تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أحكام الحج والعمرة والزيارة المباركة للمسجد النبوي الشريف

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    11

    افتراضي أحكام الحج والعمرة والزيارة المباركة للمسجد النبوي الشريف

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    بحث
    أحكام الحج والعمرة والزيارة المباركة للمسجد النبوي الشريف


    من إعداد محمد الرمادي


    وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [1]
    أخي الحاج الكريم ! . . . . . . أختي الحاجة الكريمة !
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
    الحمد لله الذي خلقنا مِن نسل مَن سجدت له الملآئكة ، تكريما لخلقه وتفضيلا لعقله ، فالحمد لله الذي أكرمنا بالخلق والإيجاد ، ثم الحمد لله الذي أكرمنا بالعقل والإدراك ، ثم الحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام والإيمان .
    ونشهد أنه الخالق الرازق ، الغفور الودود ، حق أن يعبد كما أمر ، قال سبحانه وتعالى :الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ [2]
    ونشهد أنه ارسل فينا الرحمة المهداة والنعمة المسداه ، ونشهد بأن الذي قال " خذوا عني مناسككم" ، هو النبي الأمي محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء والمرسلين ، فنصلي ونسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته وسار على طريقته إلى يوم الدين .
    ارسل لكم سلسلة من الرسائل العلمية ، فنقدم لكم الإصدار الأول من "أحكام الحج والعمرة والزيارة المباركة للمسجد النبوي الشريف ".ونفتح قلوبنا وعقولنا لجميع الإخوة أهل التوحيد والشريعة ، ونرجو من الله سبحانه وتعالى لحجاج بيت الله المعظم ، حجاً مبروراً[3], ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" الحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة" [4] ، وذنباً مغفوراً وعملاً متقبلاً وزيارةً محمودةً وعودةً من أرض الحرمين الشريفين ، كيوم ولدتنا أمهاتنا[5].
    اللهم اجعل ، هذه الرسالة " أحكام الحج والعمرة والزيارة المباركة للمسجد النبوي الشريف" لوجهك الكريم وتقبلها منا بعفوك عنا وكرمك يا الله ونقِّ قلوبنا من النفاق وأعمالنا من الرياء . . . آمين يارب العالمين.

    وجوب الإخلاص لله ومتابعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العمل
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ، فبلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وجاهد في الله حق جهاده ، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
    أما بعـد :
    أيها الإخوة : فإننا نحب قبل أن نبدأ هذا البحث أن نتكلم على صفة الحج والعمرة ، وذلك لأننا مأمورون بأمرين هما : الإخلاص لله ، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جميع عباداتنا ؛ في الطهارة ، في الصلاة ، في الزكاة ، في الصيام ، في الحج ، في كل عمل نتقرب به إلى الله لا بد من هذين الأمرين ، أحدهما : الإخلاص لله ، والثاني : المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فمن لم يخلص لله في عبادته فإن عبادته مردودة عليه كما يدل على ذلك كلام الله سبحانه وتعالى ، وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال الله عز وجل :فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف :110] ، وقال تعالى :وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة :5] ، وقال تعالى لنبيه محمد :فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر :2-3] . وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال الله تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) فالله سبحانه وتعالى أغنى الشركاء عن الشرك لا يريد عملاً يكون له فيه شريك ، من عمل عملاً أشرك فيه مع الله ، فإن الله تعالى يتركه وشركه ، أي : وما أشرك به فلا يقبل منه . وأما اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلابد في كل عبادة منه ، لقول الله عز وجل :قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران :31] ، وقال عز وجل :وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام :153] ، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " أي : مردود عليه .
    وإذا كان لابد في العبادة من اتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فإنه يلزم على كل إنسان يريد أن يتعبد : أن يعرف كيف كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يؤدي هذه العبادة حتى تتحقق له المتابعة ، لأنك لا يمكن أن تتابع الرسول عليه الصلاة والسلام وأنت لا تدري كيف يفعل ، لهذا يجب عليك أن تعلم كيف كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتوضأ ، كيف كان يصلي ، كيف كان يتصدق ، كيف كان يصوم ، كيف كان يحج ؛ حتى تعبد الله عز وجل متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أما أن تعبد كما يعبد الناس فهذا لا شك أنه إذا كان الناس على صواب فإنك على صواب لكنك لست مطمئناً كما ينبغي وأنت لا تدري على أي أساس بنى الناس عبادتهم ، ولهذا قال أهل العلم : إن العلم فرض عين في كل عبادة يريد الإنسان أن يقوم بها . أي أنه يجب عليك أن تعلم كيف كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتعبد في العبادة التي تريد أن تقوم بها ، فمثلاً : رجل عنده مال يجب عليه أن يتعلم أحكام الزكاة ، ورجل لا مال عنده لا يجب عليه أن يتعلم أحكام الزكاة ، رجل مستطيع الحج ويريد أن يحج يجب عليه أن يتعلم أحكام الحج ، وآخر لا يستطيع الحج ليس عنده مال فلا يريد الحج فلا يجب عليه أن يتعلم أحكام الحج .
    ولهذا ينبغي لكل من أراد الحج أن يتعلم كيف يحج ؛ إما عن طريق المشافهة عن أهل العلم ، وإما عن طريق القراءة من الكتب الموثوق بمؤلفيها وليس كل كتاب مؤلف في المناسك أو غيرها يكون موثوقاً ؛ لأن صاحبه قد يكون قليل علم وقد يكون من الناس الذين لا يبالون فيما يتكلمون به . على كل حال طرق تعلم أحكام الحج ثلاثة : المشافهة ، وقراءة الكتب ، والاستماع إلى الأشرطة المسجلة من أناس موثوق بهم ، حتى يعبد الإنسان ربه على بصيرة[6].

