تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: تجريح و تعديل النساء

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    417

    افتراضي تجريح و تعديل النساء

    هل ثبت في علم الحديث أن امرأة اعتمد قولها في التعديل والتجريح؟ وإن لم يكن فما السبب . ووفقكم الله

  2. #2

    افتراضي رد: تجريح و تعديل النساء


    مشروعية تعديل النساء وتجريحهن:

    انقسم العلماء في ذلك إلى قسمين:

    1- القسم الأول:يرى عدم قبول تعديل النساء، لا في الروايـة ولا في الشهادة، وقد حكاه أبو بكر الباقلاني عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة(15)، وهم يمثلون الجانب المتشدد في هذا الموضوع. وتجدر الإشارة إلى أن أبا بكر الباقلاني يقبل تزكية المرأة مطلقًا في الرواية(16).

    2- القسم الثاني: وهو الجمهور; يرى أن يقبل تعديل المرأة والعبد العارفين(17)، فكما تقبل روايتها تقبل تزكيتها، وهذه مسائل فقهية كما يقول الغزالي ثبتت بالمقاييس الشبيهة(18)، ولا شيء يمنع من ذلك من إجماعٍ أو غيره، على ملحظ أبي بكر الباقلاني(19).

    أدلة مشروعية تعديل المرأة وتجريحها:

    - قصة الإفك وتعديل النساء:

    إن واقعة الإفك التي نزل فيها القرآن الكريم تبرئة لأم المؤمنين عائشة، احتوت إشارات بليغة في بيان مشروعية تعـــديل النســاء وتجريحــهن، إذ لمــا خـــاض المنافقون في الكــلام على أم المؤمنين ومكث النبي صلى الله عليه وسلم شهرًا لا يوحى إليه، أشار علي بن أبي طالب على النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال جارية عائشة بريرة، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بريرة وقال لها: أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك؟ فقالت: والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمرًا قط أغمصه(20)، غير أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله(21).

    ففي السؤال ما يبين أن بريرة مطالبة بالإخبار عن شيء زائد غير معلوم، ثم قد تحقق أنها أهل لهذه الشهادة لقول علي رضي الله عنه: اسأل الجارية تصدقك(22).

    والتوجه نحو بريرة أيضًا لأنها عارفة بأحوال عائشة، فقد تحقق إذًا في بريرة شرطا العدالة والمعرفة بحال المراد تعديله أو تجريحه. وعلى هذا إخبارها بما تعلم معتبر ومعتمد.

    - ثم إنه صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش بقوله: (ماذا علمت أو رأيت؟) فأجابـــته مزكـــية لعائـــشة: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، ما علمت إلا خيرًا..(23).

    فسؤال الرسول صلى الله عليه وسلم عن حال عائشة، وجواب بريرة وزينب، واعتماد النـــبي صلى الله عليه وسلم قولـــهما حتى خطب واستعذرصلى الله عليه وسلم من عبد الله بن أبي، ففي مجموع ذلك ما يفيد جواز تعديل النساء، ثم إن إشارة علي على النبي صلى الله عليه وسلم تدل على أن تعديل النساء لم يكن أمرًا مستنكرًا، بل كان جارياً ومستفيضًا طالما تحقق شرط العدالة والمعرفة بأحوال من يراد تعديله أو جرحه.

    - وقد أورد البخاري هذه القصة تحت أبواب متعددة منها باب: تعديل النساء بعضهن بعضًا(24).. وقال ابن حجر(25) في بيان الترجمة: ولعل الترجمة توحي بأن الجواز مقتصر على تعديل النساء لبعضــهن لا للرجــال، وهذا غير وارد، إذ نقل بعد ذلك: أن الجمهور على جواز قبولهن مع الرجال فيما تجوز شهادتهن فيه(26)، ولما كان الأمر متعلقًا بالروايــة ولا تعـــلق له بالأموال والأرواح جاز التعديل ولو أتى من واحدة منفردة.

    - وفي قبول تعديل المرأة، عقد الخطيب البغدادي بابًا ترجم له هكذا: (ما جاء في كون المعدل امرأة)؛ مبينًا أن أصل هذا الباب سؤال النبي صلى الله عليه وسلم بريرة في قصة الإفك(27).

    الجرح والتعديل بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين:

    قبل الكلام على هذا، يجدر التنبيه أننا وإن أطلقنا اللفظ الاصطلاحي لفن الجرح والتعديل في عصر الصحابة، فلا بد من الاحتراز في قضية العدالة لدى هؤلاء الصحب الكرام، إذ الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، لتعديل الله تعالى لهم، وكان الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا يحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة أو بواسطة صحـــابي آخر، فعــن البـــــراء قــال : (ليس كلنا كان يسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم، كانت لنا ضيعة وأشغال، ولكن كان الناس لم يكونوا يكذبون فيحدث الشاهد الغائب)(28) فلم يجدوا غضاضة في السماع من صحابي آخر ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان أحد يشك في الآخر أو يتهمه. فعن أنس رضي الله عنه: أنه حدّث بحديث، فقال له رجل: (أسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: (نعم أو حدثني من لم يكذب، والله ما كنا نكذب، ولا ندري ما الكذب)(29)، ومع ذلك كله فالصحابة بشر وهم معرضون كغيرهم للسهو والنسيان، ويعتريهم الوهم أحيانًا، ولا يعني تعديلهم نفي إمكانية السهو والنسيان عنهم.

    فحيث لا يوجد بين الصحابي وبين الرسول صلى الله عليه وسلم سلسلة إسناد، بل الواسطة هي واحدة من الصحابة غالبًا(30) فقط، فإن الوهم إن كان، فإنما هو من الراوي الصحابي، وإنما يقع له الوهم غالبًا للأسباب التالية(31):

    - يحدث بما سمع ولا يدري أنه منسوخ.

    - أن يقع له انقلاب بين شيئين أو لفظين (المقلوب).

    - أن يقول مع رواية الحديث قولاً من عند نفسه، متصلاً بنص الحديث، فيظنه السامعون مرفوعًا (المدرج).

    - أن يـــروي الحديـث في مــورد يجـعله يتحمل من المعنى أكثر مما يحتمل.

    - أن يروي الحديث على غير وجهه، لغفلته عن سبب الورود.

    لكن الصحابة الآخرين ما كانوا ليسكتوا على الخطأ، بل كان بعضهم يصحح لبعض ما وهم فيه.. وأوهام الصحابة مع ذلك قليلة بالنسبة لمن بعدهم.. وتوافر إخوانهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان عاملاً في ضمان التصحيح وسرعته. لذلك قد نجد الصحابي الذي يصحح، يصف صاحب الرواية المعترض عليها بالوهم أو الخطأ، وهذا قصارى ما يرد في الجرح والتعديل عند الصحابة رضي الله عنهم جميعًا لخروج الكلام في العدالة منه، وكان ممن تكلم في هذا الفن من الصحابة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقد ذكر ابن عدي أن عددًا من الصحابة تكلموا في الجرح والتعديل، وذكر منهم عائشة رضي الله عنها(32).

    أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها والتعديل:

    كان موقف أم المؤمــنين إذا سمـــعت من أحــد رواية لا تتـــفق مع ما تعلمه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تبادر إلى بيان الوهم الواقع فيها، فقد وهّمت رضي الله عنها جماعة من الصحابة في رواياتهم للحديث.. أورد هنا بعض الأمثلة:

    - المثال الأول: وهمت أم المؤمنين عائشة ابن عمر في تواريخ اعتمار النبي صلى الله عليه وسلم إذ أنكرت عليه كونه عليه الصلاة والسلام اعتمر في رجب.. الحديث(33)، وفيه أن ابن عمر سكت حين راجعته، وفي هذا يقول النووي(34): (سكوت ابن عمر على إنكار عائشة يدل على أنه قد اشتبه عليه أو نسي أو شك، واستدل ابن حجر بالرواية على صدور الوهم من الصحابي، فقال: (وفيه دليل على أنه يدخل الوهم الصحابي والنسيان لكونه غير معصوم)(35)، وزاد القرطبي(36) على قول ابن حجر: إن ابن عمر رجع لقولها.

    - المثال الثاني: غلطت أم المؤمنين ابن عمر في روايته لحديث أذان بلال وأذان ابن أم مكتوم، وكانت تقول بعد أن أتت بالرواية على الوجه الذي تعلـــمه صحيـــحًا: (غلـــط ابن عمر)(37). وحســـب رأي أم المؤمنين فإن غلط ابن عمر تمثل في قلبه للحديث، فجعل مؤذن الليل مبصرًا وهو بلال، ومؤذن الصلاة أعمى وهو ابن أم مكتوم.

    - المثال الثالث: في رد حديث ابن عمر : (إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه)(38) فبعد أن ذكرت رضي الله عنها تصحيح الرواية وسبب ورود الحديث قالت: (أما أنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ)(39) وصرحت بنسبته للوهل والوهم.

    - المثال الرابع: كما ردت عائشة رواية أبي هريرة لحديث: (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا ودمًا، خير له من أن يمتلئ شعرًا)،(40) فبعد أن صحـــحت الروايـــة قـــالت: (لم يحفظ الحديـــث)(41) وتعني أبا هريرة ونسبته لغفلة في عدم ضبطه لهذا الحديث.

    وأمثلة أخرى فيها توهيم عائشة لبعض الصحابة لرواياتهم لبعض الأحاديث، مما يدل على أنها رضي الله عنها كانت من أول من تكلم في الجرح والتعديل في رواية الحديث، ومن المكثرين أيضًا، وقد تيسر لها هذا بسعة علمها وحفظها لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفهمها لمعانيه وفقهها لأحكامه، واطلاعها على سبب وروده، مع ما حباها الله تعالى من فطنة وذكاء.. فهذه بحق الشروط التي ينبغي توفرها في الذي يخوض في هذا الفن، وهذا في كل العصور.. وعلى هذا، مساهمة النساء في هذا العلم موقوفة بتوفر الشروط اللازمة.. وللخوض فيه اعتبارات أخرى.. وقد رأينا حظ أم المؤمنين فيه، فقد كانت رضي الله عنها بحق محدثة عصرها، بل كافة العصور، وناقدة بارعة.

    الجرح والتعديل عند غير أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

    إن علماء الجرح والتعديل معروفون عبر مختلف العصور، المتشدد منهم والمعتدل والمتساهل، معروفة مناهجهم في الكلام في الرجال، لكن المصنفات لم تسجل لنا ذكر النساء اللائي ساهمن مساهمة فعلية ومباشرة في هذا الفن، اللهم إلا أم المؤمنين عائشة، غير أن علم الجرح والتعديل في عصرها، لم يكن بعد قد استقر على شكله النهائي، غير أننا من خلال التفتيش في تراجم النساء العالمات، المعروفات بالرواية والطلب، حصلنا على إشارات فيها دلالة إما مباشرة أو ضمنية على أنه وجد في النساء من تكلمت في الرجال، أحيانًا لا يكون كلامها بالمفهوم الاصطلاحي لكن هو من باب التصحيح وبيان الخطأ، مما يمكن إدراجه تحت الوهم وقلة الضبط.. ونورد هنا بعض الأمثلة:

    - المثال الأول: كــلام أم عــمر الثقـفية(42) في التعديل.

    فقد أورد الخطيب البغدادي(43) بسنده إلى أحمد بن حنبل قال: حدثتنا أم عمر ابنة لحسان بن زيد، قالت: (أبي عجوز صدوق).

    فأم عمر كانت معروفة في عصرها بطلب العلم، إذ روت عن أكابر المحدثين، تكلمت في فن الجرح والتعديل بالكلام في تعديل أبيها بقولها: (صدوق)، وهي في ذلك أهل للاعتماد، لأنها:

    - لم تكن مجهولة في عصرها، بل كانت من أهل العلم.

    - وهي تخبر بما تعرفه عن مقرب إليها هو أبوها، فهي إذاً لا تحدث إلا بما تعرفه عنه في العدالة، ولا يهمنا هنا إن كان تعديلها لأبيها معتمدًا أم لا، لكن أوردنا هذا المثال لبيان أن المرأة المسلمة لم تكن بعيدة عن هذا الفن.

    - المثال الثاني: ومن تجريح النساء قول أسماء للحجاج بن يوسف:

    قالت أسماء بنت أبي بكر للحجاج: (أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أنّ في ثقيف كذاباً ومبيراً، أما الكذاب فقد عرفناه، وأما المبير فلا أخالك إلا إياه)(44).. ففي النص ما يفيد أن أسماء رأت الحجاج، إذ طبقت فيه الصفات التي تجعله مبير ثقيف في قتله الناس(45)، وهذا تجريح له منها.. وقد اتفق العلماء فيما بعد على أن المراد بالكذاب في الحديث: المختار بن عبيد الله، والمبير الحجاج بن يوسف الثقفي(46).

    - المثال الثالث: فاطمة بنت الإمام مالك تبين الخطأ:

    إن فاطمة بنت الإمام مالك وهي من رواة الموطأ في المدينة(47)، وكانت تحفظ علم مالك، فإذا جلس للدرس جلست من وراء حجاب تسمع، فإذا أخطأ أحد التلاميذ في شيء دقت الباب للتنبيه على الخطأ، فيصحح له مالك(48)، وهذا فيه تتبع فاطمة بنت مالك لحفظ الرواة ونقدهم.

    هذا مما وجدت على الرابط التالي :
    http://www.islamweb.net/newlibrary/d...=201&startno=0
    يا أيها الفجر كم لي فيك من أمل *** أرى برؤيـتـه ماض أضعـنـاه.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    417

    افتراضي رد: تجريح و تعديل النساء

    جزاك الله خيرا على المجهود المبارك.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    322

    افتراضي رد: تجريح و تعديل النساء

    الأخ أبا عبدالله مصطفى
    رفعتم معنوياتنا..فجزاك م الله خيرا.
    قال ابن المبارك:
    وجدت الدين لأهل الحديث،والكلام للمعتزلة، والكذب للرافضة، والحيل لأهل الرأي.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المشاركات
    17

    افتراضي رد: تجريح و تعديل النساء

    جزاك الله خيرا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •