تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: قاعدة ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) : للمدارسة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    30

    افتراضي قاعدة ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) : للمدارسة

    الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى ، أما بعد :
    فقاعدة ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) من القواعد الفقهية المشهورة وهي تندرج تحت القاعدة الكلية ( الضرر يزال ) ، ولكن عندي فيها تساؤلات أردت إثارتها للمناقشة للفائدة ، وهي :
    - هل هذه القاعدة على إطلاقها ؟
    - من المعلوم ( من حيث القسمة العقلية ) أن المفاسد إما :
    أن تكون أكبر من المصالح
    أو أصغر وأدنى من المصالح
    أو مساوية لها
    فعلى أيها تطبق هذه القاعدة ؟
    - وهل يتصور وجود مفسدة مساوية لمصلحة من كل وجه ومن ثم قلنا : إن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ؟
    - وهل هذه القاعدة متفق عليها ؟
    - وهل لهذه القاعدة ارتباط باختلاف العلماء في أن جنس المنهيات ( في الشرع ) مقدم على جنس المأمورات أو العكس
    أرجو من طلبة العلم إثراء الموضوع للفائدة ، والله من وراء القصد

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    95

    افتراضي رد: قاعدة ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) : للمدارسة

    الشريعة مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد نواصل ما ابتدأنا به من شرح منظومة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- في القواعد الفقهية.
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا، وانفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا يا أرحم الراحمين.
    قال الشيخ - رحمه الله- في منظومته:الدِّينُ مبني على المصالح


    في جلبِها والدرء للقبائحِ


    تضمن هذا البيت أن الشريعة مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد، المراد بالدِّين: الشريعة، مأخوذ من الفعل دان بمعنى: أطاع فمن دان لغيره، وأطاعه فإنه قد سلم الدين له، ولما كان أهل الإيمان يطيعون الله -عز وجل- سميت شريعة الله الدين، قال -سبحانه-: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ [ فقوله هنا مبني على المصالح يعني: أن الشريعة راعت في وضع أحكامها المصالح، المراد بالمصالح: واحدتها المصلحة، وهي المنفعة.
    وليست المنفعة والمصلحة عايدة لله - تعالى- فهو سبحانه الغني كما قال -جل وعلا-يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [ فهو- سبحانه- غني، إنما المصلحة عائدة إلى الخلق، وليس المراد بذلك موافقة الأهواء والرغبات التي ترغبها النفوس؛ فإن ذلك مخالف لمعنى الدين والطاعة.
    فالطاعة مبنية على الالتزام بأوامر الله؛ لذلك جاءت الشريعة بالنهي عن اتباع الهوى:] وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ[ فلاتباع الهوى مضار عديدة وشرور وخيمة، ليست المصلحة أبدا في اتباع الهوى.
    إذا تقرر ذلك فما هو المصدر الذي نحكم من خلاله أن هذا الفعل مصلحة أو مفسدة للناس؟
    في ذلك مناهج متعددة: المعتزلة يقولون: إن الأفعال تعرف مَصلحِيَّتها للعباد ومفسدتها من خلال العقول؛ ولذلك هم أهل التحسين والتقبيح العقلي.
    والأشاعرة يقولون: إن مصدر الحسن والقبح هو الشارع، ووصف الفعل بالحسن والقبح وصف نسبي يختلف بالنسب والإضافة: الكذب ليس قبيحا في ذاته، وإنما بحسب ما يضاف إليه، وهذا الكلام خاطئ عقلا وشرعا، فكل الناس يعرفون أن الكذب قبيح، وأن الصدق حسن؛ ولذلك فإن الأفعال القبيحة أثبت الشارع كونها قبيحة على العباد قبل وجود الرسل، وإنما عاقبهم بعد بعثة الرسل، وقال- جل وعلا- في وصف النبي - صلى الله عليه وسلم-: يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ] .
    فلو كان على قول الأشاعرة بأن مصدر الحسن والقبح هو الشارع لكان معنى الآية يأمرهم بما يأمرهم به؛ لأن المعروف إنما يعرف من قبل الشارع، والصواب في هذه المسألة: أن للأفعال صفات ذاتية تثبت حسنها وقبحها، ولو لم يوجد عقل أو شرع، فالصدق حسن قبل ورود الشرائع، وقبل معرفة العقول لحسنه، ولكن العقاب إنما يترتب على الأفعال بعد ورود الشريعة؛ لقوله- عز وجل-:] وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [
    وقد انتشر اليوم بين كثير من الكتاب المحدثين أن مصدر الحسن والقبح هو المجتمع، وهذا آت من المناهج العلمانية؛ ولذلك فإن الفعل يكون في زمان حسنا، وفي زمان آخر يكون قبيحا، وهذا منهج خاطئ مخالف للعقل ومخالف للشرع، فالصواب أن للأفعال صفات ذاتية تثبت حسنها وقبحها، وأن العقوبة تكون على الفعل بعد ورود الشرع.
    وأما الثواب فقد اختلف أهل السنة فيه: فمنهم من يثبت الثواب على الأفعال قبل ورود الشرائع، ومنهم من ينفيه، ولعل في الحديث الوارد في ذلك: [أَسْلَمْتَ على ما أَسْلَفْتَ من خير [ دليل على اعتبار الثواب على الأفعال، ولو قبل ورود الشرائع.
    وهذه القاعدة: قاعدة بناء أحكام الشريعة على جلب المصالح ودرء المفاسد يدل عليها أدلة عديدة، منها: قوله - سبحانه-:وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [ فمقتضى كون هذه الشريعة الرحمة أن تكون جالبة للمصلحة دافعة للمفسدة، وقال -جلَّ وعلا-: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ] فإكمال النعمة بإتمام هذا الدين، وتمام النعمة وإكمالها يكون بكون هذا الدين جالبًا للمصالح، دافعا للمفاسد.
    وفي تعاليل الأحكام نجد أن الشريعة عللت كثيرا من أحكامها بمصالح الخلق كما قال - جل وعلا-: ] وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ] فقوله: حياة هذا تعليل لهذا[ الحكم وهو القصاص لمصلحة الخلق، وفي استقراء أحكام الشريعة دليل قاطع على كون هذه الشريعة مصلحة للخلق.
    ولأهمية هذه القاعدة اعتنى العلماء بها، بل قد أخرجها الإمام العز بن عبد السلام بِمُؤَلَّفٍ كامل وجعل أحكام الشريعة كلها تدور على هذه القاعدة، وإذا تأمل الإنسان أحكام الشريعة وجد أن المصلحة فيها على أنواع: فمرات تكون المصلحة متحتمة واجبة مثل: الصلوات المفروضة، ومرات تكون المصلحة مستحبة مندوبة مثل: الصلوات النوافل، ومرات تكون المصلحة يراد وجودها في المجتمع ولو لم يفعلها جميع أفراد المجتمع مثل: صلاة الجنازة، تغسيل الميت، ومرات يراد بالمصلحة أن تتحقق من جميع الأفراد.
    وهذه المصالح منها مصالح معتبرة للشارع نص على حكمها، والعلماء يقسمون المصالح إلى ثلاثة أقسام:
    القسم الأول: مصالح معتبرة، وهي التي شهد لها الشارع بالاعتبار سواء كان ذلك بطريق الشرع بطريق الكتاب، أو بطريق السنة، أو بالإجماع، أو بالقياس.
    والنوع الثاني: قالوا مصالح ملغاة، وهي المصادمة لنص شرعي، ومثلوا لها بمن لا يرتدع عن التحفظ في يمينه إلا بالصيام، لا يردعه الإطعام، ولا يردعه الكسوة، فلو قال قائل بأن هذا الشخص نوجب عليه صيام ثلاثة أيام؛ لأنه لا يرتدع عن التحفظ في يمينه إلا بالصيام لكانت هذه مصلحة ملغاة في الشرع؛ لأن الشريعة جاءت بأن الحانث في يمينه يطعم أو يكسو أو يعتق، فإذا لم يجد انتقل للصيام.
    ولذلك ورد عن بعض العلماء المالكية أنه سأله ملك من ملوك زمانه فقال: إني وقعت في نهار رمضان، وكان معه العلماء القضاة، فقال مقدَّمُهم: يجب عليك صيام شهرين متتابعين، فلما عادوا قالوا له: إن الشريعة جاءت بالعتق؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: أَعْتِقْ رقبة فقال: الرِّقاب عنده كثير فإذا لم نوجب عنده إلا إعتاق الرقبة لمَا ارتجع عن الوطء في نهار رمضان.
    فهذا ظنّ أن هذا الحكم مصلحة، لكن هذه المصلحة ملغاة في الشريعة، فلا تُعتبر ولا يُلتفت إليها، بل إنها في حقيقة الأمر مفسدة، فما ظنكم لو علم المَلِك أنهم أخفوا عنه، هل سيطمئن بعد ذلك لفتوى يفتونه بها؟! بل هل سيستفتيهم في مسألة؟ سيُعرض عنهم ويعمل على وفق هواه بدون الرجوع إلى فتاواهم. فدلنا ذلك على أن تسمية ما أُلغي مصلحة لا يصح، لا يصح أن نقول: مصلحة ملغاة، وإنما يقال ما يتوهم أنه مصلحة؛ لأن الشريعة لا يمكن أن تأتي بإلغاء مصلحة، وقد وجد في عصرنا وزماننا من يتشبث بالعمل بالمصالح في إلغاء النصوص؛ ولذلك تجدهم يقولون: الناس في الغرب ليس لديهم إجازة إلا في يوم الأحد فتكون صلاة الجمعة في يوم الأحد لمراعاة أحوال الناس!! فهذه مصلحة ملغاة، ليست مصلحة يتوهم أنها مصلحة، وهي مضادة للشريعة، ولو فتح الباب لغيرت مراسيم الشرع، ولم يستسر مسار الشريعة على منوال واحد.
    النوع الثالث: مصالح مرسلة، وهي التي لم يأت بها نص لا بإلغائها ولا باعتبارها، وقد اختلف العلماء في حجيتها، فمنهم من يثبت الحجية، ومنهم من ينفي الحجية، وقد رأى شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم -رحمهم الله- أنه لا يمكن أن توجد مصلحة مرسلة، بل المصالح جميع المصالح مُعْتَبَرة جميعا. من رأى مصلحة ظنها مرسلة فلا يخلو من أحد أمرين:
    الأمر الأول: أن تكون مفسدة، ولا تكون مصلحة.
    والأمر الثاني: أن يدل عليها نص من الشارع خفي على ذلك الفقيه، وفي هذا القول قوة، وفيه إثبات لكمال الشريعة ولشمولها، والناظر في النصوص الشرعية يجدها شاملة لأغلب مصالح العباد، وأن المرء لا يحتاج إلى القياس إلا في مواطن قليلة تسد النقص الوارد في دليل النصوص على الحوادث.
    كذلك تقسم المصالح إلى مصالح في الأحكام لا نعرف وجه كونها مصلحة، وهناك أحكام نجزم بأنها في مصلحة الخلق، لكننا لا نعرف وجه هذه المصلحة. مثال ذلك: أكل لحم الجور ينقض الوضوء، ما المصلحة في ذلك؟ نحن لا نعرف المصلحة، فلا يحق لنا أن نترك الحكم لعدم معرفتنا بحكمة الحكم ومصلحته.
    النوع الثاني: أحكام معلومة المصالح للمكلفين مثل: مشروعية النكاح؛ فإنه يراد لتحصيل السكن الروحي، واطمئنان الزوجين بعضهما لبعض واستقرارهما، ولتحصيل الأبناء الصالحين، ولتحصيل الأجر والثواب في ذلك، هذه مصلحة معلومة، لكن كيف تكون نية العبد في مثل هذه الأعمال؟
    لا بد أن ينوي العبد ليحصل على الأجر والثواب وجه الله -عز وجل- والدار الآخرة، فإن نوى المصالح الدنيوية فقط جاز له ذلك في المصالح الدنيوية التي نص عليها الشارع، لكن ليس له من الأجر الأخروي شيء، فإن نوى العبد بهذا العمل نية مضادة لمقصود الشارع فإنه يكون آثما بذلك، مثاله مَن تزوج بقصد التحليل هذه نية مضادة لمقصود الشارع، فيكون العبد مستحقا للإثم بها.
    وكما أن المصالح تتقسم لأقسام عدة، كذلك المفاسد، وقوله هنا: "على المصالح في جلبها" يعني: في إحضارها والعمل بها، "والدرء للقبائح": الدرء المراد به الإبعاد، المراد بالقبائح: المفاسد، والمفاسد منها: مفاسد مكروهة، ومفاسد محرمة، المفاسد المحرمة منها ما هو كبائر، ومنها ما هو صغائر، وتتفاوت في نفسها إلى مراتب عديدة، وقد ذكر المؤلف في شرحه للمنظومة كيف عاد أغلب أحكام الشريعة إلى اعتبار المصالح وإلغاء المفاسد. نعم.


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    الدولة
    السعودية - جدة
    المشاركات
    309

    افتراضي رد: قاعدة ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) : للمدارسة

    للاستزادة يُنظر هذا الرابط :

    http://osolyon.com/vb/showthread.php?p=20111#post20111

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •