علم العقيدة الإسلامية هو العلم الأساسي الذي يجدر العناية به تعليمًا وتعلمًا وعملًا بموجبه، لتكون الأعمال صحيحة مقبولة عند الله تعالى نافعة للعاملين خصوصًا ونحن في زمن كثرت فيه التيارات المنحرفة ومنها تيار الإلحاد والصوفية وتيار القبورية الوثنية وتيار البدع المخالفة للهدي النبوي، وكلها تيارات خطيرة ما لم يكن المسلم مسلحًا بسلاح العقيدة الصحيحة المرتكزة على الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة، فإنه حَرِّيًا أنه تجرفه تلك التيارات المضلة، وهذا ما يستدعى العناية التامة بتعليم العقيدة الصحيحة لأبناء المسلمين من مصادرها الأصلية،
وتتمثل أهمية دراسة العقيدة في :
ـ إخلاص النية والعبادة لله تعالى وحده؛ لأنه الخالق لا شريك له، فوجب أن يكون القصد والعبادة له وحده.
ـ تحرير العقل والفكر من التخبط الفوضوي الناشئ عن خلو القلب من هذه العقيدة؛ لأن من خلا قلبه منها إما فارغ القلب من كل عقيدة وعابد للمادة الحسية فقط، وإما متخبط في ضلالات العقائد والخرافات .
ـ الراحة النفسية والفكرية فلا قلق في النفس ولا اضطراب في الفكر؛ لأن هذه العقيدة تصل المؤمن بخالقه فيرضى به ربًا مدبرًا وحاكمًا مشرعًا؛ فيطمئن قلبه بقدره وقضائه وينشرح صدره للإسلام فلا يبغي عنه بديلًا .
- أنه بها تتوحد صفوف المسلمين والدعاة، وعليها تجتمع كلمتهم وبدونها تتفكك، ذلك أنها عقيدة الكتاب والسنة و الجيل الأول من الصحابة، وكل تجمع على غيرها مصيره الفشل والتفكك .
- أنها تجعل المسلم يُعظم نصوص الكتاب والسنة الصحيحة وتعصمه من رد معانيها أو التلاعب في تفسيرها بما يوافق الهوى .
- تربط المسلم بالصحابة ومن تبعهم فتزيده عزة وإيمانًا وافتخارًا بهم، فهم سادة الأولياء وأئمة الأتقياء كما قال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : ( إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ فَما رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ.) .([1])
وكما قال ابن عمر : (مَن كانَ مُسْتَنًّا، فَلْيَسْتَنَّ بمن قد ماتَ، فإنَّ الحيَّ لا تُؤمَنُ عليه الفِتْنَةُ، أولئك أصحابُ محمد - صلى الله عليه وسلم -، كانوا أفضلَ هذه الأمة : أبرَّها قلوبًا، وأعمقَها علمًا، وأقلَّها تكلُّفًا، اختارهم الله لصحبة نبيِّه، ولإقامة دِينه، فاعرِفوا لهم فضلَهم، واتبعُوهم على أثرهم، وتمسَّكوا بما استَطَعْتُم من أخلاقِهم وسيَرِهم، فإنهم كانوا على الهُدَى المستقيم، والله رب الكعبة ).([2])
- تميزها بالوضوح حيث إنها تتخذ الكتاب والسنة منطلقًا في التصور والفهم بعيدًا عن التأويل والتعطيل والتشبيه وتنجي المتمسك بها من هلكة الخوض فى ذات الله ورد نصوص كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومن ثم تكسب صاحبها الرضا والاطمئنان لقدر الله وتقدير عظم الله ولا تكلف العقل التفكير فيما لا طاقة له به من الغيبيات . ([3])
ـ أن العقيدة الإسلامية هي أعظم الواجبات وآكدها؛ لذا فهي أول ما يطالب به الناس، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّى دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ) .([4])
ـ أن العقيدة الإسلامية هي العقيدة الوحيدة التي تحقق الأمن والاستقرار، والسعادة والسرور،كما قال تعالى: ( بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة : 112
كما أن العقيدة الإسلامية وحدها هي التي تحقق العافية والرخاء، قال تعالى: ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) الأعراف : 96
ـ أن العقيدة الإسلامية هي السبب في حصول التمكين في الأرض، وقيام دولة الإسلام، قال تعالى: ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) الأنبياء : 105
ـ أن العقيدة الراسخة في القلب تنبعث عنها الأعمال الصالحة، ويحصل منها امتثال الأوامر وترك الزواجر والتصديق بالأخبار والعمل الصالح والعلم النافع، وبالنظر في سير السلف الصالح نجد أن العقيدة لما تمكنت من قلوبهم هانت عليهم الدنيا فأفنوا أعمارهم وأولادهم وأموالهم في سبيل إعلاء كلمة الله عز وجل فصدقوا وعد الله وصبروا على الأذى والسجون والقتل فالواجب علينا أن نكون أمثالهم في التلقي والعمل والصبر على
الأذى .
([1])حسن : مسلم في المقدمة، أحمد (3600)، وصححه الشيخ أحمد شاكر، وحسن إسناده الألباني انظر السلسلة الضعيفة (2/110) وحسنه محققو المسند (6/84 – 85) .
([2]) الحلية لأبي نعيم (1/305)، وثبت أيضًا عن ابن مسعود انظر جامع الأحاديث (80) 0
([3])شرح العقيدة الواسطية لخليل هراس تحقيق علوي عبد القادر .
([4]) متفق عليه :البخاري(25) ومسلم (22)