تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مناصحةٌ طلبت منِّي...فأحببتُ أن يشاركني إخواني.!

  1. Post مناصحةٌ طلبت منِّي...فأحببتُ أن يشاركني إخواني.!

    السلام عليكم ورحمة الله وربكاته:
    أخي الفاضل:هذه أهم الفصول التي استنكرها علي أحد المشايخ، لكني اعتبرته لم يفهم حقيقة الرقية، ولذا ها أنا ذا أرسل لك، لتنظر فيه.
    قلت في فصل من فصول كتابي: ( الكشف والبيان في حكم فك السحر وطرد الجان)
    مسألة استعمال الفأس لفك المربوط عن أهله
    إن استعمال الفأس لفك المربوط جُرّب فكان سببا للعلاج، وقد استعمله بعض الناس, فأخذ به الذين يرون جواز التجربة في الرقية، ولهم فيه سلف، فقد ذكر الحافظ في الفتح: "ثُمَّ وَقَفْت عَلَى صِفَة النُّشْرَة فِي " كِتَاب الطِّبّ النَّبَوِيّ " لِجَعْفَرٍ الْمُسْتَغْفِرِ يّ قَالَ: وَجَدْت فِي خَطّ نَصُوح بْن وَاصِل عَلَى ظَهْر جُزْء مِنْ " تَفْسِير قُتَيْبَة ابْن أَحْمَد الْبُخَارِيّ " قَالَ قَالَ قَتَادَة لِسَعِيدِ بْن الْمُسَيِّب: رَجُل بِهِ طِبّ أُخِذَ عَنْ اِمْرَأَته أَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يُنَشَّر؟ قَالَ لَا بَأْس، وَإِنَّمَا يُرِيد بِهِ الْإِصْلَاح، فَأَمَّا مَا يَنْفَع فَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ. قَالَ نَصُوح: فَسَأَلَنِي حَمَّاد بْن شَاكِر: مَا الْحَلّ وَمَا النُّشْرَة؟ فَلَمْ أَعْرِفهُمَا، فَقَالَ: هُوَ الرَّجُل إِذَا لَمْ يَقْدِر عَلَى مُجَامَعَة أَهْله وَأَطَاقَ مَا سِوَاهَا فَإِنَّ الْمُبْتَلَى بِذَلِكَ يَأْخُذ حُزْمَة قُضْبَان وَفَأْسًا ذَا قِطَارَيْنِ وَيَضَعهُ فِي وَسَط تِلْكَ الْحُزْمَة ثُمَّ يُؤَجِّج نَارًا فِي تِلْكَ الْحُزْمَة حَتَّى إِذَا مَا حَمِيَ الْفَأْس اِسْتَخْرَجَهُ مِنْ النَّار وَبَالَ عَلَى حَرّه فَإِنَّهُ يَبْرَأ بِإِذْنِ الله تَعَالَى".[1]وقال العلامة إسماعيل حَقِّي بن مُصْطفى الإِسْلاَمْبُول ي رحمه الله (1127هـ) في تفسيره: " قال في نصاب الاحتساب: إن الرجل اذا لم يقدر على مجامعة أهله وأطاق ما سواها فإن المبتلى بذلك يأخذ حزمة قصبات ويطلب فأسا ذا فقارين، ويضعه فى وسط تلك الحزمة ثم يؤجج نارا فى تلك الحزمة، حتى اذا احمي الفأس، استخرجه من النار وبال على حده، يبرأ باذن الله تعالى"[2].وقال الشيخ مصطفى العدوي – حفظه الله – في تحقيقه وتعليقه على " تفسير المعوذتين لابن القيم " بعد أن ساق قول الحافظ بن حجر في الفتح ( 10 / 223 ): "وهذه الأفعال كلها ليست واردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن جربها فنفعته فذلك الفضل من الله ".[3] وعقب الدكتور مسفر بن غرم الله الدميني - وفقه الله للخير - فيما ذهب إليه على كلام الحافظ بن حجر في الفتح فقال: "قلت: ولو لم يبُل عليه بل وضعه في ماء وقرأ عليه قوله تعالى: ( وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ) ( سورة الحديد: الآية 25 ) ثلاثا أو سبعا، ثم اغتسل به وشرب منه، برأ بإذن الله تعالى، فإنه مجرب".[4]
    مسألة الاستعانة بمعلومات الجني
    قال الشيخ ناصر العقل في شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة وقد سئل: هل ورد عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه لا يرى بأساً في الاستعانة بالجن المسلمين عند الضرورة؟فأجاب:نعم، عند الضرورة إذا كان هناك دليل على وجود الجن، ووجد لذلك موجب بشروطه الشرعية فلا حرج، بمعنى: أن يقع مصادفة، كما إذا حدث للإنسان موقف حرج، وعلم أن الجن في هذا الموقع إما حدثوه وإما رآهم وإما سمعهم، فطلب منهم الإعانة فيما يقدرون عليه فلا حرج في هذا، من باب الكرامة أحياناً للعبد، لكن الممنوع أن يمتهن هذه المهنة، وأن يكون بينهم وبينه عهد أو شرط يستدعيهم إذا شاء، ويأخذ عليهم ويأخذون عليه، هذا من باب الاستمتاع المحرم". انتهى.قال مقيده: اعلم ـ رحمك الله ـ أن الاستعانة كالاستغاثة، وهي نوعان:" النوع الأول: الاستعانة والاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه، فهذا جائز. قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) [المائدة:2]، وقال تعالى: ( فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) [القصص:15].النوع الثاني: الاستغاثة والاستعانة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله: كالاستعانة بالأموات، والاستغاثة بالأحياء، والاستعانة بهم فيما لا يقدر عليه إلا الله من شفاء المرضى، وتفريج الكربات، ودفع الضر، فهذا النوع غير جائز، وهو شرك أكبر".[5]قلت: وعليه، فمن يستعين بمعلومات الجن المسلم[6]، إنما يأخذ منه بعض التعليمات الخاصة بعالم الجن، ويستأنس بها، ملاحظا في ذلك عدم تعارضها مع أصول الدين. وبالمثال يتضح المقال، حتى لا يظن ظان أننا نتوسل بالجن:فمثلا: يسأله عن ما يقهر الجن المارد، أو عن سبب تسلطه على المسحور، فيستعين بمعلوماته دونما أي شرط من الجن، وكل ذلك في حدود وشروط وحذر، يعرفها من يمارس الرقية الشرعية. فهذا جائز. ولا يدخل في هذا الباب إلا ضابط لمعنى التوحيد، وعالم بنواقض الإيمان.ودليلنا في ذلك: سؤال أبي بن كعب رضي الله عنه الجنيَّ: " ما الذي يحرزنا منكم؟ ـ وفي رواية: ما ينجينا منكم؟ ـ قال: هذه الآية: آية الكرسي. قال: فتركته. وغدا أُبَي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: صدق الخبيث".[7] ففي هذا الخبر فائدتان: الفائدة الأولى: جواز سؤال الجن، والتحاور معه، خلافا لمن منعه بإطلاق[8]، وليس معنى السؤال هنا طلب شيء منه، وإنما استفساره، واستعلامه، مما يقدر عليه.والفائدة الثانية: أن الجني قد يصدق في كلامه، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "صدق الخبيث"، وعند البخاري في صحيحه، في قصة أبي هريرة رضي الله عنه، قال له صلى الله عليه وسلم: "صدقك وهو كذوب".وهناك حادثة أخرى رواها عبد الله بن مسعود قال: لقي رجلٌ من أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم رجلاً من الجن فصارعه فصرعه الإنسي، فقال له الإنسي: إني لأراك ضئيلاً شخيتاً كأن ذُرَيعتَيك ذُرَيعتا كلب -تصغير ذراع- فكذلك أنتم معشر الجن أم أنت من بينهم كذلك؟ قال: لا والله. إني منهم لضليع. يقول الإنسي: أنا أراك ضئيلا-أي: دقيق الجسم- شخيتاً -أي: مهزولاً- فهل أنتم الجن هكذا أم أنك أنت ضعيف من بينهم؟ قال: لا والله إني من بينهم لضليع- أي: جيد الأضلاع، ولكن عاودني الثانية فإن صرعتني علمتك شيئاً ينفعك، قال: نعم. فصارعه فصرعه قال: تقرأ:( الله لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوم)[البقرة:255] فإنك لا تقرأها في بيتٍ إلا خرج منه الشيطان له خبجٌ -أي: ريحٌ- كخبج الحمار، ثم لا يدخله حتى يصبح". قال الهيثمي رحمه الله في مجمع الزوائد (9/ 71) بعدما ذكر روايتين للقصة: " رواهما الطبراني بإسنادين، ورجال الرواية الثانية رجال الصحيح إلا أن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود ولكنه أدركه، ورواة الطريق الأولى فيهم المسعودي وهو ثقة، ولكنه اختلط، فبان لنا صحة رواية المسعودي برواية الشعبي، والله أعلم[9].لكن ثبت أن عمر رضي الله عنه صارع جنياً فصرعه، وهذا من قوة عمر رضي الله عنه، وعاوده فصارعه فصرعه".وممن جوز استعمال الجن المؤمن في الأمور المباحة، شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فإنه قال: "إن الجن مع الإنس على أحوال: فمن كان من الإنس يأمر الجن بما أمر الله به ورسوله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه ويأمر الإنس بذلك فهذا من أفضل أولياء الله تعالى، وهو في ذلك من خلفاء الرسول ونوابه.ومن كان يستعمل الجن في أمور مباحة له، فهو كمن استعمل الإنس في أمور مباحة له. وهذا كأن يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حرم عليهم ويستعملهم في مباحات له، فيكون بمنزلة الملوك الذين يفعلون مثل ذلك. وهذا إذا قدر أنه من أولياء الله تعالى فغايته أن يكون في عموم أولياء الله مثل النبي الملك مع العبد الرسول: كسليمان ويوسف مع إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.ومن كان يستعمل الجن فيما ينهى الله عنه ورسوله إما في الشرك، وإما في قتل معصوم الدم، أو في العدوان عليهم بغير القتل، كتمريضه، وإنسائه العلم، وغير ذلك من الظلم، وإما في فاحشة، كجلب من يطلب منه الفاحشة. فهذا قد استعان بهم على الإثم والعدوان ثم إن استعان بهم على الكفر فهو كافر وإن استعان بهم على المعاصي فهو عاص: إما فاسق وإما مذنب غير فاسق..".[10]وكان العلامة محمد بن صالح العثيمين يُجوز وجود ذلك مستدلا تارة بقول شيخ الإسلام ابن تيمية، وتارة بأدلته الشخصية، فقد قال في إحدى أجوبته عن حكم الاستعانة بالجن الصالح: " يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "تعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة" فالاستعانة بالمخلوق فيما يقدر عليه لا بأس بها، ولا حرج فيها، وأما مسألة كذبهم أو صدقهم هذا ينظر فيه، هم على كل حال مجهولون ودعواهم أنهم صالحون ينظر هل هو يأمر صاحبه بالخير أو بالشر، أنا بلغني أن بعض الناس الذين فيهم الجن إذا جاء عنده في آخر الليل أيقظه ليتهجد ويساعده، فإذا تأخر عن صلاة الجماعة أنبهه فمن هذه حالته فهي دليل على صلاحه.السائل: بعض الذين يقرأون يقولون: إن أحد الجن تابعي فهو يعرف أحد الصحابة من الجن؟ الشيخ: الله أعلم، هم على كل حال أعمارهم طويلة، ذكر المؤرخون أن جنياً اجتمع بالرسول عليه الصلاة والسلام في أحد جبال مكة، وسأله فقال: أنا كنت شاباً حين قتل قابيل هابيل.فالله أعلم، وهذا الحديث ذكره المؤرخون، ولا أدري عن صحته شيئاً".[11]وسئل أيضا رحمه الله: عن حكم سؤال الجن وتصديقهم فيما يقولون؟فأجاب: "سؤال الجن وتصديقهم فيما يقولون: قال عنه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوي: إن من يسأل الجن أو يسأل من يسأل الجن على وجه التصديق لهم في كل ما يخبرون به والتعظيم للمسئول فهو حرام.وأما إن كان ليمتحن حاله ويختبر باطن أمره، وعنده ما يميز به صدقه من كذبه فهذا جائز، ثم استدل له، ثم ذكر ما روي عن أبي موسى الأشعري أنه أبطأ عليه خبر عمر - رضي الله عنه - وكان هناك امرأة لها قرين أي صاحب من الجن فسأله عنه فأخبره أنه ترك عمر يسم إبل الصدقة".[12]قال مقيده ـ غفر الله له ـ: وهذه الاستعانة بالجن الصالح ليست كالاستعانة بهم لكشف الضر ودفعه، أو جلب النفع وطلبه، فهذا الثاني شرك بالله تعالى، فلا يلتبس عليك الأمر.وفي مثل الحالة الثانية جاءت فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله حيث يقول: "الاستعانة بالجن أو الملائكة والاستغاثة بهم لدفع ضر أو جلب نفع أو للتحصن من شر الجن: شرك أكبر يخرج عن ملة الإسلام والعياذ بالله- سواء كان ذلك بطريق ندائهم أو كتابة أسمائهم وتعليقها تميمة أو غسلها وشرب الغسول أو نحو ذلك، إذا كان يعتقد أن التميمة أو الغسل تجلب له النفع أو تدفع عنه الضر دون الله..".[13]أخي الفاضل: هلا أثلجتم صدرنا بجواب مفصل وتعليق مدقق مما جاء في هذه الصفحات، جزاكم الله خيرا، وبورك فيكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    [1] فتح الباري (10 / 233، 234).

    [2] روح البيان في تفسير القرآن. انظر قوله تعالى: ( واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان..) الآية.

    [3] تفسير المعوذتين: 56.

    [4] انظر السحر: حقيقته، حكمه، والعلاج منه للدكتور مسفر بن غرم الله الدميني– ص 65، 66.
    [5] كتاب التوحيد صالح بن فوزان الفوزان(ص: 97ـ 98)
    [6] تنبيه: يخطئ من يقول: حكم الاستعانة بالجن. وإنما تكون الاستعانة بمعولمات الجن الصالح. وذلك بضوابط.

    [7] رواه الطبراني ورجاله ثقات، ورواه ابن حبان في صحيحه وغيره، وصححه الشيخ الألباني في الترغيب والترهيب (2/ 89)
    [8] بعض العلماء يرى المنع، منهم الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله، وهذه حجة عليهم، لكن ربما منعوا خوفا من الفتنة، وهذا أحوط لدين المرء. فلا يقوم به إلا متمرس في العلاج، ضابط لأمور عقيدته.

    [9] قلت: ورواه أيضا الدارمي في سننه(2/ 540)، وكون الشعبي لم يسمع من ابن مسعود رضي الله عنه، لا يرد القصة قطعا، فقد قال الحافظ في تهذيب التهذيب (20/ 31): "لا يكاد الشعبي يرسل إلا صحيحا". لكن الخبر ورد من عدة طرق يقوي بعضها بعضا فهو: صحيح لغيره. والله أعلم.
    [10] مجموع الفتاوى (11/ 307/308)

    [11] لقاء الباب المفتوح (8/ 35) وانظر معها: مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (17/ 16) و [19 /63]، قلت: القصة ذكرها العلامة ابن الأثير في كتابه "أسد الغابة"، ثم قال في آخرها: "أخرجه أبو موسى، وتركه أولى من إخراجه، وإنما أخرجناه اقتداءً بهم، لئلا نترك ترجمة".
    [12] مجموع فتاوى ورسائل العثيمين [1 /291ـ 290]

    [13] فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (1/ 112)
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2013
    المشاركات
    21

    افتراضي رد: مناصحةٌ طلبت منِّي...فأحببتُ أن يشاركني إخواني.!

    ما أجمل هذا الموضوع، وأنا أتفق مع شيخ الإسلام ابن تيمية في تفصيله -رحمه الله-

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •