السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل صح حديث عن بدء الإنسان الدعاء لنفسه قبل غيره؟
كأن أقول لشخص يرحمني الله وإياك
وعافاني الله وعافاك, وغير ذلك من الدعاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل صح حديث عن بدء الإنسان الدعاء لنفسه قبل غيره؟
كأن أقول لشخص يرحمني الله وإياك
وعافاني الله وعافاك, وغير ذلك من الدعاء
قال الإمام أحمد رحمه الله في مسنده :
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ حَبِيبٍ الزَّيَّاتُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَعَا لِأَحَدٍ، بَدَأَ بِنَفْسِهِ، فَذَكَرَ ذَاتَ يَوْمٍ مُوسَى، فَقَالَ: "رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى، لَوْ كَانَ صَبَرَ، لَقَصَّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِ، وَلَكِنْ قَالَ: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} (1) [الكهف: 76] "
.............................. .............................
قال محقق المسند الشيخ شعيب الأرنؤوط :
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حمزة بن حبيب الزيات القارئ الكوفي، فمن رجال مسلم. أبو إسحاق: اسمه عمرو بن عبد الله السبيعي الهَمْداني.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/219-220، والحاكم 2/574 من طريق يحيى ابن آدم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (3984) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/3-4، وابن حبان (988) من طرق عن حمزة بن حبيب الزيات، به. وقال أبو داود في آخره: طولها حمزة.
وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11310) من طريق إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق السبيعي، به.
وسيأتي في الحديث التالي، ومختصراً برقم (21130) .
وقصة بدء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالدعاء لنفسه ثم للأنبياء، سلفت ضمن الرواية المطولة برقم (21118) .
وفي صحيح مسلم : وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا مِنَ الأَنْبِيَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ « رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى أَخِى كَذَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا ...... الحديث
قال الإمام النووي رحمه الله في المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج :
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( رَحْمَة اللَّه عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى قَالَ : وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا مِنْ الْأَنْبِيَاء بَدَأَ بِنَفْسِهِ " رَحْمَة اللَّه عَلَيْنَا وَعَلَى أَخِي كَذَا رَحْمَة اللَّه عَلَيْنَا )
قَالَ أَصْحَابنَا : فِيهِ اِسْتِحْبَاب اِبْتِدَاء الْإِنْسَان بِنَفْسِهِ فِي الدُّعَاء وَشِبْهه مِنْ أُمُور الْأَخِرَة ، وَأَمَّا حُظُوظ الدُّنْيَا فَالْأَدَب فِيهَا الْإِيثَار وَتَقْدِيم غَيْره عَلَى نَفْسه .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الِابْتِدَاء فِي عِنْوَان الْكِتَاب ، فَالصَّحِيح الَّذِي قَالَهُ كَثِيرُونَ مِنْ السَّلَف وَجَاءَ بِهِ الصَّحِيح أَنَّهُ يَبْدَأ بِنَفْسِهِ ، فَيُقَدِّمُهَا عَلَى الْمَكْتُوب إِلَيْهِ ، فَيُقَالُ : مِنْ فُلَان إِلَى فُلَان ، وَمِنْهُ حَدِيث كِتَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مِنْ مُحَمَّد عَبْد اللَّه وَرَسُوله إِلَى هِرَقْل عَظِيم الرُّوم " وَقَالَتْ طَائِفَة : يَبْدَأُ بِالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ ، فَيَقُول : إِلَى فُلَان مِنْ فُلَان قَالُوا : إِلَّا أَنْ يَكْتُبَ الْأَمِيرُ إِلَى مَنْ دُونه ، أَوْ السَّيِّد إِلَى عَبْده ، أَوْ الْوَالِد إِلَى وَلَده وَنَحْو هَذَا ا.هـ .
قلت : من القواعد الفقهية الصغرى :
الإيثار بالقرب مكروه .
يقول الله تعالى:
"والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان "
قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله في الفتح : قوله : السلام علينا . استدل به على استحباب البداءة بالنفس في الدعاء ، وفي الترمذي مصححا من حديث أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه . وأصله في مسلم . ومنه قول نوح وإبراهيم عليهما السلام كما في التنزيل .أهـ
قلت:كما في قول الله : رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ .
وقوله عن نوح :رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَالْمُؤْمِنَات ِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا .
وقوله عن موسى : قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .
وقال الحافظ ابن حجر أيضا : وقد ترجم المصنف ـ يعني البخاري ـ في الدعوات : من خص أخاه بالدعاء دون نفسه . وذكر فيه عدة أحاديث وكأنه أشار إلى أن هذه الزيادة وهي : كان إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه لم تثبت عنده .
ومن الأحاديث التي ذكرها البخاري حديث أنس وفيه قالت أمه أم سليم ضي الله عنهما : هذا ابني أنس يخدمك ، فادع الله له . فقال : اللهم أكثر ماله وولده ..الحديث .
وقال :قوله ( البخاري ) : ومن خص اخاه بالدعاء دون نفسه . في هذه الترجمة إشارة إلى رد ما جاء عن ابن عمر ؛ أخرج ابن أبي شيبة والطبري من طريق سعيد بن يسار قال : ذكرت رجلا عند ابن عمر فترحمت عليه فلهز في صدري ، وقال لي : ابدأ بنفسك ، وعن إبراهيم النخعي كان يقال : إذا دعوت فابدأ بنفسك ، فإنك لا تدري في أي دعاء يستجاب لك . وأحاديث الباب ترد على ذلك ويؤيدها ما أخرجه مسلم وأبو داود من طريق طلحة بن عبد الله بن كريز عن أم الدرداء عن أبي الدرداء رفعه ما من مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب الا قال الملك ولك مثل ذلك . واخرج الطبري من طريق سعيد بن جبير عن بن عباس رفعه : خمس دعوات مستجابات وذكر فيها ودعوة الأخ لأخيه ، وأخرجه أيضا هكذا ،استدل بهما ابن بطال وفيه نظر ؛ لان الدعاء بظهر الغيب ودعاء الأخ للاخ أعم من ان يكون الداعي خصه أو ذكر نفسه معه وأعم من أن يكون بدأ به أو بدأ بنفسه ، وأما ما أخرجه الترمذي من حديث أبي بن كعب رفعه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه . وهو عند مسلم في أول قصة موسى والخضر ولفظه وكان إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه ، ويؤيد هذا القيد انه صلى الله عليه و سلم دعا لغير نبي فلم يبدأ بنفسه ، كقوله في قصة هاجر الماضية في المناقب : يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم لكانت عينا معينا. وقد تقدم حديث أبي هريرة : اللهم ايده بروح القدس يريد حسان بن ثابت وحديث ابن عباس : اللهم فقهه في الدين . وغير ذلك من الأمثلة ، مع أن الذي جاء في حديث أبي لم يطرد فقد ثبت انه دعا لبعض الأنبياء فلم يبدأ بنفسه كما مر في المناقب من حديث أبي هريرة : يرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد .
قلت : كلاهما جائز ، والأفضل أن يبدأ بنفسه قبل غيره ، والله تعالى أعلم .