تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 19 من 19

الموضوع: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    المشاركات
    130

    افتراضي هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    هل سمع الشعبي من أم سلمة؟
    ملآ السنابل تنحني بتواضع *** والفارغاتُ رؤوسهن شوامخُ

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    الأظهر أنه لم يسمع منها رضي الله عنها.. وهو أصلاً لم يرو عنها إلا ثلاثة أحاديث فقط؛ فكيف يقول الحاكم: (ثُمَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَةَ عَنْهُمَا جَمِيعًا)؟! فهذا وهمٌ منه وعدم ضبط؛ ويبقى كلامه في (المعرفة) هو الأولى والمقدم.
    على أن كثيراً ممن ترجم للشعبي لم يذكر أم سلمة رضي الله عنها ممن سمع منهم؛ ومن ذكرها _ وهم قلة قليلة _ إنما ذكرها من أجل هذه الأحاديث.

    ويؤيده أن هذا الحديث قد روي عن الشعبي مرسلاً، وذلك من رواية زبيد وعاصم الأحول وابن أبي ليلى عنه؛ وانظر العلل للدارقطني سؤال رقم 783.
    ثم هو على فرض أنه رواه الشعبي مرسلاً؛ فقد صحح أهل العلم مراسيله.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    المشاركات
    130

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    أفدتَ القاري أثابك الباري ونفع بك
    يفهم من هذا أن الحديث عند أبي داود ضعيف بسبب الانقطاع،وتصحيح الألباني رحمه الله له باعتبار الاِعتداد بسماع الشعبي من أم سلمة .
    ملآ السنابل تنحني بتواضع *** والفارغاتُ رؤوسهن شوامخُ

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    وأثابك بالمثل ونفع أيضاً أخي الحبيب..

    نعم؛ هذا الأظهر.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  5. #5

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    الصحيح أن الشعبي سمع من أم سلمة, قال أبوعبيد الآجري في سؤالاته لأبي داود(171):
    سمعت أباداود قال: الشعبي سمع من أم سلمة وأم سلمة ماتت آخر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وقيل : صفية ماتت آخرهن. انتهى. واحتج من نفى سماعه منها بما نقله الحافظ ابن حجر في نتائج الافكار ( 1/155)عن علي بن المديني أنه قال في علله إن الشعبي لم يسمع من أم سلمة, ولم أره في العلل المطبوع فإن صح ما نقله الحافظ فإن المثبت مقدم على النافي, وخاصة مع إمكانية السماع كما هو الحال هنا, وعليه فإن الحديث الذي رواه أبوداود في سننه من طريق منصور بن المعتمر عن الشعبي عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اذا خرج من بيته( اللهم أني أعوذ بك أن أضل أو أضل .......) حديث صحيح, وقد ذكر الدارقطني الحديث في علله برقم (3964) وذكر ما وقع في إسناده من اختلاف وأن بعضهم رواه عن الشعبي مرسلاً بإسقاط أم سلمة ثم قال: "والمحفوظ حديث منصور ومن تابعه", أي بذكر أم سلمة في الإسناد, قلت: وقد يؤخذ من قول الدارقطني أن بعضهم رواه عن الشعبي مرسلاً أن رواية من رواه عن الشعبي عن أم سلمة ليس فيها إرسال فإن استقام لنا هذا فالحمدلله, وإلا فالعمدة على إثبات أبي داود سماعه منها, والله أعلم.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    بارك الله فيك أخي (عبد الكريم) ونفع بك.. وإن أذنت لي رحمك الله فإن لي بعض الوقفات.

    أولاً: رأي الإمام أبي داود رحمه الله هو ما نقله عنه الشيخ من سؤالات الآجري له.. ولهذا أخرجه في سننه مسكوتاً عنه مرتضياً أنه سمع منها رضي الله عنها.
    ويبقى هذا قولٌ لأبي داود رحمه الله قد ورد عن غيره من الأئمة خلافه.. فليس في النقل ترجيح ولا تأييد.. وكونه يكتفي بمجرد القرائن المرجحة لا يعني الإثبات للسماع.

    ثانياً: كون الشيخ ينفي وجود نص نفي السماع في المطبوع من العلل فهذا غريب منه أيده الله؛ فهل طبع كتاب العلل كاملاً حتى يقول مثل هذا؟! وهل حوى هذا الكتاب جميع أقوال الإمام ابن المديني في العلل؟! لابد من تحرير هذا الكلام من الشيخ وفقه الله.
    وعندي أن نقل الإمام ابن حجر للكلام = نقل ثقةٍ معتبرٌ موثوق به.. وكونه نسبه وحدد موطنه يعطي طمأنةً بصحة النقل والكلام. فتأمل

    ثالثاً: قول الشيخ (المثبت مقدم على النافي) قاعدة غير منضبطة ولا مطردة. فتنبه
    ولا يعني الإثبات تأخير النفي؛ والعبرة بالقائل ودواعي القول. فتأمل
    فلا يسلم هذا الكلام دليلاً من الشيخ في إثبات السماع.. فالمعنى على الحق أين هو؛ لا على قاعدة لا تطرد ولا تنضبط.
    وكونه يستند على إمكانية السماع فقط فهذا حقيقة تعميمٌ لهذه القاعدة وتبرير لها يلزمه أن ينزله على كل من كان مثل الشعبي من الرواة في السماع من بعض الصحابة المختلف في سماعهم؛ وهذا لا يستطيعه ولن يستطيعه لورود نقل الأئمة عدم السماع المصرح المتحقق من بعض الرواة مع إمكانية اللقاء أيضا. فتأمل

    رابعاً: تصحيحه لحديث أبي داود بناءً على ما توصل إليه هو من نتيجة وفقه الله؛ بل قد سبقه إلى تصحيحه _ تجاوزاً _ الإمام ابن داود رحمه الله من حيث أنه يقول بالسماع، وأنه سكت عنه في سننه.

    خامساً: أما تمسكه بقول الإمام الدارقطني (والمحفوظ حديث منصور ومن تابعه) في إمكان السماع؛ فغريبٌ من الشيخ هذا التوصل وهذا الاستدلال!!
    وهل في كون هذا الطريق للحديث من رواية أم سلمة هو المحفوظ تصريحٌ بالسماع أو إمكانه؟!!
    هناك فرقٌ أخي الحبيب بين كون هذا الطريق محفوظ، وبين كونه متصل الإسناد. فتأمل
    وعليه: فقوله الذي قاله الأخير الذي استنتجه من كلام الإمام الدارقطني غير مسلم له وفقه الله؛ وليس استنتاج مقبولٌ في ترجيح الوصل وعدم الإرسال.

    سادساً: قوله في آخر كلامه: (وإلا فالعمدة على إثبات أبي داود سماعه منها).. هذا إلزام وتعميد بغير عمد.. وتحجيرٌ واطراحٌ لأقوال الأئمة الأخرى، وقد مضى بيان هذه النقطة.. ثم الإمام أبو داود لم يثبت السماع يقيناً رحمك الله؛ بل أثبته لقرينةٍ ممكنة. فتأمل

    سابعاً: لا يعني هذا الكلام مني اختيار أي قول من الأقوال.. أبدا، _ وإن كنت أميل إلى أن الأظهر كما سبق عدم السماع _ ولكن أردت بكلامي هذا توضيح ما جاء في كلام الشيخ من أمور لا يحسن ترك بيانها وتوضيحها.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  7. #7

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    يقول رداُ على الأخ السكران التميمي:

    لو أوقفني أحد على نص أبي داود في إثباته سماع الشعبي من أم سلمة لقلت له: "جزيت خيرا على هذه الفائدة العزيزة" لأنه نص مثبت من إمام حافظ ناقد حجة؛ يقابل نصاً نافياً من إمام حافظ ناقد حجة لكن للأسف لم يفعل أخونا التميمي ذلك ولننظر في كلام أخينا.
    أولاً: قول أخينا التميمي في رده على أخينا ابن الطيب : "الأظهر أنه لم يسمع منها رضي الله عنها" , لم يذكر مستنده وهل هو اجتهاد منه أو تقليد لغيره؟ وهل وقف على قول علي بن المديني في نفيه سماعه منها أم لا؟ اللهم إلا إذا كان قد ذكر ذلك في مقال آخر, ومع ذلك كان ينبغي أن يذكر مستنده.
    ثانياً: قوله عن الحاكم: "فهذا وهم منه وعدم ضبط", لاينبغي استعمال مثل هذه الالفاظ التي قد توهم الحط من قدر هؤلاء العلماء, وأن الناقد لهم أعلم منهم بهذا الشأن, والذي ينبغي سلوك الأدب معهم.
    ثالثاً: قوله: "على ان كثيراً ممن ترجم للشعبي لم يذكر أم سلمه ممن سمع منهم", قلت: المعروف في كتب الجرح والتعديل أنهم يفرقون بين الرؤية والرواية ولا يفرقون بين الرواية والسماع, فيقولون: "رأى فلاناً" أي: ولم يسمع منه, و"روى عن فلان" أي: وسمع منه, فإن كان هناك انقطاع ذكروه فهم يطلقون الرواية ويريدون السماع, هذا هو الغالب, ولهذا قال الحافظ المزي في تهذيب الكمال في ترجمة الشعبي: "روى عن أسامة بن زيد وأنس بن مالك.. وطلحة بن عبيدالله ولم يسمع منه ..وعبدالله بن عمر وابن عمرو وابن مسعود ولم يسمع منه ..وأم سلمة" ولم يقل ولم يسمع منها, فظاهر كلامه أنه سمع منها, ولسنا بحاجة الى هذا الظاهر بعد تصريح أبي داود بسماعه منها, نعم البخاري يفرق بين مطلق الرواية والسماع على أصله في اشتراط السماع فيقول سمع من فلان وروى عن فلان, وإن كان مراد أخينا أن بعضهم لم يذكر أم سلمة فيمن روى عنهم الشعبي, نقول: لا يلزم من عدم ذكر بعضهم لها فيمن روى عنهم الشعبي ألا يكون روى عنها بل وسمع منها.
    رابعاً قوله: ويؤيده ( أي عدم سماعه منها) أن هذا الحديث قد روي عن الشعبي مرسلاً فيؤخذ من كلامه أنه إذا وقع اختلاف على التابعي في ذكرالصحابي فمنهم من رواه عنه بذكر الصحابي ومنهم من رواه عنه بإسقاطه أن ذلك يدل على عدم سماع التابعي من الصحابي وهذا غريب جداً فهل يمكن أن يقول أحد أنه اذا اختلف على هشام بن عروة مثلاً فمنهم من رواه عنه عن أبيه عن عائشة ومنهم من رواه عنه عن أبيه مرسلاً بإسقاط عائشة أن في هذا دليل على أن عروة لم يسمع من عائشه لأنه روي عن عروة مرسلاً؟ هذا لا يمكن أن يقوله من شم رائحة هذا العلم, إذن هذه قرينة ساقطة, لكن هناك قرائن معتبرة عند الحفاظ في معرفة عدم سماع الراوي ممن روى عنه منها أن لا يعرف للراوي سماع ممن روى عنه (كأن لا يثبت من طريق صحيح تصريحه بالسماع ممن فوقه) مع إدخال واسطة بينه وبين من روى عنه أحيانا, فهنا يقوى القول بعدم سماعه منه فإن نفى سماعه منه حافظ ناقد تعين عدم السماع, فلو أن الشعبي أدخل واسطة بينه وبين أم سلمة لقلنا بعدم سماعه منها, خاصة مع نفي علي بن المديني سماعه منها, لكن إذا وجد حافظ ناقد يثبت السماع فإن هذه القرينة تسقط كما هو الحال هنا, حيث أثبت أبوداود سماعه منها وقول سليمان مقدم على نفي علي, لأنه مثبت وعلي ناف, وقول أخينا التميمي في رده علي: "ويبقى هذا قول لأبي داود قد ورد عن غيره من الأئمة خلافه", فأقول إن أباداود حافظ ناقد حجة فقوله معتبر بلا شك, وقوله: "قد ورد عن غيره من الأئمه خلافه"؛ فأقول: "الأئمة جمع وأقل الجمع ثلاثة على المشهور" وهو لم يرد إلا عن علي بن المديني! فلا داعي للتهويل, ثم إن أخينا لم يعرج ولا على قول علي؛ فلا أدري على ماذا اعتمد في نفي السماع؟ وقوله: "فليس في النقل ترجيح ولا تأييد" فهذا غريب, لأن العمدة في هذا الباب على كلام الحفاظ المتقدمين لما لهم من سعة الاطلاع ومعرفتهم التامة بتأريخ ميلاد الراوي ووفاته وتنقلاته, وهذه الميزة ليست لأحد من المتأخرين, ولا أظن أخي التميمي يدعي لنفسه ذلك, وقوله: "وكونه يكتفي بمجرد القرائن المرجحة لايعني الإثبات للسماع", فأقول: أبوداود جزم بالسماع ولم يبن ذلك على قرينة كما ادعاه أخونا التميمي, وأما قول أبي داود بعد ذلك: "وأم سلمة ماتت آخر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم" فهو كلام مستأنف والله أعلم وعبارات الحفاظ التي فيها تردد في إثبات السماع كثيره منها لو سئل هل سمع فلان من فلان فيقول : فلان أدرك أو يقول فلان قديم ونحو ذلك, وأما إذا قال: "فلان سمع من فلان" فهذا صريح لا يحتمل التأويل, وقوله: "وكون الشيخ ينفي وجود نص نفي السماع في المطبوع من العلل.....", فهذاصحيح لأن الكتاب لم يطبع كاملأ ولكني مستغرب من تفرد الحافظ بنقل ذلك مع خلو كتب المتقدمين والمتأخرين التي اعتنت بالمراسيل من هذا النقل المهم ككتاب ابن أبي حاتم و العلائي وولي الدين العراقي, ومع هذا قلت فإن صح ما نقله الحافظ لاحتمال صحة النقل, وأما قوله: "وهل حوى هذا الكتاب جميع أقوال الإمام ابن المديني في العلل؟", إن كان مراده بطبعته الناقصة فصحيح وإن كان مراده أصل الكتاب فليس بصحيح لأن الحافظ عزا النقل إليه ولم يقل :"قال علي" وأطلق, وأما قوله: "أن (المثبت مقدم على النافي) قاعده غير منضبطة...", فصحيح أيضا لكن هنا القاعدة صحيحة لأن المثبت حافظ واسع الاطلاع مع إمكانية السماع, وقوله: "والعبرة بالقائل ...", فالقائل أبو داود وحسبك به, وقوله: "وكونه يستند على إمكانية السماع ...", أنا لم أستند على إمكانية السماع فقط, بل استندت مع ذلك على قول أبي داود أيضاً, وقوله: "يلزمه أن ينزله على كل من كان مثل الشعبي...", هذا لايلزمني لأني لا أقوله بإطلاق, وقوله: "وهذا لا يستطيعه ولن يستطيعه ...", أقول لا داعي لمثل هذه العبارات, وقوله: "لورود نقل الأئمة عدم السماع المصرح المتحقق...", هذا الكلام فيه ركاكة, وعلى كل حال إذا اتفق الحفاظ المتقدمون على عدم سماع راو من آخر فالقول قولهم, وإجماعهم حجة, وإذا اتفقوا على سماعه من شيخه فكذلك, وأما إذا اختلفوا فالقول قول المثبت؛ لأن معه زيادة علم إلا اذا كان هناك قرينة قوية تدل على صحة قول النافي فيؤخذ بها, وأما مع عدم وجود قرينة فلا, وقوله : "أما تمسكه بقول الدارقطني والمحفوظ حديث منصور ومن تابعه في إمكان السماع...", فأنا لم أتمسك بذلك بل قلت: "قد يؤخذ ...." وقلت: "فإن استقام لنا هذا فالحمدلله والا فالعمده على إثبات أبي داود سماعه منها", وقوله: "هذا إلزام وتعميد بغير عمد", أقول: بل بعمد راسية؛ وهو قول أبي داود, وقوله: "وتحجير واطراح لأقوال الأئمة ..", تقدم أنه لم ينقل النفي إلا عن إمام واحد! وأنا ولله الحمد معظم لأقوال الأئمة ولم أعتمد على رأيي ولا على قول أحد من المتأخرين, وقوله: "ثم الإمام أبو داود لم يثبت السماع يقيناً بل أثبته لقرينة ممكنة", تقدم الرد على هذا وأنه لا وجود لهذه القرينة وأن قول أبي داود أن أم سلمة آخر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وفاة كلام مستأنف, هذا إن كان أخونا قصد بالقرينة هذه اللفظة, وإن أراد غيرها فما أدري ما هي؟

    والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ ثم أما بعد..

    وسأبدأ هنا بالكلام على آخر كلام الشيخ عفا الله عنه؛ وودت لو أنه كان هو من يحاورني لا وكيله وفقه الله.
    فإن كان يعتذر بالشغل وعدم وجود الوقت؛ فلن يكون أشغل وأزحم منا.
    وإن كان يعتذر بأن المكان لا يناسبه؛ فوالله قد حوى هذا المكان خيرة أهل العلم وطلبته؛ أسأل الله تعالى أن يوفقهم إلى كل خيرٍ آمين.

    قال الشيخ فيما نقله الناقل عنه: (لو أوقفني أحد على نص أبي داود في إثباته سماع الشعبي من أم سلمة لقلت له: "جزيت خيرا على هذه الفائدة العزيزة" لأنه نص مثبت من إمام حافظ ناقد حجة؛ يقابل نصاً نافياً من إمام حافظ ناقد حجة لكن للأسف لم يفعل أخونا التميمي ذلك ولننظر في كلام أخينا).
    أقول: هذا منه عفا الله رجوع على أصل قوله والذي من أجله ناقشناه وبيّنا عدم صحة الجزم به يقيناً في إثبات السماع.. فلا داعٍ لإعادته مرة أخرى.
    لكن الكلام هنا على قوله الأخير: (لكن للأسف لم يفعل أخونا...) يريد أنني لم أفعل كما فعل من نقل كلامٍ لإمامٍ نصَّ على ما استظهرته في مشاركتي السابقة للأخ ابن الطيب سلمه الله.. وهذا إيراد ضعيف جداً من الشيخ غفر الله له؛ لأنه ما عرف هداه الله أن كلامي في بيان الترجيح والأولى بالصواب؛ لا التحقيق والتنصيص في المسألة. فتأمل قولي

    ثم أخذ يسرد عفا الله عنه ما أوقفه عليه نظره في كلامي.
    فقال الشيخ فيما نقله عنه الناقل: (أولاً: قول أخينا التميمي في رده على أخينا ابن الطيب : "الأظهر أنه لم يسمع منها رضي الله عنها" , لم يذكر مستنده وهل هو اجتهاد منه أو تقليد لغيره؟ وهل وقف على قول علي بن المديني في نفيه سماعه منها أم لا؟ اللهم إلا إذا كان قد ذكر ذلك في مقال آخر, ومع ذلك كان ينبغي أن يذكر مستنده).
    فأقول: مستندي هو مضمون كلامي نفسه لمن تدبره حق التدبر؛ ولو رأيت أن الأخ الفاضل (أبا الطيب) لما أعاد سؤالي مرة أخرى بصيغة طلب الجزم بالأمر؛ لوجدت أن كلامي هو نفسه كلامي السابق؛ والذي أوضحته في الرد السابق.
    وعليه: فمستندي رحمك الله هو السبر والتتبع، وعرض أقوال أهل العلم ومستندها؛ ثم الخلوص بهذه النتيجة التي أجبت بها الأخ المبارك..
    ولو فعلتَ كما فعلتُ رحمك الله لما جزمت بالسماع بمجرد قول الإمام أبي داود رحمه الله!

    قال الشيخ فيما نقله الناقل: (ثانياً: قوله عن الحاكم: "فهذا وهم منه وعدم ضبط", لا ينبغي استعمال مثل هذه الألفاظ التي قد توهم الحط من قدر هؤلاء العلماء, وأن الناقد لهم أعلم منهم بهذا الشأن, والذي ينبغي سلوك الأدب معهم).
    أقول: سبحان الله!! ما هذا الرد الهزيل جداً على كلامي غفر الله لك.. لا يقبل ممن هو دونك حتى يقبل منك عفا الله عنك.
    فإن كانت توهم الحط _ كما تقول _ فهذا شأنك أنت عفا الله عنه وفهمك؛ لكن لا تلزمني أو تلزم الآخرين بلازم فهمك هذا..

