تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: فقه الدعوة (من مسائل كتاب التوحيد ) للإمام محمد ابن عبدالوهاب (الحلقة الأولى )

  1. #1

    افتراضي فقه الدعوة (من مسائل كتاب التوحيد ) للإمام محمد ابن عبدالوهاب (الحلقة الأولى )

    فوائد دعوية من ( مسائل كتاب التوحيد ) للامام محمد عبد الوهاب ، الحلقة الاولى الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ؛ أما بعد :-
    الامام محمد ابن عبدالوهاب ( رحمه الله ) قام بالدعوة إلى الله تعالى توحيداً وأمراً ونهياً خير قيام بل ورأى ثمرة ونتيجة دعوته في حياته نصراً وتمكيناً وذلك بسبب أن الشيخ ألتزم بالكتاب والسنة في دعوته وأمره ونهيه وذلك دفعني إلى إبراز بعض جوانب الشيخ الدعوية وذلك من خلال مدارسة ما سطره في ( مسائل التوحيد ) التي تعد أول شرح مختصر لكتابه المستطاب ( التوحيد ) ففي هذه المسائل انتزع الشيخ فوائد من الآيات والأحاديث والآثار تفيد في تصحيح مسار الدعوة وتقويمه وترشيده ، فأحببت جمعها وإتحاف إخواني الدعاة بها لكي ينتفعوا في واقعهم الدعوي الذي يكاد أن يشابه ما كان عليه الشيخ في زمانه !
    ولقد نهجت في مقالي أن أذكر ترجمة الباب في كتاب التوحيد حتى يسهل مراجعته ثم ذكر المسألة الدعوية ولقد سرت على ترتيب الكتاب ومن الله التوفيق ...
    1- ( كتاب التوحيد ) =
    قال الشيخ { جواز كتمان العلم للمصلحة )
    قال ابن تيمية ( لا يخاطب الإنسان بما يعجز عن فهمه فيضل بسببه أو يوقعه في الشك والحيرة ، وان كان ذلك الامر في نظر الداعية أمراً مهماً ، لأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ) ( الفتاوى الكبرى -1/141)
    قال ابن عثيمين ( هدْه ليست على إطلاقها ، إدْ إن كتمان العلم على سبيل الإطلاق لايجوز لأنه ليس بمصلحة ، ولهدْا أخبر النبي معادْا ولم يكتم دْلك مطلقا ، وأما كتمان العلم في بعض الأحوال ، أو عن بعض الأشخاص لاعلى سبيل الإطلاق ، فجائز للمصلحة ، كما كتم النبي دِلك عن بعض الصحابة خشية أن يتكلوا عليه ، وقال لمعادْ :( لاتبشرهم فيتكلوا ) .




    ونظير هدْا الحديث قوله لأبي هريرة : ( بشر الناس أن من قال : لاإله إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة )(43) . بل قد تقتضي المصلحة ترك العمل ، و إن كان فيه مصلحة لرجحان مصلحة الترك ، كما هم النبي أن يهدم الكعبة ويبنيها على قواعد إبراهيم ، ولكن ترك دْلك خشية إفتتان الناس ، لأنهم حديثو عهد بكفر ) ( القول المفيد / 1- 42)
    2-(كتاب التوحيد ) :-
    قال الشيخ ( استحباب بشارة المسلم بما يسره )
    قال ابن عثيمين ( وهذه من أحسن الفوائد )
    قال رسول صلى الله عليه وسلم )( يسروا ولا تعسروا , وبشروا ولا تنفروا ))
    ففي الحديث أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتيسير والتبشير في دعوة الناس ولم يكتف بذلك بل نهى عما يضاده وهو التعسير والتنفير تأكيداً على هذا الخلق الدعوي العظيم لكي لا تسيطر علينا رغباتنا الجامحة فتقطعنا عن ذلك ...
    3- ( كتاب التوحيد )
    قال الشيخ { قول المسئول عما لا يعلم , الله ورسوله أعلم ،}
    وهذا أدب مهم ينبغي أن يتحلى به الداعية فليمسك عما لا يعلم في الامر والنهي ، قال ابن تيمية ( فليس لأحد من خلق الله كائناً من كان أن يبطل قولاً أو يحرم فعلاً الا بسلطان الحجة ...) ( الفتاوى -3/245)
    4-( كتاب التوحيد )
    قال الشيخ ( جواز تخصيص بعض الناس بالعلم دون بعض )
    قال ابن تيمية ( لا يزال المنكر بدقيق العلم الذي لا يفهمه الا خواص الناس ، لما قد يوقعه من الحيرة والشكوك في قلوب العامة ) ( المستدرك 3/203)
    قال ابن عثيمين (فيجوز أن نخصص بعض الناس بالعلم دون بعض ، حيث أن بعض الناس لو أخبرته بشئ من العلم أفتتن ... فيحدث كل أحد حسب مقدرته وفهمه وعقله !!)
    وهذا أصل عظيم ينبغي للدعاة أن ينتبهوا له عند دعوتهم واختلافهم فيما بينهم !!
    5- ( باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب ):-
    قال الشيخ ( عمق علم الصحابة لمعرفتهم أنهم لم ينالوا ذلك الا بعمل )
    قال ابن تيمية (فمن دعا إلى العلم دون العمل المأمور به كان مضلاً، ومن دعا إلى العمل دون العلم كان مضلاً، وأضل منهما من سلك في العلم طريق أهل البدع؛ فيتبع أمورا تخالف الكتاب والسنة يظنها علوما وهي جهالات‏.‏


