تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: تصحيح حديث صفوان بن المعطل في قصته مع امرأته؟

  1. #1

    افتراضي تصحيح حديث صفوان بن المعطل في قصته مع امرأته؟

    قال أبو يعلى في ( مسنده) [رقم/1037 ]: ( حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح : عن أبي سعيد قال : جاءت امرأة صفوان بن المعطل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن صفوان يضربني إذا قرأت وينهاني أن أصوم ولا يصلي حتى تطلع الشمس ققام صفوان فقال : أما قولها : يضربني فإنها تقرأ بسورتي وأما قولها : ينهاني أن أصوم فأنا رجل شاب وأما قولها : لا يصلي حتى تطلع الشمس فإنا أهل بيت يعرف لنا ذلك لا نستيقظ حتى تطلع الشمس فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تصومي إلا بإذنه ولا تقرئي سورته وأمضا أنت يا صفوان فإذا استيقظت فصل).
    ****************************** *
    ‏1037- [
    صحيح
    ]: أخرجه أبو داود [رقم/2459]، ومن طريقه الخطيب في «الأسماء ‏المبهمة» [2/142-143/طبعة الخانجي]، وأحمد [80/3]، وولده في «زوائد المسند» ‏‏[80/3]، وأبو عوانة [2/ 227- 228]، وابن حبان [رقم/1488]، والحاكم [602/1]، ‏والطحاوي في المشكل [5/ 286/طبعة الرسالة]، وأبو العباس السراج في «حديثه» [2/ ‏‏381/طبعة الفاروق]، وفي «مسنده» [ص/ 422- 423/طبعة إرشاد الحق]، والبزار في ‏‏«‏مسنده‏»‏ كما في «فتح الباري» [462/8]، والبيهقي في سننه [رقم/8282]، وابن عساكر ‏في تاريخه [24/164-165]، وغيرهم من طرق عن جرير بن عبد الحميد عن الأعمش ‏عن أبي صالح السمان عن أبي سعيد به نحوه... وقد ساق أبو عوانة طرفًا منه فقط! ‏ولفظه: « جاءت امرأة إلى النبي ‏‏ وزوجها يختصمان إليه فقال النبي ‏‏: «لا تصومن ‏أحدكم إلا بإذن زوجها » وذكر الحديث». ‏
    قال الحاكم: «
    هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
    ».‏
    قلت:
    وقد توبع عليه جرير بن عبد الحميد عن الأعمش، تابعه: ‏
    ‏1-
    أبو بكر بن عياش
    عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري به نحوه... ‏إلا أن لفظه في آخره: « وَأَمَّا قَوْلُهَا إِنِّي أَضْرِبُهَا عَلَى الصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا تَقْرَأُ بِسُورَتَيْنِ ‏فَتُعَطِّلُنِ ، قَالَ: لَوْ قَرَأَهَا النَّاسُ مَا ضَرَّكَ، وَأَمَّا قَوْلُهَا إِنِّي لَا أُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ‏فَإِنِّي ثَقِيلُ الرَّأْسِ، وَأَنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ يُعْرَفُونَ بِذَاكَ بِثِقَلِ الرُّءُوسِ، قَالَ: فَإِذَا قُمْتَ ‏فَصَلِّ». أخرجه أحمد [3/84] ثنا أسود بن عامر ثنا أبو بكر به ...‏
    ‏2-
    وشريك القاضي:
    ولكن باختصار، أخرجه أبو عوانة ، والدارمي [رقم/1719]، من ‏طريق يزيد بن هارون عن شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري ‏عن النبي ‏‏ : «أنه قال لامرأة: لا تصومي إلا بإذنه». ‏
    ‏3-
    وسعد بن الصلت الفارسي
    – وهو شيخ صدوق – باختصار، أخرجه أبو عوانة ‏‏[2/227] كتب إليَّ شاذان حدثنا سعد بن الصلت عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي ‏سعيد الخدري قال: « أتت امرأة وزوجها رسول الله ‏‏ يختصمان إليه فقالت المرأة: يا ‏رسول الله إن زوجي هذا يأتيني وأنا صائمة؟ فقال رسول الله ‏‏ : لا تصومن امرأة ‏تطوعا إلا بإذن زوجها ». ‏
    ‏4-
    وأبو حمزة السكري
    : علقه عنه البخاري في تاريخه «الأوسط» [1/386/طبعة دار ‏الرشد] إشارة. ‏
    ‏5-
    وأبو عوانة الوضاح اليشكري
    : أخرجه أبو عوانة [2/227،228]، وابن سعد في ‏‏«الطبقات» [5/157/طبعة الخانجي]، والبخاري في «تاريخه الأوسط» » [1/386/طبعة ‏دار الرشد] – وعنده معلقًا إشارة – وأبو العباس السراج في «حديثه» [2/381/طبعة دار ‏الفاروق]، وفي «مسنده» [ص/ 422- 423/طبعة إرشاد الحق]، وغيرهم من طرق عن ‏أبي عوانة عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري به نحوه ... وهو عند ‏أبي عوانة باختصار.‏
    قلتُ: وإسناده من أصح ما يكون في الدنيا؟ ولا تسل عن سلسلة : «الأعمش عن أبي ‏صالح عن أبي سعيد» أو : «الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة»؟ فهاتان من ‏سلاسل الذهب الأحمر! وقد صرح الأعمش بالسماع عند ابن سعد فقال: «حدثنا أبو ‏صالح»، والإسناد إليه له نور يكاد يخطف الأبصار!، يرويه ابن سعد عن يحيى بن حماد الشيباني عن أبي ‏عوانة عن الأعمش به، لكن أعله بعضهم؟ فنقل صاحب «عون المعبود» [7/95] عن ‏المنذري أنه قال: «قال أبو بكر البزار: هذا الحديث كلامه منكر عن النبي ‏‏ ! وقال: ‏ولو ثبت احتمل إنما أمرها بذلك استحبابا، وكان صفوان من خيار أصحاب رسول الله ‏، وإنما أتى نُكْرَة هذا الحديث: أن الأعمش لم يقل حدثنا أبو صالح؟ فأحسب أنه ‏أخذه عن غير ثقة! وأمسك عن ذكر الرجل، فصار الحديث ظاهر إسناده حسن، وكلامه ‏منكر؛ لما فيه، ورسول الله ‏‏ كان يمدح هذا الرجل ويذكره بخير، وليس للحديث ‏عندي أصل»! وكذا نقل الحافظ في الفتح [462/8]، كلام البزار باختصار، فقال: ‏«‏ قال ‏البزار: هذا الحديث كلامه منكر؟ ولعل الأعمش أخذه من غير ثقة! ثم دلسه، فصار ‏ظاهر سنده الصحة! وليس للحديث عندي أصل!
    ‏»‏‏.
    ‏‎ ‎قلتُ: وهذا إعلال غريب؟ وقد تعقبه الحافظ فقال: ‏«‏وما أعله به ليس بقادح؛ لأن ابن ‏سعد صرَّح في روايته بالتحديث بين الأعمش وأبي صالح، وأما رجاله فرجال ‏الصحيح، ولما أخرجه أبو داود قال بعده: رواه حماد بن سلمة عن حميد ن ثابت ‏‏[قلتُ: عند أبي داود: عن حميد أو ثابت؟ هكذا بالشك!] عن أبي المتوكل عن النبي ‏، وهذه متابعة جيدة تُؤذن بأن للحديث أصلا، وغفل من جعل هذه الطريقة الثانية علة ‏الطريق الأولى!‏»‏‏ ‏‎ ‎قلتُ: ثم ردَّ الحافظ استنكار البزار وغيره لمتن الحديث، فقال: «وأما استنكار البزار ما ‏وقع في متنه، فمراده أنه مخالف للحديث الآتي قريبا من رواية أبي أسامة عن هشام بن ‏عروة عن أبيه عن عائشة في «قصة الإفك» قالت: « فبلغ الأمر ذلك الرجل فقال: ‏سبحان الله والله ما كشفت كنف أنثى قط» أي: ما جامعتها، و« الكنف » بفتحتين الثوب ‏الساتر، ومنه قولهم: «أنت في كنف الله» أي: في ستره، والجمع بينه وبين حديث أبي ‏سعيد على ما ذكر القرطبي: أن مراده بقوله: «ما كشفت كنف أنثى قط» أي: بزنا، قلت: ‏وفيه نظر؛ لأن في رواية سعيد بن أبي هلال عن هشام بن عروة في قصة الإفك: أن ‏الرجل الذي قيل فيه ما قيل لما بلغه الحديث قال: «والله ما أصبت امرأة قط حلالا ولا ‏حراما» وفي حديث ابن عباس عند الطبراني: «وكان لا يقرب النساء» فالذي يظهر: أن ‏مراده بالنفي المذكور ما قبل هذه القصة، ولا مانع أن يتزوج بعد ذلك، فهذا الجمع لا ‏اعتراض عليه، إلا بما جاء عن ابن إسحاق أنه كان حصورا، لكنه لم يثبت، فلا يعارض ‏الحديث الصحيح
    ».‏
    قلت: وهذا جواب حسن رائق، وهو حرام على غير الحافظ أن يرسمه بقلم! وقد رأيت ‏الحافظ قد صحح سنده في «الإصابة» [3/441] لكنه قال: «ولكن يشكل عليه: أن ‏عائشة قالت في حديث الإفك: « إن صفوان قال: والله ما كشفت كنف أنثى قط» وقد ‏أورد هذا الإشكال قديما البخاري، ومال إلى تضعيف حديث أبي سعيد بذلك، ويمكن ‏أن يجاب: بأنه تزوج بعد ذلك».

    قلت: ولفظ عبارة البخاري في «تاريخه الأوسط» [1/386/طبعة دار الرشد]: «حَدَّثَنَا ‏محمد , قال : حدثني، الأويسي ، قال : حَدَّثَنَا إبراهيم بن سعد عن صالح ، عنِ ابن ‏شهاب قال عُروَة قالت عائشة: « والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل، تعني: صفوان بن ‏المعطل السلمي ثم الذكواني، ليقول: سبحان الله فو الذي نفسي بيده ما كشفت من ‏كنف أنثى قط، قالت: ثم قتل بعد ذلك في سبيل الله» هذا في قصة الأفك، وقال أبو ‏عوانة وأبو حمزة عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد: جاءت امرأة صفوان بن ‏المعطل النبي ‏‏ فقالت إن صفوان يضربني
    ».‏
    قلت: وكون البخاري يميل بصنيعه هذا إلى تضعييف حديث أبي سعيد = فيه نظر ‏عندي؟ وزعم بعض أصحابنا أن أبا داود أيضًا قد أشار إلى إعلال حديث أبي سعيد ‏بقوله عقب روايته: « رواه حماد يعني ابن سلمة عن حميد أو ثابت عن أبي المتوكل ‏عن النبي ‏‏»، وفي ذلك نظر أيضًا، قد شرحناه مع الذي قبله في «غرس الأشجار
    ». ‏
    ولكني أعرفك هنا شيئًا:
    وهو أن الحافظ الناقد إذا وقف على حديث متنه منكر مع كون ‏سنده ظاهره الصحة! تطلَّب له ما يصح إعلاله به من إرسال غامض! أو تدليس خفي! ‏أو غير ذلك من وجوه العلل المعروفة؟ فإن عجز عن ذلك لكون إسناده ليس فيه مغمز! ‏اندفع إلى إعلاله بما ظاهره ليس بعلة! كأن يزعم أنه قد أدْخِل على بعض رجاله من ‏الثقات؟ أو دلسه من لم يُعرف بالتدليس؟ أو من لم يكن مشهورًا به، أو أنه تفرد به فلان ‏الثقة ولم يتابع عليه؟
    وهذا الخطب: يقع فيه جماعات من النقاد المتقدمين وبعض ‏المتأخرين، ويكون الحامل لهم على ذلك: هو غرابة المتن ونكارته، ومصادمته لأصول ‏ثابتة عند الناقد! كما فعل الحافظ البزار في حديث أبي سعيد هنا، فإنه استنكر متنه، ‏فشرع في تطلب علة ظاهرة لإسناده فلم يجد؟ فاندفع إلى إعلاله بما ظاهره ليس بعلة ‏على التحقيق؟ وهو قوله: «لعل الأعمش أخذه من غير ثقة فدلسه، فصار ظاهر سنده ‏الصحة
    »! ولم يكن من عادة البزار أن يعل الأخبار بعدم تصريح الأعمش فيها بسماعه ‏أصلا! لكنه يرى أن هذا الإعلال كافيًا في إسقاط الحديث أرضًا!
    وأراه لو قيل له:
    بلى ‏قد صرح الأعمش بسماعه من أبي صالح من رواية يحيى بن حماد الثقة المأمون عن ‏أبي عوانة عنه، لَمَا كان يركن إلى هذا ! ولا يراه شيئًا! بل وما كان يقعد عن الجزم ‏بنكارة الحديث البتة! وإنما كان سيجول بنظره مرة أخرى في سند الحديث للوقوف ‏على علة أخرى كيفما اتفق له؟
    وقد مضى الجواب عن إعلاله الحديث سندًا ومتنًا بما ‏لا مزيد عليه، وبما يدفع النكارة رأسًا.
    وهنا أمرٌ آخر لا بد من التنبيه عليه: وهو أن ‏طرفًا من تلك الغرابة وهذه النكارة التي تجدها في كلام بعض النقاد، تكون مدفوعة ‏بقصور هذا الناقد عن الجمع بين صحاح الأخبار، ودرء التعارض عنها بدون تمحل ولا ‏تكلف! وليس بقليل بين النقاد مَنْ يعل بالنكارة والشذوذ متون عديدة يقرُّ هو بثبوت ‏أسانيدها، لكن قلة معرفته بمدلولات الألفاظ وضعْف آلته الفقهية، وعدم تمكنه من ‏أصول الأحكام، يدفعه كل ذلك إلى الإعلال بما ذكرته آنفًا! وقد جمعتُ جزءًا حافلا ‏في هاتيك الأحاديث والألفاظ التي زعم البعض شذوذها أو نكارتها، وهي عند التحقيق ‏النظر عارية عن كل هذا؟ وقد وقفتُ على إعلالات لمتون صحيحة الأسانيد من قبل ‏بعض النقاد هي في غاية الطرافة والغرابة! لكن هذا يكون خارجًا عن الأصل إن شاء ‏الله.

    __________________

  2. #2

    افتراضي رد: تصحيح حديث صفوان بن المعطل في قصته مع امرأته؟

    وحتى لا نُرْمَى بشهوة النقد! أو أننا متعطشون للعض والرد = فلا بأس من إيراد بعض الأمثلة على هذا الضرب من ‏الإعلالات العليلة! فنقول: من تلك التعليلات: ‏
    ‏1- قول ابن حبان في ترجمة: «أبان بن سفيان المقدسي» من «المجروحين» [1/99]: ‏‏«يروي عن الفضيل بن عياض وثقات أصحاب الحديث أشياء موضوعة! روى عنهم ‏فأكثر، روى عنه محمد بن غالب الأنطاكي، يروي عن الفضيل بن عياض عن هشام بن ‏عروة عن أبيه عن عبد الله بن عبد الله بن أبي: « أنه أصيبت ثنيته يوم أحد؛ فأمره رسول ‏الله ‏‏ أن يتخذ ثنية من ذهب» وروى عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال: ‏‏«نهى رسول الله ‏‏ أن يصلي الإنسان إلى نائم أو متحدث» رواهما عنه محمد بن غالب ‏الأنطاكي» ثم قال ابن حبان: « وهذان الخبران موضوعان! وكيف يأمر المصطفى ‏‏ ‏باتخاذ الثنية من ذهب وقد قال: «إن الذهب والحرير محرمان على ذكور أمتي وحل ‏لإناثهم»، وكيف ينهي عن الصلاة إلى النائم وقد كان ‏‏ يصلى بالليل وعائشة معترضة ‏بينه وبين القبلة، لا يجوز الاحتجاج بهذا الشيخ والرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار ‏للخواص
    ».‏
    قلت: كذا قال! وقد تعقبه الحافظ الذهبي في «الميزان» قائلا: «حكمك عليهما بالوضع ‏بمجرد ما أبديتَ = حكم فيه نظر، لا سيما خبر الثنية». وقال الحافظ في «اللسان»: « أما ‏خبر الثنية: فلم ينفرد به أبان بن سفيان، بل رُويَ من ثلاثة أوجه أخر عن هشام بن ‏عروة»، وقبله قال شيخه ابن النحوي في «البدر المنير» [5/‏‎ ‎‏574]: « قلت : وَحكمه عَلَى ‏الْوَضع بِمُجَرَّد هَذَا غير جيد ، وَقد أخرج هُوَ فِي «صَحِيحه» حَدِيث اتِّخَاذ الْأنف من ‏ذهب ، وَأي فرق بَينهمَا ؛ وَخص ذَلِك من النَّهْي كَمَا خص لبس الْحَرِير للحكة ‏وَغَيرهَ
    ا»
    قلت:
    وكذا حديث النهي عن الصلاة خلف النائم أو المتحدث ورد من طريقين عن ‏ابن عباس، وورد من حديث أبي هريرة أيضًا، وليس ثمة تعارض بين الحديثين حتى ‏يروق للناظر أن يحكم عليهما بالوضع؟ فأما تحريم الذهب على الرجال فهو حكم عام، ‏والترخيص به في الثنية حكم خاص، ولا تضارب بين العام والخاص عند فقهاء ‏الشريعة؟ وقد حرم الله الحرير، ثم جاء الإذن به لعبد الرحمن بن عوف من أجل حكة ‏كانت قد أصابتْه؟ ومثل ذلك النهي عن الصلاة خلف النائم؟ فإن الأحاديث الواردة في ‏ذلك وإن كانت معلولة عند النظر، إلا أنها ليس فيها ما يتعارض مع خبر عائشة في ‏اضطجاعها بين يدي النبي ‏‏ وهو قائم يصلي، فإنما كان هذا الفعل منها للضرورة من ‏ضيق البيت آنذاك، ألا ترى أن النبي ‏‏ كان إذا سجد غمزها فجمعتْ رجليها، فإذا قام ‏بسطتْهما مرة أخرى؟ فطاش بهذا ما ظنه ابن حبان من التعارض بين الحديثين، ولو أنه ‏كان وقف للتأمل قليلا؛ لما كان أقدم على الجزم بوضع الخبرين جميعًا؟ وإنما أُتيَ من ‏قِبل ما ذكرناه لك سابقًا.‏
    ‏2-
    ومن ذلك: حكْمُ ابن الجوزي بوضع حديث : «سدوا كل باب في المسجد إلا باب ‏على »، بدعوى أنه من وضع الرافضة قابلوا به الحديث المتفق على صحته: «سدوا ‏الابواب إلا باب أبي بكر » ! وقد تعقبه الحافظ في «القول المسدد» [ص/ 16/طبعة ‏مكتبة ابن تيمية]: فقال: « وهذا إقدام على رد الأحاديث الصحيحة بمجرد التوهم، ولا ‏ينبغي الإقدام على الحكم بالوضع إلا عند عدم إمكان الجمع، ولا يلزم من تعذر الجمع ‏في الحال أن لا يمكن بعد ذلك، إذ فوق كل ذي علم عليم، وطريق الورع في مثل هذا: ‏أن لا يحكم على الحديث بالبطلان، بل يتوقف فيه إلى أن يظهر لغيره ما لم يظهره له، ‏وهذا الحديث من هذا الباب، هو حديث مشهور له طرق متعددة كل طريق منها على ‏إنفرادها لا تقصر عن رتبة الحسن، ومجموعها مما يقطع بصحته على طريقة كثير من ‏أهل الحديث، وأما كونه معارضا لما في الصحيحين فغير مسلم، ليس بينهما معارضة، ‏وقد ذكر البزار في مسنده أن حديث: « سدوا كل باب في المسجد إلا باب علي» جاء ‏من رواية أهل الكوفة، وأهل المدينة يروون: « إلا باب أبي بكر» قال: فإن ثبتت روايات ‏أهل الكوفة فالمراد بها هذا المعنى، فذكر حديث أبي سعيد الذي سأذكره بعد، قال: ‏على أن روايات أهل الكوفة جاءت من وجوه بأسانيد حسان
    ».‏
    ‏3-
    ومنها: ما حكم به ابن الجوزي مِنْ وضْعِ حديث: « من احتكر طعاما أربعين ليلة ‏فقد برئ من الله وبرئ الله منه» لما قد يكون فهمه من ظاهر المتن من الوعيد الموجب ‏للبراءة ممن فعل ذلك وهو لا يكفر بفعل ذلك؟ وقد تعقب الحافظ في «القول المسدد» ‏‏[ص/ 21] هذا الفهم، فقال: « إن هذا من الأحاديث الواردة في معرض الزجر والتنفير ‏ظاهرها غير مراد، وقد وردت عدة أحاديث في الصحاح تشتمل على البراءة وعلى نفي ‏الإيمان، وعلى غير ذلك من الوعيد الشديد في حق من ارتكب أمورا ليس فيها ما ‏يخرج عن الإسلام، كحديث أبي موسى الأشعري في «الصحيح» في البراءة ممن حلق ‏وسلق، وحديث أبي هريرة: « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» إلى غير ذلك مهما ‏حصل من الجواب عنها، ولا يجوز الإقدام على الحكم بالوضع قبل التأمل والتدبر
    ».‏
    قلت: ولابن الجوزي في هذا المضمار هفوات ليست بالقليلة؟ وقد كان يعتمد كثيرًا في ‏هذا المسلك على الحافظ أبي عبد الله الحسين بن إبراهيم الجوزقاني في كتابه: ‏‏«الأباطيل
    »! مع أن خطة الجوزقاني في هذا الكتاب مكشوفة جدًا، فكان لعدم اهتدائه ‏إلى وجوه الجمع بين الأحاديث التي ظاهرها التصادم = تراه يتجشم بالإقدام على ‏الجزم ببطلان جملة من الأخبار الثابتة! كما نبَّه على ذلك الحافظ الذهبي وابن حجر ‏وغيرهما.‏
    ‏4-
    ومن ذلك: قول الذهبي في «الميزان» [2/‏‎ ‎‏684] بعد أن ساق حديث ابن عمر: « خرج رسول الله ‏‏ ذات يوم وفي يده كتابان بتسمية أهل الجنة وتسمية أهل النار ‏بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم»، قال: « قلت: هو حديث منكر جدا، ويقضي أن ‏يكون زنة الكتابين عدة قناطير»! وقد تعقبه الحافظ في «اللسان» قائلا: « وليس ما قاله ‏من زنة الكتابين بلازم، بل هو معجزة عظيمة، وقد أخرج الترمذي لهذا المتن شاهدا»، قلت:
    ‏ولأبي بكر ابن العربي وغيره كلام جيد في تأويل هذا الحديث ونفْي النكارة عنه، ‏وللذهبي من أمثال هذا القبيل جملة.‏
    وقد تجمَّع عندي ما يزيد على الثلاثين مثالا
    على إقدام جماعة من النقاد على الجزم ‏بضعف وبطلان الثابت من الأخبار؛ بدعواهم تصادمها مع ما صح عندهم من الآثار، ‏وعند النظر والتحقيق = ترى الأخبار متقفة، والآثار متسقة، كلها آخذٌ بمعاطف بعض، ‏ومنتظمة في سِلك ذلك العرْض، وما أُتيَ المنتَقِد إلا من قصور باعه، وقلة اطلاعه على ‏وجوه الجمع – بدون تكلف- بين هاتيك الأحاديث، وقد أفردتُها في جزء مفرد كما ‏ذكرتُ ذلك سابقًا.‏
    ‏ إذا عرفتَ هذا: فاعلم أن هذا الحديث صحيح ثابت كالشمس، لا شك فيه ولا لبْس
    ! ‏وقد سبق أن أبا داود ذكر في سننه [746/1]، أن حماد بن سلمة قد رواه عن حميد أو ‏ثابت- وهو البناني- عن أبي المتوكل به ... مرسلا، وهذا الطريق قد أخرجه الحارث ‏في «مسنده» [1/ رقم 232 / زوائده]، ولكن من طريق حماد عن ثابت عن أبي المتوكل ‏به نحوه... ‏
    قلت:
    وسنده صحيح مع إرساله، وهو مما يقوي حديث أبي سعيد، وليس بعلة له كما ‏نقله الحافظ عن بعضهم؟ وكما استروح إليه بعض أصحابنا من المتأخرين!
    وقد وجدت ‏له شاهدًا مرسلا آخرًا: عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي: « أن امرأة شكت زوجها ‏إلى النبي ‏‏ أنه يضربها! قال: فأتى النبي ‏‏ فقال: إنها تصوم بغير إذني! فقال لها النبي ‏‏: لا تصومي إلا بإذنه، فقالت: إنه إذا سمعني أقرأ سورة من القرآن يضربني! قال: ‏فقال: إن معي سورة ليس معي غيرها هي تقرؤها! قال: لا تضربها فإن هذه السورة لو ‏قسمت على الناس لوسعتهم! قالت: إنه ينام عن الصلاة! قال: إنه شيء ابتلاه الله به فإذا ‏استيقظ فليصل
    » أخرجه الخطيب في «الأسماء المبهمة» [2/142/طبعة الخانجي]، من ‏طريق موسى بن عامر- وهو ابن عمارة الخريمي- قال: حدثنا عيسى بن خالد- وهو ‏اليمامي - عن شعبة عن أبي بشر جعفر بن إياس عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي به ‏‏...‏
    قلت: وسنده صالح، وعبيد الله بن عبيد بن عمير تابعي ثقة مشهور، وقد قال الخطيب ‏عقب روايته: «هذا الرجل- يعني المذكور في الحديث -: صفوان بن المعطل ‏الذكواني، الحجة في ذلك ... » ثم ساق حديث أبي سعيد، وقد بسطنا تخريج هذا ‏الحديث مع الرد على من ضعفه متنًا وسندًا في كتابنا: «غرس الأشجار بتخريج منتقى ‏الأخبار» والله المستعان لا رب سواه.‏‎ ‎

    انتهى بحروفه من: ( رحمات الملأ الأعلى بتخريج مسند أبي يعلى ) [رقم/1037 ].

    __________________

  3. #3

    افتراضي رد: تصحيح حديث صفوان بن المعطل في قصته مع امرأته؟

    بارك الله فيك وزادك الله علما
    أخي الحبيب
    الذي يظهر لي أن الحديث ضعيف لايصح
    والسبب هو ما أشار إليه البزار من خوف تدليس الأعمش
    أما ماورد من التحديث عند ابن سعد فلا عبرة به ولاحجة فيه لدى المتأمل لجميع أسانيده
    وما أشارله الكباركالبخاري وأبو داود والبزار والذهبي وغيرهم من تضعيف للحديث هو الصحيح وهو الأقرب

    والله الموفق.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    الدولة
    الاسكندرية - مصر
    المشاركات
    1,050

    افتراضي رد: تصحيح حديث صفوان بن المعطل في قصته مع امرأته؟


    قلت في هذا الرابط :
    http://majles.alukah.net/showthread.php?p=349283

    عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاءت امرأة صفوانَ بنِ المعطَّل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده، فقالت: يا رسول الله، إن زوجي صفوانَ بنَ المعطَّل، يضربني إذا صليت، ويفطِّرني إذا صمت، ولا يصلِّي صلاة الفجر حتى تطلعَ الشمس. قال: وصفوان عنده، قال: فسأله عما قالت؟ فقال: يا رسول الله، أماقولها: يضربني إذا صليت، فإنها تقرأ سورتين، فقد نهيتها عنها، قال: فقال: ((لو كانت سورةً واحدةً لكفت الناس))، وأما قولها: يفطِّرني، فإنها تصوم وأنا رجلٌ شابٌّ فلاأصبر، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ: ((لا تصومنَّ امرأةٌ إلاّ بإذن زوجها)). قال: وأما قولها: بأني لا أصلي حتى تطلع الشمس، فإنّا أهل بيت قد عرف لنا ذاك، لانكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس، قال: ((فإذا استيقظت فصل)).

    أخرجه أحمد في مسنده ، و أبو داود في سننه ، و أبو يعلي في مسنده ، و أبو عوانة في مستخرجه ، و الطحاوي في مشكل الآثار ، و ابن حبان في صحيحه ، و الحاكم في مستدركه ، و البيهقي في السنن الكبرى ، و الخطيب في الأسماء المبهمة ، و ابن عساكر في تاريخه ، كلهم من طريق جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري .

    قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات ، و صححه العلامة الألباني رحمه الله ، و الشيخ المحدث أبو إسحاق الحويني حفظه الله .

    قلت : و يخشى من تدليس الأعمش ، إلا أن أبي صالح السمان من شيوخه الذين أكثر عنهم ، و عنعنته محمولة على الاتصال ، ما لم يكن في الحديث نكارة ، و أرجو ألا يكون هذا الحديث منها ..


    قلت : فاعلاله بتدليس الأعمش ليس هنا محله ، و هذا الحديث قد أجيب عنه في علم مشكل الحديث بأجوبة حسنة ، ترفع عنه نكارة متنه ، فهو بذلك حديث صحيح ، و الله أعلم .


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: تصحيح حديث صفوان بن المعطل في قصته مع امرأته؟


  6. #6

    افتراضي رد: تصحيح حديث صفوان بن المعطل في قصته مع امرأته؟

    بارك ا لله فيك ياشيخ محمد فقد أغيتني برابطك القيم عن الرد

  7. #7

    افتراضي رد: تصحيح حديث صفوان بن المعطل في قصته مع امرأته؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن بن شيخنا مشاهدة المشاركة
    الذي يظهر لي أن الحديث ضعيف لايصح
    والسبب هو ما أشار إليه البزار من خوف تدليس الأعمش
    أما ماورد من التحديث عند ابن سعد فلا عبرة به ولاحجة فيه لدى المتأمل لجميع أسانيده
    وما أشارله الكباركالبخاري وأبو داود والبزار والذهبي وغيرهم من تضعيف للحديث هو الصحيح وهو الأقرب
    .
    علة الحديث الحقيقية عند من أعله: هي وجود النكارة في أذواقهم؟ ولا يلزم وجودها عند سواهم أصلا!
    ومع الجمع والتوفيق بين المتعارض من الألفاظ في هذا الباب بخصوص صفوان = تطيش كل المحاولات في النيل من هذا الحديث الشريف!
    وقد أخطأ من زعم أن تصريح الأعمش بالسماع من شيخه غير محفوظ عنه! وكون بعض النقلة قد رواه عن الأعمش - أو من دونه - فلم يذكر فيه سماعًا = ليس بناهض على ردِّ رواية من ذكر السماع من الثقات الأثبات! بل هذا يكون معدودًا من قبيل زيادة الثقة على التحقيق، كما بيَّن ذلك الشريف حاتم العوني في مواطن من كتابه ( المرسل الخفي ) فَقِفْ عليه هناك.
    على أن أكثر الغرماء لنا في هذا المقام: الأصل عندهم قبول عنعنة الأعمش، وإنما خالف من خالف منهم اعتبار هذا الأصل في هذا الحديث= لتوهم ما فيه من دعوى نكارة بعض ألفاظه! وليس من ذلك شيء عند من تأمَّل وتبصَّر.

  8. #8

    افتراضي رد: تصحيح حديث صفوان بن المعطل في قصته مع امرأته؟

    حفظ الله حبيبنا أبو المظفر
    قلتَ
    جعلك في الدنيا والآخربالفوز مظفر
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو المظَفَّر السِّنَّاري مشاهدة المشاركة
    وقد أخطأ من زعم أن تصريح الأعمش بالسماع من شيخه غير محفوظ عنه!
    أقول إسناد
    رواه الثقاة عن جريرعنه بالعنعنة
    وأبو بكر بن عياش عنه بالعنعنة
    و سعد بن الصلت عنه بالعنعنة
    ومحمد بن ميمون عنه بالعنعنة
    و يحيى بن غيلان أبي عوانة عنه بالعنعنة
    والإمام العظيم الذهلي عن يحي بن حماد نفسه عن أبي عوانة عنه بالعنعنة
    ومحمد بن عبد الرحيم عن يحي بن حماد نفسه عن أبي عوانة عنه بالعنعنة
    فهل بعد هذ كله يكون ما رواه ابن سعد عن يحي بن حماد محفوظ
    لا أعتقد

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو المظَفَّر السِّنَّاري مشاهدة المشاركة
    علة الحديث الحقيقية عند من أعله: هي وجود النكارة في أذواقهم؟ ولا يلزم وجودها عند سواهم أصلا!
    أما ضعفه لنكارته فقط فليس بتلك القوة في ما أحسب
    وإن كان ذوق البزار أفضل من ذوقنا ألف مرة
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو المظَفَّر السِّنَّاري مشاهدة المشاركة
    على أن أكثر الغرماء لنا في هذا المقام: الأصل عندهم قبول عنعنة الأعمش،
    مايهما هو الصحيح والصحيح هو أن تدليس ألاعمش لا يحتج به كماتعلم حفظك الله
    وليس هنا مقام البسط في ذلك الموضوع

  9. #9

    افتراضي رد: تصحيح حديث صفوان بن المعطل في قصته مع امرأته؟

    تصحيح
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن بن شيخنا مشاهدة المشاركة
    و يحيى بن غيلان أبي عوانة عنه بالعنعنة
    و يحيى بن غيلان عن أبي عوانة عنه بالعنعنة
    وفي النفس من تصحيفه شيء

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •