ وإنما نقلته من ملتقى أهل الحديث. ( وأضفت كلمتي "باطل" و"باطلة" لأن صاحب المشاركة ترك نسخهما وعوّضهما بنقاط متتابعة، فما أدري ما سبب ذلك. ولعلّه تركهما أنفة (ابتسامة)

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    951

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    بارك الله فيك قلت :
    (أمّــا الثلاثة ال....ة : فالأول منها ؛ تركها كلها ، ووجه بطلانه واضحٌ ، لأنّ عدم الاشتغال بالتقدم المادي يؤدي إلى الضعف الدائم ، والتواكل والتكاسل ، ويخالف الأمر السماوي في قوله جلّ وعلا : { وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة …} الآية .
    هل الحضارة تقتصر فقط على ماهو [ إعداد ضد العدو ] ؟!

    أخي الكريم العلوم كثيرة وفيها من التطوير والبحث العلمي مايجعل المعلومة تتضاعف كل ٨ أشهر في آخر دراسة أجريت !
    الحضارة لا تقتصر على العلوم العسكرية فالاستشهاد بالآية لا دخل له هنا لأن هذا فرض أساسي في ديننا !
    أنا أتكلم عن الحضارة بشمولها من فن وأدب وعمارة ونظريات ، وذكرت سابقاً علوم الفضاء والبيئة والحيوان والتي ينفق فيها ملايين الدولارات
    فهل هذا كله يتواءم مع حديث كن في الدنيا كأنك عابر سبيل ؟!

    ولو اقتصرنا على الأشياء الضرورية ( والتي نراها اليوم ضرورية ) لم يكن للنقاش معنى ! مع أني أؤكد أن مانراه اليوم ضروري لم يكن عند المسلمين في يوم من الأيام ضرورة !!

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    سبحان الله. يا أخي لم يقل أحد بالاقتصار على الضرورة! ألم تقرأ شيئا مما كتبته لك؟
    حديث "كن في الدنيا كعابر سبيل" لا يؤخذ منه ترك الأخذ بأسباب الوفاء بالحاجات على درجاتها (بما في ذلك الحاجات التكميلية)، والزهد لا يلزم من التحلي به ترك الإبداع فيما يخدم ذلك المقصد من علوم ومعارف! هذا الترك العام الذي فهمته أنت لم يقل به أحد من أهل العلم في الأمة قط!
    ونقول لا مانع في علم الأصول من أن تترقى مرتبة الحاجة من زمان إلى زمان فتصل في زمان متأخر إلى أن تكون ضرورة، ولكن يبقى الحامل المعتبر الوحيد على الإبداع والاختراع هو الحاجة (بدرجاتها)، فلا أفهم حقيقة لماذا تصر على أن الإبداع ينبغي أن يراد لنفسه! المعرفة البشرية بناء تراكمي كثيف، يبدأ بأصول تخدم الحاجة، ثم تتفرع تلك الأصول وتتشعب بحسب الحاجة أيضا، وكل تطوير في علم من العلوم أو صناعة من الصناعات إنما تدعو إليه الحاجة، والحاجة يختلف تصورها وتقديرها بحسب المرجعية الاعتقادية ولا شك (وإن شئت فقل "الثقافة")، فما مشكلتك في هذا الجواب، بارك الله فيك؟
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    951

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    أبو الفداء بارك الله فيك لا مشكلة لديّ في ذلك ! أحاول استعصار مايمكن عصره من علمكم بما يصب في صالح الموضوح وليس بالضرورة يكون مقنعاً أخي الكريم !

    عوداً على الموضوع :
    فقد يقول قائل خلاف كلامك ويستشهد بالدليل أنه ليس من الضرورة التطوير
    والتعمق في الدنيا وعلومها ! وإنما الاقتصار ما ( يبلغك المقيل ) يكفي!
    ورحم الله من كان قوته كفافاً بالعموم ! وتبقى الضرورات تقدر بحسبها
    أما ابتداءها وولوجها قبل كونها ضرورة فهو من المباحات التي لا يؤجر ولا يؤثم
    فيها صاحبها ؟! ..... فما هو رأيكم ؟!

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    فقد يقول قائل خلاف كلامك ويستشهد بالدليل أنه ليس من الضرورة التطوير
    والتعمق في الدنيا وعلومها !
    لو قال قائل بهذا التعميم لما قبلناه منه، لما تقدم بيانه من وجوب التفصيل.
    أما ابتداءها وولوجها قبل كونها ضرورة فهو من المباحات التي لا يؤجر ولا يؤثم
    فيها صاحبها ؟! ..... فما هو رأيكم ؟!
    بل قد تكون من المباحات وقد تكون من المندوبات أو الواجبات، بحسب الحاجة المتصورة، ومن ثمّ مقدار النفع المرجو منها. وأما من اختار لنفسه - وليس له أن يلزم به غيره - أن يتورع عن المباحات ويزهد فيها، وأن يترك التكميليات وينصرف عنها، فلا تأثير لخياره هذا على الموقف الشرعي التفصيلي الذي بيناه آنفا. ولا يزال الناس يتفاوتون في قدراتهم وحاجاتهم، من غير أن يُذمّ من توسع في الأسباب المشروعة لسد الحاجات المشروعة عند أصحابها (وإن كانت بعض تلك الحاجات مما يقوى غيره على الزهد فيه)، بل يرجى له الأجر على ذلك إن أخلص فيه النية لله، والله أعلم.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    12

    افتراضي رد: موضوع كبير أرجو نقاشه

    السلام عليكم

    بداية أعتذرُ أني لم أقرأ كل المشاركات السابقة لكني سأكتب مالاتكرار فيه إن شاء الله
    هذا الموضوع كان قد خطر على بالي وتدبرتُ فيه وتفكرت مرات مرات مع جملة تساؤلات مشابهة
    من الممكن الإجابة على سؤالك بأكثر من طريقة وقد أحسن الأخ أبو الفداء, سأحاول أن أضع الإجابة في قالب قريب إلى نمطك الفكري, وهي على شكل نقاط:
    - التقلل من الدنيا والزهد فيها هو نمط رفيع من أنماط الحضارة, لو أحسن المسلمون فهمه وتطبيقه لتفوقوا على الغرب في التكنولوجيا وعلوم الفيزياء والفضاء, وخذ مثلاً اليابانيين, الثقافة اليابانية تأتي بعد الثقافة الإسلامية وتفوق الغربية في الجمع بين الإنسانية والحضارة, فالمواطن الياباني بطبعه بسيط في الملبس, لايشتري فاخر السيارات, نساؤهم لا تغالي في شراء الذهب, عادة ما يأكلون على الأرض وينامون على الأرض, يفضلون بيوت الإيجار واستخدام المواصلات العامة وربما كان أحدهم يملك الملايين ومع ذلك يعيش في بيت متواضع ويرتدي البسيط من الثياب (لأنها عاداتهم ولأنهم يحبون كنز المال), أليس هذا زهداً وتقللاً يوافق ماأمرنا به الإسلام؟ هل كان هذا الزهد (في الذهب والسيارات والأبراج وفاخر الثياب) عائقاً أمام بلوغ المراتب العليا في صناعة السفن والسيارات والشرائح الإلكترونية الفذة؟
    - "كن في الدنيا كأنك عابر سبيل" لايفهم منه العزوف عن الاختراعات وإليك المثال: رجل مسلم يخرج إلى الى الصحراء لدراسة أنماط النبات في الصحراء, يصلي الفجر ويذهب إلى عمله في جمع العينات ومراقبة التغيرات ثم يعود إلى المختبر ليعكف على دراسة النتائج ويعود إلى البيت قبيل المغرب, في المساء يسأله أصحابه: لماذا لاتدخل مجال التجارة؟ لماذا لاتبني بيتاً؟ لماذا لاتسافر إلى أوروبا للسياحة؟ وأنت تقضي جل وقتك بين العمل والمسجد والقيام بحقوق الأهل والجيران والأقارب؟ فيكون جوابه عن كل ذلك "كن في الدنيا كأنك عابر سبيل", هاهو عابر السبيل ينشر أبحاثه في المجلات العلمية العالمية ويجهز لموسوعة في علم النبات ويصرف من حر ماله على هذه الموسوعة لأنها "علم ينتفع به بعد موته" ومع ذلك عابر السبيل لايأكل في المطاعم الفارهة ولم يسافر إلى أوروبا لأن "الأمر أعجل من ذلك"
    - لو سألتك بماذا تفوق اليابانييون؟ ربما كان جوابك: الإتقان في العمل - الصدق - العمل الجماعي - الدقة في المواعيد ... الخ فالياباني عموماً ليس شخصاً حاد الذهن, كما تلاحظ كلها أمور حث عليها الشرع مراراً وتكراراً وإنما بُعث النبي -صلى الله عليه وسلم- ليتمم مكارم الأخلاق. ليس سبب تأخر العرب هو قلة فضولهم للمعرفة أو عدم محبتهم للعلم بل السبب هو: البعد عن الإسلام - عدم فهم الإسلام ومانتج عنه من فساد وسلبية وفوضى فكرية وإحباط وتناحر وتحاسد وتباغض وتعاون على الإثم والعدوان, إلا من رحم الله. كما تلاحظ السؤال وجوابه والتشخيص لم تكن فيه عبارة الرفاهية أو الرغبة في الاكتشاف (إذن الرغبة في الرفاهية ليست ركناً ركيناً من أركان التحضر وإنما أحد العوامل) ومحلهما النقطة التالية
    - إن الله قد ربط فلاح النفس بتزكيتها وتهذيبها, فالنفس السليمة بطبيعتها تواقة للمعرفة محبة للحياة والرفاهية حريصة عليها, لأن الله أودع هذه الخصائص في فطرة الإنسان فليس هناك أي داع لأن يذكرنا الله بما هو من طبيعتنا, ألا ترى إلى الطفل كيف يباشر الأشياء الغريبة بالتفحص, فالله خلقنا فضوليين بالفطرة, نستكشف ونتفكر, فالإنسان بفطرته راغب في معرفة المزيد عن هذا العالم بالبحث والاكتشاف, وكان القرن الأخير قرن الطفرة المعرفية التي انطلقت من حاجة الإنسان كحاجته للأكل والشرب, فالله عز وجل ينهى عن الزنا أكثر مما يأمر بالزواج, وينهى عن المطعم الحرام أكثر مما يأمر بالأكل والشرب, وينهى عن الاستكثار من الدنيا أكثر مما يأمر بإعمارها, لأن حاجات الجسد من أكل وشرب ومعاشرة مخلوقة معه وحاجات النفس من حب المعرفة والكمال والرفاهية مخلوقة معها
    - هذه النقطة وجهة نظر غير مدعومة بآية أو حديث لكن يبدو أن المجتمع العربي -بسبب البعد عن الدين- قد مارس بطريقة ما تشويهاً للفطرة فأصبحنا نطالب الدين أن يأمرنا بما هو من طبيعتنا كبشر ولا غرو, فغياب نموذج حضاري إسلامي يتبنى نظام الحياة العصرية أوجد فينا نوعاً من الحيرة, آلت إلى قلة فهم للإسلام
    - إن النظام العلمي الإسلامي أقوى من النظام الياباني أو الغربي لأنه ليس لدينا صناعة سينما, صناعة موسيقى, مجلات صفراء, ليس لدينا ملايين المقالات عن أخبار النجوم وكلابهم, ليس لدينا صناعة أزياء فاضحة, ليس لدينا فلسفة إلحادية تستهلك أعمار الأمم, كل مالدينا هو الإسلام ونظامه الإجتماعي الكامل, لدينا علوم الفيزياء والكيمياء والطب والفلك والحرب وغيرها مما ينفع
    - إن إنشاء مختبر علمي أو تمويل رحلة استكشافية ضمن المجتمع المسلم (الصحيح) هو أسهل وأسرع من مثيلاتها في الغرب, لأن المواطن الغربي "العادي" ربما يضن بالمال ويمنعه, فهو يريد المال للسياحة ولشراء بيت أكبر ويريد أن يصرف على فساتين زوجته وطعام كلابه وكنز المال لشيخوخته, أما المسلم (المتوكل على الله) فلربما يتبرع لهذا المختبر العلمي بنصف ماله لنفع المسلمين ويقيناً منه أنه مانقص مال من صدقة, ولو سألته عما أبقى لمستقبله وسكنه لقال لك "الدنيا فانية" وأنا فيها كعابر سبيل

    والحديث يطول ..



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •