تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: أقسام صفات الله وشرحها :

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    Post أقسام صفات الله وشرحها :

    بسم الله وبعد :
    تنقسم الصفات إلى ذاتية وفعلية،
    ق 1/ فأما الصفات الفعلية : فهي من صفات الله تعالى منذ الأزل، إلا أنها قديمة النوع حديثة الآحاد، بحيث تتعلق بالمشيئة الإلهية، إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها، كصفة الخلق والكلام والرزق والإحياء والإماتة والهداية والغضب والرضا والضحك ونحوها كما قال تعالى : {قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ } وقوله {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } وقوله {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ } وقوله: {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} وقوله : {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ}
    ومعنى كون الصفات الفعلية قديمة النوع : أي أنها صفات أزلية في ذات الله تعالى، وإن لم يفعلها في الأزل، فالله تعالى من صفاته الفعلية: الخلق والرزق والإحياء والإماتة... فهي صفات أزلية وإن لم يخلق بعد، ولم يرزق ولم يحي ويميت، وذلك قبل أن يُوجد مخلوقاته كلها كما سيأتي.
    ومعنى كونها حادثة الآحاد : فهي أن الله تعالى لما ابتدأ خلق كونه من عدم، صار كل يوم في شأن ، يميت هذا ويخلق هذا ويحيي هذا ويرزق هذا ويمنع هذا ، كما قال تعالى {ويفعل الله ما يشاء}... وقال تعالى : {كل يوم هو في شأن}،
    وكذلك صفة الكلام فهي قديمة النوع موجودة في ذات الله تعالى، إلا أن آحادها محدَث، ولا يقال مخلوق، فالله تعالى من صفاته الأزلية الكلام، فهو يتكلم متى شاء وكيف شاء ومع من شاء، ويسكت إذا شاء، كما قال تعالى : { وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) }[طه]، وقال أيضا: { مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) }[الأنبياء]، وقال : { وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) [الشعراء]، وقد قال الإمام أحمد وغيره من الأئمة : "لم يزل الله عز وجل متكلماً إذا شاء ، وهو يتكلم بمشيئته وقدرته ، يتكلم بشئ بعد شئ ، كما قال تعالى { فلما أتاها نودي يا موسى } [ طه 11 ] فناداه حين أتاها لم يناده قبل ذلك ".
    إلا أن الله تعالى : {ليس كمثله شيء }، ألا ترى أن الإنسان لا يُسمى مخترعا ولا صانعا ولا كذا ... حتى يخترع أو يصنع شيئا، وأما الله تعالى فهو الخالق الرازق المحيي المميت ... ولو قبل أن يُوجد شيئا من مخلوقاته .
    بخلاف قول الجهمية الذين يروْن بأن هذه الصفات مخلوقة وحديثة، تشبيها منهم لله تعالى بمخلوقاته، وبالتالي يزعمون بأن الله تعالى لم يكن متصفا بهذه الصفات حتى أوجد هذه الأفعال ثم حدثت فيه، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا، وقد رد عليهم بعض الدهريين بالغلط، فزعموا بأن العالم أيضا قديم النوع لأن صفات الله قديمة النوع، وقد رددت عليهم في مبحث مستقل أسميته:" قصة بدإ الخلق أولا فأولا "
    ق2/ وأما الصفا الذاتية : فهي قديمة النوع أيضا ، إلا أنها لا تتعلق بالمشيئة أبدا، لأنها لا تنفك عن ذات الله تعالى ولو طرفة عين أو أقل من ذلك، سواء أكانت :