    وكذلك من سلك في العبادة طريق أهل البدع‏.‏


    فيعمل أعمالاً تخالف الأعمال المشروعة يظنها عبادات وهي ضلالات‏.‏


    فهذا وهذا كثير في المنحرف المنتسب إلى فقه أو فقر‏.‏


    يجتمع فيه أنه يدعو إلى العلم دون العمل، والعمل دون العلم، ويكون ما يدعو إليه فيه بدع تخالف الشريعة‏.‏


    وطريق الله لا تتم إلا بعلم وعمل، يكون كلاهما موافقا الشريعة‏.) ( الفتاوى 11/27)
    وقال ( فالرسل والكتب المنزلة أمرت بهذا - يعني العلم والعمل - وأوجبته بل هو رأس الدعوة ومقصودها وأصلها ) ( الفتاوى 2/13)
    6-( نفس الباب السابق ):-
    قال الشيخ ( قلة من استجاب للأنبياء ، ثمرة هذا العلم وهو عدم الاغترار بالكثرة ، وعدم الزهد في القلة )
    قال ابن عثيمين ( فإن الكثرة قد تكون ضلالا , قال الله تعالى : { و إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله }.(الأنعام : 117) , و أيضا الكثرة من جهة أخرى إذا اغتر الإنسان بكثرة و ظن أنه لن يغلب أو أنه منصور , فهذا أيضا سبب للخذلان , فالكثرة إن نظرنا إلى أن أكثر أهل الأرض ضلال لا تغتر بهم , فلا تقل : إن الناس على هذا , كيف أنفرد عنهم ؟
    كذلك ايضا لا تغتر بالكثرة إذا كان معك أتباع كثيرون على الحق , فكلام المؤلف له وجهان :
    الوجه الأول : أن لا نغتر بكثرة الهالكين فتهلك معهم.
    الوجه الثاني : أن لا نغتر بكثرة الناجين فيلحقنا الإعجاب بالنفس و عدم الزهد في القلة , أي أن لا نزهد بالقلة , فقد تكون القلة خيرا من الكثرة ) وهذا فيه تسلية للدعاة وخصوصاً في هذه الأزمان أزمان غربة الحق .
    7-( نفس الباب السابق ):-
    قال الشيخ ( استعمال المعاريض )
    فقد يحتاج الداعية الى المعاريض والتورية وفيها مندوحة عن الكذب الذي لا يليق بالداعية
    تعريف المعاريض (وأما معناها الاصطلاحي فهو أن يقول القائل كلاماً يظهر منه معنى يفهمه السامع ولكن القائل يريد معنى آخر يحتمله الكلام ، كأن يقول له ليس معي درهم في جيبي فيُفهم منه أنّه ليس معه أي مال أبداً ، ويكون مراده أنه لا يملك درهماً لكن يملك ديناراً مثلاً ، ويسمى هذا الكلام تعريضاً أو تورية )
    ولقد ذكر ابن القيم حالات ووقائع عن السلف الصالح في استعمال المعاريض قال (


    ذُكرعن حماد رحمه الله أنه إذا أتاه من لا يريد الجلوس معه قال متوجعاً : ضرسي ، ضرسي ، فيتركه الثقيل الذي ليس بصحبته خير .


    وأحضر سفيان الثوري إلى مجلس الخليفة المهدي فاستحسنه ، فأراد الخروج فقال الخليفة لا بد أن تجلس فحلف الثوري على أنه يعود فخرج وترك نعله عند الباب ، وبعد قليل عاد فأخذ نعله وانصرف فسأل عنه الخليفة فقيل له إنه حلف أن يعود فعاد وأخذ نعله .


    وكان الإمام أحمد في داره ومعه بعض طلابه منهم المروذي فأتى سائل من خارج الدار يسأل عن المروذي والإمام أحمد يكره خروجه فقال الإمام أحمد : ليس المروذي هنا وما يصنع المروذي ها هنا وهو يضع إصبعه في كفه ويتحدث لأن السائل لا يراه .


    ومن أمثلة التورية أيضاً :


    لو سألك شخص هل رأيت فلاناً وأنت تخشى لو أخبرته أن يبطش به فتقول ما رأيته وأنت تقصد أنك لم تقطع رئته وهذا صحيح في اللغة العربية أو تنفي رؤيته وتقصد بقلبك زماناً أو مكاناً معيناً لم تره فيه ، وكذلك لو استحلفك أن لا تكلم فلاناً : فقلت : والله لن أكلمه ، وأنت تعني أي لا أجرحه لأن الكلم يأتي في اللغة بمعنى الجرح . وكذلك لو أرغم شخص على الكفر وقيل له اكفر بالله ، فيجوز أن يقول كفرت باللاهي . يعني اللاعب ). (إغاثة اللهفان : ابن القيم 1/381 وما بعدها 2/106-107 )
    8-( باب الدعاء الى شهادة أن لا اله الا الله ):-
    قال الشيخ ( ان الدعوة الى الله طريق من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم )
    وفي هذا بيان لفضل الدعوة الى الله تعالى وأنها وظيفة اتباع الرسول ، قال الشيخ صالح ال الشيخ ( فالمتبعون للرسول عليه الصلاة والسلام الموحدون لله : لا بد لهم من الدعوة الى الله ، بل هذه صفته صلى الله عليه وسلم وصفتهم التي أمر الله نبيه أن يخبر عنها ...)
    9- ( نفس الباب السابق ):-
    فال الشيخ ( التنبيه على الإخلاص ، لأن كثيراً من الناس لو دعا الى الحق ، فهو يدعو الى نفسه !!)
    قال ابن تيمية ( لا يجوز قيام الشخص في هوى نفسه لجلب دنيا ، أو دفع مضرة دنيوية ، ويخرج ذلك مخرج الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فان هذا لا يكاد ينجح سعيه !!) (الفتاوى الكبرى 4/156)
    وقال ( لا يجوز الامر بالمعروف والنهي عن المنكر طلباً للسمعة أو الرياء او انتصارا للنفس او لطلب الرياسة لنفسه ولطائفته وتنقيص غيره فان ذلك حمية لا يقبلها الله ) ( منهاج السنة -5/254)
    وقال ( يجب هجر أصحاب البدع والمنكرات والتحذير منهم وذكر مساوئهم وتحذير الناس من شرهم ابتغاء الأجر من الله لا لهوى النفوس !!) وقال ( ويحرم إظهار الغيبة للناس في قالب التعجب او الاغتمام لحال المغتاب أو في صورة غضب لله وإنكار المنكر ، فيذكر من زخارف القول ما يوهم الناس بأن ذلك غضب لله وقصده غير ذلك فان عمله هذا مذموم مردود !!)
    قال ابن عثيمين (
    ومن المعلوم أن الإنسان المؤمن يحزن إذا لم يستجب الناس للحق ، لكنَّ الحازنَ إذا لم يقبل الناس الحق على نوعين :
    1- نوع يحزن لأنه لم يُقبل .
    2- ونوع يحزن لأن الحق لم يُقبل .
    والثاني هو الممدوح لأن الأول إذا دعا فإنما يدعو لنفسه ، والثاني إذا دعا فإنما يدعو إلى الله عزّوجل ، ولهذا قال تعالى : ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ ﴾
    لكن إذا قال الإنسان أنا أحزن ؛ لأنه لم يُقبل قولي ؛ لأنه الحق ولذلك لو تبين لي الحق على خلاف قولي أخذت به فهل يكون محمودًا أو يكون غير محمود ؟
    الجواب : يكون محموداً لكنه ليس كالآخر الذي ليس له همٌ إلا قَبول الحق سواء جاء من قِبَلهِ أو جاء من قِبَل غيره .)
    ( تفسير سورة الكهف 16 -17 )
    وانظر كلامه في القول المفيد على الآيةالتي في الباب ففيها فوائد فرائد !!..،
    قال ابن الجوزي (وقد لبّس إبليسُ على الكاملين في العلوم ، فيسهرون ليلهم ويدأبون نهارهم في تصانيف العلوم ، ويريهم إبليس أنّ المقصود نشر الدين ، ويكون مقصودهم الباطن انتشار الذكر وعلو الصيت ، والرياسة ، وطلب الرحلة من الآفاق إلى المصنف .وينكشف هذا التلبيس ، بأنه لو انتفع بمصنفاته الناس ، من غير تردد[ إليه ] ، أو قُرِئت على نظيره في العلمِ ، فرح بذلك إن كان مراده نشر العلم ، وقد قال بعض السلف : ما من علمٍ عَلَّمْتهُ إلا أحببت أن يستفيده الناس من غير أن ينسب إليَّ .
    ومنهم من يفرح بكثرة الأتباع ، ويلبّس عليه إبليس بأن هذا الفرح لكثرة طلاب العلم ، وإنما مراده كثرة الأصحاب واستطارة الذكر ، ومِنْ ذلك العُجب بكلماتهم وعلمهم ، وينكشف هذا التلبيس بأنه لو انقطع بعضهم إلى غيره ممن هو أعلمُ منه ثَقُلَ ذلك عليه وما هذه صفة المخلص في التعليم ! لأن مَثَلَ المخلص مثل الأطباء الذين يداوون المرضى لله سبحانه وتعالى ، فإذا شفي بعض المرضى على يد طبيبٍ منهم فرح الآخر ؛ وقد ذكرنا آنفًا حديث ابن أبي ليلى ونعيده بإسناد آخر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : أدركت عشرين ومائة من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم - من الأنصار ما منهم رجل يسأل عن شيء إلا وَدَّ أن أخاه كفاه ، ولا يحدث بحديثٍ إلا وَدَّ أن أخاه كفاه .اهـ
    ( تلبيس إبليس ) ص 159-160
    وقال أيضًا :(
    و إني تدبرت أحوال أكثر العلماء والمتزهدين ، فرأيتهم في عقوباتٍ لا يحسون بها ، ومعظمها من قبل طلبهم للرياسة .
    فالعالم منهم يغضب إن رُدَّ عليه خطؤه ، والواعظ مُتْصَنعٌ بوعظه ، و المتزهد منافق أو مُراء .
    فأول عقوباتهم : إعراضهم عن الحق شغلاً بالخلق .
    و من خَفِيِّ عقوباتهم : سلب حلاوة المناجاة ، ولذَّة التعبُّد ؛ إلا رجال مؤمنون ، ونساء مؤمنات ، يحفظ الله بهم الأرض ، بواطنهم كظواهرهم ، بل أجلى ! وسرائرهم كعلانيتهم ، بل أحلى ! وهِمَمُهُم عند الثريا بل أعلى .
    إن عُرِفوا تنكّروا ، وإن رُئيت لهم كرامة أنكروا .
    فالناس في غَفَلاتهم ، وهم في قَطْعِ فَلاَتهم ، تحبهم بقاع الأرض ، وتفرح بهم أملاك السماء )(صيد الخاطر ) ص 49 أطلت في النقولات لاهمية هذا الامر فلنفتش قلوبنا ؟!!
    10- ( الباب نفسه ):-
    قال الشيخ ( أن البصيرة من الفرائض )
    قال ابن عثيمين { ( على بصيرة ) أي : علم ، فتضمنت هذه الدعوة الإخلاص والعلم ، لأن أكثر ما يفسد الدعوة عدم الإخلاص أو عدم العلم وليس المقصود بالعلم في قوله ( على بصيرة ) العلم بالشرع فقط !! بل يشمل العلم بالشرع ، والعلم بحال المدعو ، والعلم بالسبيل الموصل الى المقصود وهو الحكمة ، فيكون بصيراً بحكم الشرع ، وبصيراً بحال المدعو ، وبصيرا بالطريق الموصلة لتحقيق الدعوة ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ( انك تأتي قوما اهل كتاب ) وهذه ليست كلها من العلم بالحكم الشرعي ، لأن علمي أن هذا الرجل قابل للدعوة باللين وهذا قابل للدعوة بالشدة ، وهذا عنده علم يمكن أن يقابلني بالشبهات أمر زائد على العلم بالحكم الشرعي وكذلك العلم بالطرق التي تجلب المدعوين كالترغيب بكذا والتشجيع ، كقوله صلى الله عليه وسلم ( من قتل قتيلا فله سلبه ) او بالتأليف ،فالنبي صلى الله عليه وسلم أعطى المؤلفة قلوبهم في غزوة حنين الى مئة بعير ، فهذا كله من الحكمة فالجاهل لا يصلح للدعوة !! وليس محمودا وليست طريقته طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الجاهل يفسد أكثر مما يصلح ) وهذا كلام نفيس يتبين منه أن فقدان البصيرة في الدعوة يفسد الدعوة ويدمرها ...
    11- ( الباب نفسه ):-
    قال الشيخ ( كون التوحيد أول واجب ، أنه يبدأ به قبل كل شئ حتى الصلاة )
    إذن اول ما يجب على الدعاة دعوة الناس اليه توحيد الله وعبادته لا شريك له ، قال ابن تيمية ( تجب دعوة الناس الى توحيد الله وعبادته قبل دعوتهم الى شئ آخر من الفروع ) (درء التعارض -8-6)
    فيجب على الدعاة أن يصححوا عقائد المسلمين قبل كل شئ ولا يهملوا أو ينشغلوا عن ذلك بما هو دونه من أخلاق أو سياسة أو جرح وتعديل !!
    ومما يلاحظه من يطلع على رسائل الشيخ محمد بن عبدالوهاب، أنه كان في حواره مع خصوم الدعوة وشانئيها يكثر من ضرب الأمثال التصويرية البارعة، حتى يقنعهم بجلال أمر التوحيد، وبشاعة أمر الشرك، ففي حواره الكتابي مع المطاوعة[16] من أهل سدير، والوشم، والقصيم، كان ينعى عليهم استهانتهم ببعض مظاهر الشرك قائلا: " فلا يخفى عليكم ما ملأ الأرض من الشرك الأكبر، عبادة الأصنام: هذا يأتي إلى قبر نبي، وهذا إلى قبر صحابي، كالزبير، وطلحة، وهذا إلى قبر رجل صالح، وهذا يدعوه في الضراء، وفي غيبته، وهذا ينذر له، وهذا يذبح للجن، وهذا يدخل عليه من مضرة الدنيا والآخرة، وهذا يسأله خير الدنيا والآخرة. فإن كنتم تعرفون أن هذا الشرك من جنس عبادة الأصنام الذي يخرج الرجل من الإسلام، وقد ملأ البر والبحر، وشاع وذاع، حتى إن كثيراً ممن يفعله يقوم الليل، ويصوم النهار، و ينتسب إلى الصلاح والعبادة فما بالكم لم تفشوه في الناس ، وتبينوا لهم أن هذا كفر بالله، مخرج عن الإسلام ؟ أرأيتم لو أن بعض الناس أو أهل بلدة، تزوجوا أخواتهم، أو عماتهم، جهلا منهم، أفيحل لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتركهم، لا يعلمهم أن الله حرم الأخوات والعمات؟ فإن كنتم تعتذرون أن نكاحهن أعظم مما يفعله الناس اليوم عند قبور الأولياء والصحابة، وفي غيبتهم عنها، فاعلموا أنكم لم تعرفوا دين الإسلام، ولا شهادة أن لا إله إلا الله. ودليل هذا مما تقدم من الآيات التي بينها لله تعالى في كتابه، وإن عرفتم ذلك فكيف يحل لكم كتمان ذلك والإعراض عنه: " و إذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيينه للناس ولا تكتمونه"[17].(تاريخ نجد -حسين غنام -53 فتأملوا أيها الدعاة رحمكم الله !!
    12- ( الباب نفسه ):-
    قال الشيخ ( التنبيه على التعليم بالتدريج ، البداءة بالاهم فالاهم )
    قال الشيخ صالح ال الشيخ ( من الأخلاق المهمة للداعية التي تكون من خلقه وشخصيته : أن يون مرتباًللأولويات وهذا ما يسمى بتقديم الأهم على المهم أو ما يسميه بعض المعاصرين بفقه الأولويات وهذا صحيح تقديم الأولى على ما هو مادونه .... بعض الناس ممكن أن يبدأ بالدعوة بفرعيات يعني : بمستحبات ويترك الأصول .. لا بد ان يكون الداعية متمرساً في معرفة الأولى فالأولى ...) (كيف تدعو الى الله )
    ومن التطبيقات العملية عند الامام محمد ابن عبدالوهاب هذا المثال الذي ذكره الشيخ صالح ال الشيخ في كتابه هذه مفاهيمنا عند رده على الهالك محمد علوي مالكي ( "الشيخ الأمام محمد بن عبد الوهاب لا ينكر التوسل" : (..والشيخ -رحمه الله- جاهد في إرجاع الناس إلى دينهم الذي جاء به رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وجاهد
    في إقناعهم بأن ما يفعله بعض الناس في زمانه ويدّعونه إسلاماً هو عين ما عليه المشركون الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان كثير من المنتسبين إلى الدين في زمانه عبَّاداً للقبور: يدعون أصحاب القبور استقلالاً من دون الله، ويدعونهم مع الله طلباً للشفاعة منهم والقربى إلى الله زلفى، ويرجونهم دفع المضرات، ورفع المهلكات، وتفريج الكربات كما قال الله عن أشباههم: { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ]الزمر: 3[. ثم هم يقدمون لأولئك المقبورين أصناف القرابين والعبادات التي لا تكون إلا لله جل وعلا: كالذبح، والنذر، وهم يخضعون لأولئك المقبورين الميتين أعظم من خضعانهم في مساجد الله.


    كانوا يستغيثون بالأموات، ويخافونهم خوف السر، ويحبونهم أشد من محبة الله، ويتقربون إليهم أكثر من تزلفهم إلى ربهم، بل نسوا ربهم وذكره، وفشت فيهم مذاهب الإلحاد والزندقة، كمذهب وحدة الوجود،


    وتعظيم الأولياء على الأنبياء، كما قال مقدمهم:


    مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي


    هذا جزء في واقع أسود رآه الشيخ في هذه الديار، فجاهد متوكلاً على ربه مقتفيا سنة النبي صلى الله عليه وسلم حتى في سيرته الجهادية، فنصره الله وأعزه، ومكن له الدين.


    وذلك الواقع الذي وصفنا موجود في أكثر البلدان الإسلامية، والواجب تبصيرهم بالمكفرات الواقعة الكثيرة ثم جهادهم بأنواع الجهاد باليد واللسان والقلب، ولكن اثاقل الناس إلى الأرض، إلا قليلاً.


    هذا الذي ذكر من أصناف الشرك الأكبر كانت محاربته وتغيره، وهداية الناس إلى الإسلام همَّ الشيخ الأول، ثم إن الشيخ - رحمه الله - داع حكيمٌ متروٍ، فإذا كان المخاطب واقعاً في أصناف الشرك فمن غير الحكمة أن ينهاه عن البدع ووسائل الشرك وهو لم يعلم بعدُ أن الشرك موجود بين الناس، بل الواجب أن يبين الشرك ثم إذا استقرت حقيقة الإسلام في قلب العبد وترك وجاهد الشرك الأكبر، فهو سينكر وسائل الشرك؛ لأن العاقل البصير إذا كره شيئاً كره وسائله ودواعيه.!!
    إن السلامة من سلمى وجارتها أن لا تحل على حال بواديها
    فهذا الشاعر القديم عرف هذه الحقيقة، وإليها يهتدي العقلاء، وقد دلت الشريعة إليها وحضت عليها
    قاعدة "سد الذرائع" ).اهـ
    يتبع ....

  2. #2

    افتراضي رد: فقه الدعوة (من مسائل كتاب التوحيد ) للإمام محمد ابن عبدالوهاب (الحلقة الأولى )

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أريد المشاركة

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر المنصورة
    المشاركات
    5,230

    افتراضي رد: فقه الدعوة (من مسائل كتاب التوحيد ) للإمام محمد ابن عبدالوهاب (الحلقة الأولى )

    كنت أتمنى أن تجعل كل فائدة في مشاركة خاصة لها حتى ينضبط الفهم ويعم النفع

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •