حلت له شفاعتي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد إخوتي الأفاضل ارجو موافاتي بالملاحظات والتوجيه والرأي حول هذا العمل وفقكم الله
أولا : هل سمعت عن هؤلاء :
- وقد روى ابن أبي الدنيا في " كتاب الرقة والبكاء " بإسناده ، عن يحيى البكاء ، عن الحسن ، قال : إذا اذن المؤذن لم تبق دابة بر ولا بحر الا اصغت واستعمت . قال : ثم بكى الحسن بكاء شديداً .
- وبإسناده ، عن أبي عمران الجوني ، انه كان إذا سمع الأذان تغير لونه ، وفاضت عيناه .
- وعن أبي بكر النهشلي نحوه - أيضا - ، وانه سئل عن ذلك ، فقال : أشبهه بالصريخ يوم العرض ، ثم غشي عليه .
- وعن الفضيل بن عياض ، أنه كان في المسجد ، فأذن المؤذن ، فبكى حتى بل الحصى ، ثم قال : شبهته بالنداء ، ثم بكى.
ثانيا : السنن عند النداء :
- قال ابن القيم : عند النداء خمس سنن ،وهي خمس وعشرون سنة في اليوم والليلة ،لا يحافظ عليها إلا السابقون.وهي كالتالي :
1- متابعة المؤذن، جاء في مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: عليه الصلاة والسلام : " إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر .وفي آخره ثم قال لا إله إلا الله من قلبه - دخل الجنة "0
2- قول ر َضِيتُ بِاللَّهِ رَبّاً وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا .من قالها غفر الله له ، كما في مسلم من حديث سعد بن وقاص رضي الله عنه،
ومتى يقولها :
فقال طائفة من العلماء : إن السنة أن يقول َضِيتُ بِاللَّهِ رَبّاً وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا بعد فراغ المؤذن ؛ وذلك لأن النبي جعل السامع مشغولاً بترديد ألفاظ الأذان أثناء الأذان لقوله: (( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول )) فدل على أنه يقول مثل ما يقول المؤذن و لا ينشغل بقول غير قول المؤذن
القول الثاني انه يقولها بعد الشهادتين ،بماجاء في مسلم " من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام " ويقويه رواية ابن رُمْح ـ أحد رجال الإسناد ـ: «من قال: وأنا أشهد ،"دليلٌ على أنه يقولها عقب قول المؤذِّن اشهد أن محمد رسول الله ،أختاره النووي ،وابن قدامه في المغني ،وابن القيم ،وشيخنا الشيخ محمد بن عثيمين رحمهم الله .
3- " ثم صلوا عليَّ "، فإن من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً .
4- قول " اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ " من قالها حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، أخرجه البخاري 0وفي حديث عبدالله بن عمرو في مسلم " ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة "
5- الدعاء وهولا يرد بين الآذان والإقامة ، كما صحت بذلك الأحاديث في السنن وغيره.
وينبغي التنبه : أنه يشترط لحصول هذا الثواب ، أن يكون قلب القائل موقنا بمانطق به ، لهذا جاء في حديث عمر في مسلم " من قلبه " ، وجاء في حديث سيد الاستغفار في البخاري " من قالها موقنا بها " .
- أخي : تأمل كم هي المنح والحسنات التي تدركها بمتابعة المؤذن ،وعد بالجنة ،طريق لغفران الذنوب ، الفوز بشفاعة النبي عليه الصلاة والسلام ،سبب لاستجابة الدعاء . أيبقى بعد هذا من يفرط في هذه السنة أو يقصر في فعلها.
- قال ابن رجب : المراد في قوله " حلت له شفاعتي "- ولله اعلم - : انه يصير في عناية رسول الله ، بحيث تتحتم له شفاعته ؛ فان كان ممن يدخل النار بذنوبه شفع له في إخراجه منها ، أو في منعه من دخولها . وان لم يكن من أهل النار فيشفع له في دخوله الجنة بغير حساب ، أو في رفع درجته في الجنة .
ثالثا : وهنا تنبيهات على بعض الزيادات في ألفاظ المتابعة :
الأولى: زيادة «والدرجة الرفيعة» ، وهي عند ابن السني ، وهي مدرجة من بعض النساخ؛ لأنه ابن السني روى هذا الحديث من طريق النسائي بالإسناد المتقدم، وهي ليست عند النسائي، ولا عند غيره، قال الحافظ: (وليس في شيء من طرقه ذكر الدرجة الرفيعة) 0
الثانية: زيادة «إنك لا تخلف الميعاد» في آخر الحديث ، وهي زيادة شاذة وقعت عند البيهقي ، وفي بعض نسخ البخاري ، وجاءت من طريق محمد بن عوف قال : حدثنا علي بن عياش.. وقد انفرد بها ابن عوف عن بقية الرواة عن ابن عياش، وهم أحد عشر نفساً ،ولذلك أعلها أبو حاتم وابن رجب وغيرهم من أهل العلم .
الثالثة : زيادة " اللهم إني أسألك بحق هذه الدعوة " عند البيهقي وفيها ضعف.
الرابعة : لم يصح دعاء معين بعد النداء ، وأما ماجاء عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ عَلَّمَنِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ أَقُولَ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ « اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا إِقْبَالُ لَيْلِكَ وَإِدْبَارُ نَهَارِكَ وَأَصْوَاتُ دُعَاتِكَ فَاغْفِرْ لِى » فهو عند أبي داود وغيره بسند فيه مجاهيل .
رابعا : مسائل في ألفاظ المتابعة :
1- والصواب رواية " مقاما محمودا " لأنها جاءت في الصحيح ، ولأنها موافقة للفظ القران ، ولأن التنكير يفيد التعظيم والكثرة .
2- والظاهر أنه يبدأ أولا بالصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام ، ثم يقول" اللهم رب هذه الدعوة التامة" لأمرين :لحديث عبدا لله بن عمرو في مسلم "إذا سمعتم المؤذن يؤذن فقولوا مثل مايقول ، ثم صلوا علي " ، ولأن الأصل تقديم الصلاة على النبي قبل الدعاء .
3- والسنة في المتابعة أن يقول كما يقول المؤذن ، إلا في الحيعلتين ، فإن السنة أن يقول لاحول ولاقوة إلا بالله لحديث عمر رضي الله عنه في مسلم .
4- و من السنة أن يقول أحيانا، إذا قال المؤذن " أشهد أن لاإله إلا الله ، أشهد أن محمد رسول الله "وأنا أشهد أن لاإله إلا الله ، جاءت في البخاري من حديث معاوية رضي الله عنه.
5- ولو رفع يديه في الدعاء بعد النداء أحيانا ، فله ذلك ، لأن الأصل الرفع ، ولعدم المنع .
خامسا - من أحكام المتابعة
والصواب : أن متابعة المؤذن والترديد خافه سنة وفضيلة ،وليست واجبه ؛ لما أخرجه الشافعي وغيره من حديث ثعلبه بن أبي مالك قال : " كانوا يتحدثون يوم الجمعة وعمر جالس على المنبر، فإذا سكت المؤذن قام عمر ، فلم يتكلم أحد " ولو كانت المتابعة واجبة لأنكر عمر رضي الله عنه.
1- والترديد يكون بعد انتهاء المؤذِّن من كل جملة ؛لقوله: فقولوا مثل ما يقول ، والفاء تفيد الترتيب والتعقيب ، وهذا كقوله : فإذا كبّر فكبِّروا .
2- لو أجاب مؤذنا ثم سمع آخر، فله أن يتابعه ،لعموم قوله " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل مايقول ".
3- في قوله عليه الصلاة والسلام " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل مايقول "، دليل على أن المتابعة مقيدة بالسماع ، فمن لم يسمع فإنه لايتابع المؤذن .
4- قال محمد بن ابراهيم : ثم هنا مسأَلة إِذا كان يرى المؤذن ولا يسمع صوته أَو يسمع الصوت ولا يفهم ما يقول. فقيل يجيب في الأَخيرة خصوصًا لعموم ((إِذَا سَمِعْتمْ)). ومنهم من يقول لا يجيب. وهو أَولى، وذلك أَنه لا يهتدي إِلى أَن يقول مثل ما يقول، وهو لا يسمع إِلا أَنه يعلم أَنه يؤذن.
5-ولو فاتت المتابعة فإنها لاتقضى ، لأنها سنة فات محلها .
6- وأن تعدد المؤذنون الذين يسمعهم ، فيجب الأقرب منهم ويكفي عن الباقين ،وإن تابع الجميع واحدا بعد الآخر من غير تداخل فهو حسن .
7- ولو آذن المؤذن قبل الوقت فإنه لايتابعة لأنه آذنا غير مشروع .
8- ومن كان في صلاة فإنه لايجيب المؤذن سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا ، لقوله عليه الصلاة والسلام " إن في الصلاة لشغا " ولأن الصلاة محدودة البداية والنهاية مذكورة الأحكام منصوص على أذكارها، وهل يقضيه بعد الانتهاء من الصلاة ، قولان لأهل العلم .
9- ومن لم يكن مدعو لحضور المسجد كالمرأة والمريض والمسافر ،فانه يجيب لعموم النص ، ولأنهم مدعوين للصلاة
10- والظاهر أنه لايشرع للمؤذن أن يجيب نفسه بين كلمات الآذان ، لأنه لم ينقل ، ولأن المقصود من إجابة المؤذن أن يقول كما قال ، وقد قال هو ذلك .
11- وإن توافقت متابعة المؤذن مع ذكر آخر كقراءة للقران أوذكر من أذكار المساء أو الصباح ، فإن المتابعة تقدم عليه لظاهر النص ، ولأنها تفوت فتقدم على غيرها لعدم فواته .
12- والظاهر عدم استحباب متابعة المؤذن حال الإقامة ، لعدم النقل ، ولأن النص إنما جاء في النداء ، ولأن المشروع في الإقامة الحدر والإسراع الذي تتعذر معه المتابعة .
13- ولو دخل المسجد والمؤذن يؤذن فإن السنة أن يتابع المؤذن ، ثم يصلي تحية المسجد ، حتى يدرك المتابعة والسنة ،وأما لو كان النداء الثاني يوم الجمعة ، فإن الأفضل أن يبادر إلى تحية المسجد ، حتى يتفرغ لسماع الخطبة، لأنها آكد وأولى .
14- لو سمع المؤذن بعد ماصلى هل يتابعه ؟قال شيخنا ابن عثيمين – رحمه الله - : ظاهر الحديث أنه يتابعه ، لأنه مطلق وليس فيه تقيد ، ولكن ظاهر كلام الفقهاء أنه لايتابعه ، لأن المؤذن يقول حي على الصلاة وهذا قد صلى وانتهى من الصلاة ، ولكن لو أخذ الإنسان بظاهر الحديث وتابعه فهو على خير.
15- إذا تابع المؤذن ، فإنه لايرفع صوته كصوت المؤذن ،لأن المراد بالمثلية في الحديث في أصل الذكر ، وليس في رفع الصوت .
16- ولو سمع آخر الآذان دون أوله ، فإنه يجيب لظاهر النص ،لكن يقال أبدأ بأول الآذان فردده وحدك ،ثم اجب آخره 0
17- ولو سمع أول الآذان دون أخره ، قال شيخنا ظاهر حديث أبي سعيد الخدري أنه إذا انقطع سماع الآذان انقطعت المتابعة .
18- وسئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين_ رحمه الله _: عن مجيب المؤذن هل يجوز له الكلام بين كلمات الإجابة أو يكره؟
فأجاب: لم أر في ذلك كلاماً لأحد، والظاهر عدم الكراهة، مع أن الأولى عندي أن لا يشوبه بغيره من الكلام، بخلاف تالي القرآن، فالذي أرى كراهة الإجابة بين الكلمات أو الآيات، فلا يدخل بين أبعاضه ذكراً غير متعلق بالقراءة، كسؤال عند آية رحمة واستعاذة عند آية عذاب، يدل لذلك قول من قال من العلماء: إن القارئ إذا سمع الأذان يقدم إجابة المؤذن على القراءة، لأن ذلك يفوت، والقراءة لا تفوت، ولم يقولوا يجمع بينهما.
19- والترديد خلف المذياع له صورتين : - إما أن يكون الآذان ينقل نقلا حيا ، فهنا يتابع .
- أو أن يكون الآذان مسجلا ، وليس آذنا على الوقت ، فلا يتابع.



@ راعيت فيها الإيجاز وعدم الإطالة لأنها لربما تنشر للعوام وفي المواقع العامة
# تم استيقاء هذه الأحكام من ( شرح بلوغ المرام ابن عثيمين ،فتح الباري ابن رجب ، فتاوى محمد بن إبراهيم رحمه الله ، المسائل والأحكام للطريفي وغيرها )