تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: أقسامُ العملِ بالنسبةِ إلى الكسبِ الحرام

  1. #1

    افتراضي أقسامُ العملِ بالنسبةِ إلى الكسبِ الحرام

    أقسام العمل بالنسبة إلى الكسب الحرام

    الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعدُ:

    فإنه يقع لكثير من الناس لبسٌ فيما يتعلق باستثمار الأموال وتشغيلها، فتشتبه عليهم أحكام المعاملات بسبب عدم التفريق بين أجناسها، فتجد كثيراً من العامة والخاصة لا يفرق بين ما كان من جنس المعاوضات: كالبيع والشراء والإيجار والاستئجار، وما كان من جنس المشاركات: كالمساهمة في شركة استثمارية على سبيل المثال، ومعلوم أن لكل جنسٍ أحكامه الخاصة به.

    وقد وضعتُ هذا التقسيم للمبتدئين تقريباً للمسألة، وإلا فالمسألة أوسع من ذلك، ويهمنا هنا تقسيم معاملة الآخرين بالنسبة إلى الكسب الحرام الأقسام الأربعة الآتية اختصاراً:

    الأول: العقد على محرم: كمن يشتري الخمر والخنزير أو يبيعهما، فهذا محرم، ولا يثبت به الملك أصلاً.

    الثاني: معاملة من في ماله حرام مختلط: كأن تشتري مباحاً من شخص في أمواله ربا أو رشوة، أو تأخذ هديته، أو تجيب دعوته إلى وليمة، فحكم هذا عند الفقهاء بحسب الغالب:
    أ ـ إن غلب على ماله الحلال: فهو جائز.
    ب ـ إن غلب على ماله الحرام: فهو مكروه.
    وبعضهم كرهه إن جاوز الحرام مقدار الثلث، وتقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام وقلته.

    فإن قيل: كيف نعرف قلة الحرام عنده وكثرته: فالجواب: إن العرف والعادة معتبران في هذا الباب، فمن اشتهر بين الناس أنه لا يتورع عن الحرام، وأن هذا هو الغالب على أمواله، فهو كذلك، وإن لم يشتهر بين الناس بذلك فنعامله كما نعامل سائر الناس.

    الثالث: مشاركة من في ماله حرام:
    أ ـ إن كان مال الشركة يشغَّل في الحرام: كالربا والقمار، فلا تجوز مشاركته، ولا المساهمة في شركته.
    ب ـ إن كان مال الشركة يشغَّل في مباح: فتجوز مشاركته، والمساهمة معه.
    ولهذا أجاز الفقهاء مشاركة اليهودي والنصراني من غير كراهة، بشرط أن يلي المسلم المال، ولا يتركه لغير المسلم.
    ج ـ إن كان مال الشركة يشغَّل في حلال وحرام فقد منعه الفقهاء المتقدمون، لكن وقع فيه الخلاف بين المعاصرين، بسبب كثرة وقوع الشركات في المعاملات المحرمة، وعموم البلوى به على ما قال بعضهم.
    والراجح: أنه لا تجوز المساهمة في شركة تشغِّل أموالها في أنشطة محرمة، سواء نص نظامها الأساسي على ذلك أو لا، لأن المساهم حينئذٍ يكون آكلاً للحرام وموكِلاً له.
    فإن فُرِضَ أن المساهم يعلم بتلك الأنشطة المحرمة فهو شريكٌ لهم في الإثم، وإن كان لا يعلم فهو غير آثم، لكن إن علم فيما بعد وجب عليه التخلص من تلك المساهمة بالبيع، وتكون قيمة الأسهم جميعها مباحةً له ما دام أنه باعها حين بلغه التحريم.
    والواجب على المسلم أن يتحرى في استثمار ماله، فلا يضعها إلا عند من يتحرى الحلال، ويتورع عن الحرام، فإن خفي عليه حالُ شركةٍ من الشركات فالأصل الجواز، حتى يظهر له سبب التحريم، قال ابن الجوزي: قال أحمد: " لا تبحث عن شيء مالم تعلم فهو خير "( )اهـ.

    الرابع: التأجير على من يقع في محرم:
    أ ـ إن كان العقد على محل المحرَّم: فلا يجوز، كمن يتعاقد مع شخصٍ لتأجيره محلاً لبيع أشرطة الفيديو المحرمة، أو من يتعاقد مع نصارى على بناء كنيسة.
    ب ـ إن كان العقد على مباح: فجائز، كمن يبني بيتاً لإنسان لا يتورع عن المعاصي.
    قال إسحاق بن إبراهيم سمعت أبا عبدالله ـ أحمد بن حنبل ـ وسأله رجلٌ بنَّاءٌ: أبني للمجوس ناووساً ـ أي: معبداً ـ ؟، قال: لا تبنِ لهم، ولا تُعِنهم على ما هم فيه.
    وقال محمد بن الحكم: سألتُ أبا عبدالله ـ أحمد بن حنبل ـ عن الرجل المسلم يحفر لأهل الذمة قبراً بكراءٍ ؟، قال: لا بأس به، قال ابن القيم: وليس هذا باختلاف روايةٍ، قال شيخنا ـ يعني ابن تيمية ـ: والفرقُ بينهما أن الناووس من خصائص دينهم الباطل، فهو كالكنيسة، بخلاف القبر المطلق، فإنه ليس في نفسه معصية، ولا من خصائص دينهم "( ).


    وبالجملة فالكسب الحلال له أبوابه المشرعة، ولم يلجئنا ربنا تعالى إلى الكسب المحرم، والأمر كما قال قيس بن الخطيم:

    متى ما تَقُد بالباطلِ الحقَّ يأبَهُ و إنّ قُدتَ بالحق الرواسيَ تنقدِ
    إذا ما أتيت الأمرَ من غيرِ بابه ضللت وإنّ تدخل من الباب تهتدِ


    والله تعالى أعلم

  2. #2

    افتراضي

    الحاشية:
    (1 ) الفروع؛ لابن مفلح (4/287).
    (2 ) أحكام أهل الذمة؛ لابن القيم (1/562).

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    510

    افتراضي

    فتح الله عليكم يا شيخنا الكريم، وزادكما علماً وبصيرة، وقد سبق لي بحث مسألة شبيهة، وهي العقود على المحرمات، أو ما اشتمل منها على شرط محرم إما لحق الله أو لحق العبد، وفيها كلام نفيس وجدته لشيخ الإسلام ابن تيمية وللإمام ابن رجب عليهما رحمة الله، فيه تقرير وضبط للمسألة بما لا مزيد عليه، ولعله أنقله لاحقاً بحول الله تعالى.

  4. #4

    افتراضي

    الشيخ الفاضل/ أبا حماد ....... بانتظار بحثكم المشار إليه، بارك الله في وقتكم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,699

    افتراضي

    بارك الله فيكم ونفع بما كتبتم .

    وليتكم تتجنبون تشكيل العنوان؛ لأنه إذا شكل لا يظهر في البحث إلا إذا شكل، وهذا لا يستحضر بعد حين وسيصعب الحصول عليه .

  6. #6

    افتراضي رد: أقسامُ العملِ بالنسبةِ إلى الكسبِ الحرام

    يا أبا حماد أتحفنا بإنجاز وعدك بارك الله فيك..
    تفضل بزيارة مدونتي:http://abofatima.maktoobblog.com/

  7. #7

    افتراضي رد: أقسامُ العملِ بالنسبةِ إلى الكسبِ الحرام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبدالله النجدي مشاهدة المشاركة
    ب ـ إن غلب على ماله الحرام: فهو مكروه.
    وكذلك قال ابن حجر في الفتح: " وَالْمَنْدُوبُ اِجْتِنَاب مُعَامَلَةِ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ ". باب تفسير المشتبهات

    ولكن ابن قاسم قال في حاشيته على الروض: " وتكره مشاركة من في ماله حرام وحلال, وإن غلب الحرام حرمت.. " 5/241 حاشية (1).

    كما أن كلامه هذا ظاهره كراهة المشاركة مطلقا ولو كان الأكثر من ماله حلالا.

    فالمسألة تحتاج لتحرير.
    تفضل بزيارة مدونتي:http://abofatima.maktoobblog.com/

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    403

    افتراضي رد: أقسامُ العملِ بالنسبةِ إلى الكسبِ الحرام

    جزاكم الله خيرا يا دكتور وبارك فيكم .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •