بسم الله الرحمن الرحيم
روى أحمد وأبو داود و ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وابن ماجة عن أنس وعثمان وعائشة – رضي الله عنهم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يتبع حمامة فقال: (شيطان يتبع شيطانة).صحيح الجامع .
امساك الحمام في البيوت مباح:
جاء في "المبسوط" فأما إذا كان يمسك الحمام في بيته يستأنس بها ولا يطيرها عادة فهو عدل مقبول الشهادة، لأن إمساك الحمام في البيوت مباح، ألا ترى أن الناس يتخذون بروج الحمامات ولم يمنع من ذلك أحد. اهـ.
اللعب بالحمام مكروه:
قال الشوكاني – رحمه الله تعالى – في " نيل الأوطار " معلقاً على حديث " شيطان يتبع شيطانة " فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهَةِ اللَّعِبِ بِالْحَمَامِ ، وَأَنَّهُ مِنْ اللَّهْوِ الَّذِي لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ ، وَقَدْ قَالَ بِكَرَاهَتِهِ جَمْعٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ ، وَلَا يَبْعُدُ عَلَى فَرْضِ انْتِهَاضِ الْحَدِيثِ تَحْرِيمُهُ ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ فَاعِلِهِ شَيْطَانًا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ، وَتَسْمِيَةَ الْحَمَامَةِ شَيْطَانَةً إمَّا لِأَنَّهَا سَبَبُ اتِّبَاعِ الرَّجُلِ لَهَا أَوْ أَنَّهَا تَفْعَلُ فِعْلَ الشَّيْطَانِ حَيْثُ يَتَوَلَّعُ الْإِنْسَانُ بِمُتَابَعَتِهَ ا وَاللَّعِبِ بِهَا لِحُسْنِ صُورَتِهَا وَجَوْدَةِ نَغْمَتِهَا .
اللاعب بالحمام لا تقبل شهادته:
قالَ الإمامُ ابن قدامة في "المغني" وَاللاعِبُ بِالْحَمَامِ يُطِيرُهَا ، لا شَهَادَةَ لَهُ .
وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ .وَكَانَ شُرَيْحٌ لَا يُجِيزُ شَهَادَةَ صَاحِبِ حَمَّامٍ وَلَا حَمَامٍ ؛ وَذَلِكَ لأَنَّهُ سَفَهٌ وَدَنَاءَةٌ وَقِلَّةُ مُرُوءَةٍ ، وَيَتَضَمَّنُ أَذَى الْجِيرَانِ بِطَيْرِهِ ، وَإِشْرَافِهِ عَلَى دُورِهِمْ ، وَرَمْيِهِ إيَّاهَا بِالْحِجَارَةِ ...وَإِنْ اتَّخَذَ الْحَمَامَ لِطَلَبِ فِرَاخِهَا ، أَوْ لِحَمْلِ الْكُتُبِ ، أَوْ لِلأُنْسِ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَذًى يَتَعَدَّى إلَى النَّاسِ ، لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ .قال الكاساني :
"والذي يلعب بالحمام فإن كان لا يطيرها لا تسقط عدالته , وإن كان يطيرها تسقط عدالته ; لأنه يطلع على عورات النساء , ويشغله ذلك عن الصلاة والطاعات" انتهى .
وَسُئِلَ ابن تيمية رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ اللَّعِبِ بِالْحَمَامِ ؟
فَأَجَابَ : "اللَّعِبُ بِالْحَمَامِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَفِي السُّنَنِ { عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَتْبَعُ حَمَامَةً فَقَالَ : شَيْطَانٌ يَتْبَعُ شَيْطَانَةً " . وَمَنْ لَعِبَ بِالْحَمَامِ فَأَشْرَفَ عَلَى حَرِيمِ النَّاسِ أَوْ رَمَاهُمْ بِالْحِجَارَةِ فَوَقَعَتْ عَلَى الْجِيرَانِ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ عَلَى ذَلِكَ تَعْزِيرًا يَرْدَعُهُ عَنْ ذَلِكَ وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا فِيهِ ظُلْمٌ وَعُدْوَانٌ عَلَى الْجِيرَانِ ; مَعَ مَا فِيهِ مِنْ اللَّعِبِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وقال العلامة ابن القيم في " الطرق الحكمية " :
[( فَصْلٌ ) وَعَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَ اللَّاعِبِينَ بِالْحَمَامِ عَلَى رُؤوسِ النَّاسِ ، فَإِنَّهُمْ يَتَوَسَّلُونَ بِذَلِكَ إلَى الْإِشْرَافِ عَلَيْهِمْ ، وَالتَّطَلُّعِ عَلَى عَوْرَاتِهِمْ .
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَنَّهُ ( رَأَى رَجُلًا يَتْبَعُ حَمَامَةً ، فَقَالَ : شَيْطَانٌ يَتْبَعُ شَيْطَانَةً ) .
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ : مَنْ لَعِبَ بِالْحَمَائِمِ الطَّيَّارَةِ : لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَذُوقَ أَلَمَ الْفَقْرِ .
وَقَالَ الْحَسَنُ ." شَهِدْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَخْطُبُ ، يَأْمُرُ بِذَبْحِ الْحَمَامِ ، وَقَتْلِ الْكِلَابِ " ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ .
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : " شَهِدْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْمُرُ بِالْحَمَائِمِ الطَّيَّارَةِ فَيُذْبَحْنَ ، وَيَتْرُكُ الْمُقَصَّصَاتِ "
وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفّانَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فِي خُطْبَتِهِ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَذَبْحِ الْحَمَامِ .
وفي " الدر المنثور " :
[وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال : شهدت عثمان وهو يخطب ، وهو يأمر بذبح الحمام ، وقتل الكلاب .
إمساك الحمام الذي ليس لك :
لا يجوز أكل ماليس لك ولا بيعه وحمام الذي يأتي الى برجك ومع حمامك ليس ملكا لك ففي سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ." لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه"
وروي عن (الإمام أحمد) محمد بن داود أنه قيل له: الرجل يدخل بيته حمام غيره فيفرخ يأكل من فراخه؟ قال: لا يعجبني، هذا طير جاره. اهـ.
والله الموفق.