ولهذا نقول : لقد اخطأ من نسب إلى الإمام الشافعي القول بإباحة تزوج الرجل بنته من الزنى بحجة أن صرح بكراهة ذلك والكراهة لا تنافي الجواز إذا كانت للتنزيه قال ابن القيم في " إعلام الموقعين " ( 1 / 4748 ) :
نص الشافعي على كراهة تزوج الرجل بنته من ماء الزنى ولم يقل قط أنه مباح ولا جائز والذي يليق بجلالته وإمامته ومنصبه الذي أحله الله به من الدين أن هذه الكراهة منه على وجه التحريم وأطلق لفظ الكراهة لأن الحرام يكرهه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال تعالى عقب ذكر ما حرمه من المحرمات من عند قوله } وقضى ربك إلا تعبدوا إلا إياه . . . ) ( 42 ) إلى قوله } ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق . . . ) ( 43 ) إلى قوله } ولا تقف ما ليس لك به علم { ( 44 )
إلى آخر الآيات ثم قال : } كل ذلك كان سيئه عند ربّك مكروها { ( 45 ) وفي الصحيح
أن الله عزوجل كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال " . فالسلف كانوا يستعملون الكراهة في معناها الذي استعملت فيه في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولكن المتأخرين اصطلحوا على تخصيص الكراهة بما ليس بمحرم وتركه أرجح من فعله ثم حمل من حمل منهم كلام الأئمة على الاصطلاح الحاديث فغلط في ذلك وأقبح غلطا منه من حمل لفظ الكراهة أو لفظ لا ينبغي في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على المعنى الاصطلاحي الحاديث "
وبهذه المناسبة نقول :
إن من الواجب على أهل العلم أن ينتبهوا للمعاني الحديثة التي طرأت على الألفاظ العربية التي تحمل معاني خاصة معروفة عند العرب هي غير هذه المعاني الحديثة لأن القرآن نزل بلغة العرب فيجب أن تفهم مفرادته وجمله في حدود ما كان يفهم العرب الذين أنزل عليهم القرآن ولا يجوز أن تفسر بهذه المعاني الاصطلاحية الطارئة التي اصطلح عليها المتأخرون و إلا وقع المفسر بهذه المعاني في الخطأ والتقول على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من حيث يشعر و قدقدمت مثلا على ذلك لفظ ( الكراهة ).
من كتاب العلامة الألباني تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد
_________
( 42 ) - سورة الإسراء الآية 23
( 43 ) - سورة الإنعام الآية 151
( 44 ) - سورة الإسراء الآية 36
( 45 ) - سورة الإسراء الآية 38