لا إله إلا اللهمعناها : لا معبود بحق إلا الله .
بسم الله الرحمن الرحيم
فلا اله : نفي لجميع المعبودات الباطلة .
إلا الله : إثبات للمعبود الحق جل جلاله .
شروطها:
وهذه الكلمة لها شروط كما أن للمفتاح أسنان فهي مفتاح الجنة ومفتاح بلا أسنان لا يفتح فمن شروطها :
أحدها: العلم المنافي للجهل : لأن كثيراً من الناس لا يعلم معناها فلهذا يأتي بناقض لها كأن يدعو غير الله. فمن لا يعرف المعنى فهو جاهل بمدلولها ومعناها البراءة من كل ما يعبد من دون الله وإخلاص العبادة له لله وحده . قال تعالى : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَالْمُؤْمِنَات ِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ }]محمد: 19[ . وقال صلى الله عليه وآله وسلم : " من مات وهو يعلم أن لا اله إلا الله دخل الجنة " رواه مسلم .
الثاني: الإخلاص المنافي للشرك: وقوادح هذا القيد كثيرة منها أن يدعو لنفسه لا لله عز وجل أو أن يريد بعمله مدح الناس ورضاهم إلى غير ذلك من القوادح في هذا القيد العظيم . لان الإخلاص: هو تصفية العمل من جميع شوائب الشرك بأن لا يقصد بقولها طمعا من مطامع الدنيا, ولا رياء ولا سمعة . قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ.....}] البينة:5[ . وقال صلى الله عليه وآله وسلم : " أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا اله إلا الله خالصا من قلبه " رواه البخاري.
الثالث:القبول المنافي للرد: ومن القبول لهذه الكلمة هو الفرح بها ونشرها بين الناس والدعوة إليها وعدم الانزعاج من ذكرها وذكر أهلها والثناء عليهم . أي القبول لما اقتضته هذه الكلمة من عبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه فمن قالها ولم يقبل ذلك ولم يلتزم به كان من الذين قال الله فيهم :{ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ } (الصافات : 35) . وقال تعالى :{ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ) النور:51 ) .
الرابع : الانقياد المنافي للترك: وضده الإعراض عنها فلا يتعلمها ولا يدعو إليها مفصلاً ولا يدندن حولها في دعوته فلا يتعلم التوحيد ولا يعلمه فهذا كله منافي للانقياد لها. أي الاستسلام لها ولما جاءت به . قال تعالى:{ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ } ( لقمان : 54 ) .
الخامس: اليقين المنافي للشك: لان كثير من المسلمين يقولها مع اعتقاد أن فلان يضر وينفع فهذا منافي لليقين بهذه الكلمة وبما دلت عليه. وذلك بأن يكون قائلها مستيقنا بما تدل عليه فان كان شاكا بما تدل عليه لم تنفعه قال تعالى:{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ }] الحجرات:15[ . وقال صلى الله عليه وآله وسلم:" أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَنِّي رَسُول الله، لَا يلقى الله بهَا عبدٌ غير شاكٍّ فيحجب عَن الْجنَّة ". رواه البخاري ومسلم وانظر الجمع بين الصحيحين للحميدي (2625) .
السادس:الصدق المنافي للكذب: لأن المنافقين قالوها لكن لم تنفعهم لأنهم ما صدقوا بنطقها فلا بد من مواطئة القلب للسان ثم أظهار ذلك على الجوارح حتى ينتفع قائلها. وهو أن يقول هذه الكلمة مصدقا بها قلبه فان قالها بلسانه ولم يصدق بها قلبه كان منافقا كاذبا . قال تعالى : {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } العنكبوت . وقال صلى الله عليه وآله وسلم" : ما من أحد يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار " متفق عليه .
السابع:المحبة المنافية لضدها: لها ولأهلها الذين يدعون إليها بل كل محبة يجب أن تكون لها وفيها ومن أجلها وهذا هو حقيقة الحب في الله والبغض فيه([1]) . قال تعالى { وَمِنَ الناس مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ الله أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ الله والذين آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ . . . } ( البقرة :165 ) . وقال صلى الله عليه وآله وسلم : " ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار" رواه الإمام أحمد (12002 ( وانظر صحيح الجامع : (3040) .
وذكر بعض أهل العلم شرطا ثامناً وهو: الكفر بالطاغوت: أخذه من قول النبي صلى الله عليه وسلم :" من قال :لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حَرُم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل" ([2]) . أي الكفر بما يعبد من دون الله وأن يتبرأ قائلها من عبادة غير الله ويعتقد أنها باطلة كما قال سبحانه :{ لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }( البقرة :256) .
وقد جمعت هذه الشروط في بيتين :علم يقين و إخلاص وصدقك مع _ محبة وانقياد والقبول لها
وزيد ثامنها الكفران منك بما _ سوى الإله من الأشياء قد ألها.
([1]) انظر فتح المجيد.
([2]) رواه مسلم:(23).