تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: وجوب تعظيم الله جل وعلا في الألفاظ

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي وجوب تعظيم الله جل وعلا في الألفاظ

    بيان وجوب تعظيم الله جل وعلا في الألفاظ، وأن النعم تُنسب إليه وأن يشكر عليها فتعزى إليه، ويقول العبد هذا أنعم الله علي به، والكذب في هذه المسائل أو أن يتكلم المرء بكلام ليس موافقا للحقيقة، أو هو مخالف لما يعلمه من أن الله جل وعلا أنعم عليه بذلك، هذا قد يؤديه إلى المهالك وقد يسلب الله جل وعلا عليه النعمة بسبب لفظه، فالواجب على العبد أن يتحرز في ألفاظه خاصة بما يتصل بالله جل وعلا أو بأسمائه وصفاته أو بأفعاله وإنعامه أو بعدله وحكمته، هذا ويجب على العبد أن يكون متحرزا في ذلك، والتحرز في ذلك من كمال التوحيد؛ لأنه لا يصدر التحرر إلا من قلب معظّم لله، مجلّ لله، مخبت لله؛ يعلم أن الله جل جلاله مطّلع عليه, وأنه سبحانه هو ولي الفضل وهو ولي الإنعام وهو الذي يستحق أن يجَلّ فوق كل جليل، ويستحق أن يُحب فوق كل محبوب، وأن يُعظّم فوق كل معظم.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: وجوب تعظيم الله جل وعلا في الألفاظ

    فالله جل جلاله يجب توقيره وتعظيمه في الألفاظ، ومن ذلك ما يقوله الشيخ هذا الباب حيث قال (باب قول الله تعالى:﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولُنَّ هَذَا لِي[فصلت:50]، قال مجاهد في تفسيرها: هذا بعملي وأنا محقوق به)؛ يعني نسب النعمة إلى نفسه أو نسب استحقاق النعمة إليه وأنه يستحق ذلك وأن الله جل وعلا لم يتفضل عليه بهذا الشيء, أو أنه تفضل عليه لأنه مستحق لهذا الإنعام، مستحق للمال، مستحق للجاه, مستحق لرفعة القدر عند الناس، فصار إليه ذلك الشيء؛ من المال والرفعة والسمعة الطيبة لأنه مستحق لذلك الشيء بفعله وجهده ونحو ذلك، مما قد يطرأ على قلوب ضعفاء الإيمان وضعفاء التوحيد.والواجب أن يعلم العبد أنه فقير غير مستحق لشيء على الله جل وعلا، وأنه الله هو الرب المستحق على العبد أن يشكره وأن يذكره وأن ينسب النعم إليه، وأما العبد فليس مستحقا في الدنيا لحق واجب على الله جل وعلا، إلا ما أوجبه الله جل وعلا نفسه.فهذا الذي قال: هذا بعملي وأنا محقوق به. يعني بعد أن أتته رحمة من بعد الضراء قال (هذا بعملي وأنا محقوق به) وهذا يدخل فيه كثير مما يحصل في ألفاظ الناس، كقول الطبيب مثلا هذا الذي حصل من شفاء المريض هذا بسبب عملي، أو نجاحي وتولي هذا الأمر هذا بسبب جهدي وبسبب تعبي، مما يجعل أن فعل الله جل وعلا فيه ذلك بسبب استحقاقه، أو أن ينسى الله جل وعلا وينسب الأشياء إلى نفسه, ولهذا قال (وقال ابن عباس: يريد: من عندي) يعني هذا لي، يقول من عندي أنا الذي أتيت بهذا المال أو بهذه النعمة، وهذا من عندي ولم يُتفضل علي به.إذن فدخل في هذا الوصف الذي جاء في الآية نوعان من الناس:µمن ينسب الشيء إلى نفسه ولا ينسبه إلى الله جل وعلا أصلا.µوالثاني أن ينسبه إلى نفسه من جهة الاستحقاق, وأنه يرى نفسه مستحقا لذلك الشيء على الله جل وعلا، كما يحصل من بعض المغرورين؛ أنه لو أطاع الله واتقاه وحصلت له نعمة فيقول: حصلت لي النعمة من جراء استحقاقي للنعمة فأنا العابد لله جل وعلا، ولا يستحضر أن الله جل وعلا يرحم عباده، ولو حاسبه على عمله لم تقم عباداته وعمله بنعمة من النعم التي أسداها الله جل وعلا له.فالواجب -إذن- على العبد أن ينسب النعم جميعا لله، وأن يشعر بأنه لا يستحق شيئا على الله, وإنما الله هو المستحق للعبودية، هو المستحق للشكر، هو المستحق للإجلال، والعبد فقير مذنب مهما بلغ، وأنظر إلى أبي بكر الصديق t كيف علمه النبي عليه الصلاة والسلام أنه يقول في آخر صلاته: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي». هذا أبو بكر علمه عليه الصلاة والسلام أن يقول (اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا), فكيف بحال المساكين أمثالنا أو أمثال أكثر هذه الأمة؟ كيف يظنون في أنفسهم أنهم يستحقون على الله شيئا؟فإذن تمام التوحيد أن يُجِلَّ اللهَ العبدُ، وأن يعظم العبد ربه تبارك وتعالى، وأن لا يعتقد أنه مستحق للنعم أو إنما أوتيها بجهده وجهاده وعمله وذهابه ومجيئه؛ بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.فعل العبد سبب وهذا السبب قد يتخلف وقد يكون مؤثرا، وكان مؤثرا بإذن الله جل وعلا، فرجع الأمر إلى أنه فضل الله يؤتيه من يشاء.قال: (وقوله: ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾[القصص:78]، قال قتادة: علي علم مني بوجوه المكاسب) هذا في قصة قارون قال جل وعلا ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وءَاتَيْنَاهُ مِنَ الكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالعُصْبَةِ أُوْلِي القُوَّةِ﴾[القصص:76] إلى أن قال ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾[القصص:78]، قال قتادة على علم مني بوجوه المكاسب، وهذا يحصل لكثير ممن أغناهم الله جل وعلا وصاروا في تجارة عظيمة، ينسب الشيء إلى نفسه، فيقول أنا خبير، أنا أفهم، أنا عندي علم بوجوه المكاسب، ونحو ذلك، وينسى أن الله جل وعلا هو الذي تفضل ولو منع السبب الذي فعله من التأثير لم يصر شيئا، فالله جل وعلا هو الذي تفضل عليه، وهو الذي وفقه وهو الذي هداه للفكرة، وهو الذي جعل السبب مؤثرا، فالله هو المنعم ابتداء وهو المنعم ختاما.فالواجب -إذن- أن يتخلّص العبد من رؤية نفسه، وأن يعلم أنه لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة.فهذا الباب معقود لما ذكرنا من تخليص لما من تخليص القلب واللسان من ألفاظ اعتقادات باطلة يظن المرء فيها أنه مستحق أشياء على الله جل وعلا، والتوحيد هو أن يكون العبد ذليلا خاضعا بين يدي الله، يعلم أنه لا يستحق شيئا على الله جل وعلا وإنما هو فضل الله يؤتيه من يشاء. قال (وقال آخرون : علي علم من الله أني له أهل) وهذا يشمل أحد الدرجتين اللتين ذكرتهما.قال(معني قول مجاهد : أوتيته على شرف). ثم ساق حديث أبي هريرة الطويلوالدلالة من ظاهره أن الله جل وعلا عاف هؤلاء؛ ولكنه لما عافاهم نسبا اثنان منهم النعمة إلى أنفسهم، وثالث نسبها إلى الله فجزى الله الأخير خيرا وأدام عليه النعمة، وعاقب ذينك الرجلين، وهذا فضل الله ينعم ثم يثبت النعمة في من شاء ويصرف النعمة عمن يشاء.ومن أسباب ثبات النعمة: أن يعظم العبد ربه، وأن يعلم أن الفضل بيد الله، وأن النعمة هي نعمة الله.ثم في ختام هذا الباب الوصية بأن تكون حذرا في اللسان، حذرا فيما تتكلم به, وأن تعلم أن كل خير إنما هو من الله، وأن لا حول ولا قوة إلا بالله، ولو سلبك الله العناية منه جل وعلا طرفة عين لكنتَ هالكا ومن الخاسرين, فإنّ العبد أحوج ما يكون إلى الاعتراف والعلم بأسماء الله وبصفاته وبآثار ذلك في ملكوته، وبربوبيته جل وعلا على خلقه، وبعبادته حق عبادته.أسأل الله لي ولكم النور في القلوب والصواب في الأقوال والأعمال والاعتقادات وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •