هذه اللفظة من ألفاظ الصلاح التي يوسم بها العُبَّاد، ويفترق وصف أهل السُّنَّة عن وصف أهل التصوّف الغالي للناس بهذا الوصف وغيره كوصفهم لأئمة الضلال عندهم بالنقباء والنجباء والأقطاب .. الخ.
فلفظة "الأبدال" يستعملها أهل الحديث والسُّنَّة، ويستعملها أهل التصوِّف الغالي المبتدع، ولكلِّ وجهة في معناها.
وفي استعمال أهل السُّنَّة للَّفظة يقول شيخ الإسلام في آخر العقيدة الواسطيَّة: ".. ومنهم أعلام الهدى ومصابيح الدجى أولوا المناقب المأثورة والفضائل المذكورة وفيهم الأبدال، وفيهم أئمة الدين الذين أجمع المسلمون على هدايتهم..".
ويقول في الفتاوى: ".. وأما أهل العلم فكانوا يقولون هم الأبدال؛ لأنَّهم أبدال الأنبياء وقائمون مقامهم حقيقة ليسوا من المعدمين الذين لا يعرف لهم حقيقة كل منهم يقوم مقام الأنبياء في القدر الذي ناب عنهم فيه هذا في العلم والمقال وهذا في العبادة والحال وهذا في الأمرين جميعا وكانوا يقولون هم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة الظاهرون على الحق..".
ومن وصف بهذا الحرف الذي سألت عنه الأخت من أهل الحديث والسُّنَّة بالمعنى الذي عند أهل السُّنَّة طائفة كثيرة، ومنه قول ابن المبارك: "إن كان أحدٌ بخراسان من الأبدال فمعدان"، ومنه قول شهاب بن معمر البلخي: "كان حماد بن سلمة يعد من الابدال"، وقول وكيع: "إن كان أحد من الابدال، فهو محمد بن يزيد"...
واستعمال مثل هذا الوصف لأهل الصلاح في كلام أبي حاتم الرازي وابنه -ومن ينقل عنه- كثير، كما يرى ذلك مبثوثًا في كتاب الجرح والتعديل للابن.
وفي استعمال أهل التصوّف الغالي يقول اين تيمية رحمه الله في الفرقان: ".. كل حديث يروى عن النبي صلى الله عليه و سلم في عدة الأولياء والأبدال والنقباء والنجباء والأوتاد والأقطاب مثل أربعة أو سبعة أو اثني عشر أو أربعين أو سبعين أو ثلاثمائة أو ثلاثمائة وثلاثة عشر أو القطب الواحد فليس في ذلك شيء صحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم ولم ينطق السلف بشيء من هذه الألفاظ إلا بلفظ الأبدال
وروي فيهم حديث أنهم أربعون رجلا وأنهم بالشام وهو في المسند من حديث علي كرم الله وجهه وهو حديث منقطع ليس بثابت..".
وكلام ابن تيمية رحمه الله على هذا الحرف كثير مبسوط في كتبه، ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.. والله أعلم.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان البخاري
فائدة: في نفس الكلمة -بحرفها- التي سألت عنها الأخت "البدلاء" قول موسى بن هارون: سُئِل أحمد: أين نطلب البدلاء؟ فسكت، ثم قال: "إن لم يكن من أصحاب الحديث فلا أدري".
الأحاديث والآثار الواردة في هذا جاءت بهذا وذاك، بدلاء، وأبدال.
وقد علَّق الألباني رحمه الله في الضَّعيفة بعد تضعيفه الأحاديث الواردة في الباب فقال: "هذه الروايات وغيرها مما روي تلتقي كلها على الاعتراف بوجود الأبدال، ويشهد لذلك استعمال أئمة الحديث كالشافعي وأحمد والبخاري وغيرهم لهذا اللَّفظ، فنجدهم كثيرا ما يقولون: فلان من الأبدال. ونحو ذلك.
وأما عددهم ومكانهم، فالروايات مضطربة جدا، لا يمكن الاعتماد على شيءٍ منها...".