الضرر يزال
تمتاز الشريعة الاسلامية عن غيرها من الأديان على الحفاظ على الحقوق البشرية بما يخدم إستمرار الحياة والعيش بشكل امن ودفع كل ماهو مخالف لها أو مافيه ضرر على المجتمع .
وإنطلاقاً من حرص العلماء على العلوم الشرعية والمتمثلة في القواعد الأصولية فقد ذكروا قاعدة جامعة مانعة في الضرر وهي قاعدة (الضرر يزال) وهي قاعدة متفرعة من القاعدة الكبرى(لاضرر ولاضرار )القاعدة التي تحمي في طياتها العديد من الأمور الهامة في جانب الضرر والإضرار بالغير وتبين حكم الشارع فيه بشكل موجز مدللاً عليها من الكتاب والسنة المباركة فقد قال صلى الله عليه وسلم "لاضرر ولاضرار" فهذا الحديث جاء أصلاً صريحاً في نفي الضرر والأضرار وأن الشريعة الإسلامية لاترغب بالضرر مطلقاً وأنه مخالف لهديها، فقد قال الله تعالى مبيناً لنا في عدد من الأمور من الضرر وتأكيداً لقول رسوله صلى الله عليه وسلم فقال تعالى:"واذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولاتمسكوهن ضراراً لتعتدوا" فهذا نهي من الله عز وجل في المضارة بالمطلقات ووجوب الرحمة بهن وإبعاد وإزالة كل ضرر ممكن بشكل خاص لهن وللمجتمع بشكل عام ؛ لأن الله عز وجل وصف الإمساك للأعتداد إضرار والإ ضرار يكون بهذا وبغيره (عام)وجميع الاضرار بكافة أنواعها منتفية في الشريعة .
فبعد التمعن والنظر في هذه القاعدة يتبن لنا مدى قوة القاعدة في استدلالاتها وحجيتها ومدى تطبيقها على الأرض الواقع بشكل كبير في كافة الأمور وعدم حصرها فيما وردت بها النص ؛لأن القاعدة الأصولية تقول: المطلق يجري على إطلاقه مالم يرد نص أو دلاله ، والأيات التي يستدل بها عامة تشمل جميع مايضر بالفرد مطلقاً
وبما أن الشريعة وضعت لنا قواعد أساسية نسير عليها ونتعرف من خلالها على الأضرار ونقدرها بناء على الأحداث النازلة التي لم يرد نص يخصها ، فإن استخدام القاعدة في ضبط هذه المسائل مطلوب ولعلنا نشير الى أبرز الظروف التي يمكن إعمال القاعدة فيها فمثلا: إيجاد صكوك لملكية العقارات لنفي وإبعاد الضرر الذي قد يحدث لو كانت لاتوجد هذه الوثيقة التي تبين الحق وملك صاحبها ،ففي السابق لايوجد مثل هذه فكان يحدث ضرر بإدعاء شخص ملكية عقار معين والأضرار بالمالك الجديد إذا حصل بيع وتسليم مال دون توثيق فالقاعدة وضعت ضابطاً لحفظ الحقوق وعدم الإضرار بأحد.
وبعد التطرق لمضمون قاعدة(الضرر يزال) تبين لنا عظم هذه القاعدة واثرها الكبير الذي لابد أن تؤخذ في الحسبان .
وهذا وصلى الله وبارك ...
كتبه: عبد الإله بن ناصر (127)