    1- صفات ذاتية معنوية : وذلك كصفة العلم والقدرة والعظمة والجبروت والعزة والحياة والقيومية ... لا يحل أن يقال مثلا: إن شاء الله علم وقدر وحيي وقام، وإن شاء لم يعلم ولم يقدر ولم يحيَ ولم يقم، لأنها لا تنفك عن الذات أبدا، كما قال الله تعالى : {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ } وقال أيضا: { قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى }، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل بالنهار وعمل النهار بالليل».
    2- وكذلك الأمر في الصفات الذاتية الخبرية (أبعاض): كصفة اليد والقدم والعين والبصر والسمع والأصابع ...
    فالله تعالى دوما سميع بصير ... وله يدان وعينان وأصابع ... لا تنفك عنه أبدا، بمعنى أنه لا يقال : إن شاء علم وقدر وأبصر وسمع، وإن شاء لم يعلم ولم يقدر ولم يُبصر بل هو عليم قدير بصير أبدا ، وهكذا، وإن لم يوجد شيء من مخلوقاته .
    فالله تعالى هو الأول والمبدئ ، كان وحده ولم يكن شيء غيره ولا معه، وهو مع ذلك لم يزل ولا يزال بجميع صفاته سميعا بصيرا حكيما، خلاقا قويا عليما، وإن لم يوجد شئ من مخلوقاته بعد، إذ لا يُقاس الله تعالى بعباده أبدا، فلا يقال: أنه لا يُسمى الصانع صانعا حتى يصنع وهكذا، تعالى الله عن قياس عباده عليه علوا كبيرا، قال الإمام أحمد في رده على الجهمية:" ولا نقول إنه تعالى كان ولا يتكلم حتى خلق الكلام، ولا نقول إنه قد كان لا يعلم حتى خلق علما فعلم، ولا نقول إنه قد كان ولا قدرة له حتى خلق لنفسه القدرة ولا نقول إنه قد كان ولا نور له حتى خلق لنفسه نورا ولا نقول إنه قد كان لا عظمة له حتى خلق لنفسه عظمة "، وقال الآجري في الشريعة: باب ذكر الإيمان بأن القرآن كلام الله عز وجل وأن كلامه جل وعلا ليس بمخلوق، ثم قال:" لم يزل الله تعالى عالما متكلما سميعا بصيرا بصفاته قبل خلق الأشياء، من قال غير هذا فقد كفر"، وذكر هذا الكلام الطحاوي في عقيدته وابن القيم في معرض رده على من قال بالتسلسل وقدم العالم.
    قال الطحاوي في عقيدته (34):" ما زال - الله- بصفاته قديما قبل خلقه، لم يزدد بكونهم شيئا، لم يكن قبلهم من صفته، وكما كان بصفاته أزليا كذلك لا يزال عليها أبديا ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم ( الخالق ) ولا بإحداثه البرية استفاد اسم ( الباري ) له معنى الربوبية ولا مربوب ومعنى الخالق ولا مخلوق وكما أنه محيي الموتى بعدما أحيا استحق هذا الاسم قبل إحيائهم كذلك استحق اسم الخالق قبل إنشائهم ".
    وما أروع ما قاله ابن القيم في البدائع (1/162) :" أن أفعال الرب تبارك وتعالى صادرة عن أسمائه وصفاته، وأسماء المخلوقين صادرة عن أفعالهم، فالرب تبارك وتعالى أفعاله عن كماله، والمخلوق كماله عن أفعاله، فاشتقت له الأسماء بعد أن كمل بالفعل، [وأما] فالرب لم يزل كاملا فحصلت أفعاله عن كماله، لأنه كامل بذاته وصفاته، فأفعاله صادرة عن كماله، كمل ففعل، والمخلوق فعل فكمل الكمال اللائق به ".
    بل إن الإمام أبا نعيم قال في الحلية (5/346):" فأخبر أنهم – المشركين- عاملون قبل أن يعملوا، وأخبر أنه معذبهم قبل أن يخلقوا،... ثم قال:" ولقد أعظم بالله الجهل من زعم أن العلم كان بعد الخلق، بل لم يزل الله وحده بكل شيء عليما، وعلى كل شيء شهيدا، قبل أن يخلق شيئا، وبعدما خلق، لم ينقص علمه في بدئهم، ولم يزد بعد أعمالهم، ولا بحوائجه التي قطع بها دابر ظلمهم، ولا يملك إبليس هدى نفسه، ولا ضلالة غير".
    وهو إجماع من جميع المسلمين، وحتى المشركين، إلا الدهريين والجهمية الملحدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
    كتبه أبو عيسى زياني

  2. افتراضي رد: أقسام صفات الله وشرحها :

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياني مشاهدة المشاركة
    2- وكذلك الأمر في الصفات الذاتية الخبرية (أبعاض): كصفة اليد والقدم والعين والبصر والسمع والأصابع ...
    أخي الفاضل : صفات الله توقيفية
    ولم يرد في النقل الصحيح أن الصفات الذاتية الخبرية أبعاض
    ولا يجوز أن نقول أن يد الله وقدمه وأصابعه أبعاض أو أعضاء أو أعيان أو أجزاء في الذات الإلهية لعدم ورود النص على ذلك

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    افتراضي رد: أقسام صفات الله وشرحها :

    بارك الله فيك أخي ، وشكرا على حرصك ، قصدت من ذلك ما قاله الشيخ ابن عثيمين في القواعد المثلى بأن مسمياتها أبعاض لنا، كما أني لم أنطق بالأعضاء ونحوها ، وأما إطلاق البعض فهذا جزء كتبته في بحث سابق لي :
    "قال ابن تيمية في الفتاوى الكبري 6/405،..:" قال نعيم بن حماد: لا يقال بعضه على العرض، وبعضه على الأرض، يدرك بالآيات ويثبت بالعلامات هو الكبير المتعال تبارك وتعالى"، قال ابن تيمية:" وهو ـ نعيم ـ قد نفى تبعيضه بالمعنى الذي فسره، وهذا ما لا يستريب فيه المسلمون، وهذا مما دل عليه قوله تعالى:{ قل هو الله أحد * الله الصمد }..، ولا ريب أن لفظ البعض والجزء والغير ألفاظ مجملة فيها إيهام وإبهام فإنه قد يقال ذلك على ما يجوز أن يوجد منه شيء دون شيء بحيث يجوز أن يفارق بعضه بعضا وينفصل بعضه عن بعض أو يمكن ذلك فيه،كما يقال: حد الغيرين ما جاز مفارقة أحدهما للآخر كصفات الأجسام المخلوقة من أجزائها وأعراضها فإنه يجوز أن تتفرق وتنفصل والله سبحانه منزه عن ذلك كله مقدس عن النقائص والآفات"،
    الباب الثاني: ذكر المعنى الجائز : فقد قال ابن تيمية في الفتاوى أيضا:" وقد يراد بذلك ما يُعلَمُ منه شيء دون شيء،، فيكون المعلوم ليس هو غير المعلوم وإن كان لازما له لا يفارقه، والتغاير بهذا المعنى ثابت لك موجود، فإن العبد قد يعلم وجود الحق ثم يعلم أنه قادر ثم أنه عالم ثم أنه سميع بصير، وكذلك رؤيته تعالى كالعلم به، فمن نفى عنه وعن صفاته التغاير والتبعيض بهذا المعنى فهو معطل جاحد للرب فإن هذا التغاير لا ينتفي إلا عن المعدوم، وهذا قد بسطناه في كتاب بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية في الكلام على سورة الإخلاص وغير ذلك بسطا بينا، ومن علم ذلك زالت عنه الشبهات في هذا الباب، فقول السلف والأئمة ما وصف الله من الله وصفاته منه وعلم الله من الله وله نحو ذلك مما استعملوا فيه لفظ" من" وإن قال قائل معناها التبعيض فهو تبعيض بهذا الإعتبار، كما يقال إنه تغاير بهذا الاعتبار ثم كثيرا من الناس يمتنع أو ينفي لفظ التغاير والتبعيض ونحو ذلك وبعض الناس لا يمتنع من لفظ التغاير ويمتنع من لفظ التعيض وبعضهم لا يمتنع من اللفظين إذا فسر المعنى وأزيلت عنه الشبهة والإجمال الذي في اللفظ"، وقال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (2/567):" وأما إذا قيل المراد بالإنقسام أو التركيب أن يتميز منه شيء عن شيء مثل تميز علمه عن قدرته أو تميز ذاته عن صفاته أو تميز ما يرى منه عما لا يرى، كما قاله السلف في قوله تعالى:{لا تدركه الأبصار..}، قالوا: لا تحيط به، وقيل لابن عباس رضي الله عنه: أليس الله تعالى يقول:{ لا تدركه الأبصار} قال: ألست ترى السماء قال بلى قال أفكلها ترى قال لا فذكر أن الله يرى ولا يدرك أي لا يحاط به ونحو ذلك.."