خطأ قولهم : اللهم إنَّا لا نسألك ردَّ القضاء ، ولكن نسألك اللطف فيه !! .
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله _صلى الله عليه وسلم _ أما بعد :
قال العلامة ابن عثيمين في شرح " العقيدة السفارينية " (1/366) : " ولهذا نرى من الجهل : أن يقول بعض الناس في دعائه: "اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه " ، وكأنه يقول: ابتلني بما شئت فإنه لا يهم، بل المهم اللطف بي - فسبحان الله - إن هذا الدعاء لا يصح نقلاً عن السلف، وإن صح عن بعضهم فلا يمكن أن يصح عن الصحابة _ رضي الله عنهم _، الذين أقوالهم مأثورة ومشهورة ".
ولكن قل: (اللهم إني أسألك اللطف في قضائك) . وهذا صحيح، أما قول: ((لا أسألك رد القضاء) ، فإن الله عز وجل لا يقضي شيئًا - سواء لطف بك أو شدد عليك - إلا وقد قضاه، لذلك ينبغي أن ننبه من يقول هذا الدعاء، إلى أنه لا فائدة منه.
فإذا قال الداعي: (اللهم قني عذابك) ، معناه أنه لا يرد أن يعذبه الله ، أما قول: " اللهم إني لا أسألك رد القضاء ، ولكني أسألك اللطف فيه "، فمعناه: إذا كنت قد قدرت شقائي فاجعلني شقياً، لكن هوِّن، في الشقاء. ولكن بعض الناس إذا سمعوا الكلام المركب تركيباً جميلاً اخذوا به وهم لا يدرون ما معناه، وهذا من الغفلة، والواجب أن نتأنى في كل ما نسمع حتى نزنه بميزان الكتاب والسنة ".
وقال في شرح " رياض الصالحين " (5/ 345) : " ومن ذلك أيضا : قول بعضهم : ( اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه ) . هذه كلمة عظيمةٌ لا تجوز ؛ لا أسألك رد القضاء ؟ . وقد قال النبي: " لا يرد القضاء إلا الدعاء " . الدعاء لا يرد القضاء ، لكن من أثر الدعاء ؛ إذا دعوت الله تعالى ، بكشف ضرٍ ، فهذا قد كتب في الأزل ، في اللوح المحفوظ ، أن الله تعالى ، يرفع هذا الضر عنك بدعائك ، فكله مكتوبٌ ، وأنت إذا قلت : " لا أسألك رد القضاء ، ولكن أسألك اللطف فيه "، كأنك تقول: ما يهمني ترفع أو لا ترفع ، لكن الإنسان يطلب رفع كل ما نزل به ، فلا تقل : " اللهم إني لا أسألك رد القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه " ، قل: " اللهم إني أسألك العفو والعافية ، اللهم اشفني من مرضي ، اللهم أغنني من فقري ، الهم اقض عني الدين ، اللهم علمني ما جهلت ، وما أشبه ذلك ، أما (لا أسألك رد القضاء )؛ فالله تعالى يفعل ما يشاء ، ولا أحد يرده ، لكن أنت مفتقر إلى الله ، أما هذا الكلام لا أصل له ولا يجوز، بل قد قال النبي _صلى الله عليه وسلم _: " لا يقل أحدكم : " اللهم اغفر لي إن شئت !! "، _وهي أهون من اللهم لا أسألك رد القضاء _ لا يقل أحدكم : اللهم اغفر لي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت ، وليعزم المسألة ؛ فإن الله تعالى ،لا مكره له " . وفي لفظٍ : " فإن الله لا يتعاظمه شيء ".
ثم قال : " وأرجو منكم حين جرى التنبيه على هاتين الكلمتين : " الدين الإسلامي دين المساواة " ، " واللهم لا أسألك رد القضاء ، ولكن أسألك اللطف فيه " ؛ إذا سمعتم أحداً يقول ذلك : أن تنبهوه ، وتتعاونوا على البر والتقوى.." .
وقال الشيخ الحمد في " الإيمان بالقضاء والقدر " () : " هناك أقوال تجري على الألسنة ، وهي مخالفة للإيمان بالقدر، ومن ذلك ما يلي:
أولاً : الدعاء بــــ "اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه "، فهذا الدعاء ؛ يجري كثيراً على الألسنة ، وهو دعاءٌ لا ينبغي ؛ لأنه شرع لنا ؛ أن نسأل الله ردَّ القضاء إذا كان فيه سوءٌ.
ولهذا بوَّب الإمام البخاري باباً في "صحيحه" قال فيه : (بابُ من تعوذ بالله من درك الشقاء ، وسوء القضاء ، وقوله _ تعالى _: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} سورة الفلق . ثم ساق قول النبي _صلى الله عليه وسلم _ :" تعوذوا بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء ، وشماتة الأعداء " .