بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله واهب النعم دافع النقم موجد الخلق من العدم معلم الإنسان ما لم يعلم .. والصلاة والسلام على النبي المصطفى و الصفوة المجتبى نبينا محمد  وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد,
فقد انتشر في مجتمع النساء ما يسمى بحشوة الشعر وهي عبارة عن كومة خيوط أو قماش أو شعر أو نحو ذلك تكوم وتوضع في الرأس ثم تغطى بشعر الرأس ليظهر الرأس كبيرا , عظيما من تلك الحشوة التي وضعت فيه .. فشاء الله أن أحقق في هذه المسألة هل هذه الحشوة التي بلي بها كثير من النساء اليوم من الوصل أم لا؟
راجية المولى أن ينفع بها وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم ..

أولاً : ما هو الوصل :
الوصل لغة: قال ابن سيده: الوَصْل خلاف الفَصْل وَصَل الشيء بالشيء يَصِلُه وَصْلاً وَصِلةً.(لسان العرب)
وقال ابن حجر:وصل الشعر أي الزيادة فيه من غيره.
وقيل:هو أن تضيف أو تربط المرأة بشعرها شعراً خارجياً، مما يوهم طول شعرها أو حسنه ونحوه.(لسان العرب)
والواصِلة من النساء: التي تَصِل الشعر سواء كان ذلك لنفسها أم لغيرها.(ابن حجر)
والمُسْتَوْصِلة :الطالِبة لذلك وهي التي يُفْعَل بها ذلك.
ثانياً: الأصل في الوصل :
أورد البخاري في الصحيح (باب وصل الشعر) وذكر فيه بضعة أحاديث :
1-فعن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع معاوية بن أبي سفيان عام حج وهو على المنبر وهو يقول وتناول قصة من شعر كانت بيد حرسي أين علماؤكم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه ويقول إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم.

2-وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة
3-عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن جارية من الأنصار تزوجت وأنها مرضت فتمعط شعرها فأرادوا أن يصلوها فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال لعن الله الواصلة والمستوصلة
4-عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إني أنكحت ابنتي ثم أصابها شكوى فتمزق رأسها وزوجها يستحثني بها أفأصل رأسها فسب رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة
5-عن أسماء بنت أبي بكر قالت لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة
6-عن بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة وقال نافع الوشم في اللثة
7-حدثنا عمرو بن مرة سمعت سعيد بن المسيب قال قدم معاوية المدينة آخر قدمه قدمها فخطبنا فأخرج كبة من شعر قال ما كنت أرى أحدا يفعل هذا غير اليهود إن النبي صلى الله عليه وسلم سماه الزور يعني الواصلة في الشعر.
وأورد مسلم في الصحيح (باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجات والمغيرات خلق الله) ذكر فيه من أحاديث الوصل بضعة عشر حديثاً منها:
1-أن أبا الزبير سمع جابر بن عبد الله يقول: زجر النبي أن تصل المرأة برأسها شيئاً.
2-وعن سعيد ابن المسيب أن معاوية قال ذات يوم : إنكم أحدثتم زي سوء وإن نبي الله  نهى عن الزور قال : وجاء رجل بعصا على رأسها خرقة قال معاوية : ألا وهذا الزور .
قال قتادة : يعني ما يكثر به النساء أشعارهُن من الخرق.

وكما نرى الأحاديث تواترت في النهي عن الوصل بل هو من الكبائر للعن الرسول الواصلة والمستوصلة.
والله تعالى يقول : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) .
ثالثاً:أقوال أهل العلم في الوصل
واختلف أهل العلم في الوصل إلى أقوال:
ذهب جمهور أهل العلم إلى منع وصل الشعر بشيء آخر سواء كان شعرا أم لا واستدلوا بالحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : (زجر النبي صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة بشعرها شيئاً (وشيئا عامة تشمل الشعر وغيره.
ومنهم من أجاز الوصل مطلقا سواء كان بشعر آخر أو بغير شعر إذا كان بعلم الزوج وبإذنه والأحاديث الواردة في النهي عن الوصل حجة عليه.
وهناك من قال أن الممتنع وصل الشعر بالشعر أما إذا وصلت شعرها بغير الشعر من خرقة وغيرها فلا يدخل في النهي واستدلوا بما أخرج أبو داود عن سعيد بن جبير قال: لا بأس بالقرامل.( القرامل: جمع قرمل، بفتح القاف وسكون الراء، نبات طويل الفروع ليّن). والمراد هنا خيوط من حرير أو صوف يعمل ضفائر تصل به المرأة شعرها
و هذا الحديث ضعفه الألباني رحمه الله فعلى القول بضعفه فإنه لا يقابل حديث معاوية في مسلم الذي جاء فيه (وجاء رجل بعصا على رأسها خرقة قال معاوية : ألا وهذا الزور .
قال قتادة : يعني ما يكثر به النساء أشعارهُن من الخرق) وعلى القول بصحة ما أخرج أبو داود كما صححه ابن حجر رحمه الله فيحتمل أن المقصود به والله أعلم إذا كانت الخيوط ظاهرة بينة كالأربطة التي

تربط بها النساء أشعارهن ذلك لأن القرامل ما تشد به النساء أشعارهن من الخيوط . والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال.
قال ابن حجر رحمه الله ويستفاد من الزيادة في رواية قتادة (نهى عن الزور) و في آخره ( ألا وهذا الزور) و(قال قتادة : يعني ما يكثر به النساء أشعارهُن من الخرق) يستفاد منها منع تكثير شعر الرأس بالخرق كما لو كانت المرأة قد تمزق شعرها فتضع عوضه خرقاً توهم أنها شعر ويتبع ابن حجر فيقول وقد أخرج مسلم عقب حديث معاوية هذا حديث أبي هريرة وفيه (ونساء كاسيات عاريات رؤوسهن كأسنمة البخت )قال النووي يعني يكبرنها ويعظمنها بلف عمامة أو عصابة أو نحوها قال وفي الحديث ذم ذلك. اهـ
والصواب والله أعلم :
التفصيل بين ما إذا كان الموصول به الشعر يوهم أنه من الشعر، أو لا، قال الحافظ ابن حجر:
وفصل بعضهم بين ما إذا كان ما وصل به الشعر من غير الشعر مستوراً بعد عقده مع الشعر بحيث يظن أنه من الشعر، وبين ما إذا كان ظاهراً: فمنع قوم الأول فقط لما فيه من التدليس. قال: وهو قوي.

رابعاً:اعتراض وجوابه:
1-هناك من حمل النهي على التنزيه
ويجاب عنه بالأحاديث السابقة الذكر (أحاديث الصحيحين) فهي حجة على من قال بذلك (لأن دلالة اللعن على التحريم من أقوى الدلالات بل عند
بعضهم أنه من علامات الكبيرة) ابن حجر.
2-ما روي عن عائشة أنها رخصت في وصل الشعر بالشعر وقالت: إن المراد بالواصل المرأة تفجر في شبابها ثم تصل ذلك بالقيادة
وقد رد ذلك الطبري وأبطله بما جاء عن عائشة في صحيح البخاري :


فعن عائشة رضي الله تعالى عنها أن جارية من الأنصار تزوجت وأنها مرضت فتمعط شعرها فأرادوا أن يصلوها
فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال لعن الله الواصلة والمستوصلة.
وأخيرا نخرج من التحقيق
بحكم حشوات الشعر وأنها من الوصل على القول الصحيح والله أعلم سواء كان ذلك الحشو من شعر المرأة نفسها أو شعر غيرها أو كان ذلك الحشو إسفنجاً أو قماشاً أو خيوطاً وغيرها مادام مستورا.
للأدلة سابقة الذكر .

تنبيه:
يلحق بالوصل الرموش الصناعية فبعض النساء تضع رموش صناعية على رموشها، وهذا من الوصل المحرم، لأنه وصل للشعر بالشعر، ولما فيه من التدليس والتزوير بإظهار رموشها طويلة كثيرة.
خاتمة
تم بحمد الله التحقيق راجية المولى أن يجلي الغمة عمن خفي عليه الحكم وأن ينفع بما جمعت وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم ..
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
وصلى الله وسلم على نبينا
محمد وعلى آله وصحبه وسلم..

**************
تحقيق :
نوره بنت عبدالله