، ثم قال:" فهذا الوجه من الإمتياز متفق على إثباته، كما أن الأول متفق على نفيه، وأما الإمتياز في نفس الأمر من غير قبول تفرق وانفصال، كتميز العلم عن القدرة وتميز الذات عن الصفة وتميز السمع عن البصر وتميز ما يرى منه عما لا يرى ونحو ذلك وثبوت صفات له وتنوعها، فهذا مما تنفيه الجهمية نفاة الصفات، وهو مما أنكر السلف والأئمة نفيهم له، كما ذكر ذلك أئمة المسلمين المصنفين في الرد على الجهمية كالإمام أحمد رضي الله عنه في رده على الجهمية وغيره من أئمة المسلمين.."،
    ومن الأدلة على ذلك :
    فقال ابن تيمية: وهذا متواتر عن هؤلاء، وممن رواه الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل في كتاب السنة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد بن عبيد بن عمير { وإن له عندنا لزلفى } قال ذكر الدنو منه حتى أنه يمس بعضه"، وكذلك خرجه الخلال أيضا في السنة 320 ، وخرجه عن عبيد بن عمير ( وإن له عندنا لزلفى ) قال: « يقول الرب عز وجل لداود : أدنه حتى يضع بعضه على بعضه»، هذا أثر صحيح، وقد رواه الحسن بن عرفة نا علي بن ثابت الجزري عن المكيين عمرو بن دينار وغيره في قوله:{ وإن له عندنا لزلفى وحسن ماب } قال:" لا يزال يدنيه حتى يمس بعضه"،
    وعن عكرمة عن ابن عباس قال : إذا أراد الله أن يخوف عباده أبدا عن بعضه للأرض فعند ذلك تزلزلت، وإذا الله أن يدمدم على قوم تجلى لها عز وجل"،
    وعن ابن عباس في قول الله عز وجل فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا قال ما يرى منه إلا بقد طرف الخنصر"،
    عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى { فلما تجلى ربه للجبل } قال: قال هكذا، يعني أنه أخرج طرف الخنصر"، وللحاكم:" ووضع الإبهام على مفصل الخنصر الأيمن"، قال عبد الله: قال أبي: أرانا معاذ، قال: فقال له حميد الطويل: ما تريد إلى هذا يا أبا محمد؟ قال: فضرب صدره ضربة شديدة وقال: من أنت يا حميد، وما أنت يا حميد، يحدثني به أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم فتقول أنت ما تريد إليه"، وفي لفظ للحاكم في مستدركه:" بدا منه قدر هذا"، ولابن خزيمة في التوحيد1/259 :" وأشار بالخنصر من الظفر يمسكه بالإبهام"،
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية مستدلا على إطلاق لفظ البعض: وقال الإمام أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب السنة حدثنا فضيل بن سهل حدثنا عمرو بن طلحة القناد حدثنا أسباط بن نصر عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: { ولقد رآه نزلة أخرى } قال إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقال له رجل: أليس قد قال الله تعالى: { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار } فقال له عكرمة أليس ترى السماء؟ قال بلى قال أفكلها ترى؟ "،
    قاله شيخ الإسلام ابن تيمية:" ففي هذه أن عكرمة أخبر قدام ابن عباس أن إدراك البصر هي رؤية المدرك كله دون رؤية بعضه، فالذي يرى السماء ولا يراها كلها ولا يكون مدركا لها وجعل هذا تفسيرا لقوله : { لا تدركه الأبصار } وأقره ابن عباس على ذلك، ومع هذا هؤلاء الذين نقل عنهم هذا اللفظ فقد نقل عنهم أيضا إنكار تبعضه سبحانه وتعالى وبين الناقلون معنى ذلك"،

