بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام الشافعي رحمه الله في " اختلاف الحديث " وفي " مسنده " : أخبرنا مسلم بن خالد ، عن ابن جريج ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن يحيى بن حاطب حدثه قال : توفي حاطب فأعتق من صلى من رقيقه وصام ، وكانت له أمة نوبية قد صلت وصامت ، وهي أعجمية لم تفقه ، فلم ترعه إلا بحملها ، وكانت ثيبا ، فذهب إلى عمر فحدثه ، فقال له عمر : لأنت الرجل الذي لا يأتي بخير ، فأفزعه ذلك ، فأرسل إليها عمر فقال : أحبلت ؟ فقالت : نعم ، من مر عرس بدرهمين ، فإذا هي تسهل بذلك ولا تكتمه ، قال : وصادف عليا وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ، فقال : أشيروا علي ، قال : وكان عثمان جالسا فاضطجع ، فقال علي وعبد الرحمن : قد وقع عليها الحد ، فقال : أشر علي يا عثمان ، فقال : قد أشار عليك أخواك ، فقال : أشر علي أنت ، قال : أراها تسهل به ، كأنها لا تعلمه ، وليس الحد إلا على من علمه ، فقال عمر : صدقت صدقت ، والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علمه ، فجلدها عمر مائة ، وغربها عاما .
وأخرجها البيهقي في"معرفة السنن الآثار" (12/326) وفي " السنن الكبرى " ( 8/415) فقال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي،- وفي معرفة الآثار" وأبو زكريا- ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأ الربيع بن سليمان، أنبأ الشافعي... به
وأخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" فقال: أنا القاضي أبو بكر الحيري ، نا محمد بن يعقوب الأصم ، أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي .. به
وأخرجه أيضا أبو زيد عمر بن شبه النميري البصري في" تاريخ المدينة" ( 3/ 851 ط دار الفكر) من طريقين الأول قال: حدثنا سريج بن النعمان ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن عروة ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، قال : توفي حاطب وأعتق كل من صام وصلى من رقيقه ، وكانت فيهم امرأة سوداء لم تفقه ، فلم يرعه إلا حملها ، فجاء عبد الرحمن إلى عمر رضي الله عنه فزعا فأخبره ،
فقال : لأنت الرجل لا تأتي بخير ، وأفزعه ذلك ، فسأل الجارية : ممن حملك ؟ فقالت : من مرعوش بدرهمين تستهل به فصادف ذلك عنده عثمان وعليا وعبد الرحمن بن عوف ، فقال : أشيروا علي ، فقال عبد الرحمن وعلي رضي الله عنهما : قد وجب عليهما الرجم فقال : أشر علي يا عثمان ، فقال : قد أشار عليك أخواك ، قال : وأنت فأشر ، فقال : أراها تستهل به كأنها لا تعلمه ، وإنما الحد على من علمه ، فجلدها مائة وغربها ، وقال : صدقت ، والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علمه.
وهذا سند صحيح .
والثاني : حدثنا هارون بن معروف قال، حدثنا محمد بن سلمة قال،أنبأنا محمد بن إسحق، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه .. به
وهذا السند صحيح أيضاً ومحمد بن اسحاق هو صاحب المغازي وهو مدلس وقد عنعن إلا أنه تابعه عروة .
فقه الأثر:
قال الشافعي : فخالف عليا وعبد الرحمن ، فلم يحدها حدها عندهما ، وهو الرجم ، وخالف عثمان أن لا يحدها بحال ، وجلدها مائة وغربها عاما ، فلم يرو عن أحد منهم من خلافه بعد حده إياها حرف ، ولم يعلم خلافهم له إلا بقولهم المتقدم قبل فعله . قال : وقال بعض من يقول ما لا ينبغي له إذ قيل : حد عمر مولاة حاطب كذا : لم يكن ليجلدها إلا بإجماع أصحاب رسول الله ، جهالة بالعلم ، وجرأة على قول ما لا يعلم ، ومن اجترأ على أن يقول : إن قول رجل أو عمله في خاص من الأحكام ، ما لم يحك عنه وعنهم ، قال عندنا ما لم يعلم .اهــ
وقال الإمام البيهقي في" السنن الكبرى" :- كان حدها الرجم فكأنه رضى الله عنه درأ عنها حدها للشبهة بالجهالة وجلدها وغربها تعزيرا والله أعلم.اهـ
ويظهر من هذه القصة أن العذر بالجهل يكون في الأمور الظاهرة المتواترة إذا كان المرأ من يجهل مثله في هذه الأمور( لم تفقه ) ولا يكون صاحبها كافراً إلا بعد البيان المزيل للجهل المقيم للحجة
ثم كيف عذر لهذه المرأة مع أنها كانت في أوساط الصحابة في حين كان العلم فاشياً في هذا الوقت ؟؟!!
وأترك الجواب لإخوة المشاركين