المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مختصر في بيان حقائق عن توسعة المسعى, للشيخ عبد الله بن مانع.



ناصر العقيدة
2008-04-24, 03:15 PM
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:

فهذه حقائق أبينها لمن يطلع عليها من المسلمين, سواءً كانوا علماءً أو حكاماً أو طلاب علم أو عامة الناس, عسى الله أن ينفع بها من شاء..
وهذه الحقائق تتعلق بالمسعى والصفا والمروة وما يلحق بذلك, فأقول وبالله التوفيق:
1)ثبت في الصحيحين من حديث الأعمش عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال؛ لما نزلت هذه الآيه {وأنذر عشيرتك الأقربين}الشعرا 214،ورهطك منهم المخلصين(1) خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا فهتف: ياصباحاه! ؛فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد, فاجتمعوا إليه فقال: يا بني فلان ! يا بني فلان ..........إلى أن قال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقيّ؟ قالوا: ما جربنا عليك كذباً, قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد, قال: فقال أبو لهب: تباً لك ألهذا جمعتنا؟ ثم قام فنزلت هذه السورة:{تبت يدا أبي لهب وقد تب} كذا قرأ الأعمش إلى آخر السورة.ا.هـ, وجاء من حديث عائشة وأبي هريرة, ووجه الإستدلال من هذا عظم جبل الصفا وكبره وارتفاعه، والصفا في الأصل هو الحجر الأملس، وهو الجبل المعروف بمكة في أصل أبي قبيس, وهو طرفه مما يلي البيت متصل به, والسفح قيل: هو أصل الجبل, وقيل: عرضه، وشاهده على اتساع الجبل ظاهر, حتى بلغ أن يكون بسفحه عدواً وخيلاً تحتاج إلى نذير لم تُشَاهد لمن هم أسفل في الوادي أو جهة البيت, فإن البيت في مطمئن من الأرض.
2)أخرج مسلم في صحيحه من طريق ثابت البناني عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة قال: وفدت وفود إلى معاوية، وذلك في رمضان.....إلى أن قال: يا معشر الأنصار, فذكر فتح مكة فقال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم مكة فبعث الزبير على إحدى المجنبتين، وبعث خالداً إلى المجنبة الأخرى, إلى أن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم", ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى, ثم قال: "حتى توافوني على الصفا", وفي لفظ: ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى: "احصدوهم حصداً".
وجه الإستدلال:
مواعدة النبي صلى الله عليه وسلم كتائب الجيش من الأنصار على الصفا، وهذا يدل على اتساع الصفا وكبره, وأن هذا معلوم لهم حتى صار محلاً للإجتماع، واختياره عليه الصلاة والسلام لهذا المكان لعلوِّه واستوائه, وهذا مكان مناسب في مثل هذه الظروف الحربية.
3)أنه قد اشتهر وجود أبنية على الصفا في قديم الدهر وحديثه, والعلم بهذا ظاهر, كدار الأرقم بن أبي الأرقم وغيرها، وأما من ذكر أنه ابتنى داراً على الصفا فهذا لا يكاد يحصر.
4)اشتهر وجود أبنية كثيرة في محل السعي بين الصفا والمروة, والعلم بهذا ظاهر لمن تأمل أدنى تواريخ لمكة حرسها الله, مع توفر مكان كاف للسعي لم يضايق السعاة.
5) وجود أسواق بين الصفا والمروة يتبايع الناس فيها شتى السلع, والعلم بهذا ظاهر لمن طالع أدنى تاريخ لمكة حرسها الله, مع توفر مكان للسعاة, وتواجد العلماء والغيورين على المحارم دون نكير,
ومن اللطائف ماكان يفعله معوضة الفقير من دفع الباعة عن الساعين توسعةً للمسعى, انظره في الضوء اللامع للسخاوي (10/164) وقصصه في الإحتساب رحمه الله.
6) ما انحدر من جبل الصفا وسال من جميع أطرافه هو صفا له حكمه كما اتفق العلماء على أن ما يلي منى من الجبال من منى, يوضحه الوجه الذي يليه.
7) أن الخليفه المهدي أخر المسعى وكان شارعاً في المسجد, فأزاحه شرقاً توسعةً للمسجد, وكان المسعى قريباً من البيت, وكان المسعى في موضع المسجد الحرام اليوم(2), وفي هذا فوائد:
- ضخامة وامتداد جبل الصفا، ويترتب عليه عرض المسعى فقلص المهدي من عرضه.
- ضخامة وامتداد جبل المروة, وهي في أصل قعيقعان، ويترتب عليه عرض المسعى ضرورةً أيضاً من الجانبين(3).
8) المهدي أول من ربّع المسجد الحرام وكان قِبَل الكعبة في شق منه, فصعد المهدي على أبي قبيس, وأمر المهندسين برفع أعلام, وشخصوا له بالرماح المربوطة من الأسطحة, ليزنوا له التربيع, فالمسجد على ذلك إلى اليوم, وهذا في زيادته الثانية سنة167, وعليه فالمسعى الموجود جزء مما بين الصفا والمروة.(4)
9) الذرع الذي ذكره الأزرقي وتبعه الفاكهي إنما هو واقعة عين لحال المسعى آنذاك، وبياناً للمبنى الموجود, ولايجوز غير هذا، ولهذا وصفوا قناديل المسجد الحرام وأبوابه, وما عليه من الزخرفة والفسيفساء والألواح المذهبة وعدد المنارات والاسطوانات, وأين هذا من حاله في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
فالذرع الذي ذكره المؤرخون ليس حداً شرعياً لايجوز تجاوزه, ومن ظن ذلك واختزل المسعى كله وحدده بالموجود الآن فقد غلط غلطاً بيناً.
10) أن مايسمى بالمزلقان وهو المنحنى المبلط الذي يتصاعد شيئاً فشيئاً من بعد ممر العربات الموجود الآن حتى يصل إلى الصخرات الموجودة الآن قد نص علماء عصرنا على أنه من الصفا وسمعت شيخ الإسلام محمد بن صالح بن عثيمين يقول: نهاية العربات هو بداية الصفا.
إذاً هو من الصفا وهو أمتار كثيرة, وهنا أقول: سبحان الله, يمتد الصفا جهة المروة, ويعتبر المزلقان(5) من الصفا, ولايمتد الصفا شرقاً ولا غرباً؟! هذا محال, وقد تقدم التدليل على ذلك.
11) التعرج الذي أثبتته الصور الحديثة للمسعى وتخلل الأسواق منه وشروعها فيه يدل على أن أعلى ما وصل إليه التعرج شرقاً من المسعى، وأعلى ما وصل إليه التعرج غرباً (جهة البيت) من المسعى أيضاً, إذ كله إذ ذاك مسعى والعلماء متوافرون من غير نكير: وهذا الرسم التقريبي (لم أستطع وضع الصورة التي رسمها الشيخ عبد الله بن مانع لقلة الخبرة في وضع الصور بالكمبيوتر) يدل على اتساع المسعى وأن ما ترك متعرجاً بين الأبنية مسعى يفي بالغرض، فدخلت الأسواق والدور والباعة من الجهتين، وهذا أمر العلم به ضروري لمن شاهد الصورة أو شهد على ذلك, فالمسعى متسع, والممر الموجود الذي أثبتته الصورة قرابة العشرين متراً أو نحو ذلك, ومعنى ذلك أن مابين نقطة أ إلى ب فوق ذلك ضرورة,
وهذا التعرج ذكره غير واحد من الباحثين بهذا اللفظ وبلفظ (اعوجاج المسعى).
11) المسعى الموجود كما تقرر جزء من المساحة بين الصفا والمروة, والصفا الموجود إنما هو قطعة صغيرة مصورة من جبل الصفا (انظر الصورة أ و ب), وهذا التقرير هو محافظة على شاهد من الجبل يراه الناس ويصعدونه, وقد دعت إلى هذه الإزالة الحاجة, وأبقي على ما أبقي منه للحاجة فكان ماذا؟
لا شك أنه قد حصل تعديات على المسعى في بعض ما تقدم من الزمن وهو معروف, لكن الحاجة الآن داعية إلى توسعته, وقبل كان قد ضُيِّق للحاجة إلى المسجد وكفاية المسعى, إذ السعي لا يكون إلا في نسك, حج أو عمرة، فلا يتطوع به مفرداً, وكان الناس في الأزمنة الغابرة زمن المسغبة وتباعد الديار قلما يقدمون إلى هذا البيت إلا في حج، ودون ذلك بكثير في عمرة، فكان الموجود من المسعى كافياً، بل كان لايسعى في بعض الأوقات إلا النزر اليسير من الناس من الوافدين, وأما أهل البيت فكانوا يشتغلون بالطواف, وأما حاجة الناس إلى المسجد في الصلوات والتزاحم في الجمع والجماعات فهذا على مدار الأوقات,
وأما الآن فلا يزال الناس يسعون على مدار الزمن لكثرة المعتمرين حتى غصت مكة شرفها الله بهم, حتى ربما اعتمر في اليوم الواحد في بعض أوقات المواسم الفاضلة زهاء 2,5 مليون شخص!!
12) ماشهد به الشهود وتواطؤهم على التوافق على أمر حسي معلوم, والشهود قد شهدوا على وجود الجبل واتساعه, وليسوا بمفتين, وحسبك هذا منهم، والفتوى تبنى على الشهادة الصحيحة.
13) الصور المتكاثرة التي يغلب على الظن مطابقتها للواقع, (وعدم العبث بما تضمنته وتغيير الحقيقة التي التقطتها العدسة) مما يشد، وإذا أجاز الفقهاء شهادة الصبيان قبل التفرق في بعض الأحوال، فالكاميرا التي لا مصلحة لأحد في تغيير ما التقطت من الصور ليست أسوأ حالاً من الصبيان, لا سيما والواقع التاريخي يسند ولا يفسد مادلت عليه الصور.
14) وأقول: إن مخالفة الإلف والمألوف شديدة على النفس وقوية, ولما تغيرت القبلة في أول الإسلام حصل في النفوس ما حصل, و(إن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله), والآن والحمد لله غُيِّر مألوف إلى الأحسن والموافق للشرع الحكيم .
15) اشتهر أن ابن الزبير لما بنى الكعبة على قواعد إبراهيم أشهد خمسين رجلاً على قواعد البيت التي وجدها بعد الحفر, والظاهر أنهم من العلماء والأعيان.
16) من أنكر من العلماء أو غيرهم إنما هو بحسب علمه وما توفر له، فحملته غيرته وحميّته الدينية وحِفظُه لما حفظ الله على ذلك بحسب ما بلغه .
17) هذا ما رأيته وعقلته وأنا به مطمئن القلب فإن كان صواباً فالحمد لله, فهو منه سبحانه, وإن كان غير ذلك فاللهم إلهمنا الصواب وثبتنا يا رحمن يا رحيم, والحمد لله رب العالمين .

وكتب أبو محمد
عبد الله بن مانع الروقي
14/4/1429هـ
بمكتبته بمنزله بحي المنار
والحمد لله أولاً وآخراً

(1)كان قرآناً ثم نسخ.
(2)الأزرقي, ونقله عنه الفاكهي.
(3)انظر بسط عمل الخليفة المهدي في التاريخ القديم لمحمد طاهر كردي. (4/41)
(4)حتى قال بعضهم: أكثر المسعى في المسجد, مرقاة المفاتيح (5/475)
(5)من الزلق, وهو المكان الذي يزلق فيه وهي (هذه اللفظة) وجدت في بعض الأبحاث كما في فتاوى شيخ شيوخنا محمد بن إبراهيم رحمه الله, وكان قبل ذلك درجاً

المتعلم
2008-04-25, 03:10 PM
وفقه الله لكن العنوان أكبر من المضمون بكثير.

وفي هذا المقال زيادة http://majles.alukah.net/showthread.php?t=14943