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: أقسام صفات الله وشرحها :

    أخي زياني بارك الله فيك، لا يجوز أن نطلق على صفات الله سبحانه وتعالى أنها أبعاض، وما نقلته عن ابن تيمية رحمه الله ليس فيه إقرارا لما قلته أنت؛ وإنما ابن تيمية وغيره من أئمة السلف طريقتهم في الألفاظ المستحدثة التي لم ترد في الكتاب والسنة، أنها لا ترد مطلقًا ولا تقبل مطلقًا
    بل يُستفصل عنها ويسأل عن معناها.

    فإن أهل الكلام قد استعملوا ألفاظًا مستحدثة يستخدمونها في حق الله تعالى؛ كالجهة، والمكان، والحد، والبعض، وغير ذلك، فهذه ألفاظ استحدثها أهل الكلام، لم ترد في الكتاب والسنة.
    فما هو الواجب نحو هذه الألفاظ؟
    الواجب نحو هذه الألفاظ أن يُستفصل عنها، ويُسأل قائلها عن تفسيرها وقصده من إطلاقها، فإن أراد حقًّا قُبل، وإن أراد باطلًا رُدَّ.
    فمن استعمل لفظ (الجهة) يقال له: ماذا تعني بقولك: (الله في جهة)؟ فإن قال: أعني أن الله في جهة مخلوقة يحوطه شيء من مخلوقاته ردَّ عليه اللفظ والمعنى؛ لأنه معنى باطل لا يجوز في حق الله.
    وإن قال: أعني أن الله تعالى عالٍ فوق خلقه مستوٍ على عرشه، قُبل منه هذا المعنى ورُدَّ اللفظ؛ لأنه لم يرد في الكتاب والسنة.
    ومن استعمل لفظ (الحد) يقال له: ماذا تعني بالحد؟ فإن قال: أعني أن الله محدود بشيء من مخلوقاته رُدَّ عليه اللفظ والمعنى؛ لأنه معنى باطل.
    وإن قال: أعني أن الله تعالى بائن عن خلقه، لا يدخل فيه شيء من مخلوقاته؛ قُبل هذا المعنى ورُدَّ عليه اللفظ؛ لأنه لم يرد في الكتاب والسنة.
    وإن قال بأن صفات الله أبعاض، قيل له: ماذا تعني بقولك: أبعاض؛ هل تعني أنها كصفات المخلوقين؟ فإن قال: نعم، قيل هذا معنى باطل، وإن قال: بل أريد إثبات صفات الله تعالى، قيل له: المعنى صحيح، ولكن نحن ملتزمون بألفاظ الكتاب والسنة. وهكذا في جميع الألفاظ المستحدثة.
    والسلف عليهم رحمة الله تبارك وتعالى كانوا يراعون لفظ القرآن الكريم والحديث الشريف فيما يثبتونه أو ينفونه عن الله تعالى، وأسمائه وصفاته وأفعاله، ولا يأتون بلفظ مبتدع في النفي والإثبات، بل كل معنى صحيح فهو موجود فيما أخبر الله تعالى به عن نفسه سبحانه وتعالى، أو أخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    افتراضي رد: أقسام صفات الله وشرحها :

    بارك الله فيك يا أحي محمد :
    ذكرتَ أخي أن مثل هذه الألفاظ ( حد ، جهة ، بعض ... ) مما يُستفصل في معناها، ولا يُقبل منها إلا المعنى الحسن، وأنا إنما أعتقد بالمعنى الحسن منها، ولا يحل تشبيه الله بخلقه أبدا .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: أقسام صفات الله وشرحها :

    وأما قولك: (أي أنها صفات أزلية في ذات الله تعالى؛ وإن لم يفعلها في الأزل). فهذا القول لا يجوز في حق الله تعالى؛ لأن معناه أن صفات الله تعالى كانت معطلة في الأزل، وهذا مما نفاه أهل السنة والجماعة وردوه على أهل الكلام؛ وقد تكلم في هذا الأمر أئمة أهل السنة والجماعة، وتوسعوا فيه، واقرأ هذا الكلام للشيخ الغصن، حيث قال في كتابه "دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية": (ويلزم من قول المتكلمين لوازم فاسدة منها:
    1 - أن الله عزّ وجل لم يزل معطلاً عن الفعل: إما أن يكون غير قادر على الفعل ثم صار قادراً عليه من غير تجدد سبب يوجب له القدرة على الفعل.
    وإما أن يكون الفعل ممتنعاً في الأزل ثم صار ممكناً من غير سبب اقتضى إمكانه، وهذا يستلزم الانقلاب من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي.
    2 - وصف الله بالعجز والتعطل عن الفعل مدة لا تقاس بها مدة فاعليته، وهذا نقص يجب تنزيه الله عنه.
    3 - أن الحادث إذا حدث بعد أن لم يكن محدثاً فلا بد أن يكون ممكناً، والإمكان ليس له وقت محدود، فما من وقت يقدّر إلا والإمكان ثابت قبله، فليس لإمكان الفعل وصحته مبدأ ينتهي إليه فيجب أنه لم يزل الفعل ممكناً جائزاً فيلزم جواز حوادث لا نهاية لها.
    وأما القول بأن الإرادة لذاتها هي التي تقتضي التخصيص فهو قول باطل؛ ذلك أن الإرادة التي يعرفها الناس من أنفسهم لا توجب ترجيحاً إلا بمرجح، والإرادة إذا استوت نسبتها إلى جميع المرادات وأوقاتها وصفاتها وأشكالها، كان ترجيح الإرادة لمثلٍ على مثل ترجيحاً من غير مرجح، وهذا ممتنع لمن تصوره.
    ويقال لهم أيضاً: إن إرادة الإنسان أحد الشيئين ليست هي إرادته للآخر، سواء ماثله أو خالفه، فضلاً عن أن تكون إرادة واحدة نسبتها إلى المثلين سواء، وهي ترجح أحدهما بلا مرجح.
    والقادر المختار ذو القدرة التامة هو الذي إذا أراد الفعل إرادة جازمة: لزم من ذلك وجود الفعل، وصار واجباً بغيره لا بنفسه، كما قال المسلمون: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وما شاءهُ سبحانه فهو قادر عليه، فإذا شاء شيئاً حصل مراداً له - وهو مقدور عليه - فيلزم وجوده.
    وما لم يشأ لم يكن، فإنه لم يرده - وإن كان قادراً عليه - لم يحصل المقتضى التام لوجوده فلا يجوز وجوده.
    ويستدل أهل السنة على هذا بقوله سبحانه وتعالى: { ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [البروج: 15 - 16] ، وأن هذه الآية تدل على أمور:
    1 - أنه تعالى يفعل بإرادته ومشيئته.
    2 - أنه لم يزل كذلك، فقد ساق الله ذلك في معرض الثناء، وعدم فعله لما يريد في وقت من الأوقات نقص من ذلك الكمال وقد قال عزّ وجل { أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}: [النحل: 17] .
    3 - أنه إذا أراد أي شيء فإنه يفعله؛ لأن (ما) موصولة عامة أي: يفعل كل ما يريد أن يفعله.
    4 - أن فعله وإرادته متلازمان، فما أراد أن يفعله فعله، وما فعله فقد أراده، بخلاف المخلوق فإنه يريد ما لا يفعل، وقد يفعل ما لا يريد، فما ثم فعال لما يريد إلا الله وحده.
    5 - إثبات إرادات متعددة بحسب الأفعال، وأن كل فعل له إرادة تخصه، فشأنه سبحانه أنه يريد على الدوام، ويفعل ما يريد.
    6 - أن كل ما صح أن تتعلق به إرادته، جاز أن يفعله، فإذا أراد أن ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، وأن يجيء يوم القيامة لفصل القضاء، وأن يري عباده المؤمنين نفسه لم يمتنع عليه فعله فهو الفعال لما يريد، وإنما تتوقف صحة ذلك على إخبار الصادق به.
    وبعد مناقشات طويلة من قبل شيخ الإسلام رحمه الله تجاه القائلين بامتناع حوادث لا أول لها يأتي حكمه رحمه الله على هذه الطريقة بقوله: (وامتناع حوادث لا أول لها، طريقة مبتدعة في الشرع باتفاق أهل العلم بالسنة، وطريقة مخطرة مخوفة في العقل، بل مذمومة عند طوائف كثيرة، وإن لم يعلم بطلانها لكثرة مقدماتها وخفائها... وهي طريق باطلة في الشرع والعقل عند محققي الأئمة، العالمين بحقائق المعقول والمسموع).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: أقسام صفات الله وشرحها :

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياني مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك يا أحي محمد :
    ذكرتَ أخي أن مثل هذه الألفاظ ( حد ، جهة ، بعض ... ) مما يُستفصل في معناها، ولا يُقبل منها إلا المعنى الحسن، وأنا إنما أعتقد بالمعنى الحسن منها، ولا يحل تشبيه الله بخلقه أبدا .
    أخي زياني بارك الله فيك؛ فإنك وإن قصدت المعنى الحسن منها، فلا يجوز لك أن تستعملها؛ وإنما العلماء يقولون: بأنه يقال لقائلها الذي أراد منها المعنى الحسن: ما أردته صحيح ولكن نستعمل ألفاظ الكتاب والسنة؛ وانظر إلى قول أبي العز الحنفي في شرحه للطحاوية تحت قول الإمام الطحاوي:
    ( وتعالى عن الحدود والغايات ، والأركان والأعضاء والأدوات ، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات ) .
    قال:
    ش : أذكر بين يدي الكلام على عبارة الشيخ رحمه الله مقدمة ، وهي : أن الناس في إطلاق مثل هذه الألفاظ ثلاثة أقوال : فطائفة تنفيها ، وطائفة تثبتها ، وطائفة تفصل ، وهم المتبعون للسلف ، فلا يطلقون نفيها ولا إثباتها إلا إذا بين ما أثبت بها فهو ثابت ، وما نفي بها فهو منفي . لأن المتأخرين قد صارت هذه الألفاظ في اصطلاحهم فيها إجمال وإبهام ، كغيرها من الألفاظ الاصطلاحية ، فليس كلهم يستعملها في نفس معناها اللغوي . ولهذا كان النفاة ينفون بها حقا وباطلا ، ويذكرون عن مثبتيها ما لا يقولون به ، وبعض المثبتين لها يدخل فيها معنى باطلا ، مخالفا لقول السلف ، ولما دل عليه الكتاب والميزان . ولم يرد نص من الكتاب ولا من السنة بنفيها ولا إثباتها ، وليس لنا أن نصف الله تعالى بما لم يصف به نفسه ولا وصفه به رسوله نفيا ولا إثباتا ، وإنما نحن متبعون لا مبتدعون .

    فالواجب أن ينظر في هذا الباب ، أعني باب الصفات ، فما أثبته الله ورسوله أثبتناه ، وما نفاه الله ورسوله نفيناه . والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي ، فنثبت ما أثبته الله ورسوله من الألفاظ والمعاني . وأما الألفاظ التي لم يرد نفيها ولا إثباتها فلا تطلق حتى ينظر في مقصود قائلها : فإن كان معنى صحيحا قبل ، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص ، دون الألفاظ المجملة ، إلا عند الحاجة ، مع قرائن تبين المراد والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها ، ونحو ذلك .

    والشيخ رحمه الله أراد الرد بهذا الكلام على المشبهة ، كداود الجواربي وأمثاله القائلين : إن الله جسم ، وإنه جثة وأعضاء وغير ذلك ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا؛ فالمعنى الذي أراده الشيخ رحمه الله من النفي الذي ذكره هنا حق ، لكن حدث بعده من أدخل في عموم نفيه حقا وباطلا ، فيحتاج إلى بيان ذلك . وهو : أن السلف متفقون على أن البشر لا يعلمون لله حدا ، وأنهم لا يحدون شيئا من صفاته .
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •