حكم دعاء الصفة.........؟؟؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه وبعد فهذا نقل لكلام أهل العلم حول التفريق بين دعاء الصفة والأستغاثة بها وبيان حكم دعائها جمعته لتداخل هذه المسألة وشدة الحاجة لبيانها .
سئل العلامة صالح آل الشيخ : ما حكم الحلف بصفات الله مثل قول القائل يا غضب الله ؟
فأجاب : طبعا السائل واضح أنه ما هو فاهم الفرق بين الحلف والنداء الحلف بالصفات جائز بالإجماع فتحلف تقول وكلام الله وقدرة الله ومجيء الله وسمع الله وبصر الله هذا وتقول بسمع الله كان كذا وببصر الله كان كذا وبكلام الله كان كذا ، هذا جائز بالإجماع لأن صفات الله جل وعلا غير مخلوقة ، والذي يمتنع الحلف بالمخلوق أما تمثيله بقوله : (مثل قول القائل يا غضب الله ) هذا ليس بحلف هذا نداء ونداء الصفة لا يجوز وهو محرم بل قال شيخ الإسلام في رده على البكري في أوائله قال نداء الصفة كفر بالإجماع وهذا يعني به صفة معينة وهي: ( الكلام ) الكلمة اللي هو ( يا كلمة الله ) ويُعنى بها المسيح عليه السلام أو على نحو معتقدات النصارى فهو كان يؤصله للفرق بين الكلام عند أهل السنة وغيرهم وضلال النصارى فقال : دعاء الصفة ويعني به دعاءالكلمة قال كفر بالإجماع وأما نداء الصفات الأخر فنقول محرم وذلك لأن الصفات من جهة النداء والدعاء غير الذات في ذلك المقام([1]) .
وسئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
السؤال : ما حكم أن يدعو الإنسان صفة من صفات الله سبحانه وتعالى مع بيان وجه ذلك الحكم؟
الشيخ : هل الصفة تفعل؟
السائل : لا لا تفعل .
الشيخ : إذا دعوت من لا يفعل هل يجوز؟
السائل: لا يجوز.
الشيخ : لا يجوز ولهذا قال شيخ الإسلام : دعاء الصفة كفر بالاتفاق .
هكذا قال في كتاب الاستغاثة ولأنك اذا دعوت الصفة جعلتها مستقلة، تجلب إليك الخير وتدفع عنك الشر، وهذا يعني أنك جعلتها إلهاً مع الله .
السائل: هل من ذلك قول العامة: ياوجه الله. أو ما إلى ذلك؟
الشيخ: لا يا وجه الله يريد الله عز وجل، كقوله تعالى: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ )[الرحمن:27] أي: الرب عزوجل.
السائل: وهل يترتب على ذلك محظور؟
الشيخ: ما هو؟
السائل نفسه : أنه قد يشتبه عليه أنها تكون من دعاء الصفة.
الشيخ: لا، هذا بعيد، لكن لو أراد بقوله : يا وجه الله! أن يستشفع بالله على هذا الرجل، أي: يجعل الله شافعاً، فهذاحرام، لأن الله تعالى أجل وأعظم من أن يكون شافعاً، فهو يشفع عنده ولكنه لا يستشفعبه([2]).

وسئل أيضاً: السؤال : إذا كان دعاء صفة من صفات الله عز وجل محرم، فكيف نفهم الأدعية الآتية من كلام النبي صلى الله عليهوسلم كقوله: "أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر".
وقوله:"أعوذ بكلمات اللهالتامات من شر ما خلق"؟
الجواب : وقوله :"أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك"كل هذا استعاذة بصفة الله والمراد الموصوف، لأن الدعاء المحظور أن تقول: يا قدرة الله اغفري لي، يا رحمة الله ارحميني، هذا الذي قال عنه شيخ الإسلام : إنه كفربالاتفاق لأنك إذا قلت: يا قدرة الله اغفري لي، أو يا رحمة الله ارحميني، كأنك جعلت هذه الصفة شيئاً مستقلاً عن الموصوف فيغفر ويرحم ويغني. أما إذا قلت : أعوذ بعزة الله، فهذا من باب التوسل بعزة الله عز وجل إلى النجاة من هذا المرهوب الذي استعذت بالعزة منه، وكذلك :برضاك من سخطك، وكذلك قوله :"يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث" ليس المعنى أن الإنسان أن يستغيث بالرحمة منفصلة عن الله، لكن هذا من باب التوسل بصفات الله عز وجل المناسبة للمستعاذ منه أو للمدعو وليس دعاء صفة، دعاء الصفة أن تقول :يا رحمة الله ارحميني، يا قدرة الله أعطيني، وما أشبه ذلك......([3]).
وقال العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد ( يا رحمة الله ) :
هذا من باب دعاء الصفة والدعاء إنما يُصرف لمن اتَّصف بها سبحانه لهذافلا يجوز هذا الدعاء ونحوه : يا مغفرة الله يا قدرة الله يا عزة الله وليس له تأويل ولا محمل سائغ وهو دعاء محدث لا يعرف في النصوص ولا أدعية السلف .
وإنما المشروع هو: التوسل بها كمافي الحديث :" برحمتك أستغيث" ونحوه وقد غلَّظ شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- النهي عن الدعاء بالصفة ، وقال : إنَّه كُفر .
ولا يُسوِّغُ الدعاء بالصفة جوازُ الحلفِ بها فإن الحلف بها من باب التعظيم أما الدعاء فهو عبادة والعبادة لا تصرف إلا لله تعالى ، فكيف تُعبدصفته - سبحانه - فتُدعى ؟ ومما تقدم نعلم الأحوال الثلاث :
1_دعاء الصفة : لا يجوز لأن الدعاءعبادة والعبادة لا تصرف إلا لله سبحانه .
2_التوسل إلى الله بصفاته أو بصفة منها : مشروع كما وردت به السنة وأدعية السلف.
3_الحلف بها : جائزة ؛ لأنه من باب التعظيم لله - سبحانه - .والله أعلم([4]).
وقولك :" والذي نفسي بيده "جائز لأن الذي بيده الأنفس هو الله تعالى وقد كان النبي r يحلف به كثيرًا .
وأما قول الله تعالى :(والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذاجلاها والليل إذا يغشاها) وقوله :( والفجر) وقوله :(والضحى). فهذا حلف بالمخلوقات لكنه صادر من الله جل جلاله والقاعدة تقول : الله يحلف بما شاء من مخلوقات وهذا الحلف من الله تعالى يدل على عظمة المحلوف به .
لكن البشر لا يحلفون إلا بالله تعالى أو صفة من صفاته.
فإذا قلت : أليست الصفة غير الموصوف لا أعني بهذا الكلام أن الصفة لا تفيد معنى زائداً على الذات أو أنها منفصلة عن الموصوف بل أعني أنها متصلة به ولكنها تفيد معنى زائداً عنه فذواتنا شيء وصفاتنا شيء فكيف يجوز الحلف بالصفة مع أنها ليست هي الموصوف؟
وقد قلتم سابقًا أنه لا يجوز دعاء الصفة لأنها ليست هي عين الموصوف أوليس الحلف والدعاء بابها واحد فلم أجزتم الحلف بالصفة ولم تجيزوا دعائها ؟
قلنا وبالله التوفيق : هذا سؤال دقيق ومهم وجوابه :
هو معرفة الفرق بين باب الدعاء وباب الحلف فإن باب الدعاء مبناه على الافتقار والمذلة التي تقوم بالداعي وأنه لا يدعو إلا من يقدر على الإجابة الذي يملك الضر والنفع وهذا لا يملكه إلا الله تعالى فلا يفتقر إلا إليه ولا يملك النفع والضر إلا هو سبحانه وتعالى فمن هذا الباب لم يجز الدعاء إلا لله تعالى فصفاته لا تملك ضرًا ولا نفعًا لأن الصفة ليست هي عين الموصوف .
وأما باب الحلف فمبناه على التعظيم فلا تحلف إلا بمعظم والله وصفاته كلها عظيمة فمن هذا الباب جاز الحلف بالصفة والله سبحانه وتعالى عظيم في ذاته عظيم في صفاته عظيم في أفعاله هذا الجواب الأول .
ويقالثانيًا: أنه قد ثبت في السنة أن النبي rحلف ببعض الصفات كقوله :" والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيءقتل ولا المقتول في أي شيء قتل" والأحاديث في ذلك كثيرة لكن لم يرد قط انه دعا صفة من الصفات وباب العبادة باب مبناه على الحظر والتوقيف والله تعالىأعلى وأعلم([5]).
ومما جاء في التفريق بين دعاء الصفة والدعاء بالصفة:
السؤال: ذَكَرَ سماحةُ الشيخِ ابنُ بازٍ: " أنّ دعاءَ الصّفةِ لا يجوز قولاً واحدًا لأهلِالسُّنَّةِ »، كيف نجمع بين هذا الكلامِ وحديثِ النّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآلِه وسَلَّم: «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أسْتَغِيثُ" ([6]).
الجواب:الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فيُوجَد فرقٌ بين دعاءِ الصّفةِ والدّعاءِ بالصّفةِ:
والمرادُ مِن دعاءِ الصّفةِ أن تكونَ الصّفةُ المدعوُّ بها تقتضي شيئًا منفصِلاً ومستقِلاًّ عنِ الذّاتِ الإلهيّةِ تسمع الدّعاءَ وتجيب ُمِثْلَ أن يقولَ: «يا رحمةَ اللهِ ارحميني»، «يا عزّةَ اللهِ أَعِزّيني»، «ياقوّةَ اللهِ قَوّيني" ونحوِ ذلك ممّالم يَرِدْ قطُّ في الأدعيةِ المأثورةِ، فمَنِ اعتقد أنّ الصّفةَ المنفصِلةَ عنِ الموصوفِ تغفر وترحم وتُغْني وتُقَوِّي. فقد جعل الصّفةَ إلهًا معبودًا، وهذاكفرٌ باتّفاقِ العلماءِ، ذلك لأنّ صفاتِ اللهِ تعالى ملازِمةٌ لذاتِه لا تنفكّ عنه، فهو سبحانه إلهٌ واحدٌ بجميعِ صفاتِه، وأسماؤُه وصفاتُه داخلةٌ في اسمه«الله»، ولا يجوز أن يُطْلَقَ على الصّفةِ بأنّها إلهٌ أو خالقٌ أو رزّاقٌ ونحوُذلك، وقد نقل ابنُ تيميّةَ -رحمه الله- اتّفاقَ العلماءِ على أنّ دعاءَ صفاتِه وكلماتِه كفرٌ حيث قال: « وأمّا دعاءُ صفاتِه وكلماتِه فكفرٌ باتّفاقِ المسلمين،فهل يقول مسلمٌ: يا كلامَ اللهِ اغفِرْ لي وارحمْني وأَغِثْني أو أَعِنِّي، أو ياعِلْمَ اللهِ أو يا قدرةَ اللهِ أو يا عزّةَ اللهِ، أو يا عظمةَ اللهِ ونحوَ ذلك؟أو سُمِعَ مِنْ مسلمٍ أو كافرٍ أنّه دعا لذلك مِنْ صفاتِ اللهِ وصفاتِ غيرِه أويطلبُ مِنَ الصّفةِ جَلْبَ منفعةٍ أو دفْعَ مضرّةٍ أو إعانةً أو نصرًا أو إغاثةًأو غيرَ ذلك»([7]).
وهذا الذي عناه الشّيخُ ابنُ بازٍ -رحمه اللهُ- بتقريرِالإجماعِ على عدمِ مشروعيّةِ دعاءِ الصّفةِ.
وأمّا الدّعاءُ بالصّفةِ أو مسألةُ اللهِ بأسمائِه وصفاتِه فمشروعٌ، وهو مِنْ قَبِيلِ التّوسّلِ المشروعِ، وقد ثبت مِن مأثورِالأدعيةِ ما يدلّ على جوازِ التّوسّلِ إلى اللهِ تعالى بصفةِ الرّحمةِ، كما ذُكِرَفي السّؤالِ حديثُ: «بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ ومعناه: «أسألك يا اللهُ برحمتِك»، وكذلك الاستعاذةُ بالصّفةِ مِثْلَ: قولِه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم: «أَعُوذُبِكَلِم َاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ»([8]) أو قولِه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم: «أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللهِ وَقُدْرَتِهِمِن ْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ»([9]) أو قولِه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم: «أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَوَبِمُع َافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِكَ مِنْكَ»([10]) أو الاستخارةُ بالصّفةِ مِثْلَ: قولِه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُك َ بِقُدْرَتِكَ»([11]).
فإذا تقرّر الفرقُ بين الدّعاءَيْنِ فلا تَعارُضَ بين القولَيْنِ لإمكانِ حملِ كلِّ واحدٍ منهما على معناه الصّحيحِ الموافقِ له. والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّالعالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين،وسلّم تسليمًا.
الشيخعلي بن بوزيد علي فركوس.
الجزائر في: 20 شوال 1431هـ/
الموافق لـ:29 سبتمبر 2010م.
الاستغاثة بصفة (الكلام) :
السؤال: شيخنا ! أحدهم يسألني ويقول : هل يجوز أن نستغيث بكلام الله ونقول :كلام يا كلام الله؟!
فقلت له : يغنيك الاستغاثة الواردة عند السلف وعن النبي صلى الله عليه وسلم([12]) والأنبياء فهذه الاستغاثة لم ترد؟
الجواب:علينا الوقوف عند النصوص الشرعية وبخاصة في العبادات فهي تريح النفس وتطمئن القلب([13]).
([1])شرح العقيدة الواسطية للشيخ صالح آل الشيخ.
([2])سلسلة لقاءات الباب المفتوح.
([3])سلسلة لقاءات الباب المفتوح.
([4])معجم المناهي اللفظية .
([5])القواعد المذاعة في مذهب أهل السنة والجماعة وليد بن راشد السعيدان قرىءعلى فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عثمانالجاسر.
([6]) أخرجه الترمذيفي «الدعوات» رقم (3524). من حديث أنس رضي الله عنه. وحسّنه الألبانيّ في "السّلسلةالصّحي ة" : (1/ 449)؟
([7])«تلخيص الاستغاثة» [«الرد على البكري» لابن تيمية] لابنكثير (1/181) .
([8]) أخرجه مسلم في «الذكر والدعاء» (2/ 1246) رقم(2708)، من حديث خولة بنت حكيم رضي الله عنها، وبرقم (2709)، من حديث أبي هريرةرضي الله عنه.
([9]) أخرجه أبو داود في «الطب» (3891)باب كيف الرقى، من حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه. وصحّحه الألباني في«السلسلة الصحيحة» (3/ 404)، وأخرجه مسلم (2202) بلفظ: «أَعُوذُ باللهوَقُدْرَتِ هِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ».
([10])أخرجه مسلم في «الصلاة» (1/ 223) رقم (486)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
([11])أخرجه البخاري في «أبواب التطوع» (1/ 278) باب ما جاءفي التطوع مثنى مثنى، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
([12])كمثل ما صح "أعوذ بكلمات الله التامات...."
([13])سؤالات الشيخ علي للألباني :( ج1_ص143) .