أخي الفاضل عبدالرحمن الجفن
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ,, شكر الله لك على نقلك وشرحك
المفهوم الشرعي الصحيح لمعنى الغيب (1)
* تعيين المرض الروحي ومعرفة داء المريض ليس قولاً على الله بغير علم:
هذا فصل عقدته في أن تعيين المرض ومعرفة ما عند المريض ليس قولاً على الله بغير علم خلافاً لمن قال بذلك بل هذا من العلم الذي أكدته التجارب وقرره الواقع الملموس للمرضى فهناك علامات ، وأعراض تدل على الجن والسحر في بدن المريض إن وجدت قلنا له : أنت مسحور ، وذاك شيطان.
بل نقطع بهذا يقيناً فما جعلنا الله في عَمىً وريب نَتَرَدَّدُ ، فَلَبْسُ الجني للإنسي أو مرضه بالسحر ليس هذا غيباً تحرم معرفته ، أو مما خصَّ الله به نفسه فلا يعلمه إلا الله.
بل هذا من الغيب المقيد الذي إذا توفرت أسباب علمه ومعرفته عُلِمَ ولا شيء من الشرك في العلم به ، ومعرفته ، فليس هو من مفاتيح الغيب التي ضَنَّ الله بها حتى على رسله.
وينبغي أن نقسم الغيب إلى غيبين حتى يتضح الأمر ؛ فأقول وبالله التوفيق:
الغيب غيبان:
* مطلق ( حقيقي لفظاً ومعنىً )(2).
* ومقيد ( مجازي سببي )،وإن قُلْتَ:( غيب دون غيب ) صَحَّتِ التسمية.
* فالمطلق : ما خَصَّ الله به نفسه ، وضَنَّ به فلا يعلمه ملك مقرب ، ولا نبي مرسل(3).
* كذات الله : لقوله : ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيْطُونَ بِهِ عِلْماً ﴾ (4).
فلا يعلم حقيقة ذات اللَّه إلا اللَّه ، قال ابن أبي زيد القيرواني : (( . . . ولا يبلغ كنه صفته الواصفون،ولا يحيط بأمره المتفكرون،يعتبر المتفكرون بآياته،ولا يتفكرون في حقيقة ذاته ﴿ وَلاَ يُحِيْطُونَ بِشَيءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ ﴾ ))(5)(6).اهـ
* والروح : فهو من الغيب المطلق الذي خصَّ اللَّه به نفسه فلا يعلم حقيقته إلا اللَّه ، وعندما سأل كفار قريش رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الروح نزل الوحي بقوله تعالى : ﴿ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيْلاً ﴾(7).
* والساعة : فهي أيضاً من الغيب المطلق الذي خَصَّ اللَّه به نفسه فلا يعلم أيان مرساها إلا من أخفاها.
قال تعالى : ﴿ يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَاعِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾(8).
وقال أيضاً : ﴿ يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً﴾(9).
وقال : ﴿ إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾(10).
فهذا من الغيب المطلق ـ وهناك غيره ـ الذي لا يعلمه إلا اللَّه ومن ادَّعَاه قلنا له : مكانك تُحمد(!) فقد قلتَ على اللَّه بغير علم أو ما لا تعلم.
* وأما المقيد : ما عُلِمَ بالدليل واستند إلى سبب(11).
فكل غيب علم بالدليل واستند إلى سبب فهو مقيد لم يخص الله به نفسه ، ويندرج تحته كثير من الغيبيات كالسحر ، والمس ، والعين ، والحسد ،والأمراض الباطنة ، وما يقوله المنجِّمون والعرَّافون ، والكهان ، والسحرة ، فهذا كله مقيد ، غيب دون غيب.
ولنجعل ضابطاً للغيب المطلق فرقاً بينه وبين المقيد فنقول هو : ما لا يمكن معرفته ولو بالأسباب؛عاديةً كانت أم خارقة للعادة.
فإن كان غيباً وعُلِمَ بطريقٍ ما كالعرافة والكهانة ، أو الشعوذة والتنجيم فليس هذا مما خص اللَّه به نفسه ، وبالتالي لو علمناه بطُرُق لا حظر فيها كالنظر ، والتجارب ، وجريان العادة فلا بأس بذلك ، ولا إثم ، ولا معصية.
فلو اجتمع السحرة إنسهم وجنهم ، والكهان إنسهم وجنهم ، والمنجمون إنسهم وجنهم والشياطين إنسهم وجنهم لمعرفة أمر من الغيب مما خص اللَّه به نفسه كعلم الساعة أو كُنْه الروح فإنهم لا يستطيعون لأن هذا مما لا سبيل إلى معرفته ، فعلمه عند اللَّه.
وعلى هذا فَتَلَبُّسُ الجني بالإنسي ، ومرض الإنسان بالسحر ، أو إصابته بالعين ، أو الحسد ليست هذه من الأمراض التي لا يحيط بها إلا اللَّه علماً ، ومما خصَّ اللَّه نفسه بمعرفتها وحرمها على خلقه لإمكان معرفتها بالوسائط.
وكيف يكون المس ، والسحر من مطلق الغيب والمريض يعلم أنه ممسوس ومسحور وقد جأر بالشكوى(؟) والجني يتكلم على لسانه ، وترتعد فرائصه،وترتجف أوصاله(!) والسحر قد حَطَّّهُ من عليائه ، ويشتكي من أمعائه ، والنار في أحشائه(!).
وفـي المثل العربي : (( البعرة تدل على البعير،والأثر يدل على المسير )) ؛ فإذا كنا نعتقد اعتقاداً جازماً لا شك ولا ريب فيه أن الجن يتلبسون الناس ، ويدخلون أبدانهم ، وأن السحر حق ومنه الصرف والعطف ؛ فالعلامات ضربة لازب(!)
والعلامات تتفرع عن الإثبات ؛ فإن أثبتنا المس أثبتنا العلامات ، وإن أثبتنا السحر فكذلك أثبتنا ما دَلَّ عليه ولا يتوقف هذا على علم من الكتاب والسنة.
فقد ثبت بالقرآن أن الشيطان يصرع الإنسان فإذا وجدنا إنساناً مصروعاً وانتفت عنه بقية أنواع الصرع(12) ؛ علمنا يقيناً أن الشيطان صرعه ؛ فكيف إذا نطق على لسانه(؟!)
وإذا وجدنا مربوطاً مأخوذاً عن زوجه ، ولم يكن السبب عضوياً ؛ فهذه علامة على سحر الربط ، فإذا قلنا له : أنت مسحور ؛ هل هذا شرك بالله ، وقول على الله بغير علم(؟؟)
وإذا وجدنا زوجين اثنين قد جعل اللَّه بينهما مودة ورحمة ، ولبثا على هذا الحال ما شاء اللَّه ثم انقلب الحال ، وقلب كلاهما لصاحبه ظهر المجن ، وقامت بينهما الإحن من غير ما سبب ، وانقلبت المحبة بغضاً ، والرحمة عذاباً ، وظهر بينهما الشقاق ، وعدم الاتفاق ، ورغبا في الطلاق ؛ فقلنا لـهما : هذا سحر الفراق ، هل هذا قول على الله بغير علم(؟)
فالذي ينبغي هو أن نفرق بين الغيب المطلق الذي لا يعلمه إلا اللَّه والغيب المقيد الذي إذا توفرت أسباب معرفته لم يعد غيباً العلم به شرك كما بَيَّنَّا(13).
ولنضرب مثلاً بالروح ليتضح الأمر لكل عاقل : فالروح غيب مطلق كما سبق فلا يعلم سره ، وكُنْهَهُ إلا اللَّه فالحديث عن حقيقة الروح وماهيته دخول في علم الغيب ، ولكن الحديث عن حلول الروح البدن ليس هذا من الغيب ، فالجميع يعتقد أن في الأبدان أرواحاً لا أحد يخالف في ذلك فنحن نفرق بين وجود الروح في البدن من عدمه بعلامات تدل عليه فليس الحي كالميت فما الذي دل على ذلك(؟)
وجواباً عن هذا السؤال نقول : الذي دل على ذلك أنه لا حياة بدون روح فليست الرؤية للروح بلازم في إثباتها فدلائل الحياة وعلاماتها بينة ظاهرة على جسد الإنسان الحي فههو ذا يسمع ويرى ، ويتكلم ، ويمشي في الأسواق ، ويعقد الصفقات ، ويضحك ويبكي ، ويلهو ويلعب ؛ فليس بميت.
وكذلك إذا رأينا إنساناً طريح الفراش يُحْتَضَرُ ، ويلْفِظُ أنفاسه ، وبلغت الروح الحُلْقُوم ، ونحن حينئذ ننظر ؛ ولكن لا نبصر ، ثم مات ، وسكن ، وخمدت أنفاسه ؛ قلنا : خرج روحه ؛ ونحن لـم نره بل حال الميت دَلَّ على خروجه ، فعلامات الموت بادية.
فقس على هذا أنواع الأمراض الباطنة المختلفة التي تصيب الناس ولا تراها العيون ؛ فيقولون : هذا داء كذا ودواؤه كذا ، وهذا كله يظهر بعلامات دلت عليه لم يعرف بآلة ولا بجهاز وإنما بأعراض دلت عليه ، والعرب في الجاهلية ، وفي صدر الإسلام وفي عصرنا مازالوا يتداوون ، ويعالجون بطب الأعشاب إلى يومنا هذا ؛ ويعرفون الأمراض بالأعراض التي تظهر على المريض بغير فحص ولا جهاز ، ويصفون دواءها ولا أحد من معشر العقلاء يقول : أتقولون على الله ما لا تعلمون ، وتدَّعون علم الغيب(؟!)
وأما قول من قال بأن الطبيب يعرف الأمراض الباطنة بجهاز الفحص فليس هذا من علم الغيب أو القول على الله بغير علم(!)
فأقول : هذا مردود شرعاً فإذا كانت هذه الأمراض الباطنة من الغيب ؛ فالغيب لا يمكن أن يعرف بجهاز أبداً (( لأن الغيب لا يدرك بأمر صناعي البتة )).
قال ابن خلدون في (( العبر وديوان المبتدأ والخبر )) : (( فالقوانين والصناعة لا توصل إلى معرفة الغيب بوجه من الوجوه والله يعلم وأنتم لا تعلمون )).
وقال في ( أبجد العلوم ) : (( . . . ذكر في ( المدارك ) في تفسير: ﴿ إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ : وأما المنجم الذي يخبر بوقت الغيث أو الموت فإنه يقول بالقياس والنظر فـي الطالع وما يدرك بالدليل لا يكون غيباً على أنه مجرد الظن والظن غير العلم ))
.اهـ
قلت : فإن قال قائل : بل هي من الغيب المقيد الذي شاء الله أن يُعلم لما في العلم به من مصلحة.
قلنا : فإذا سَلَّمْتَ للطبيب في معرفة الأمراض الباطنة بالجهاز فلم يعد غيباً فسلم لمن يعرف الأمراض بالأعراض دون جهاز فهذا مما شاء الله أن يعلم لما فيه من المصلحة(!)
قال القرطبي : (( وقد يعرف بطول التجارب أشياء من ذكورة الحمل وأنوثته إلى غير ذلك ؛ . . . وقد تختلف التجربة وتنكسر العادة ويبقى العلم لله تعالى وحده ))(14).
* السحر والمس والعين أمراض لا تحرم معرفتها :
إذن المرض بمس الجن ، والسحر ، والعين ، والحسد ، هو من قبيل هذه الأمراض التي تصيب الناس فليست غيباً يحرم معرفته ، والكشف عنها لا يحتاج وحياً أو عرافاً ، فلهذه الأمراض علاماتها وأعراضها التي تدل عليها ، ولـها أطباؤها الذين يعرفونها ويعالجونها.
ونحن نعرف الجن وأنواعهم ، وماهيتهم ، ومما خلقوا ، ونعرف أنهم أرواح لطيفة تخترق الأجسام ، وأنهم يتلبسون الناس ، ويمرضونهم ؛ فليس هذا بالنسبة لنا غيباً.
فإذا تلبس جني بإنسي وأمرضه علمنا ذلك ، بالأعراض التي تظهر على المريض وبشكايته ، وهذا ليس غيباً صار مشركاً باللَّه عالمه كما يقول ذلك المتعالمون المدعون.
بل الصواب شرعاً هو وجوب علمه ، ومعرفته ومدافعته ، حتى تعود للمريض عافيته.
ــــــــــــــ
(1) فتح المعين بجواز تعيين أمراض المس والسحر والعين.
(2) ويندرج تحته الوحي وما تخبر به الرسل فقد خرج عنه بالاستثناء الذي في الآية : ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ . . . ﴾ وإلا فهو منه وقد انقطع وسُدَّ بابه ، ويندرج تحت المطلق أيضاً حديث : (( مفاتيح الغيب خمس )) ، وقد التبس على بعضهم لقصور عقله عن فهم خطاب الشارع فظن أن الأطباء يعلمون ما في الأرحام بمعرفة الذكورة والأنوثة ، فهذا مبلغ علمهم وليس هو المراد ، وإذا أردت أن تفهم فعليك بحديث الصادق المصدوق تَفْهَمْ ، فقد نص الحديث على أربع كلمات لَعَمْرِي لن يعرفها الأطباء أبداً ، قال : (( ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أم سعيد )) ، فهذا مما في الأرحام.
(3) قال شيخ الإسلام : وقد قال تعالى : ﴿ قُلْ لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾ ، فاستثنى نفسه ، والعالم ﴿ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ ولا يجوز أن يقال هذا استثناء منقطع ، لأن المستثنى مرفوع ، ولو كان منقطعاً لكان منصوباً ، والمرفوع على البدل ، والعامل فيه هو العامل في المبدل منه وهو بمنزلة المفرغ ، كأنه قال : (( لا يعلم الغيب إلا الله )) ، فيلزم أنه داخل في ﴿ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ وقد قدمنا أن لفظ (( السماء )) يتناول كل ما سما ، ويدخل فيه السموات ، والكرسي ، والعرش ، وما فوق ذلك لأن هذا في جانب النفي ، وهو لم يقل هنا :(( السموات السبع )) بل عم بلفظ (( السموات )).
وإذا كان لفظ (( السماء )) قد يراد به السحاب ، ويراد به الفلك ، ويراد به ما فوق العالم ، ويراد به العلو مطلقاً ، فـ (( السموات )) جمع (( سماء )) وكل من فيما يسمى (( سماء )) وكل من فيما يسمى (( أرضاً )) لا يعلم الغيب إلا الله. وهو سبحانه قال : ﴿ قُلْ لاَّ يَعْلَمُ مَن ﴾ ولم يقل (( ما )) ، فإنه لما اجتمع ما يعقل وما لا يعقل غلب ما يعقل وعبر عنه بـ (( من )) لتكون أبلغ ، فإنهم مع كونهم من أهل العلم والمعرفة لا يعلم أحد منهم الغيب إلا الله.
وهذا هو الغيب المطلق عن جميع المخلوقين الذي قال فيه : ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً﴾ .اهـ
(4) سورة طه الآية : (110).
(5) ابن أبي زيد القيرواني ( الرسالة )( باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات ).
(6) سورة البقرة الآية : (255).
(7) سورة الإسراء الآية : (85).
(8) سورة الأعراف الآية : (187).
(9) سورة الأحزاب الآية : ( 63 ).
(10) سورة فصلت الآية : ( 47 ).
(11) قال شيخ الإسلام : (( والغيب المقيد ما علمه بعض المخلوقات من الملائكة أو الجن أو الإنس وشهدوه ، فإنما هو غيب عمن غاب عنه،ليس هو غيباً عمن شهده .
والناس كلهم قد يغيب عن هذا ما يشهده هذا ، فيكون غيباً مقيداً ، أي : غيباً عمن غاب عنه من المخلوقين ، لا عمن شهده ، ليس غيباً مطلقاً غاب عن المخلوقين قاطبة .
وقوله : ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ أي : عالم ما غاب عن العباد مطلقاً ومعيناً وما شهدوه ، فهو سبحانه يعلم ذلك كله )).اهـ
( تفسير سورة الأعلى مجموع الفتاوى ج 16).
(12) أقصد : صرع العين ، والحمى ، والمصيبة ، والجوع ، ولا أقول بصرع الأخلاط فلم يثبت عندي.
(13) في تفسير قوله تعالى : ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ ﴾ قال الحافظ : (( وقال الشيخ أبو محمد ابن أبي جمرة . . .:والمراد بنفي العلم عن الغيب الحقيقي فإن لبعض الغيوب أسباباً قد يستدل بها عليها لكن ليس ذلك حقيقياً )) .( فتح الباري )( ج13)( كتاب التوحيد )( ص 446 ).
وقال القرطبي:(( وأما ظن الغيب فقد يجوز من المنجم وغيره ، إذا كان عن أمر عادي وليس ذلك بعلم . . . وأخرج حميد بن زنجويه عن بعض الصحابة أنه ذكر العلم بوقت الكسوف قبل ظهوره فَأُنْكِرَ عليه فقال : إنما الغيب خمس ـ وتلا هذه الآية ـ وما عدا ذلك غيب يعلمه قوم ويجهله قوم )) .( فتح الباري )( كتاب الإيمان )( باب سؤال جبريل النبي عن الإيمان والإسلام )( حديث رقم 50 ).
قال في أبجد العلوم:(( . . . ذكر في ( المدارك ) في تفسير:﴿ إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ﴾:وأما المنجم الذي يخبر بوقت الغيث أو الموت فإنه يقول بالقياس والنظر في الطالع وما يدرك بالدليل لا يكون غيباً على أنه مجرد الظن والظن غير العلم )).
قلت:وعلى ضوء ما سبق نستطيع القول بأن قولنا : فلان ممسوس أو مسحور أو معيون ، أو محسود ؛ هذا ظن الغيب وليس علم الغيب ،ويعلمه قوم ويجهله آخرون، (( وأن مثل ذلك ليس من الدخول في علم الغيب أصلاً بل هو من باب الدخول في الظن )) وسيأتي معنا تفصيل القول في معنى الرجم بالغيب.
(14) القرطبي ( الجامع لأحكام القرآن )( تفسير سورة لقمان )
الجُنةُ من الجِنةِ