    ــــ
    يتبع بمشيئة الله سبحانه وتعالى

    [1]. سورةآل عمران ، آية 97.

    [2]. سورة البقرة ، آية 197.

    [3]. روى الإمام مسلم –بسنده- عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله عليه السلام قال :" العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " ، وقد روى هذا الحديث ، غير مسلم ؛ الإمام البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة والأصبهاني وزاد :" وما سبح الحاج من تسبيحة ، ولا هلل من تهليلة ولا كبر تكبيرة إلا بشر بها تبشيرة ".
    فالحج المبرور هو الذي لا يخالطه إثم ، وهذا هو الأصح ، مشتق من البر وهو الطاعة ، وفيما رواه الإمام أحمد من حديث جابر مرفوعا :" الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ، قيل يارسول الله ما بر الحج ؟ قال :" اطعام الطعام وإفشاء السلام".
    وقيل في الحج المبرور هو القبول ، ومن علامات القبول أن يرجع خيرا مما كان ، ولا يعاود المعاصي ،
    وقد قيل هو الذي لا رياء فيه ، وقيل هو الذي لا يعقبه معصية .

    [4] . فالحديث أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وهو مخرج في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (1200) و الإرواء (769).

    [5]. جاء صريحاً في بعض الأحاديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :" من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه" ، وجاء بلفظ :" مَنْ حجَّ فلم ....." رواه البخاري ومسلم ، وفي رواية لمسلم ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمرو بن العاص :" ....وإن الحج يهدم ماقبله" ، وعن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :" تابعوا بين الحج والعمرة ، فإنهما يَنفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكيرُ خبث الحديد والذهب والفضة ، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة " ، رواه النسائي والترمذي وصححه ومعنى كلمة خبث : أي وسخ ، أما الكير فهي الآلة التي ينفخ بها الحداد والصائغ النار.

    [6] . العثيمين جلسات الحج .

    __________________
    ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّـهِ فَإِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾﴿سورة آل عمران؛ آية : ١٩﴾
    ـــــ
    يتبع بإذن الله تعالى

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    11

    افتراضي رد: أحكام الحج والعمرة والزيارة المباركة للمسجد النبوي الشريف

    [2]


    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [1]
    وقال عليه السلام " خذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد عامي هذا[2] "
    وقبل أن نبدأ في شرح بحثنا "أحكام الحج والعمرة والزيارة المباركة للمسجد النبوي الشريف" أجد أنه لزاماً عليَّ أن أحذر من بعض المعاصي التي يكثر ابتلاء الناس بها ويحرمون بالحج ولا يشعرون إطلاقا بأن عليهم الإقلاع عنها ذلك لجهلهم وغلبة الغفلة عليهم وتقليدهم لآبائهم[3] .
    1 -الشرك بالله عز وجل :
    فإن من أكبر المصائب التي أصيب بها بعض المسلمين جهلهم بحقيقة الشرك الذي هو من أكبر الكبائر ومن صفته أنه يحبط الأعمال :" لئن أشركت ليحبطن عملك " [ محمد: 65] . فقد رأينا[4] كثيرا من الحجاج يقعون في الشرك وهم في بيت الله الحرام وفي مسجد النبي عليه السلام يتركون دعاء الله والاستغاثة به إلى الاستعانة بالأنبياء و بالأموات من الصالحين ، ويحلفون بهم ويدعونهم من دون الله عز وجل والله عز وجل يقول :" إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير " [ فاطر :14] .
    والحلف بهم تعظيماً لهم ، فيبطلون بذلك حجهم ، قال تعالى :" لئن أشركت ليحبطن عملك " .
    والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا وفي هذه كفاية لمن فتح قلبه للهداية . إذ ليس الغرض الآن البحث العلمي في هذه المسألة وإنما هو التذكير فقط .
    فليت شعري ماذا يستفيد هؤلاء من حجهم إلى بيت الله الحرام إذا كانوا يصرون على مثل هذا الشرك ويغيرون اسمه فيسمونه : توسلا وتشفعا وواسطة أليس هذه الواسطة هي التي ادعاها المشركون من قبل يبررون بها شركهم وعبادتهم لغيره تبارك وتعالى :" والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " [ الزمر : 3] .

    فيا أيها الحاج!
    قبل أن تعزم على الحج يجب عليك وجوباً عينياً أن تبادر إلى معرفة التوحيد الخالص وما ينافيه من الشرك وذلك بدراسة كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فإن من تمسك بهما نجا ومن حاد عنهما ضل . والله المستعان [5].

    2 - التزين بحلق اللحية :
    وهذه المعصية من أكثر المعاصي شيوعا بين المسلمين في هذا العصر بسبب استيلاء الكفار على أكثر بلادهم ونقلهم هذه المعصية إليها وتقليد المسلمين لهم فيها مع نهيه صلى الله عليه وسلم إياهم عن ذلك صراحة في قوله عليه السلام :" خالفوا المشركين ؛ احفوا الشوارب وأوفوا اللحى" [6]
    وفي حديث آخر:
    " وخالفوا أهل الكتاب " .
    وفي هذه القبيحة عدة مخالفات :
    الأولى: مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم الصريح بالإعفاء ؛
    الثانية : التشبه بالكفار .
    الثالثة : تغير خلق الله الذي فيه طاعة الشيطان في قوله كما حكى الله تعالى ذلك عنه :" ولآمرنهم فليغيرن خلق الله " .
    الرابعة : التشبه بالنساء وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك [7] .

    وإن من المشاهدات التي يراها الحريص على دينه أن جماهير من الحجاج يكونون قد وفروا لحاهم بسبب إحرامهم فإذا تحللوا منه فبدل أن يحلقوا رؤوسهم كما ندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حلقوا لحاهم التي أمرهم صلى الله عليه وسلم بإعفائها . فإنا لله وإنا إليه راجعون .

    3 - تختم الرجال بالذهب :
    لقد رأينا كثيرا من الحجاج قد تزينوا بخاتم الذهب ولدى البحث معهم في ذلك تبين أنهم على ثلاثة أنواع :
    بعضهم لا يعلم تحريمه ولذلك كان يسارع إلى مزعه بعد أن نذكر له شيئا من النصوص المحرمة كحديث :" نهى صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب" [8] ، وقوله صلى الله عليه وسلم :" يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ؟[9] ".
    وبعضهم على علم بالتحريم ولكنه متبع لهواه فهذا لا حيلة لنا فيه إلا أن يهديه الله .
    وبعضهم يعترف بالتحريم ولكن يعتذر هو كما يقال أقبح من ذنب - فيقول : إنه خاتم الخطبة. ولا يدري المسكين أنه بذلك يجمع بين معصيتين: مخالفة نهيه صلى الله عليه وسلم الصريح كما تقدم وتشبه بالكفار لأن خاتم الخطبة لم يكن معروفا عند المسلمين إلى ما قبل هذا العصر ثم سرت هذه العادة إليهم من تقاليد النصارى ، فإن فيه أيضاً تشبهاً بالنصارى [10] .

    ثانيا : ننصح لكل من أراد الحج أن يدرس مناسك الحج على ضوء الكتاب والسنة قبل أن يباشر أعمال الحج ليكون تاما مقبولا عند الله تبارك وتعالى.

    ثالثاا : واحذر أيضا يا أخي من أن تمر بين يدي أحد من المصلين في المسجد الحرام وفي غيره من المساجد لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لو يعلم المار بين يدي المصلي ما ذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه )[11] . قال الراوي: لا أدري قال: أربعين يوما أو شهرا أو سنة.. وكما لا يجوز لك هذا فلا يجوز لك أيضا أن تصلي إلى غير سترة بل عليك أن تصلي إلى أي شيء يمنع الناس من المرور بين يديك . فإن أراد أحد أن يجتاز بينك وبين سترتك فعليك أن تمنعه . وفي ذلك أحاديث وآثار أذكر بعضها :
    1 " إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرجل فليصل ولا يبالي من مر من وراء ذلك " ( صحيح ) .
    2 إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره وليدرأ ما استطاع فإن أبى فليقاتل فإنما هو شيطان ) ( صحيح ) [12] .
    3 - قال يحيى بن كثير : " رأيت أنس بن مالك دخل المسجد الحرام فركز شيئا أو هيأ شيئا يصلي إليه "[13] .
    4 - عن صالح بن كيسان قال: " رأيت ابن عمر يصلي في الكعبة ولا يدع أحدا يمر بين يديه" [14] .
    ففي الحديث الأول إيجاب اتخاذ السترة وأنه إذا فعل ذلك فلا يضره من مر وراءها.
    وفي الحديث الثاني: إيجاب دفع المار بين يدي المصلي إذا كان يصلي إلى السترة وتحريم المرور عمدا وأن فاعل ذلك شيطان
    وليت شعري ما هو الكسب الذي يعود به الحاج إذا رجع وقد استحق هذا الاسم : ( الشيطان ) ؟
    والحديثان وما في معناهما مطلقان لا يختصان بمسجد دون مسجد ولا بمكان دوم مكان فهما يشملان المسجد الحرام والمسجد النبوي من باب أولى لأن هذه الأحاديث إنما قالها صلى الله عليه وسلم في مسجده فهو المراد بها أصالة والمساجد الأخرى تبعا. والأثران المذكوران نصان صريحان على أن المسجد الحرام داخل في تلك الأحاديث فما يقال من بعض المطوفين وغيرهم أن المسجد المكي والمسجد النبوي مستثنيان من النهي لا أصل له في السنة ولا عن أحد من الصحابة اللهم سوى حديث واحد روي في المسجد المكي لا يصح إسناده ولا دلالة فيه على الدعوى كما سيأتي بيانه في " بدع الحج " .

    رابعا: وعلى أهل العلم والفضل أن يغتنموا فرصة التقائهم بالحجاج في المسجد الحرام وغيره من المواطن المقدسة فيعلموهم ما يلزم من مناسك الحج وأحكامه على وفق الكتابة السنة وأن لا يشغلهم ذلك عن الدعوة إلى أصل الإسلام الذي من أجله بعثت الرسل وأنزلت الكتب ألا وهو التوحيد فإن أكثر من لقيناهم حتى ممن ينتمي إلى العلم وجدناهم في جهل بالغ بحقيقة التوحيد وما ينافيه من الشركيات والوثنيات كما أنهم في غفلة تامة عن ضرورة وجوع المسلمين على اختلاف مذاهبهم وكثرة أحزابهم إلى العمل الثابت في الكتاب والسنة في العقائد والأحكام والمعاملات والأخلاق والسياسة والاقتصاد وغير ذلك من شؤون الحياة وأن أي صوت يرتفع وأي إصلاح يزعم على غير هذا الأصل القويم والصراط المستقيم فسوف لا يجني المسلمون منه إلا ذلا وضعفا والواقع أكبر شاهد على ذلك والله المستعان.
    ــــــ
    المراجع :


    [1]. سورة آل عمران ، آية 97.

    [2] . الحديث صحيح ، خرجه الألباني في حجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

    [3]. الإمام محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ مع التصرف . (حجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم )

    [4]. القول للإمام الألباني ( حجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم)

    [5] . الألباني؛ حجة النبي .

    [6] . صحيح ، رواه شيخان

    [7] . انظر تفصيل هذا الإجمال في كتاب الألباني : (آداب الزفاف في السنة المطهرة) (ص 126 - 131). (حجة النبي )

    [8] . صحيح ، متفق عليه .

    [9] . صحيح ، رواه مسلم .

    [10] . وقد فصل الإمام الألباني القول في هذه المسألة في (آداب الزفاف) أيضا (ص 131 - 138) وبين فيه أن النهي المذكور يشمل النساء أيضا خلافاً للجمهور فراجع (ص 139 - 167) فإنه مهم جدا.

    [11] . فهذا نص عام يشمل كل مارٍ ومصلٍ ، ولم يصح حديث استثناء المار في المسجد الحرام ، وعليك أن تصلي فيه كغيره إلى سترة ، لعموم الأحاديث الوارده في ذلك ، وفيه آثار خاصة عن بعض الصحابة والحديث صحيح . رواه الشيخان في صحيحيهما

    [12] . حديثان صحيحان مخرجان في " صفة الصلاة " ( 51 / 53 الطبعة الثالثة ) .

    [13] . رواه ابن سعد (7/18) بسند صحيح

    [14] . صحيح ، رواه أبو زرعة الرازي في تاريخ دمشق ، 91/1 وكذا ابن عساكر في (تاريخ دمشق)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •