بين القارئ والكاتب ، أو المرسِل والمتلقي علاقة معقدة لست بصدد إلقاء الضوء ولا حتى اقتباس الضوء عليها. ولكن بوصفنا مسلمين في منتدى إسلامي نسعى إلى المنهج الحق في التعامل مع الأشخاص والأفكار، لأننا نعتقد بشمول العقيدة الإسلامية لكل شيء، وأن لها موقفاً من كل فكرة أو مفكر، عرفه من عرفه وجهله من جهله.
فنقول وبالله التوفيق
لكي تفهم أي فكر عليك أن تصنفه أولاً هل هو يدور حول الدنيا وتنظيم العيش فيها، أمـ حول أركان الإيمان : الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر
فبدون هذه الخطوة في التصنيف فلن تفهم فكر المفكّر، بل قصاراك أن تحدس وتظن ، وإنّ الظنّ لا يغني من الحق شيئاً
فمن الأمثلة التي يضلُّ كثير من الناس في فهمها الشيخ جمال الدين الأفغاني على سبيل المثال.
فلكي تفهم هذه الشخصية المتوفاة سنة 1887، نبدأ بتطبيق القاعدة أعلاه
حول ماذا كانت تدور دعوته وحياته وفكره
فالجواب الذي نعرفه من سيرته ومؤلفاته ومواقفه، ويتفق على ذلك محبوه ومبغضوه ، أنه كان مشغولا بتنظيم شؤون المسلمين الدنيوية، وكان يراها في وحدتهم واستقلالهم والتفافهم حول الخلافة العثمانية المحتاجة إلى إصلاح
ولأن هويته تتحدد بالإسلام فقد حارب الإلحاد والنفاق بكتابة الرد على الدهريين، وبمخاطبة المسلمين مسلمين لا عربا وتركا وفرسا وأفغاناً
أما لو حاكمت هذه الشخصية التاريخية بدون الفصل الذي اقترحته عليك لاجترحتَ ظناً وحدساً لا تملك معه يقيناً، ولا تأمن معه السقوط في سوء الظن ، أو البهتان ، أو التكفير ، والعياذ بالله.
فلن تستطيع الحكم على عقيدة الشخص ، ولا مصلحة للإسلام، ولا من مقاصد الشريعة أن تشق عن قلب من قال لا إله إلا الله.
لذلك عليك فقط بغية الفهم الصحيح للإنسان أن تعرف إلى ماذا كان يدعو؟
وما سوى ذلك تخبط في الضلال، وما أوردت مثل هذا الرجل إلا على سبيل المثال وعسى أن يكون مثالا موفقاً
وقانا الله وإياك الخطل والزلل في القول والعمل