الموضوع: هل كان ابن حبّان شيعيّا؟؟؟؟

قرأت في كتاب (الثقات) لابن حبّان (ت354هـ)، نشر دائرة المعارف العثمانية، بحيدر آباد الدكن الهند، الطبعة الأولى، 1393 ه* = 1973م، في الجزء الثامن، الصفحة (456-457) ما يأتي:
(( ومات عليّ بن موسى الرضا بطوس، من شربة سقاه إيّاها المأمون، فمات من ساعته، وذلك في يوم السبت آخر يوم سنة ثلاث ومائتين. وقبره بسناباذ خارج النوقان مشهورٌ يُزارُ، بجنب قبر الرشيد، قد زرتُهُ مرارًا كثيرةً. وما حلّت بي شدّة في وقت مقامي بطوس، فزرتُ قبر عليّ بن موسى الرضا صلوات الله على جدّه وعليه، ودعوت الله إزالتها عنّي إلّا استُجيب لي وزالت عنّي تلك الشدّة. وهذا شيء جرَّبتُه مرارًا، فوجدتُه كذلك، أماتَنا الله على محبّة المصطفى وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم أجمعين )).

أرجو إرشادي في هذه المسألة!

أرجو الإجابة من المتخصصين

أخي الحبيب ، محمد بن حبان البُستي ، ليس شيعياً ، ولعلك فهمت من زيارته قبر موسى بن على الرضا ، أنه "شيعي" ، إن كان ذلك كذلك ؛ فهو ليس كذلك ، فليس هذا يدلُ على التشيع ، ولا صاحب القبر المزار[على بن موسي] ، شيعيٌّ ، حتى تتوهم ذلك .
أما عن صنيع ابن حبان هذا _إن ثبت_ ، فهو محمولٌ على أنه كان يرى أن الدعاء لله يُستجاب _وليس لصاحب القبر_ ، عند أمثال هؤلاء ، ممن جمعوا بين شرف النسب ، وعظيم القدر في العلم والآثر .
وإما أن يكون تقليداً وسنةً كانت متبوعة عندهم ، فقد روي عن شيخه ابن حزيمة وغيره من العلماء ؛ أنهم كان يقصدون بالزيارة قبر [على بن موسى] هذا ، لذا قال الذهبي في :"السير" عنه : "وقد كان قبره مقصودٌ بالزيارة" . وإن كان هذا لا يصح في الجملة .

وهناك رسالة ماجستير للباحث : عبد العزيز عبد الله رشيد ، بعنوان :" آراء ابن حبان في مسائل العقيدة ومنهجه في عرضها".
فإن استطعت أن تظفر بها ، ستجدُ فيها ما يتعلق بالجانب العقدي عند ابن حبان _رحمه الله _ بشكل تفصيلي .

وإليك ترجمة ابن حبان :
http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13053

من المعلوم أن محبة آل البيت رضي الله عنهم قربة عظيمة وعمل صالح ، فكان ابن حبان رحمه الله تعالى يذهب لزيارة قبر الرضا قربة ومحبة للنبي صلى الله عليه وسلم واتباعا لوصيته في آل بيته ؛ فلذلك قال في آخر كلامه : أماتنا الله على محبة المصطفى، وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم أجمعين . ففعله هذا من باب محبة النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته والتقرب إلى الله تعالى بعمل صالح من الثناء على الله ونحوه قبل الدعاء له وجه
ثم الدعاء الذي حصل منه بعد زيارة القبر لم يذكر أنها كانت عند القبر فيحتمل حصولها منه بعد الزيارة ـ هذا احتمال .
وإلا فهذا الفعل من ابن حبان لايوافق عليه وليس من هدي السلف وعلماء المسلمين المتبعين للأثر .
وابن حبان رحمه الله قد وقع في عدد من المخالفات العقدية فمنها تأويله للصفات كما يظهر من صنيعه في صحيحه ومنها أقوال له تشابه أقوال الفلاسفة في مسألة النبوات وغيرها طرد من بلده لأجلها ـ كما أوضح محقق صحيح ابن حبان في المقدمة ـ وقد تأولها له بعض أهل العلم وغير ذلك .
والحاصل : أن هذا الفعل ليس عليه دليل شرعي وإن فعله ابن حبان رحمه الله .
وأما استجابة الدعاء عند القبر فقد يكون بسبب الإخلاص والاضطرار وليس بسبب الدعاء عند القبر .
قال الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم :
لكن الغرض أن نبين هذا القسم الأول وهو تعظيم الأمكنة التي لا خصيصة لها إما مع العلم بأنه لا خصيصة لها أو مع عدم العلم بأن لها خصيصة إذ العبادة والعمل بغير علم منهي عنه كما أن العبادة والعمل بما يخالف العلم منهي عنه ولو كان ضبط هذه الأمور من الدين لما أهمل ولما ضاع عن الأمة المحفوظ دينها المعصومة عن الخطأ ، وأكثر ما تجد الحكايات المتعلقة بهذا عند السدنة والمجاورين لها الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله

وقد يحكى من الحكايات التي فيها تأثير مثل أن رجلا دعا عندها فاستجيب له أو نذر لها إن قضى الله حاجته فقضيت حاجته ونحو ذلك وبمثل هذه الأمور كانت تعبد الأصنام فإن القوم كانوا أحيانا يخاطبون من الأوثان وربما تقضي حوائجهم إذا قصدوها ولذلك يجري لهم مثل ما يجري لأهل الأبداد من أهل الهند وغيرهم .
وربما قيست على ما شرع الله تعظيمه من بيته المحجوج والحجر الأسود الذي شرع الله استلامه وتقبيله كأنه يمينه والمساجد التي هي بيوته وإنما عبدت الشمس والقمر بالمقاييس وبمثل هذه الشبهات حدث الشرك في أهل الأرض وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر وقال : إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل . فإذا كان نذر الطاعات المعلقة بشرط لا فائدة فيه ولا يأتي بخير فما الظن بالنذر لما لا يضر ولا ينفع
وأما إجابة الدعاء فقد يكون سببه اضطرار الداعي وصدق التجائه وقد يكون سببه مجرد رحمة الله له وقد يكون أمرا قضاه الله لا لأجل دعائه وقد يكون له أسباب أخرى وإن كانت فتنة في حق الداعي ، فإنا نعلم أن الكفار قد يستجاب لهم فيسقون وينصرون ويعافون . انتهى.

عندي سؤال إن أذنتم لي: إذا كان ابن حبان من أهل السنة والجماعة كما هو معروف، فهل يخرجه عمله هذا المعبَّر عن بقوله: ((وما حلّت بي شدّة في وقت مقامي بطوس، فزرتُ قبر عليّ بن موسى الرضا صلوات الله على جدّه وعليه، ودعوت الله إزالتها عنّي إلّا استُجيب لي وزالت عنّي تلك الشدّة. وهذا شيء جرَّبتُه مرارًا، فوجدتُه كذلك))، عن دائرة أهل السنة، ويدخله في دائرة التشيع؟ وهل يعدّ هذا الفعل خطأ: شركا أو بدعة، أم أنه فعل صحيح مباح؟ إذا كان شركا أو بدعة، فكيف يعدّ ابن حبان من أهل السنة؟ وإذا كان مباحا، فلماذا ننتقد الشيعة والصوفية على أمثال ذلك من الأعمال؟؟؟

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المستكين

عندي سؤال إن أذنتم لي: إذا كان ابن حبان من أهل السنة والجماعة كما هو معروف، فهل يخرجه عمله هذا المعبَّر عن بقوله: ((وما حلّت بي شدّة في وقت مقامي بطوس، فزرتُ قبر عليّ بن موسى الرضا صلوات الله على جدّه وعليه، ودعوت الله إزالتها عنّي إلّا استُجيب لي وزالت عنّي تلك الشدّة. وهذا شيء جرَّبتُه مرارًا، فوجدتُه كذلك))، عن دائرة أهل السنة، ويدخله في دائرة التشيع؟ وهل يعدّ هذا الفعل خطأ: شركا أو بدعة، أم أنه فعل صحيح مباح؟ إذا كان شركا أو بدعة، فكيف يعدّ ابن حبان من أهل السنة؟ وإذا كان مباحا، فلماذا ننتقد الشيعة والصوفية على أمثال ذلك من الأعمال؟؟؟

أخي الحبيب ؛ ينبغي عليك أن تفرق بين الفعل وفاعله أو الوقوع في البدعة أو الكفر أو الشرك ، والحكم على فاعله_[أي : الفعل]_ بأنه مبتدعٌ أو كافرٌ أو مشركٌ ، أي أن إسقاط المعين ، له لوازمة ومقتضايته بما يصطلح عليه عند عُلماء الأصول بـــــــــ(تحقق الشروط ، وانتفاء الموانع).
كذا لابد أن تعلم أن الأنكار على المتصوفين والمتشيعين ؛ إنما كان لاعتقادهم واحتضانهم منهجاً متكاملاً ، أي أنهم أُغرقوا فيه وعُرفوا به ، وفارقوا أهل السنة والجماعة بــــانتمآءهم له ، وذلك لأنه يخالف عقيدة أهل السنة والجماعة في الأُصول .

لذا لو افترضاً جدلاً؛ أن ابن حبان _رحمه الله_ شاركهم في هذا الخطأ ؛ فلا يُعد به صوفياً أو شيعياً _كما توهمت_ ، وصورة التوسل عند هاتين الفرقتين تزدادُ قبحاً وشكلاً ومضموماً عن تلك التي ذكرت عن ابن حبان .
فالشيعة والصوفية : يدعون ويتضرعون بالأولياء _هكذا يزعمون_ ، ويقولون مثلاً : "يا حسين اشف لي ابني ، اقض لي حاجتي ، يسر أمري" . فهذا شركٌ بالله _جل وعلا_ ، حيث أنه جعل مع الله أنداداً يدعوهم ويرجو النفع ويخشي الضر منهم .