    قال الشيخ فيما نقله الناقل: (ثالثاً: قوله: "على أن كثيراً ممن ترجم للشعبي لم يذكر أم سلمه ممن سمع منهم", قلت: المعروف في كتب الجرح والتعديل أنهم يفرقون بين الرؤية والرواية ولا يفرقون بين الرواية والسماع, فيقولون: "رأى فلاناً" أي: ولم يسمع منه, و"روى عن فلان" أي: وسمع منه, فإن كان هناك انقطاع ذكروه فهم يطلقون الرواية ويريدون السماع, هذا هو الغالب, ولهذا قال الحافظ المزي في تهذيب الكمال في ترجمة الشعبي: "روى عن أسامة بن زيد وأنس بن مالك.. وطلحة بن عبيد الله ولم يسمع منه ..وعبد الله بن عمر وابن عمرو وابن مسعود ولم يسمع منه ..وأم سلمة" ولم يقل ولم يسمع منها, فظاهر كلامه أنه سمع منها, ولسنا بحاجة إلى هذا الظاهر بعد تصريح أبي داود بسماعه منها, نعم البخاري يفرق بين مطلق الرواية والسماع على أصله في اشتراط السماع فيقول سمع من فلان وروى عن فلان, وإن كان مراد أخينا أن بعضهم لم يذكر أم سلمة فيمن روى عنهم الشعبي, نقول: لا يلزم من عدم ذكر بعضهم لها فيمن روى عنهم الشعبي ألا يكون روى عنها بل وسمع منها).
    أقول: أراد الشيخ عفا الله عنه أن ينبهني على أمرٍ هو أصلاً لم يتنبه له؛ بيان ذلك:
    الشيخ يريد أن يخبرني أن منهج الأئمة في هذا الأمر واحد؛ أعني: باب (روى عن).. وغاب عنه عفا الله عنه أن ليس جميعهم على نفس المنهج في كتبهم في هذه المسألة.
    فالمتقدمون منهم في كتبهم لا يطلقون هذه العبارة إلا على من تأكد عندهم سماع بعضهم من بعض، أما من أتى بعدهم إلى المتأخرين؛ فإنهم يقصدون بها الحصر فقط لا التحقيق فيه. فتأمل وتنبه
    فإن غايتهم الحصر لذلك؛ ومنهم الإمام المزي رحمه الله والذي استشهدت به نموذجاً؛ فلذلك غالباً ما يضع رحمه الله هو أو غيره رمز حرف الإمام الذي وردت عنده هذه الرواية أو تلك.
    ولا أعتقد أن هذا المنهج يخفى على من له باعٌ في علم الحديث وكتب مصطلحه ورجاله!! ولا دخل لنا بالرؤية غفر الله لك فليست محل نقاشنا.
    وكونه رحمه الله لم يقل لم يسمع منها؛ فهذا لا يعني الجزم؛ وإلا لأنزلنا هذا القول منك على كثيرٍ من رجال التهذيب ممن اختلف في سماعهم. فتأمل كلامي
    وهل تعتقد أن هذا ديدنٌ ثابت للإمام المزي؟!! أثبته
    غايته: نقل ما ترجح عنده أنه الصواب في الأمر مع السكوت.. ولو نظرت إلى كتب المتقدمين لوجدت أنهم لا يذكرون أم سلمة رضي الله عنها ممن سمع منها الشعبي.. وعندي أن هؤلاء الأئمة أعلم وأثبت وأدق من الإمام المزي ومن وافقه من المتأخرين ألف ألف مرة.

    أما قولك: (ولسنا بحاجة إلى هذا الظاهر بعد تصريح الإمام أبو داود بسماعه منها) فهذا تحكمٌ ما أنزل الله به من سلطان (واعتداد برأيك _ كما كنت قد اتهمتني _ لا يسلم لك).
    وهل لا يوجد إلا إثبات الإمام أبي داود في الموضوع؟!
    كيف وقد وجد ما يناقضه بالكلية؛ وهو التصريح بنفي السماع من إمامٍ لا يستهان بنقده ومتانته وسبره.

    أما قولك: (لا يلزم من عدم ذكر بعضهم لها فيمن روى عنه الشعبي ألا يكون روى عنها بل وسمع منها)؛ فنقول أيضاً: لا يلزم من كونهم ذكروها رضي الله عنها فيمن روى عنها أنه سمع منها.. فلا تلزم الناس بما لا يلزم، ومناهج الأئمة في كتبهم معروفة.

    قال الشيخ فيما نقله عنه الناقل: (رابعاً قوله: ويؤيده ( أي عدم سماعه منها) أن هذا الحديث قد روي عن الشعبي مرسلاً فيؤخذ من كلامه أنه إذا وقع اختلاف على التابعي في ذكر الصحابي فمنهم من رواه عنه بذكر الصحابي ومنهم من رواه عنه بإسقاطه أن ذلك يدل على عدم سماع التابعي من الصحابي وهذا غريب جداً فهل يمكن أن يقول أحد أنه إذا اختلف على هشام بن عروة مثلاً فمنهم من رواه عنه عن أبيه عن عائشة ومنهم من رواه عنه عن أبيه مرسلاً بإسقاط عائشة أن في هذا دليل على أن عروة لم يسمع من عائشة لأنه روي عن عروة مرسلاً؟ هذا لا يمكن أن يقوله من شم رائحة هذا العلم, إذن هذه قرينة ساقطة).
    أقول: بل الغريب جداً هو الفهم الخاطئ للكلام!! من شك في عدم سماع عروة من أم المؤمنين عائشة حتى تعترض علي بهذا الاعتراض؟!! بل هذا اعتراض لا يقوله إلا من لم يشم رائحة هذا العلم كما تقول.
    كلامنا في الشعبي الذي تردد في إثبات سماعه من أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، ولم يثبت ذلك يقيناً كما ثبت في غيره؛ سواء بالتأييد أو النفي.
    فلا يستقيم هذا الاعتراض منك عليّ.. ولو تمعنت جيداً لوجدت أن هذه قرينة قوية جداً لا يستهان بها.. فكم هي أحاديث الشعبي عن أم المؤمنين أم سلمة حتى تكون هذه القرينة ساقطة!! فهلّا تأملت معي رحمك الله

    قال الشيخ فيما نقله عنه الناقل: (فلو أن الشعبي أدخل واسطة بينه وبين أم سلمة لقلنا بعدم سماعه منها, خاصة مع نفي علي بن المديني سماعه منها, لكن إذا وجد حافظ ناقد يثبت السماع فإن هذه القرينة تسقط كما هو الحال هنا, حيث أثبت أبو داود سماعه منها وقول سليمان مقدم على نفي علي, لأنه مثبت وعلي ناف).
    أقول: كيف يحسن منك عفا الله عنك هذا الاعتراض؛ وهل لو كانت واسطةٌ تكلمنا أصلاً في هذا الموضوع؟!
    وهل نفي الإمام الحجة علي بن المديني للسماع إلا رداً على هذا الاعتراض منك!
    وهل تعتقد أن الشعبي الذي روى عن عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يروي عن أم سلمة بواسطة؟! ولا تأخذ من قولي هذا أنه سمع منها. فتأمل

    وما زلت أقول وأقول: أنا لا أحدد أمراً بعينه إطلاقاً؛ بل هو الترجيح فقط.

    ثم ما زلت تدندن على إثبات سماعه منها بقول الإمام أبي داود؛ والذي أخذته على أنه يقول بذلك جزماً ويقيناً؛ فأسقطت القرينة بناءً على فهمك هذا لكلام الإمام. وسيأتي مزيد بيان إن شاء الله.
    وليس كون الشخص مثبت يعني أنه مقدمٌ في قوله على النافي.. هذا لم يقل أحدٌ على إطلاقه أبدا. فتأمل وتنبه
    ويكفي أنك تقر بهذا فيما سيأتي من كلامك إن شاء الله.

    قال الشيخ فيما نقله عنه الناقل: (وقول أخينا التميمي في رده علي: "ويبقى هذا قول لأبي داود قد ورد عن غيره من الأئمة خلافه", فأقول إن أبا داود حافظ ناقد حجة فقوله معتبر بلا شك, وقوله: "قد ورد عن غيره من الأئمة خلافه"؛ فأقول: "الأئمة جمع وأقل الجمع ثلاثة على المشهور" وهو لم يرد إلا عن علي بن المديني! فلا داعي للتهويل, ثم إن أخينا لم يعرج ولا على قول علي؛ فلا أدري على ماذا اعتمد في نفي السماع؟ وقوله: "فليس في النقل ترجيح ولا تأييد" فهذا غريب, لأن العمدة في هذا الباب على كلام الحفاظ المتقدمين لما لهم من سعة الإطلاع ومعرفتهم التامة بتأريخ ميلاد الراوي ووفاته وتنقلاته, وهذه الميزة ليست لأحد من المتأخرين, ولا أظن أخي التميمي يدعي لنفسه ذلك).
    إن كنت تقول: أن أبا داود حافظ ناقد حجة فقوله معتبر بلا شك.. فغيره من الأئمة وعلى رأسهم علي بن المديني إمام حافظ ناقد حجة بل هو إمام هذا الفن؛ فقوله هو أيضاً معتبر بلا شك.. فلا وجه للتفريق أبدا.

    وأما طلبك من الأئمة غير الإمام علي بن المديني وافقه على هذا؛ فأقول: لو عرفت ما قصدته في الرد السابق في تعليقي على مناهج المتقدمين في ذكر السماعات والرواية لعرفت أنهم لا يثبتون إلا ما تحقق عندهم سماع بعضهم من بعض، وهذا شأنهم في كتبهم رعاك الله؛ وهي لا تخفى على من عرف طريقتهم وسبر أحوالهم..

    ثم لماذا تصر أني (أدعي نفي السماع) كما تقول؟!! كلامي واضحٌ أمام الجميع: (الأظهر) ولست أجزم بالتعيين والتحديد؛ ولكن المرجحات التي ذكرتها وبينتها والتي لا يحتمل الموضوع إعادتها قد أعطتني هذا الترجيح والاستظهار.

    ثم أخذت تعيد نفس كلامك السابق في حق أبي داود رحمه الله تعالى؛ بل وأصبحت تساومني على حقه وقدره ومكانته!!
    مكانة أبي داود رحمه الله لا تخفى؛ فلا داعي للتنبيه عليها رحمك الله، لكن أذكرك بالإمام الذي في مقابلته غفر الله لك

    قال الشيخ فيما نقله الناقل: (وقوله: "وكونه يكتفي بمجرد القرائن المرجحة لا يعني الإثبات للسماع", فأقول: أبو داود جزم بالسماع ولم يبن ذلك على قرينة كما ادعاه أخونا التميمي, وأما قول أبي داود بعد ذلك: "وأم سلمة ماتت آخر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم" فهو كلام مستأنف والله أعلم).
    أقول: كيف يكون كلاماً مستأنفاً وهو قائمٌ على ما قبله، مترتبٌ عليه، ناتجٌ عنه مبررٍ له؟!

    نعم؛ أبو داود رحمه الله جزم بالسماع بناءً على القرينة التي أثبتها هو في كلامه! وليست دعوى مني ادعيتها غفر الله لك.
    ثم هل هذا هو أول حديثٍ لأم سلمة رضي الله عنها أورده حتى يكون هذا الكلام مستأنف في بيان معلومة تاريخية عنها رضي الله عنها؟!

    قال الشيخ فيما نقله الناقل: (ولكني مستغرب من تفرد الحافظ بنقل ذلك مع خلو كتب المتقدمين والمتأخرين التي اعتنت بالمراسيل من هذا النقل المهم ككتاب ابن أبي حاتم و العلائي وولي الدين العراقي).
    أقول: لو أنك عرفت أهمية الكتاب عند الحافظ والرغبة في الحصول عليه وتملكه والدفع السخي في مقابل ذلك لما استغربت هذا منه.

    قال الشيخ فيما نقله الناقل: (وأما قوله: "وهل حوى هذا الكتاب جميع أقوال الإمام ابن المديني في العلل؟", إن كان مراده بطبعته الناقصة فصحيح وإن كان مراده أصل الكتاب فليس بصحيح لأن الحافظ عزا النقل إليه ولم يقل :"قال علي" وأطلق).
    هل اطلعت أنا على كتاب الحافظ في العلل حتى تقول هذا الكلام غفر الله لك؟!!
    ثم من أين لك أن تجزم بأمر لم تقف عليه؟!! كيف تنفي صحة أمرٍ لمجرد أن الحافظ ابن حجر لم يقل: قال علي!! وأطلق؟!
    وعلى فرض أنه ليس في كتابه العلل؛ فهل الحافظ ابن حجر رحمه الله سيكذب في نقلٍ مهم حساس كهذا؟!! حاشاه رحمه الله. فتأمل

    قال الشيخ فيما نقله الناقل: (وأما قوله: "أن (المثبت مقدم على النافي) قاعدة غير منضبطة...", فصحيح أيضا لكن هنا القاعدة صحيحة لأن المثبت حافظ واسع الإطلاع مع إمكانية السماع.
    وقوله: "والعبرة بالقائل ...", فالقائل أبو داود وحسبك به).
    سبحان الله!! وهل الإمام الآخر الذي في مقابل المثبت من أراذل القوم، أو سقط المتاع؟!!
    وهذه الإمكانية التي تقولها رحمك الله هي التي جعلتنا لا نجزم بأمر بل نرجح؛ وليس الأمر وقفاً على كلام الإمام أبي داود رحمه الله. فتأمل

    قال الشيخ فيما نقله الناقل: (وقوله: "وكونه يستند على إمكانية السماع ...", أنا لم أستند على إمكانية السماع فقط, بل استندت مع ذلك على قول أبي داود أيضاً).
    أقول: هذا ترديد للكلام قد سبق بيانه.

    قال الشيخ فيما نقله الناقل: (وأما إذا اختلفوا فالقول قول المثبت؛ لأن معه زيادة علم إلا إذا كان هناك قرينة قوية تدل على صحة قول النافي فيؤخذ بها, وأما مع عدم وجود قرينة فلا).
    أقول: وهذا ترديد للكلام السابق بعينه..
    كلامك رحمك الله لا ينضبط على إطلاقه هكذا غفر الله لك، والقرائن قد تقدم ذكرها فيما سبق.
    ثم أثبت لي أن الإمام أبا داود رحمه الله جزماً يقيناً بالسماع بلا قرينة في غير هذا الموضع من كتابه؟! ولا تقل لي: (جملة مستأنفة) فليست كذلك.. وأنا أنتظر هذا السبق منك غفر الله لك.

    قال الشيخ فيما نقله الناقل: (وقوله: "هذا إلزام وتعميد بغير عمد", أقول: بل بعمد راسية؛ وهو قول أبي داود).
    أقول: وهذا ترديد وترديد وترديد لنفس الكلام؛ وما ذاك غفر الله لك إلا لأنك فهمت أن الإمام أبا داود يرى إثبات السماع تحقيقاً بلا قرينة.. وقد قلت لك أعلاه: أثبت لي تحقيق السماع منها من قول أبي داود في غير هذا الموضع الذي ذكر فيه قرينته. وأنا أنتظرك.

    قال الشيخ فيما نقله الناقل: (وقوله: "وتحجير واطراح لأقوال الأئمة ..", تقدم أنه لم ينقل النفي إلا عن إمام واحد! وأنا ولله الحمد معظم لأقوال الأئمة ولم أعتمد على رأيي).
    أقول: وقد تقدم بيان مرادي.

    قال الشيخ فيما نقله الناقل: (وقوله: "ثم الإمام أبو داود لم يثبت السماع يقيناً بل أثبته لقرينة ممكنة", تقدم الرد على هذا وأنه لا وجود لهذه القرينة وأن قول أبي داود أن أم سلمة آخر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وفاة كلام مستأنف, هذا إن كان أخونا قصد بالقرينة هذه اللفظة, وإن أراد غيرها فما أدري ما هي؟).
    وأقول: كما قلت: تقدم الرد على هذا.. وأنه لم يثبت ذلك إلا لهذه القرينة، وأن الكلام ليس بمستأنف.

    آخر ما لدي هنا.. وأسأل الله أن يغفر لي ولإخوتي آمين.. فإن الحق أحق أن يتبع.
    وأنبه الأحبة جميعاً: أننا في منبرٍ علمي شريف؛ لا بد فيه من احترامه واحترام أهله..
    لا تعرفني ولا أعرفك.. لكننا نعرف الحق والأدب المتبادل بيننا.. ومكانة هذا المنتدى الموقر.

    والله أعلم.. وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد وآله وصحبه وسلم.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    بارك الله فيكم.
    اختُلف في هذه المسألة:
    * فصرَّح الإمام أبو داود أنه قد سمع من أم سلمة، قال -كما في سؤالات الآجري (1/202)-: (الشعبي سمع من أم سلمة).
    وجاء ما قد يُستفاد منه إثبات السماع عن بعض الأئمة، وهم:
    1- الترمذي:
    ضمنًا؛ بتصحيح حديث دعاء الخروج من المنزل.
    لكن هذا يَرِد عليه ما أورده ابن حجر -في النتائج (1/161)-، قال: (فلعل من صححه سَهَّل الأمرَ فيه لكونه من الفضائل، ولا يُقال: اكتَفَى بالمعاصرة، لأن محل ذلك ألا يَحصل الجزم بانتفاء التقاء المتعاصِرَين، إذا كان النافي واسع الإطلاع، مثل ابن المديني).
    وسيأتي كلام ابن المديني.
    2- الحاكم:
    قال -في المستدرك (1/518)-: (وربما تَوَهَّم مُتَوَهِّمٌ أن الشعبي لم يسمع من أم سلمة، وليس كذلك؛ فإنه دخل على عائشة وأم سلمة جميعًا، ثم أكثرَ الروايةَ عنهما جميعًا).
    وقد اعتمد الحاكم في إثبات السماع -كما هو ظاهرٌ في كلامه- على أن الشعبي دخل على عائشة وأم سلمة.
    وفي كلامه هذا بحثٌ من جهتين: هل صَحَّ دخول الشعبي على عائشة وأم سلمة؟ وهل صَحَّ أنه أكثَرَ عن أم سلمة؟
    ودخوله على عائشة وأم سلمة -إن صح- لا يلزم منه السماع، فكم أثبت الأئمة من لقاءٍ بين راويين، ونَفَوا سماع أحدهما من الآخر، بل قد نَفَى الحاكم نفسُه سماعَ الشعبي من عائشة -في معرفة علوم الحديث (ص354)-.
    وليس المراد بالسماع هنا: مطلق السماع؛ إذ لا بُدَّ للراوي -إن صَحَّ اللقاء- من سماع بعض الكلام المعتاد، وإنما المنفيُّ هاهنا: السماع الحديثي؛ سماع التحمُّل والرواية.
    هذا مع أن في نقد الحاكم وأحكامه وإطلاقاته في مستدركه نظرًا؛ من حيث تساهله ونزول درجة تحريره ودقَّته فيها، وهذا معلومٌ مشهورٌ ذائع.
    3- أبو نعيم:
    قال -في حلية الأولياء (4/328)-: (أدرك الشعبيُّ أكابرَ الصحابة وأعلامَهم...)، ثم عدَّ جماعةً من الصحابة، ثم قال: (ومن النساء: عائشة، وأم سلمة...).
    وهذا ليس فيه أكثر من الحكم بالإدراك، وليس هو موضع الخلاف.

    * وجاء نفي اللقاء عن إمامَين:
    1- ابن المديني:
    قال -في العلل الكبرى؛ كما نقل مغلطاي في إكمال تهذيب الكمال (7/131)، واستفاده منه ابن حجر في التهذيب وغيره-: (الشعبي لم يسمع من زيد بن ثابت؛ حدَّث عن قبيصةَ عنه، ولم يلقَ أبا سعيد الخدري، ولم يلقَ أم سلمة).
    وابن المديني من أثبات الأئمة وأجلتهم، وقد كان في الصَّنعةِ حديثِها وعللِها أعلمَ أهل عصره، وكان عصره يعجُّ بفحول العلماء وأساطين الحديث، فكيف بمن كان بعد ذلك؟
    وكانت له عنايةٌ خاصةٌ بمسائل الاتصال والانقطاع، والرواية والسماع، حتى قيل: إن البخاري إنما أخذ منهجه المتحرِّي في ذلك من ابن المديني.
    2- يحيى بن يحيى النيسابوري:
    جاء في تاريخ نيسابور -فيما نقله مغلطاي في الإكمال (7/130)-: سئل يحيى بن يحيى: الشعبي أدرك أم سلمة؟ فكأنه قال: (لا).
    ويحيى إمامٌ ثبتٌ حجة، وشَكُّهُ أقوى مِنْ جزم مَنْ دونه.
    ونفيُه هنا متوجِّهٌ إلى اللقاء والسماع بلا شك؛ لأن الإدراك الاصطلاحي حاصلٌ متحقق، ولا سبيلَ لنفيه.

    ومما يقوِّي القول بالانقطاع:
    1- رواية ابن أبي شيبة لحديث دعاء الخروج من المنزل، حيث جاءت الرواية عنده (29810): (عن الشعبي، قال: قالت أم سلمة: كان النبي -صلى الله عليه وسلم-...).
    والظاهر أن قوله: (قالت أم سلمة) هي الصيغة الأصلية لرواية الشعبي لهذا الحديث، واختصرها بقية الرواة إلى (عن أم سلمة)، أو: (يحدث عن أم سلمة)، وهاتان الصيغتان محتملتان للسماع وعدمه.
    وهذه الصيغة (قالت أم سلمة) مُشعِرةٌ جدًّا -وإن كانت غير صريحة- بأن الراوي لم يسمع المَقُول من أم سلمة، ولذا عَدَل عن صيغ السماع (سمعت، حدثتني،...) إلى صيغة القول (قالت).
    2- ويقوِّي القول بالانقطاع أيضًا: أن أم سلمة من أهل المدينة، والظاهر أنها ماتت فيها، وذلك بعد سنة سِتّين بقليل، وأما الشعبي؛ فكان من أئمة أهل الكوفة.
    وقد كان الشعبي رحل إلى المدينة، وأقام بها مدة، قال ابن سعد -في الطبقات (6/248)-: (وكان سَبب مُقامه بالمدينة: أنه خاف من المختار، فهرب منه إلى المدينة، فأقام بها)، وإنما ظهر أمر المختار في سنة ست وستين -كما في البداية والنهاية (12/5)-، أو قبلها بقليل، وكان ذلك بعد وفاة أم سلمة بسنوات.
    فهذا يُوَضِّح أنه لم يكن للشعبي أن يلقى أم سلمة فيسمع منها؛ لكونه كان بالكوفة، ولم يلبث بالمدينة مدةً إلا بعد وفاتها.
    ويشكل على هذا: أن الشعبي قد سمع من أبي هريرة -وحديثه عنه في الصحيحين-، وأبو هريرة مدني، وقد توفي قبل أم سلمة.
    إلا أن هذا غير ناهض لتقريب سماع الشعبي من أم سلمة، وذلك أن الشعبي كما روى عن أبي هريرة متصلاً، فقد روى عنه بواسطة، قال الترمذي -في سننه (3/433)-: (أدرك الشعبيُّ أبا هريرة، وروى عنه...، وروى الشعبي عن رجلٍ، عن أبي هريرة)، وحديث الشعبي عن أبي هريرة قليل، ولعله قد لقيه لقاءً عارضًا، فسمع منه أحاديث، وروى عنه في البقية بواسطة.
    وكل هذا لا يُصار معه إلى الحكم بأن الشعبي لقي أم سلمة، أو بأن لقاءهما قريب.
    ويؤيد ذلك: أن هذا غيرُ خافٍ على الإمام علي بن المديني -أستاذ البخاري-، ومع ذلك فقد نفى سماعَ الشعبي من أم سلمة، بل نفى سماعَ الشعبي من مدنيٍّ آخر توفي بعد أم سلمة:
    3- فمما يقوِّي القول بالانقطاع كذلك: أن ابن المديني نفى -كما سبق- لقاءَ الشعبي لأبي سعيد الخدري، وأبو سعيد مدنيٌّ كأم سلمة، وفي تحديد وفاته خلاف، إلا أنه -على جميع الأقوال- قد بقي بعد أم سلمة، سنةً فما فوقها.
    وإذا كان لم يلقَ أبا سعيد وقد بقي بعد أم سلمة مدةً، فأولى به ألاّ يلقى أم سلمة.
    4- كما أن الحجة الأقوى في القول بعدم السماع: عدم ورود التصريح بالسماع بأي صيغة في أي رواية للشعبي عن أم سلمة.

    وكل هذا يؤكد صحة قول الحافظ ابن حجر المنقول آنفًا، حين أبعد هذه المسألة عن مسألةِ المعاصرة والخلاف بين البخاري ومسلم؛ فإن مسلمًا كان دقيقًا في ضبطه للمسألة، حيث اشترط في جملة ما اشترط: إمكان اللقاء والسماع، وقد تبيَّن فيما سبق أن الإمكان غير متحقِّق؛ لوجود القرائنِ المبعدةِ له، غيرِ نفي ابن المديني (وهذا النفي وحده هو ما اعتمده ابن حجر في ذلك)، على أن ابن المديني من أهل الاختصاص والعناية بباب الاتصال والانقطاع -كما سبق-، وقوله في ذلك قويٌّ معتَمَد.

    وأما قول أبي داود بإثبات السماع، فالجواب عنه على مرتبتين:
    الأولى: التشكيك في ثبوته عنه، فإن الآجري وإن تلقى الناس سؤالاته بالقبول؛ له عن أبي داود بعض التخاليط والأخطاء والأغلاط، وربما نَسَب إلى أبي داود نقلاً عن بعض الأئمة يُخالف ما يصح عنهم، ونحو ذلك.
    فلا يُستبعد أن يُخطئ مثلُه على أبي داود في مثل هذه المسألة الدقيقة.
    وللباحثين في رواية الآجري عن أبي داود كلام، وجُمعت في غيرِ موضعٍ نماذجُ وأمثلةٌ على أخطائه عنه.
    الثانية: أن ذلك -في حال ثبوته عن أبي داود- رأيٌ له بناه على ما ظهر له من أدلة، والأدلة والقرائن الظاهرة لدينا تدل على خلافِ قوله، وترجيحِ قول ابن المديني وغيره ممن حكم بالانقطاع.

    وبناءً على ما سبق؛ يتَّضح النظر الواقع في إعمالِ قاعدة (تقديم المثبت على النافي)، والتقصيرِ في البحثِ عن الأدلة والقرائن والأحوال والتواريخ ونحوها، بل ونفي وجود ذلك.
    بل إن إدخال تلك القاعدة في علوم الحديث وصناعته محلُّ بحثٍ من أصله.
    ويُنظر حولها هذا الموضوع:
    http://majles.alukah.net/showthread.php?t=19423

    تنبيه:
    الاحتجاج بصنيع المزِّي في ذكر أم سلمة في شيوخ الشعبي على أنه يحكم بالاتصال= احتجاجٌ ضعيف، ويُراجَع تفنيده وردُّه في (الاتصال والانقطاع)، للشيخ إبراهيم اللاحم (ص51-59).
    تنبيه آخر:
    بُحثت المسألة في كتاب (التابعون الثقات)، لمبارك الهاجري (2/491-494)، وقد جمع فيها الباحث جمعًا طيبًا يُستفاد منه، وإن كان خلص إلى نتيجةٍ مخالفة.

    والله أعلم.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله مشاهدة المشاركة
    ومما يقوِّي القول بالانقطاع:
    1- رواية ابن أبي شيبة لحديث دعاء الخروج من المنزل، حيث جاءت الرواية عنده (29810): (عن الشعبي، قال: قالت أم سلمة: كان النبي -صلى الله عليه وسلم-...).
    والظاهر أن قوله: (قالت أم سلمة) هي الصيغة الأصلية لرواية الشعبي لهذا الحديث، واختصرها بقية الرواة إلى (عن أم سلمة)، أو: (يحدث عن أم سلمة)، وهاتان الصيغتان محتملتان للسماع وعدمه.
    وهذه الصيغة (قالت أم سلمة) مُشعِرةٌ جدًّا -وإن كانت غير صريحة- بأن الراوي لم يسمع المَقُول من أم سلمة، ولذا عَدَل عن صيغ السماع (سمعت، حدثتني،...) إلى صيغة القول (قالت).
    مما يؤيد ذلك: قول ابن الغلابي -كما في سؤالات ابن الجنيد (ص318)-: (يزعمون أن عقبة بن أوس السدوسي لم يسمع من عبدالله بن عمرو، إنما يقول: "قال عبدالله بن عمرو").

  11. #11

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    يقول:
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد : فهذا رد على كلام أخينا المشرف الموقر:
    قوله) :سئل يحيى بن يحيى :الشعبي أدرك أم سلمة؟ فكأنه قاللا.ويحيى إمام ثبت حجة وشكه أقوى من جزم من دونه)؛ أقول أولاً: الشاك هنا ليس هو يحيى بل هو مجهول لا تعرف عينه فضلاً عن حاله, ولو عرفت حاله وكان ثقة لم يقبل شكه, اللهم إلا إذا كان من خواص أصحاب يحيى فينظر.
    ثانياً: قوله) :وشكه أقوى من جزم من دونه) فيه نظر, فأبو داود من كبار الحفاظ وإمام مجتهد, وقد جزم بسماعه منها فهو مقدم على شك يحيى, وقد علمت أنه ليس يحيى الشاك, وقول الحفاظ: (شك فلان أولى من يقين غيره)؛ مرادهم الثناء على حفظه وتثبته لا أنه يقبل شكه ويرد يقين غيره, (سواءً كان مساوياً له أو غير مساو) مع قيام القرينة على صحة قول ذلك الغير, وقد ردوا جزم كثير من الحفاظ فضلاً عن شكهم عندما دلت القرينة على خطئهم, وقبلوا قول رواية كثير من الضعفاء والمجاهيل فضلاً عن الثقات عندما دلت القرينة على صحة ما قالوه ورووه, وقوله) :ومما يقويالقول بالانقطاع رواية ابن ابي شيبة لحديث دعاء الخروج من المنزل حيث جاءتالرواية عنده عن الشعبي قال قالت ام سلمة(....قلت: إذا ثبت السماع فإن ( أن وعن وقال ) محمولة على السماع أبداً إلا من مدلس ثبت أيضاً أنه دلس في ذلك الإسناد, وإن لم يثبت أنه دلس فالأصل الاتصال وعدم التدليس, وقد ثبت سماع الشعبي من أم سلمة فتحمل روايته عنها على السماع على أي صيغة كانت, قال شعبة: ( لأن أزني أحب إلي من أن أقول قال فلان ولم أسمعه منه), وقال همام بن يحيى العوذي: (ما قلت قال قتادة فأنا سمعته من قتادة), وقول أخينا الفاضل فيما أضافه لاحقاً) : ممايؤيد ذلك قول ابن الغلابي كما في سؤالات ابن الجنيد (يزعمون ان عقبة بن أوسالسدوسي لم يسمع من عبدالله بن عمرو انما يقول قال عبد الله بن عمرو) قلت: هذا كثير في كلام الحفاظ, و إنما يقول الحفاظ هذا أو نحوه إذا لم يثبت سماع الراوي ممن روى عنه, وأما مع ثبوت السماع فلا فرق عندهم أن يقول الراوي: (عن فلان) أو (قال فلان) أوغيرهما من صيغ التحمل, فكلها محمولة عندهم على الاتصال بالشرط المذكور آنفاً, وقول أخينا المشرف) :ويقوي القول بالانقطاع أيضا ان ام سلمه من المدينة(......... أقول: أنا قلت من البداية أنني مقلد لأبي داود في إثبات سماع الشعبي من أم سلمة, ولم أدع سبراً ولا تتبعاً لأن هذا الفن لا يمكن إدراكه إلا بكلفة, ويحتاج الى اطلاع واسع وأهله قد ولوا منذ أزمنة بعيدة, والمتأخرون هم عيال على المتقدمين, وهذا العلم لا يدخله القياس؛ فلا يجوز أن يقال فيه: بما أن فلاناً لم يسمع من فلان إذن لم يسمع من فلان, أو بما أن فلاناً أدرك فلاناً إذن أدرك فلاناً, فقد قال أبو زرعة : (أبو أمامة بن سهل عن عمر مرسل) مع أن أبا أمامة قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم, فلو طبقنا قاعدة ( بما أن/ إذن) لقلنا إن أبا أمامة سمع من عمر ولابد, لكن لا مدخل للقياس في هذا الفن, إذن يجب التسليم فيه للحفاظ, فإذا اتفقوا على إثبات السماع أو نفيه فالقول قولهم, قال أبو حاتم :(حبيب بن أبي ثابت لا يثبت له السماع من عروة وقد سمع ممن هو أكبر منه غير أن أهل الحديث قد اتفقوا على ذلك واتفاقهم على شيء يكون حجة) وأما إذا اختلفوا واللقاء والسماع ممكن فالقول قول المثبت, اللهم إلا أن يأتي النافي بحجة قوية تدفع قول المثبت.
    وقد جزم الحفاظ أحمد وغيره بأن يحيى بن أبي كثير رأى أنس بن مالك ولكنهم لم يثبتوا له سماعاً منه, فقالوا رآه ولم يسمع منه, وقال ابن معين في رواية الدوري : لم يسمع عطاء من ابن عمر إنما رآه, فهل يستطيع أحد من المتأخرين أن يثبت الرؤية لراو معين وينفي سماعه ممن رآه؟ لا أظن ذلك, ولو اختلف الحفاظ المتقدمون هنا في السماع لرجحنا قول المثبت لحصول الرؤية, وقال أبو حاتم في يحيى بن أبي كثير: (ما أراه سمع من عروه بن الزبير لأنه يدخل بينه وبينه رجلاً ورجلين ولا يذكر سماعاً ولا رؤية ولا سؤاله عن مسألة), وقال ابن معين :(ابن جريج لم يسمع من مجاهد شيئاً إلا حرفاً في القرآن), وقال الدارقطني: (لم يسمع الشعبي من علي إلا حرفاً واحداً), ولو أعملنا القياس لقلنا: من سمع حرفاً فليسمع حرفين وثلاثة وعشرة! من الذي يحول بينه وبين أن يسمع المزيد؟ لكن سعة اطلاع الحفاظ هي التي حالت دون ذلك, فلا مدخل هنا للقياس, ولا لقاعدة (بما أن .إذن)
    فهذا يدل على دقة الحفاظ وسعة اطلاعهم فلو اجتمع من بأقطارها من المتأخرين ما أدركوا هذا الفن ولا حاموا حوله والله المستعان ( فدع عنك الكتابة لست منها/ وإن سودت وجهك بالمداد), وقال البرديجي: (قتادة حدث عن الزهري, قال بعض أهل الحديث لم يسمع منه وقال بعضهم سمع منه, لأنهما التقيا عند هشام بن عبدالملك), فهل يستطيع أحد من المتأخرين أن يدرك هذا اللقاء العارض؟ فلعل أبا داود اطلع على مثل هذا اللقاء العارض إما في المسجد النبوي أوفي الموسم أو غيرهما من الأماكن, فأثبت سماعه منها, وقد مر علي فيما سبق أظنه في سؤالات الدوري أن ابن معين أثبت سماع راو من آخر فقيل له: أين سمع منه؟ فقال: في الموسم, أو قال لعله في الموسم, وأبو داود لم يُسأل عن حجته فيدلي بها والله اعلم, بل ذهب الحفاظ إلى أبعد من هذا فقد يقع في الإسناد التصريح بالسماع فيحكمون عليه بالخطأ, قال أحمد في رواية هدبة عن حماد عن قتادة نا خلاد الجهني قال: (هو خطأ, خلاد قديم ما رأى قتادة خلاداً) أي أن التصريح بالتحديث بين قتادة وخلاد خطأ من بعض الرواة, وهذا كثير في كلامهم, إذن يجب التسليم لهم والاعتراف بالعجز.
    وقول أخينا) :كما ان الحجة الاقوى في القول بعدم السماععدم ورود التصريح بالسماع بأي صيغة في أي رواية للشعبي عن أم سلمة)أقول : هذا صحيح لكن إذا ثبت عند الناقد السماع ( بقرينة أو بغيرها ( فلا يضر ألا تأتي صيغة صريحة بالسماع, فقد روى البخاري في صحيحه من طريق أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه بالعنعنة, وقد قال شعبة: (لم يسمع أبو عبدالرحمن السلمي من عثمان), وقال أبو حاتم: (روى عنه لا يذكر سماعاً لكن البخاري جزم في تاريخه الكبير بسماعه من عثمان وقوى ذلك بما ذكره في صحيحه بعد أن روى حديثه عن عثمان مرفوعاً (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) قال وأقرأ أبو عبدالرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاج, كما أنه إذا ثبت عند الناقد عدم السماع فلا ينفع أن تأتي صيغة صريحة بالسماع كما تقدم قريباً عن أحمد في نفيه سماع قتادة من خلاد مع وجود التصريح بالسماع.
    وقوله: (وكل هذا يؤكد صحة قول الحافظ ابن حجر حين أبعد هذه المسألة عن مسألة المعاصرة والخلاف بين البخاري ومسلم) قلت: إنما فعل الحافظ ذلك لنفي ابن المديني (واسع الاطلاع) سماع الشعبي من أم سلمة فقط ولا ندري ماذا يكون الحال لو وقف الحافظ على إثبات أبي داود (واسع الاطلاع) سماعه منها, وقوله:( وهذا النفي وحده هو ما اعتمدهابن حجر في ذلك) قلت : ولم يدع الحافظ سبراً ولا تتبعاً, بل قلد علياً في ذلك, كما أن عمدتي هو إثبات أبي داود, ولم أدع سبراً ولا تتبعاً.
    وقوله: ( وبناء على ما سبق يتضح النظر الواقع في إعمال قاعدة ( تقديم المثبت على النافي) والتقصير في البحث عن الادلة والقرائن والاحوال والتواريخ ونحوها بل ونفي وجود ذلك) قلت : أنا لم أقل أن المثبت مقدم على النافي مطلقاً بل لا تكاد توجد قاعدة مطردة في هذا الفن, بل كل من ادعى قاعدة في هذا الفن فإنها منخرمة ولابد, لأن غالب هذا الفن مبني على القرائن, وانما قلت المثبت مقدم على النافي في مسألتنا هذه فقط؛ لأن الإدراك حاصل والسماع ممكن مع إثبات حافظ واسع الاطلاع السماع, وأما قول أخينا: (والتقصير في البحث الى آخر ماقال) فأقول: أولاً قد كفاني أبو داود البحث كما كفى علي بن المديني الحافظ ابن حجر, وأما أهل السبر والتتبع فنسأل الله لهم العون والتوفيق, وأما ثانياً فهل يمكن أن يقال أن أبا داود قد قصر في البحث والنظر في الأدلة والقرائن والتواريخ وأنه جزم بسماعه منها من غير أن يفعل شيئاً من ذلك؟ لا أظن أخانا المشرف يقول ذلك.
    وقوله: (الاحتجاج بصنيع المزي في ذكر أم سلمة في شيوخالشعبي على أنه يحكم بالاتصال احتجاج ضعيف) أقول :أنا لم أذكر كلام المزي إلا لأبين انهم لايفرقون بين الرواية والسماع, ثم إني قلت (ظاهر كلامه.. وقلت: ولسنا بحاجة الى هذا الظاهر) فلم أجزم ولم أحتج كما زعم أخونا المشرف, وأما تشكيكه بصحة النقل عن أبي داود فلا يجوز تخطئة الحفاظ إلا بحجة ,والآجري ثقة حافظ قد احتج الحفاظ بما ينقله عن أبي داود, والأصل صحة ما ينقله عنه اللهم إلا أن ينقل شيئاً خلاف ما اشتهر عن الامام فيمكن أن يخطئ فيه, وأما والأمر على الإمكان كما هنا فتخطئته أبعد ما يكون عن الصواب ,وأبوداود إمام مجتهد لا يبعد مخالفته لغيره من الحفاظ.
    إذن يرد ما تبين خطؤه فيه: ( ويكون هذا الرد من حافظ ناقد لا من كل أحد حتى لا يتجرأ أحد على رد كل ما يظنه خطأ ) ولا يخطئ في بقية ما روى, ولايشكك في بقية ما نقل, والله المستعان وعليه التكلان وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم آل عبد الله مشاهدة المشاركة
    فهذا رد على كلام أخينا المشرف الموقر:
    أنا -في هذا المقام- لستُ مشرفًا، بل باحثٌ يناقش باحثًا.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم آل عبد الله مشاهدة المشاركة
    أقول أولاً: الشاك هنا ليس هو يحيى بل هو مجهول لا تعرف عينه فضلاً عن حاله, ولو عرفت حاله وكان ثقة لم يقبل شكه, اللهم إلا إذا كان من خواص أصحاب يحيى فينظر.
    هذا الشك -وإن كان كان ظاهره من غير يحيى- منشؤه يحيى نفسه؛ لعدم جزمه بالنفي.
    والناقل لم يقل: (فكأني سمعته يقول...)، أو: (فأظنه قال...)، أو نحو ذلك، وإنما قال: (فكأنه قال: لا)؛ وهذا توصيف لحالة يحيى حين قال ما مؤدَّاه: (لا)، وأنه لم يكن جازمًا بها، وإنما نفى نفيًا شبيهًا بقول: (لا)، وذلك لعدم جزمه.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم آل عبد الله مشاهدة المشاركة
    ثانياً: قوله) :وشكه أقوى من جزم من دونه) فيه نظر, فأبو داود من كبار الحفاظ وإمام مجتهد, وقد جزم بسماعه منها فهو مقدم على شك يحيى, وقد علمت أنه ليس يحيى الشاك
    لم أقل: إن شك يحيى أقوى من جزم أبي داود، بل قلت: إنه أقوى من جزم (مَن دونه).
    ولعلك تراجع ترجمة يحيى بن يحيى، وتنظر مكانته من الحفظ والثبت، حتى قال الإمام إسحاق بن راهويه: (يحيى بن يحيى أثبت من عبدالرحمن بن مهدي)! وتنظر كذلك في أنه كان يسمى (الشكَّاك)؛ لكثرة ما يشك في الحديث مع ثقته وثبته وإمامته، وفي قول بعضهم: (شكُّ يحيى بن يحيى عندنا يقين).
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم آل عبد الله مشاهدة المشاركة
    وقول الحفاظ: (شك فلان أولى من يقين غيره)؛ مرادهم الثناء على حفظه وتثبته لا أنه يقبل شكه ويرد يقين غيره, (سواءً كان مساوياً له أو غير مساو) مع قيام القرينة على صحة قول ذلك الغير, وقد ردوا جزم كثير من الحفاظ فضلاً عن شكهم عندما دلت القرينة على خطئهم, وقبلوا قول رواية كثير من الضعفاء والمجاهيل فضلاً عن الثقات عندما دلت القرينة على صحة ما قالوه ورووه
    نعم، مع قيام القرينة على صحة قول ذلك الغير.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم آل عبد الله مشاهدة المشاركة
    وقوله) :ومما يقويالقول بالانقطاع رواية ابن ابي شيبة لحديث دعاء الخروج من المنزل حيث جاءتالرواية عنده عن الشعبي قال قالت ام سلمة(....قلت: إذا ثبت السماع فإن ( أن وعن وقال ) محمولة على السماع أبداً إلا من مدلس ثبت أيضاً أنه دلس في ذلك الإسناد, وإن لم يثبت أنه دلس فالأصل الاتصال وعدم التدليس, وقد ثبت سماع الشعبي من أم سلمة فتحمل روايته عنها على السماع على أي صيغة كانت, قال شعبة: ( لأن أزني أحب إلي من أن أقول قال فلان ولم أسمعه منه), وقال همام بن يحيى العوذي: (ما قلت قال قتادة فأنا سمعته من قتادة), وقول أخينا الفاضل فيما أضافه لاحقاً) : ممايؤيد ذلك قول ابن الغلابي كما في سؤالات ابن الجنيد (يزعمون ان عقبة بن أوسالسدوسي لم يسمع من عبدالله بن عمرو انما يقول قال عبد الله بن عمرو) قلت: هذا كثير في كلام الحفاظ, و إنما يقول الحفاظ هذا أو نحوه إذا لم يثبت سماع الراوي ممن روى عنه, وأما مع ثبوت السماع فلا فرق عندهم أن يقول الراوي: (عن فلان) أو (قال فلان) أوغيرهما من صيغ التحمل, فكلها محمولة عندهم على الاتصال بالشرط المذكور آنفاً
    وهذا كله احتجاجٌ بمحل النزاع، بل بالكلام الذي أناقشه أصلاً (وهو كلام أبي داود -رحمه الله-)، وهذا لا يتأتى في أساليب النقاش العلمي.
    والسماع هاهنا لم يثبت، ولا يمكن الوقوف على رواية واحدة فيها التصريح به، وإنما وقفنا على كلمةٍ مناقَشَةٍ لأبي داود فيها إثباته.
    والأئمة -كما في قول ابن الغلابي الذي نقلتُ- كانوا يرون أن من قرائن الانقطاع: أن الراوي يقول في روايته عن شيخه: (قال)، ولا يذكر السماع في أي رواية من رواياته عنه.
    فهذا السماعُ المقصودُ في كلامهم (سماع الأسانيد والروايات)، وليس المراد به: السماع الذي ربما أثبته بعض الأئمة، ونفاه بعضهم.
    وهذه قرينةٌ قوية، وما زالت قائمة لا جواب عليها.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم آل عبد الله مشاهدة المشاركة
    وقول أخينا المشرف) :ويقوي القول بالانقطاع أيضا ان ام سلمه من المدينة(......... أقول: أنا قلت من البداية أنني مقلد لأبي داود في إثبات سماع الشعبي من أم سلمة, ولم أدع سبراً ولا تتبعاً لأن هذا الفن لا يمكن إدراكه إلا بكلفة, ويحتاج الى اطلاع واسع وأهله قد ولوا منذ أزمنة بعيدة, والمتأخرون هم عيال على المتقدمين
    قد تَرَك لنا "أهله" ما يمكننا به إدراكه والنظر فيه والسير على منهجهم وطريقتهم في أصوله وفروعه، وما نزال بذلك عيالاً عليهم.
    ولا أُراهم يرضون أن نترك منهجهم وطريقتهم إلى القواعد الدخيلة على علمهم.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم آل عبد الله مشاهدة المشاركة
    وهذا العلم لا يدخله القياس؛ فلا يجوز أن يقال فيه: بما أن فلاناً لم يسمع من فلان إذن لم يسمع من فلان, أو بما أن فلاناً أدرك فلاناً إذن أدرك فلاناً, فقد قال أبو زرعة : (أبو أمامة بن سهل عن عمر مرسل) مع أن أبا أمامة قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم, فلو طبقنا قاعدة ( بما أن/ إذن) لقلنا إن أبا أمامة سمع من عمر ولابد, لكن لا مدخل للقياس في هذا الفن,
    ....
    وقد جزم الحفاظ أحمد وغيره بأن يحيى بن أبي كثير رأى أنس بن مالك ولكنهم لم يثبتوا له سماعاً منه, فقالوا رآه ولم يسمع منه, وقال ابن معين في رواية الدوري : لم يسمع عطاء من ابن عمر إنما رآه, فهل يستطيع أحد من المتأخرين أن يثبت الرؤية لراو معين وينفي سماعه ممن رآه؟ لا أظن ذلك, ولو اختلف الحفاظ المتقدمون هنا في السماع لرجحنا قول المثبت لحصول الرؤية, وقال أبو حاتم في يحيى بن أبي كثير: (ما أراه سمع من عروه بن الزبير لأنه يدخل بينه وبينه رجلاً ورجلين ولا يذكر سماعاً ولا رؤية ولا سؤاله عن مسألة), وقال ابن معين :(ابن جريج لم يسمع من مجاهد شيئاً إلا حرفاً في القرآن), وقال الدارقطني: (لم يسمع الشعبي من علي إلا حرفاً واحداً), ولو أعملنا القياس لقلنا: من سمع حرفاً فليسمع حرفين وثلاثة وعشرة! من الذي يحول بينه وبين أن يسمع المزيد؟ لكن سعة اطلاع الحفاظ هي التي حالت دون ذلك, فلا مدخل هنا للقياس, ولا لقاعدة (بما أن .إذن)
    هذا الكلام ليس بعلمي، ولا محرر.
    واستخدام (من باب أولى) معروفٌ مشهورٌ في كلام أئمة النقد، وفي كلام المتأخرين عنهم.
    وهو إحدى القرائن والدلالات التي تستعمل في ترجيح ثبوت السماع ونفيه.
    وهذا -لا شك- بمعزلٍ عمَّا إذا كانت هذه القرينة -أو غيرها- تخالف إجماعًا أو قولاً واحدًا للمتقدمين، فإن هذا يفيد أنهم قد وقفوا على ما هو أولى من تلك القرينة التي استعملوها أنفُسُهم.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم آل عبد الله مشاهدة المشاركة
    إذن يجب التسليم فيه للحفاظ, فإذا اتفقوا على إثبات السماع أو نفيه فالقول قولهم, قال أبو حاتم :(حبيب بن أبي ثابت لا يثبت له السماع من عروة وقد سمع ممن هو أكبر منه غير أن أهل الحديث قد اتفقوا على ذلك واتفاقهم على شيء يكون حجة) وأما إذا اختلفوا واللقاء والسماع ممكن فالقول قول المثبت, اللهم إلا أن يأتي النافي بحجة قوية تدفع قول المثبت.
    عادت هنا قاعدة المثبت والنافي، وهي مصدر إشكال كبير لدى الشيخ -فيما يظهر-.
    والأمر الذي بين يدينا: كلمات مجملة لبعض الأئمة، بعضها إثبات، وبعضها نفي، فمن التحكُّم ترجيح بعضها على بعض لمجرد كون بعضها إثبات والآخر نفي، حتى وإن كان الإثبات ممكنًا، فإن للنفي قرائنَ قائمةً أيضًا، لكن الشيخ خرج منها بأنه "أمر لا يمكننا إدراكه إلا بكلفة"، وبأن "أهله قد ولوا منذ أزمة بعيدة" -كما سبق في كلامه-!
    وهذا أدى بالشيخ إلى أن يكرر الكلام على أن السماع ممكن، مع أنني أوضحتُ -في المشاركة السابقة- بالأدلة والتواريخ أن الإمكان غير متحقق.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم آل عبد الله مشاهدة المشاركة
    فهذا يدل على دقة الحفاظ وسعة اطلاعهم فلو اجتمع من بأقطارها من المتأخرين ما أدركوا هذا الفن ولا حاموا حوله والله المستعان ( فدع عنك الكتابة لست منها/ وإن سودت وجهك بالمداد), وقال البرديجي: (قتادة حدث عن الزهري, قال بعض أهل الحديث لم يسمع منه وقال بعضهم سمع منه, لأنهما التقيا عند هشام بن عبدالملك), فهل يستطيع أحد من المتأخرين أن يدرك هذا اللقاء العارض؟ فلعل أبا داود اطلع على مثل هذا اللقاء العارض إما في المسجد النبوي أوفي الموسم أو غيرهما من الأماكن, فأثبت سماعه منها، وقد مر علي فيما سبق أظنه في سؤالات الدوري أن ابن معين أثبت سماع راو من آخر فقيل له: أين سمع منه؟ فقال: في الموسم, أو قال لعله في الموسم, وأبو داود لم يُسأل عن حجته فيدلي بها والله اعلم, بل ذهب الحفاظ إلى أبعد من هذا فقد يقع في الإسناد التصريح بالسماع فيحكمون عليه بالخطأ, قال أحمد في رواية هدبة عن حماد عن قتادة نا خلاد الجهني قال: (هو خطأ, خلاد قديم ما رأى قتادة خلاداً) أي أن التصريح بالتحديث بين قتادة وخلاد خطأ من بعض الرواة, وهذا كثير في كلامهم, إذن يجب التسليم لهم والاعتراف بالعجز.
    هذا كله معلوم، وعظم أمر المتقدمين وسعة اطلاعهم ليس بحاجةٍ إلى بيان.
    وإذا كان الواجب التسليم لهم؛ فحمل هذا (الواجب) على كلمة أبي داود ليس بأولى من حملها على كلمتي ابن المديني ويحيى النيسابوري.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم آل عبد الله مشاهدة المشاركة
    وقول أخينا) :كما ان الحجة الاقوى في القول بعدم السماععدم ورود التصريح بالسماع بأي صيغة في أي رواية للشعبي عن أم سلمة)أقول : هذا صحيح لكن إذا ثبت عند الناقد السماع ( بقرينة أو بغيرها ( فلا يضر ألا تأتي صيغة صريحة بالسماع, فقد روى البخاري في صحيحه من طريق أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه بالعنعنة, وقد قال شعبة: (لم يسمع أبو عبدالرحمن السلمي من عثمان), وقال أبو حاتم: (روى عنه لا يذكر سماعاً لكن البخاري جزم في تاريخه الكبير بسماعه من عثمان وقوى ذلك بما ذكره في صحيحه بعد أن روى حديثه عن عثمان مرفوعاً (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) قال وأقرأ أبو عبدالرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاج, كما أنه إذا ثبت عند الناقد عدم السماع فلا ينفع أن تأتي صيغة صريحة بالسماع كما تقدم قريباً عن أحمد في نفيه سماع قتادة من خلاد مع وجود التصريح بالسماع.
    معتمد الأئمة في إثبات السماع: وجود التصريح بالسماع، وأما القرائن، فالأصح والتحقيق: أنهم لا يثبتون بها السماع.
    والبخاري في تاريخه لا يثبت السماع، وإنما يحكي ما وقع في بعض الأسانيد من تصريح -على الأصح-.
    وأما تخريجه في صحيحه لأبي عبدالرحمن عن عثمان، فعن ذلك أجوبة، تراجع في (الاتصال والانقطاع) للشيخ إبراهيم اللاحم.
    ومنها: أنه قد ورد أن أبا عبدالرحمن قرأ على عثمان -وإن كان فيه ضعف-.
    ومنها: أنه من أبواب الفضائل التي يُتسامح فيها. إلخ.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم آل عبد الله مشاهدة المشاركة
    وقوله: ( وبناء على ما سبق يتضح النظر الواقع في إعمال قاعدة ( تقديم المثبت على النافي) والتقصير في البحث عن الادلة والقرائن والاحوال والتواريخ ونحوها بل ونفي وجود ذلك) قلت : أنا لم أقل أن المثبت مقدم على النافي مطلقاً بل لا تكاد توجد قاعدة مطردة في هذا الفن, بل كل من ادعى قاعدة في هذا الفن فإنها منخرمة ولابد, لأن غالب هذا الفن مبني على القرائن, وانما قلت المثبت مقدم على النافي في مسألتنا هذه فقط؛ لأن الإدراك حاصل والسماع ممكن مع إثبات حافظ واسع الاطلاع السماع
    وقد سبق أن هذا منشأ الإشكال -فيما يظهر-، ولعل إهمال هذه القاعدة الأصولية أولى من إعمالها في علوم الحديث من الأصل.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم آل عبد الله مشاهدة المشاركة
    وأما قول أخينا: (والتقصير في البحث الى آخر ماقال) فأقول: أولاً قد كفاني أبو داود البحث كما كفى علي بن المديني الحافظ ابن حجر, وأما أهل السبر والتتبع فنسأل الله لهم العون والتوفيق
    قوام شطرٍ كبير من هذا العلم في كافة أبوابه على السبر والتتبع، ولعله لا يصح أن يتكلم المتكلم فيه إذا لم يستفرغ وسعه، ويسبر ويتتبع، خاصة في هذه القضايا المشكلة التي اختلفت فيها أنظار الأئمة.
    وأصل المشكلة -كما سبق مرارًا-: الاسترواح إلى قاعدةٍ مؤدَّاها التحكم والترجيح بلا مرجح، وترك البحث والنظر وتقليب الأمر وسبر الروايات وجمع قرائن الوجوه المختلفة.
    فإن قيل -وقد سبق نحوه في كلام الشيخ-: إن المرجح هنا: أن المثبت معه زيادة علم، فلعله وقف على ثبوت السماع.
    فالجواب: أن هذا رجمٌ بالغيب، ولقائل أن يقول: إن النافي معه زيادة علم، ولعله وقف على ما ينفي السماع، ويخرج الرواية عن الأصل (وهو الاتصال).
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم آل عبد الله مشاهدة المشاركة
    وأما ثانياً فهل يمكن أن يقال أن أبا داود قد قصر في البحث والنظر في الأدلة والقرائن والتواريخ وأنه جزم بسماعه منها من غير أن يفعل شيئاً من ذلك؟ لا أظن أخانا المشرف يقول ذلك.
    رحم الله أبا داود.
    وقد قلتُ -فيما سبق-: (أن ذلك -في حال ثبوته عن أبي داود- رأيٌ له بناه على ما ظهر له من أدلة).
    وغيرُ لازمٍ أن يكون بحث الإمام أبي داود وترجيحه صوابًا، والكمال لله وحده.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم آل عبد الله مشاهدة المشاركة
    وقوله: (الاحتجاج بصنيع المزي في ذكر أم سلمة في شيوخالشعبي على أنه يحكم بالاتصال احتجاج ضعيف) أقول :أنا لم أذكر كلام المزي إلا لأبين انهم لايفرقون بين الرواية والسماع, ثم إني قلت (ظاهر كلامه.. وقلت: ولسنا بحاجة الى هذا الظاهر) فلم أجزم ولم أحتج كما زعم أخونا المشرف
    الحكم بأنهم لا يفرقون بين الرواية والسماع غلط، بل هم على التفريق بينهما في الأغلب الأعم؛ متقدمين ومتأخرين.
    والبحث الذي توصلتَ به إلى ذلك "الظاهر" من كلام المزي= غلطٌ -أيضًا-، وهو ما أردتُ بيانه في ردي الأول.
    وأما كونك احتججت به أو لم تحتج؛ فإنما رأيتُه في سياق الرد على من خالفك، والمسوق في الرد معتمدٌ -غالبًا-.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم آل عبد الله مشاهدة المشاركة
    وأما تشكيكه بصحة النقل عن أبي داود فلا يجوز تخطئة الحفاظ إلا بحجة ,والآجري ثقة حافظ قد احتج الحفاظ بما ينقله عن أبي داود, والأصل صحة ما ينقله عنه اللهم إلا أن ينقل شيئاً خلاف ما اشتهر عن الامام فيمكن أن يخطئ فيه, وأما والأمر على الإمكان كما هنا فتخطئته أبعد ما يكون عن الصواب ,وأبوداود إمام مجتهد لا يبعد مخالفته لغيره من الحفاظ.
    إذن يرد ما تبين خطؤه فيه: ( ويكون هذا الرد من حافظ ناقد لا من كل أحد حتى لا يتجرأ أحد على رد كل ما يظنه خطأ ) ولا يخطئ في بقية ما روى, ولايشكك في بقية ما نقل
    أما كون أبي عبيد الآجري "ثقة حافظًا" فهذا من كيس الشيخ -وفقه الله-.
    ومن غير المقبول الدندنة المتكررة حول إمكان السماع، وكأن السماع قريب جدًّا، وكأن من نفاه نفاه بلا حجة، مع أن قرائن النفي قوية ظاهرة، ولعلها أقوى من قرينة إمكان السماع، هذا إن سُلِّم أن السماع ممكن.
    * يلاحظ أني كررت العزو إلى كتاب (الاتصال والانقطاع) للشيخ إبراهيم اللاحم، وأنصح الشيخَ بقراءته ودراسته؛ ليزداد تعمُّقًا في مباحث الاتصال والانقطاع.
    والله أعلم.

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    الدولة
    الرياض
    المشاركات
    48

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    السلام عليكم

    من خلال قراءتي للموضوع اظن أنه يحتاج الى تحرير بالغ وكان ينبغي على الاخوة تحرير المعلومة بدل المناظرة والله أعلم

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    المشاركة (9) فيها تحرير للمسألة.
    ولا بد أن يظهر في ثنايا النقاش العلمي (لا المناظرة) فوائد وتحريرات.

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    116

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    السلام عليكم اعذروني على هذا التدخل، لكنه في نظري مفيد، وهو أني وددت التنبيه إلى أن قاعدة المثبت مقدم على النافي، قاعدة قررت في علم الأصول -على الخلاف الذي فيها- على أنها من وجوه الترجيح بين نصين ثابتين من نصوص الكتاب أو السنة، وربما استفيد بها في موضع يلحق بما ذكر كالأخبار المحضة التي لا مدخل للاجتهاد والنظر فيها، فافهَم، أمّا إعمالها في غير موضعها الذي قررت فيه فمن مفسدات العلوم ولا شك، وهذا من تخبطات المتأخرين.

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    أرض الله الواسعة
    المشاركات
    208

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله مشاهدة المشاركة
    2- الحاكم:
    قال -في المستدرك (1/518)-: (وربما تَوَهَّم مُتَوَهِّمٌ أن الشعبي لم يسمع من أم سلمة، وليس كذلك؛ فإنه دخل على عائشة وأم سلمة جميعًا، ثم أكثرَ الروايةَ عنهما جميعًا).
    وقد اعتمد الحاكم في إثبات السماع -كما هو ظاهرٌ في كلامه- على أن الشعبي دخل على عائشة وأم سلمة.
    وفي كلامه هذا بحثٌ من جهتين: هل صَحَّ دخول الشعبي على عائشة وأم سلمة؟ وهل صَحَّ أنه أكثَرَ عن أم سلمة؟
    ودخوله على عائشة وأم سلمة -إن صح- لا يلزم منه السماع، فكم أثبت الأئمة من لقاءٍ بين راويين، ونَفَوا سماع أحدهما من الآخر، بل قد نَفَى الحاكم نفسُه سماعَ الشعبي من عائشة -في معرفة علوم الحديث (ص354)-.
    وليس المراد بالسماع هنا: مطلق السماع؛ إذ لا بُدَّ للراوي -إن صَحَّ اللقاء- من سماع بعض الكلام المعتاد، وإنما المنفيُّ هاهنا: السماع الحديثي؛ سماع التحمُّل والرواية.
    هذا مع أن في نقد الحاكم وأحكامه وإطلاقاته في مستدركه نظرًا؛ من حيث تساهله ونزول درجة تحريره ودقَّته فيها، وهذا معلومٌ مشهورٌ ذائع.
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , وبعد :
    - قال ابو زرعة العراقي في كتابه النافع تحفة التحصيل 163/1 : (( قال يحيى بن معين : ما روى الشعبي عن عائشة مرسل , ... - ثم قال - وقال أبو حاتم : لم يسمع الشعبي من عبد الله بن مسعود والشعبي عن عائشة مرسل إنما يحدث عن مسروق عن عائشة ... -ثم قال - وأرسل عن عمر وطلحة بن عبيد الله وابن مسعود وعائشة وعبادة بن الصامت ... )) وفي هذا دليل على أن قول الحاكم رحمه الله (( وربما تَوَهَّم مُتَوَهِّمٌ أن الشعبي لم يسمع من أم سلمة، وليس كذلك؛ فإنه دخل على عائشة وأم سلمة جميعًا، ثم أكثرَ الروايةَ عنهما جميعًا )) ليس بدقيق .
    - وبالنسبة ل: (( الاحتجاج بصنيع المزي في ذكر أم سلمة في شيوخ الشعبي على أنه يحكم بالاتصال احتجاج ضعيف)) هو كذلك ضعيف لكن ضهر لي أن قول المزي في كتابه (( روى عن فلان )) تفيد عنده السماع , فقد وقفت على كلام لمغلطاي في الاكمال (314/1) قال : (( ذكر المزي فيما أخبرني عنه غير واحد أنه إذا قال عن شخص روى عن فلان يريد بذلك صحة سماعه منه )) و الله أعلم .
    أبُو القَاسِم ابْنِ إدْريس بْنِ أحْمَد بن عبد السَّلام الإدْريسِيّ البَيْضاويّ
    https://telegram.me/Abul9sm


  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    168

    Arrow رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    ذكر المزي بعض الرواة ولم يتعقبهم بشي مع أن بعض الأئمة نفى السماع منهم
    انظر شيوخ الحسن البصري رحمه الله

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    بارك الله فى الجميع

    المسألة بارك الله فى الجميع تحتاج الى مزيد بحث لانها لم تشفى العليل

    بارك الله فى مشايخى

  19. #19

    افتراضي رد: هل سمع الشعبي من أم سلمة رضي الله عنها ؟

    لم يثبت أن روى الشعبي عن أم سلمة ولا عمن روى عن أم سلمة.
    والصواب في هذا الحديث أنه مرسل؛ فقد انفرد منصور بن المعتمر بوصله.
    ومن تابعه إما ضعيف أو ثقة لم تثبت الرواية إليه.
    وقد خالفه جمع منهم زبيد اليامي وعاصم ابن أبي النجود الكوفي وابن أبي ليلى رووه عن الشعبي مرسلا.
    وقد مرَّض إسحاق ابن راهويه رواية الشعبي عن أم سلمة في مسنده.
    والله أعلم.
    .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •