المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسالة علمية بمناسبة ثياب العيد ......



ابن رجب
2007-09-27, 07:51 PM
مسألة علمية بمناسبة ثياب العيد ......(إبتسامة )


هذا الكلام نقلته من فتح الباري للامام ابن رجب رحمة الله عليه .

ومن لديه اي فائدة فليضفها .


باب
الصلاة في الجبة الشامية


وقال الحسن في ثياب تنسجها المجوس : لم ير بها بأسا .

وقال معمر : رأيت الزهري يلبس من ثياب اليمن ما صبغ بالبول.
وصلى علي - رضي الله عنه - في ثوب غير مقصور .

((المقصود بهذا الباب : جواز الصلاة في الثياب التي ينسجها الكفار ، وسواء نسجوها في بلادهم وجلبت منها ، أو نسجت في بلاد المسلمين .))

روى أبو إسحاق الفزاري ، عن زائدة ومخلد ، عن هشام ، عن الحسن ، أنه قال في الثياب التي تنسجها المجوس فيؤتى بها قبل أن تغسل : لا بأس بالصلاة فيها .
وروى سعيد بن منصور : ثنا حماد بن زيد ، عن مطر الوراق ، عن الحسن ، أنه كان لا يرى بأسا أن يصلي في السابري والدستوائي ونحو ذلك قبل أن تغسل .
وروى وكيع في ((كتابه)) عن الربيع بن صبيح ، عن الحسن ، قال : لا بأس مما يعمل المجوس من الثياب .
وعن علي بن صالح ، عن عطاء أبي محمد ، قال : رايت على علي قميصا من هذه الكرابيس ، لبيسا غير غسيل .
ورواه عبدالله بن الإمام أحمد في ((كتاب العلل)) : ثنا أبي : ثنا محمد بن ربيعة : ثنا علي بن صالح : حدثني عطاء أبو محمد قال :رأيت عليا اشترى ثوبا سنبلانيا فلبسه ، ولم يغسله ، وصلى فيه .
وروى أبو بكر الخلال بإسناده ، عن ابن سيرين ، قال : ذكر عند عمر الثياب اليمانية ، أنها تصبغ بالبول ؟ فقال : نهانا الله عن التعمق والتكلف .
وروى الإمام أحمد ، عن هشيم ، عن يونس ، عن الحسن ، أن عمر بن الخطاب أراد أن ينهى عن حلل الحبرة ؛ لأنها تصبغ بالبول ، فقال له أبي : ليس ذاك لك ، قد لبسهن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولبسناهن في عهده .
وروى ابن أبي عاصم في ((كتاب اللباس)) من طريق محمد بن عبيد الله العرزمي - وفيه ضعف - عن عبد الملك بن عمير ، عن قبيصة بن جابر ، قال : خطب عمر الناس ، فقال : أنه بلغني أن هذه البرود اليمانية التي تلبسونها تصبغ بالبول ؛ بول العجائز العتق ، فلو نهينا الناس عنها ؟ فقام عبد الرحمان بن عوف ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أتنطلق إلى شيء لبسه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فتحرمه؟! إنها تغسل بالماء ، فكف عُمَر عَن ذَلِكَ .
وقد روي عَن الْحَسَن أنه كَانَ إذا سئل عَن البرود إذا صبغت بالبول ، فهل ترى بلبسها بأسا ؟ حدث بحديث عمر مع أبي بن كعب كما تقدم .
وقال حنبل : كان أبو عبدالله - يعني : أحمد - يصبغ له يهودي جبة فليبسها ، ولا يحدث فيها حدثا من غسل ولا غيره . فقلت له ، فقال : ولم تسأل عما لا تعلم ؟! لم يزل الناس منذ أدركناهم لا ينكرون ذلك .
قال حنبل : وسئل أبو عبدالله عن يهود يصبغون بالبول ؟ فقال : المسلم والكافر في هذا سواء ، ولا تسال عن هذا ولا تبحث عنه وقال : إذا علمت أنه لا محالة يصبغ من البول وصح عندك فلا تصل فيه حتى تغسله .
وقال يعقوب بن بختان : سئل أحمد عن الثواب يصبغه اليهودي؟ قال : ويستطيع غير هذا ؟! - كأنه لم ير به بأسا .
وقال المروذي : سمعت أبا عبدالله يسأل عن الثوب يعمله اليهودي والنصراني ، تصلي فيه ؟ قال : نعم ، القصار يقصر الثياب ، ونحن نصلي فيها .




وكل هذا يدل على أن ما صنعه الكفار من الثياب فإنه يجوز الصلاة فيه من غير غسل ، ما لم تحقق فيه نجاسة ، ولا يكتفى في ذلك بمجرد القول فيه حتى يصح ، وأنه لا ينبغي البحث عن ذلك والسؤال عنه .
وحكى ابن المنذر هذا القول عن مالك والشافعي وأحمد وأصحاب الرأي ، فلم يحك عن احد فيه خلافا ، وهو قول الثوري وإسحاق -: نقله عنه حرب . ومن أصحابنا من قال لا نعلم في هذا خلافا . ومنهم من نفى الخلاف فيه في المذهب. ومن الأصحاب من حكى فيه خلافا عن أحمد .
ونقل أبو داود أن أحمد سئل عن الثوب النسيج يصلى فيه قبل أن يغسل ؟ قال : نعم ، إلا أن ينسجه مشرك أو مجوسي .
وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ : قرأت على أبي عَبْد الله - يعني : أحمد - : ابن أبي عدي ، عن ابن عون ، قال : كان محمد بن سيرين يختار إذا اخذ الثوب من النساج أن لا يلبسه حتى يغسله . قال أبو عبد الله : إليه اذهب . أو قال : أحب إلي أن لا يصلي فيه حتى يغسله .
وحمل أبو بكر عبد العزيز بن جعفر هذه الرواية على أن الثوب نسجه مشرك وثني أو مجوسي ، كما رواه أبو داود ، فإن كان كتابيا صلى فيه بغير غسل ، على ما رواه المروذي . قال : وإن صلى فيما نسجه وثني أو مجوسي من غير غسل فلا يتبين لي
الإعادة ؛ لأن الأصل طهارته .
وقال ابن أبي موسى : اختلف قول أحمد في الثوب ينسجه يهودي أو نصراني : هل يصلي فيه مسلم قبل أن يغسله أم لا ؟ على روايتين ، فأما الثوب الذي ينسجه مجوسي فلا يصلى فيه حتى يغسل قولا واحدا .
وهذا كله فيما ينسجه الكفار من الثياب ، ولم يلبسوه ، فأما ما لبسوه من ثيابهم ، فاختلف العلماء في الصلاة فيه قبل غسله :
فمنهم : من رخص في ذلك . قال الحسن : لا بأس بالصلاة في رداء اليهودي والنصراني وهو قول الثوري ، وأبي حنيفة ، ورواية عن أحمد . قال الثوري : وغسلها أحب إلي .
ومنهم : من كره ذلك ، من غير تحريم ، وهو قول الشافعي ، ورواية عن أحمد .
وكره أبو حنيفة وأصحابه ما ولي عوراتهم ، كالإزار والسراويل. وقال الشافعي : أنا لذلك أشد كراهة .
وقالت طائفة : لا يصلى في شيء من ثيابهم حتى يغسل ، وهو قول إسحاق ، وحكي رواية عن أحمد ، وهو قول مالك - أيضا - ، وقال : إذا صلى فيه يعيد ما دام في الوقت .
وفرقت طائفة بين من تباح ذبيحته ومن لا تباح :
قال أحمد - في رواية حنبل - في الصلاة في ثوب اليهودي والنصراني : إذا لم يجد غيره غسله وصلى فيه، وثوب المجوسي لا يصلى فيه، فإن غسله وبالغ في غسله فأرجو ؛ هؤلاء لا يجتنبون البول، واليهود والنصارى كأنهم اقرب إلى الطهارة من المجوس .
وفرقت طائفة بين ما يلي عوراتهم وما لا يلي العورات :
قال أحمد - في رواية حنبل - : لا بأس بالصلاة في ثوب اليهودي والنصراني ، إلا ما يلي جلده ، فأما إذا كان فوق ثيابه فلا بأس به .
وقال عَبْد الله بن أحمد : سمعت أبي قال : كل ثوب يلبسه يهودي أو نصراني أو مجوسي إذا كان مثل الإزار والسراويل فلا يعجبني أن يصلى فيه ؛ وذلك أنهم لا يتنزهون من البول .





ونقل بكر بن محمد ، عن أبيه ، عن أحمد ، فيمن صلى في سراويل يهودي أو نصراني أو مجوسي : أحب إلي أن يعيد صلاته كلها .
ونقل حرب ، عن أحمد ، قال : لا يصلى في شيء من ثياب أهل الكتاب التي تلي جلده : القميص والسراويل وغير ذلك .
قال ابن أبي موسى : لا تستعمل ثياب المجوسي حتى تغسل ، ولا ما سفل من ثياب أهل الكتاب كالسراويل ، وما لصق بأبدانهم حتى يغسل .

والمسألة : ترجع إلى قاعدة تعارض الأصل والظاهر ، فالأصل الطهارة ، والظاهر أنه لا يسلم من النجاسة ، وقد يقوى ذلك الظاهر في حق من لا تباح ذبائحه؛ فإن ذبائحهم ميتة ، وما ولي عوراتهم ؛ فإن سلامته من النجاسة بعيد جدا ، خصوصا في حق من يتدين بالنجاسة .
خرج البخاري في هذا الباب :
363- حديث : الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، عن مغيرة بن شعبة ، قال كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر ، فقال : ((يا مغيرة ، خذ الإداوة)) ، فأخذتها ، فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى توارى عني فقضى حاجته وعليه جبة شامية ، فذهب ليخرج يده من كمها فضاقت ، فأخرج يده من أسفلها ، فصببت عليه فتوضأ وضوءه للصلاة ، ومسح على خفيه ، ثم صلى .

وقد سبق هذا الحديث في ((كتاب الطهارة)) من وجوه أخر عن المغيرة ، وخرجه في ((كتاب اللباس)) من طريق الشعبي، عن عروة بن المغيرة ، عن أبيه ، وفي حديثه : ((وعليه جبة من صوف)).
وفيه من الفقه : جواز الصلاة فيما يجلب من بلاد المشركين من ثيابهم . وجواز الصلاة في الصوف ، وجواز الوضوء فيما هو ضيق الكمين وإن لم يتمكن من إخراج يديه منه عند الوضوء ، إذا أخرج يديه من أسفله .
وخرج الإمام أحمد ، وأبو داود ، من حديث علي بن زيد بن جدعان ، عن أنس ، أن ملك الروم أهدى للنبي - صلى الله عليه وسلم - مستقة من سندس ، فلبسها .
وعلي بن زيد ، مختلف في أمره ، وليس بالحافظ جدا .
قال الأصمعي : المساتق : فراء طوال الأكمام ، واحدتها : مستقة.
والمستقة : بفتح القاف . وتضم - أيضا .
قال الخطابي:يشبه أن تكون هذه المستقة مكففة بالسندس؛ لأن نفس الفرو لا يكون سندسا .
قلت : بل الظاهر أن غشاء الفرو كان حريرا ، ويدل عليه : ما رواه سالم بن نوح ، عن عمر بن عامر ، عن قتادة ، عن أنس : أن أكيدر دومة أهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبة سندس ، فلبسها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فعجب الناس منها ، ثم أهداها إلى عمر ، فقال : يا رسول الله ، تكرهها وألبسها ؟ قال : ((يا عمر إنما أرسلت بها إليك لتبعث بها وجها فتصيب بها مالا)) . وذلك قبل أن ينهى عن الحرير .
وخرجه البزار وغيره ، وخرجه مسلم مختصرا .

وهذا - والله أعلم - هو فروج الحرير الذي قال عقبة بن عامر : أهدي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فروج حرير فلبسه ، ثم صلى فيه ثم انصرف فنزعه نزعا شديدا ، كالكاره له ، ثم قال : ((لا ينبغي هذا للمتقين)).
وقد خرجه البخاري في موضع آخر .


وخرج مسلم من حديث أبي الزبير ، عن جابر ، قال : لبس النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما قباء من ديباج أهدي له ، ثم أوشك أن نزعه ، ثم أرسل به إلى عمر - وذكر بقية الحديث .

* * *

أبو عبدالله العنزي
2007-09-28, 11:55 PM
بارك الله فيك يابن رجب , ورحم الله الحافظ رحمة واسعة

نقل نافع

ابن رجب
2007-09-29, 01:55 AM
وفيكم بارك ابا عبدالله وشكر الله لكم مروركم ..

رضا الحملاوي
2011-11-05, 11:44 AM
جزاكم الله خيرا

طالبة فقه
2011-11-09, 10:26 PM
احسن الله اليكم ونفع بعلمكم الاسلام والمسلمين