أما ما ذكرته عن ابن حبان_رحمه الله_ ؛ فهو رتبةٌ أخف عن تلك الصورة السالفة ؛ فكل ما في الأمر ؛ أنه ذهب إلى هذا الرجل العالم الصالح _شريف النسب ، عظيم العلم والآثر_ ليدعو الله عند قبره _ لا ليستغيث به ، أو أن يصرف الدعاء له_ ، وهذا ما يصطلحُ عليه بــــــــــ[التبرك بالصالحين].

وإن كان هذا الفعل لم يُأثر عن السلف _رضي الله عنهم جميعاً_ ؛ فلا ينبغي الحكم على فاعله بأنه صوفي أو شيعي ؛_لمجرد فعلٍ ما ، ربما فعله بضربٍ من التأويل أو التعليل_كما ذكرتُ سالفاً_ وذلك ؛ لأن التصوف والتشيع ؛ منهجٌ متكاملٌ ، معلومٌ الملامح والمبادئ ، يُشهر به صاحبه ، ويبدو عليه قبل أن ينطق ، عند أهل المعرفة والعلم من أهل السنة والجماعة .

لذا لا سبيل لنا الآن _أخي الحبيب_ إلى معرفة أن فلاناً _سلف عنَّا_متصوفاً أو متشيعاً ؛ إلَّا بـــحكم العلماء الأقدمين المعاصرين له ، والذين أتوا من بعده [ عليه] ...فهم ينظرون في منهج الرجل _بشيءٍ من الإنصاف_ ، ويزنون منهجهُ ، بمنهج أهل السنة والجماعة ؛ ثم يحكمون عليه الحكم الذي يستحقه ؛ لا ظلم ولا جور..!!

بارك الله فيك يا أخي.
ولكن يبقى أن أسأل: هل يجوز أن أتبرّك أنا مثلًا بأحد الصالحين، وليكن الكاظم أو الرضا أو غيرهما، وأفعل تماما كما فعل ابن حبان فيما حكاه عن نفسه هو في كتابه هو (الثقات)، فقد راجعت النص ووجدته كما ذكره الأخ الصلاحي.

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المستكين

بارك الله فيك يا أخي.
ولكن يبقى أن أسأل: هل يجوز أن أتبرّك أنا مثلًا بأحد الصالحين، وليكن الكاظم أو الرضا أو غيرهما، وأفعل تماما كما فعل ابن حبان فيما حكاه عن نفسه هو في كتابه هو (الثقات)، فقد راجعت النص ووجدته كما ذكره الأخ الصلاحي.

أخي الحبيب ، التبرك بــــــــــ[الصــــــــــــ ـــــــــالحـــ ــــــــــيــــ ــــــــــــــن وآثارهــم] ؛ لا يجوز شرعاً ، عند علماء أهل السنة والجماعة .

إذن ابن حبّان قام بعمل غير جائز شرعًا، مع أنه من العلماء، فهل يُعذَرُ العالم، ويُبدَّعُ العاميّ الأمّيّ الجاهل؟؟؟
أرجو ألّا تتضايق من أسئلتي أخي أبا عاصم، وثق أنني لم ولن أتبرّك بشيء حتى لو كان جائزًا؛ لأنّني مؤمن أنّ الله قريب من عباده، وأنه يجيب دعوة المضطرّ إذا دعاه، وأنّه سميع الدعاء، ولكن أنا أتعجّب من تشنيعنا على الأمّيّ الجاهل الذي هو قاصر عن معرفة الحق، في الوقت الذي نتلمّس الأعذار للعلماء الذين يمتلكون وسائل المعرفة والبحث عن الحقيقة!!

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المستكين

إذن ابن حبّان قام بعمل غير جائز شرعًا، مع أنه من العلماء، فهل يُعذَرُ العالم، ويُبدَّعُ العاميّ الأمّيّ الجاهل؟؟؟
أرجو ألّا تتضايق من أسئلتي أخي أبا عاصم، وثق أنني لم ولن أتبرّك بشيء حتى لو كان جائزًا؛ لأنّني مؤمن أنّ الله قريب من عباده، وأنه يجيب دعوة المضطرّ إذا دعاه، وأنّه سميع الدعاء، ولكن أنا أتعجّب من تشنيعنا على الأمّيّ الجاهل الذي هو قاصر عن معرفة الحق، في الوقت الذي نتلمّس الأعذار للعلماء الذين يمتلكون وسائل المعرفة والبحث عن الحقيقة!!

جوابك في [المشـــــــــــ ـــــــــــــــ ــاركــــــــــ ـــــــــــــــ ــــة الثــــــــــــ ـــــــــــــــ انيــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــة] لي . بارك فيك .