تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 18 من 18

الموضوع: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

  1. #1

    افتراضي المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    بسم الله الرحمن الرحيم
    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله
    وبعد, فلا يخفى على ذوي الفهم و التدقيق و الغوص في العلوم و التحقيق,أن تحصيل الفقه الاسلامي من مهمات الأمور, لحض الحبيب المصطفى عليه أيما حض, كما جاء عن سيدنا ابن عباس ـ عليه السلام ـ كما في المسند و غيره و هو صحيح مرفوعا:" من يرد الله به خيرا يفقه في الدين", و فضل الفقه معروف قدره, كتبت في شرفه المؤلفات ما بين صغير و كبير و متوسط.
    لكن الذي يهمني الآن هو الكلام على المنهجية الصحيحة ـ إن شاء الله ـ لتحصيل الفقه الاسلامي.
    و لتحصيل الفقه طريقتان:
    الأولى: التحصيل عن طريق دراسة كتب شروح الحديث, "كفتح الباري شرح صحيح البخاري"...إلخ.
    هذه الطريقة لن تعدم فائدة, لكن فائدتها قاصرة,لأن الطالب سيتشتت ذهنه قفد يجد في الحديث الواحد خمسة أحكام من أبواب شتى, ولن يستطيع ترتيب المسائل في ذهنه كا هي في كتب الفقه خاصة.وقد كان علماء الصحوة في بداياتهم ينصحون بها ثم بعد مرور عشرات السنين تبين لهم قصورها و قلة مردودها.
    قد يقول قائل:هذه الطريقة التي ذكرت أنها قاصرة, هي طريقة السلف من القرون المفضلة,كالأيمة الأربعة...
    أقول:لأن هؤلاء العلماء كانت أدوات الفهم عندهم سليقة مع قوة الحافظة, لأن العجمة لم تكن قد استحكمت بعد. ولهذا لما رأى العلماء بداية غزو اللغات الأخرى لغة العرب فزعوا إلى تدوين المؤلفات في اللغة و الأدب و النحو و علم الاشتقاق...إلخ.
    لذلك من جاء بعدهم لم يتخذ نفس طريقتهم, فدونت الكتب الفقهية البحثة على الأبواب المعروفة الآن, و انتشرت كتب المذاهب الفقهية الأربعة و أبصبح لها تابعون أسسوا مدارسها.
    قلت: و لذلك تجد كثيرا من الاخوة الذين أرادوا اتخاذ هذه الطريقة وسيلة للتفقه في الدين,قلما يستمرون, فتجد أحدهم يبدأ بشرح عمدة "الأحكام" ثم لا يكمله فينتقل إلى " سبل السلام"... و هكذا ينتقل بين الكتب وهو لم يؤسس لفقهه, و لا ينتبه لاختلاف مذاهب الشراح و أصولهم و قواعدهم, فيحصل له تخبط يعيقه عن الاستمرار. وهذا معروف و مشاهد.
    الطريقة الثانية: التحصيل عن طريق دراسة الكتب التي تعنى بالفقه خاصة, مرتبة على الأبواب جامعة لمسائل الأبواب, حاصرة لمسائل كل باب.
    وهذه طريقة العلماء بعد تدوين المذاهب الأربعة,و إذا ألقينا نظرة صغيرة إلى أصحاب الكتب التي استفادت منها الأمة لوجدت أنهم كانوا على هذه الطريقة, أنظر إلى الطحاوي الحنفي و البيهقي الشافعي و ابن عبد البر المالكي و ابن قدامة الحنبلي و هل تعرف النسفي و الزيلعي و العيني؟ الأحناف, و عبد الله بن وهب و ابن قاسم وبن مهدي و مصعب الزهري و ابن العربي و القرطبي؟ المالكية,و ابن الجوزي و وابن تيمية و ابن القيم و ابن رجب؟ الحنابلة, و السبكي و النووي و الذهبي و ابن كثير؟ الشافعية.
    هؤلاء علماؤنا رضينا علمهم و درسنا على كتبهم , فلم لا نرضى طريقتهم في الطلب؟.
    فأفضل طريقة الآن هي دراسة الفقه عن طريق أحد هذه المذاهب المتبعة{الحنفي و المالكي و الشافعي و الحنبلي و الزيدي و الظاهري} شرط ألا يتعصب للمذهب بعد معرفته الحق بدليله دون تقليد,لأن كثيرا من الطلبة يهرب من تقليد الامام مالك فيسقط في تقليد الشوكاني أو الصنعاني...
    بل إذا ظهر له الحق بعد دربة على الفقه و غوص في كتبه مع تحصيل الأصول و القواعد يجب عليه اتباع الحق.
    و للتوسع في هذا الباب عليك أخي الحبيب بكتاب"برنامج فقهي للمبتدئين" للشيخ عبد العزيز القارئ ـ حفظه الله ـ فقد أجاد و أفاد.
    لماذا المذهب المالكي؟
    اخترت المذهب المالكي,لأسباب منها:
    أني درست على كتب المذهب المالكي.
    ثانيا: مذهب الامام مالك ررر مذهب أهل المدينة و هو أصح مذاهب الأمصار في الأصول و الفروع كما قال شيخ الاسلام ابن تيميةررر.وله رسالة ضمن الفتاوي"صحة أصول مالك و أهل المدينة"[1] انتصر فيها للمذهب المالكي و بين صحة أصوله و فروعه.
    ثالثا: المذهب المالكي, مذهب أهل الحديث في زمانه, و مالك أمير المؤمنين في الحديث كما وصفه بذلك يحيى بن معين ـ رحمه الله ـ فهو مذهب أصل اعتماد على الأحاديث و الأثار و سند مالك السلسلة الذهبية.
    رابعا: عراقة المذهب المالكي, فهو ضارب بجذوره في التاريخ الاسلامي و حكم مدة تزيد على الإثنى عشر قرنا, فلا شك في وجود ثراء في كتبه في القضاء و السياسة الشرعية و الجهاد....إلخ.
    مراحل التحصيل:
    رأيت ورقة منهجية وضعها أخونا الحبيب عبد الرحمان المغربي و هي للأستاذ محمد الطاهر العمراوي ـ حفظه الله ـ, وهي جيدة فأحببت أن أضيف عليها ما فتح الله به. وسأجمع بين طريقة المغاربة و المصريين فهي مفيدة جدا لتأسيس الفقه.
    المرحلة الأولى:
    1ـ يبدأ الطالب " بمتن الأخضري" المسمى"هداية المتعبد السالك" و ليقتن معه شرح العلامة صالح عبد السميع الآبي{في المذهب المالكي عالمان: الأبي ـ بضم الهمز ـ متقدم و الآبي ـ بالألف الممدودة ـ متأخر من علماء الأزهر ـ رحمه الله ـ.} بتحقيق الأستاذ أحمد مصطفى قاسم الطهطاوي ـ حفظه الله ـ فهو بحق خادم المذهب. طبعة دار الفضيلة.
    وبعد ضبط المتن جيدا و فهمه مع الشرح, ينتقل إلى:
    2ـ"متن العشماوية" و عليه بشرح العلامة الآبي و إن وجد تحقيق الطهطاوي فحسن.فإن ضبط المتن مع الشرح جيدا, انتقل لشرح العلامة المحقق شيخ مشايخنا عبد العزيز بن الصديق الغماري ـ رحمه الله ـ المسمى" إتحاف ذوي الهمم العالية بشرح العشماوية" وهو شرح بالدليل. طبعة دار البشائر.
    فإن ضبطه و ضبط أدلته جيدا, انتقل للمرحلة الثانية.
    هذا في الفقه أما في أصول الفقه, فعليه ألا يبدأ في الأصول حتى يقرأ بعض فروع الفقه, كي يستطيع تطبيق الأصول على الفروع. و إليك التفصيل:
    بعد الانتهاء من المرحلة الأولى, تبدأ بقراءة شرح أبيات مقدمة في الأصول....من المرشد المعين من مختصر "الدر الثمين" و التي مطلعها:
    الحكم في الشرع خطاب ربنا المقتضي فعل المكلف افطنا...
    ثم تثني بشرح"منظومة ابن أبي كف الموريتاني" للعلامة محمد يحيى الولاتي الشنقيطي الحوضي ـ رحمه الله ـ و عليك بطبعة دار ابن حزم فهي أفضل الطبعات.
    فتضبطهما جيدا, و تختبر نفسك عن طريق طرح السؤال ثم الإجابة عليه,فإن كانت صحيحة فقد ضبطتهما و إلا فلا تنتقل منه حتى تحكمهما.
    المرحلة الثانية:
    1ـ تدرس " المرشد المعين" للعلامة ابن عاشر الأندلسي ررر. بشرح العلامة محمد ميارة تلميذه, و اقتصر فقط على "مختصر الدر الثمين" لأن "الدر الثمين" غير مناسب في هذه المرحلة,لأن المتن الصغير لا يصلح له إلا الشرح الصغير.{ يمكن الاستعانة ب"الدر الثمين" لكن بتحقيق المستشار الهاشمي, فقد نصحني به شيخي الحسن الكتاني ـ فرج الله عنه ـ}, و إن أردت تثبيت المسائل فاقرأ شرح "المرشد المعين" للأستاذ احمد الطهطاوي,طبعة دار الفضيلة.وهو لا يذكر إلا مشهور المذهب.
    ويمكنك الاستعانة ب" العرف الناشر لأدلة و فقه ابن عاشر" للشيخ المختار مومن الجزائري الشنقيطي, و هو شرح مع الدليل, لكنه لا يتابع على بعض ترجيحاته في المذهب.طبعة دار ابن حزم.
    2ـ ثم تثني "بمتن العزية" لأبي الحسن الشاذلي ـ رحمه الله ـ بشرح العلامة الآبي الأزهري ـ رحمه الله ـ وهذا المتن فيه بعض مسائل النكاح و الأضحية و البيوع....وذلك لتتأهب للدخول في الرسالة.
    بالنسبة لأصول الفقه في هذه المرحلة:
    1ـ تدرس "متن الورقات" للجويني بشرح العلامة محمد محمد الحطاب, بتحقيق أحمد الطهطاوي.طبعة دار الفضيلة.
    ملاحظة: بعد هذه المرحلة لا بد لك من أخذ قسط من علم المنطق,لأن أغلب كتب الأصول مبنية علة قواعد منطقية.فعليك بكتاب العلامة عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني ـ حفظه الله ـ "ضوابط المعرفة و أصول الاستدلال و المناظرة" الطبعة الثامنة دار القلم.
    [COLOR="DarkRed"]المرحلة الثالثة:[
    1ـ تدرس شرح "الرسالة" للقيرواني و عليك بشرح العلامة الآبي, بتحقيق الطهطاوي طبعة دار الفضيلة.وقد زادها ذلك التحقيق بهاء . و" الرسالة" عليها شروح كثيرة تعد و لا تحصى, و الهدف ليس هو استقصاء الشروح بل الهدف هو فك أقفال المتون فقط. وعليك بشرح الحافظ أحمد الغماري عليها و هو بالدليل.دار الكتب العلمية.
    2ـ"متن الإرشاد" لابن عسكر العراقي من مالكية العراق ـ رحمه الله ـ, متنه هذا أفضل ترتيبا من "الرسالة" جامع للمسائل محرر أيما تحرير,وعليك بتحقيق الطهطاوي عليه. ثم بشرح الكشناوي المالكي ـ رحمه الله ـ و هو أوسع شرح و ينقل من كتب المذهب الأخرى.
    بعد هذه المرحلة تكون قد مررت على الفقه كاملا و عرفت أبوابه و الحمد لله .
    بالنسبة للأصول:
    فبعد أن تكون حصلت شيئا من "علم المنطق", و عرفت لغة القوم, فتدرس في هذع المرحلة:
    كتاب العلامة المحقق المالكي المدقق الشيخ حسن المشاط المكي ـ رحمه الله ـ المسمى" الجواهر الثمينة بذكر أدلة عالم المدينة" بتحقيق تلميذه الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان ـ حفظه الله ـ طبعة دار المدينة, و هو شامل لكل أبواب الأصول على مذهب المالكية.
    و بعد دراسته و ضبطه جيدا. تكون قد مررت على جل أبواب الأصول.
    المرحلة الرابعة:
    1ـ"مختصر الدردير" مع الشرح المعروف بالشرح الصغير مع حاشية الصاوي.
    2ـ"متن مختصر خليل" مع الشرح الكبير للدردير ـ رحمه الله ـ
    3ـ "شرح خليل" للعلامة أحمد الشنقيطي بالدليل.
    وقد كان العلامة الأصولي المالكي الأمين الشنقيطي ررر يود شرح" متن خليل" بالأدلة, لكن قدر الله و ما شاء فعل قبض قبل البدء فيه. رحمه الله رحمة واسعة.
    و للمختصر شروح كثيرة لكن تذكر القاعدة" فك الأقفال" فقط, كي لا تضيع بين المختصرات دون الانتقال إلى المطولات.
    بالنسبة للأصول:
    فعليك بكتاب"نثر الورود على مراقي السعود" للعلامة الأمين الشنقيطي ررر.تكميل حبيب الله الشنقيطي. طبعة دار ابن حزم.
    ثم إن أردت التوسع فعليك "بتنقيح الفصول" للقرافي بشرح حلولو اليزليتني ـ رحمه الله ـ
    بعد المرور بهذه المراحل الأربع, و ضبط مؤلفاتها, يمكنك الذهاب لمطالعة أمات المذهب المالكي و الشروح الحديثية لهم{ ربما أخصص كتب أهل الحديث من المالكية في موضوع آخر إن شاء الله}
    ثم الانتقال إلى أصول الفقه المقارن"كمفتاح الوصول" للشريف التلمساني ررر و عليه تحقيق الأستاذ فركوس ت حفظه الله ـ.
    لا أنسى هنا كتب القواعد الفقهية:
    1ـ"إيصال السالك إلى قواعد مذهب مالك" للونشريسي, بتحقيق علامة ليبيا صادق الغرياني المالكي.
    2ـ "قواعد الامام المقري"
    3ـ" الفروق" للقرافي.مع أنوار البروق في أنواع الفروق.
    على الطالب الاستعانة ب:" الفقه المالكي و أدلته" للعلامة الحبيب بن طاهر و هو في ثلاثة مجلدات إلا أنه لم يبوب باب الجهاد أو قل "السياسة الشرعية" و البيوع. وذكر أنه سيفرد للبيوع كتابا خاصا.
    و كذلك ب"مدونة الفقه المالكي و ادلته" للعلامة صادق الغرياني الليبي, و هو كامل شامل إلا أن الأول أفضل من حيث التقعيد و الترجيح, و في كل خير.
    وفي الختام... فما كان من صواب فمن الله وحده و ما كان من خطإ فمني ومن الشيطان و الله و رسوله منه براء. و أنبه الإخوة الكرام أني اعتمدت على ذاكرتي فقط في هذا الموضوع ليعذروني إن كان هناك سقط في اسم أو تصحيف أو غفلة... و الله ولي التوفيق..
    و صلى الله و سلم على سيدنا محمد و آله أجمعين.
    أخوكم أبو العباس المالكي الأثري
    ـــــــــــــــ ــــــــ
    [1]: وقد طبعت مستقلة بتحقيق العلامة أحمد الطهطاوي ـ بارك الله فيه ـ طبعة دار الفضيلة.

  2. #2

    افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    ثانيا: مذهب الامام مالك ررر مذهب أهل المدينة و هو أصح مذاهب الأمصار في الأصول و الفروع كما قال شيخ الاسلام ابن تيميةررر.وله رسالة ضمن الفتاوي"صحة أصول مالك و أهل المدينة"[1] انتصر فيها للمذهب المالكي و بين صحة أصوله و فروعه.
    وفقك الله
    هل تتفضل بشرح هذا الذي قررته

  3. #3

    افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    السلام عليكم ...شيخي الفاضل أبو العباس المالكي بارك الله لك في علمك...وقد أرفقت منظومة في اصطلاح المذهب المالكي...
    أخي أسامة هذا بيان ما طلبت وأنا أجزم بأنك تعرفه...(للإشارة أنا لست مالكيا ولكني أحترم احتهادات المشائخ) :
    يقول ابن تيمية في كتاب صحة أصول أهل المدينة ص53: (( ومن تدبر أصول الإسلام ، وقواعد الشريعة ، وجد أصول مالك وأهل المدينة اًصح الأصول والقواعد )) .
    ويقول أيضا : (( فلا ريب عند أحد أن مالكا – رضي الله عنه – أقوم الناس بمذهب أهل المدينة رواية ودراية ، فإنه لم يكن في عصره ولا بعده أقوم بذلك منه ، كان له من المكانة عند أهل الإسلام الخاص منهم والعام ما لا يخفى على من له بالعلم أدنى إلمام ))
    ويقول الذهبي في السير 8/62: (( وبكل حال فإلى فقه مالك المنتهى ، فعامة آرائه مسددة ، ولو لم يكن له إلا حسم مادة الحيلة ، ومراعاة المقاصد ، لكفاه )) .
    ويقول أيضا في تذكرة الحفاظ 1/212 : (( وقد اتفق لمالك مناقب ما علمتها اجتمعت لغيره ، أولها طول وعلو الرواية
    ثانيها الذهن الثاقب والفهم وسعة العلم
    ثالثها اتفاق الأئمة على أنه حجة صحيح الرواية
    رابعها تجمعهم على دينه وعدالته واتباعه للسنن
    خامسها تقدمه في الفقه والفتوى وصحة قواعده ))
    ويقول ابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله 2/207: (( فمن اقتصر على إمام واحد ، وحفظ ما كان عنده من سنن ، ووقف على غرضه ومقصده في الفتوى ، حصل على نصيب من العلم وحظ منه حسن صالح ... والاختيار له أن يجعل إمامه في ذلك إمام دار الهجرة ومعدن السنة )) .
    ويقول محمد أبو زهرة في كتابه عن الإمام مالك ص451: (( إنا لنقرُّ غير مجازفين أنه ( المذهب المالكي ) مذهب الحياة والإحياء ، قد اختبره العلماء في عصور مختلفة ، فاتسع لمشاكلهم ، واختبره علماء القانون في عصرنا الحاضر فكان مسعفا لهم في كل ما يحتاجون إليه من علاج ، وإنا نسند ذلك إلى مجتهديه وكثرة أصوله ونوع الأصول التي أكثر منها وسيطرت على التخريج فيه )) .
    ويقول في موضع آخر ص376: (( وإن نوع الأصول التي يزيد بها المذهب المالكي على غيره ، ومسلكه في الأصول التي اتفق فيها مع غيره ، يجعلانه أكثر مرونة وأقرب حيوية وأدنى إلى مصالح الناس وما يحسون وما يشعرون ، وبعبارة جامعة : أقرب إلى الفطرة الإنسانية التي يشترك فيها الناس ولا يختلفون إلا قليلا بحكم الأقاليم والمنْزع والعادات الموروثة )) .
    ويقول الأستاذ محمد مصطفى شلبي في كتاب المدخل في التعريف بالفقه الإسلامي ص304 : (( وليس ببعيد ما نقله الفرنسيون عن الفقه الإسلامي ، وخاصة المذهب المالكي عند احتلالهم لمصر بعد الحملة الفرنسية ، ومن يتتبع مواد القانون الفرنسي يجد فيها الشيء الكثير من الموافقة للفقه المالكي )) .
    ويذكر الأستاذ عبدالعزيز بن عبدالله في كتاب معلمة الفقه المالكي ص43 : أن للفقه المالكي خاصة بصمات تقوى وتضعف حسب الأقاليم التي تأثرت في أوروبا وأمريكا بالإشعاع القانوني الإسباني والبرتغالي انطلاقا من الأندلس التي استمرت فيها تطبيقات فقهية مالكية إل القرن الماضي .
    انتهى بتصرف عن كتاب ( مراعاة الخلاف في المذهب المالكي وعلاقتها ببعض أصول المذهب وقواعده ) ص 61 – 66 ، طبعة دار البحوث والدراسات الإسلامية بدبي
    وأزيدك شيئا من خصائصه :
    خصائص المذهب المالكي :
    يتميّز مذهب إمام دار الهجرة بعدة خصائص جعلته متميزا عن بقية مذاهب أهل السنة ولعل أهمها :
    أولا - خصوصيات المذهب على مستوى أصول الفقه
    يمتاز المذهب المالكي على مستوى أصول الفقه بعدة مزايا وخصوصيات من أهمها:
    1-: وفرة مصادره و كثرة أصوله المتمثلة في الكتاب و السنة و إجماع الأمة وعمل أهل المدينة والقياس و لاستحسان والاستقراء وقول الصحابي وشرع من قبلنا والاستصحاب والمصالح المرسلة وسد الذرائع والعرف وعمل أهل المدينة والأخذ بالأحوط ومراعاة الخلاف. بالإضافة إلى القواعد العامة المتفرعة عنها والتي أنهاها بعض المالكية إلى ألف و مائتي قاعدة تغطي جميع أبواب الفقه ومجالاته.
    هذه الكثرة أغنت الفقه المالكي و أعطته قوة وحيوية و وضعت بين أيدي علمائه من وسائل الاجتهاد وأدوات الاستنباط ما يؤهلهم لبلوغ درجة الاجتهاد ويمكنهم من ممارسته ويسهل عليهم مهمته.
    وإذا كانت بعض المذاهب شاركت المذهب المالكي في بعض هذه الأصول فإن ميزة الفقه المالكي تكمن في الأخذ بجميع هذه الأصول بينما غيره لم يأخذ إلا ببعضها ورد الباقي.
    2-: تنوع هذه الأصول والمصادر فإنها تتراوح بين النقل الثابت والرأي الصحيح المستمد من الشرع والمستند إليه كالقياس. هذا التنوع في الأصول والمصادر والمزاوجة بين العقل والنقل والأثر والنظر وعدم الجمود على النقل أو الانسياق وراء العقل هي الميزة التي ميزت المذهب المالكي عن مدرسة المحدثين ومدرسة أهل الرأي وهي سر وسطيته وانتشاره والإقبال الشديد عليه وضرب أكباد الإبل إلى إمامه في أيام حياته.
    3-: توسعه في استثمار الأصول المتفق عليها توسعا كبيرا مما ساعد ويساعد على سد الفراغ الذي يمكن أن يحس به المجتهد عند ممارسة الاجتهاد والاستنباط، وهكذا نجده في التعامل مع الكتاب والسنة لا يكتفي بالنص والظاهر بل يقبل مفاهيم المخالفة والموافقة وتنبيه الخطاب كما يقبل دلالة السياق ودلالة الاقتران والدلالة التبعية، وقد استدل بقوله تعالى: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها) على عدم وجوب الزكاة في الخيل لاقترانها بالحمير التي لا زكاة فيها ،كما توسع في باب القياس فقبل أنواعا من القياس لا يقبلها غيره ولم يخصه بباب من أبواب الفقه ولا نوع من أنواع الحكم.
    بينما نجد كثيرا من الفقهاء يردون بعض أنواع القياس ويضيقون مجالات المقبول عندهم. فلا يقبلون القياس على ما ثبت بالقياس ولا القياس المركب والقياس على مخصوص وقياس العكس. ولا يجيزون القياس في الحدود والكفارات والرخص والتقديرات والأسباب والشروط والموانع.
    ثانيا: في خصوصياته على الصعيد الفقهي :
    1-: رحابة صدره و انفتاحه على غيره من المذاهب الفقهية والشرائع السماوية السابقة و اعترافه بالجميع و استعداده للتعايش معه والاستفادة منه بفضل قاعدة شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ التي اتخذها مالك أصلا من أصوله التي بنى عليها ماله و أسس عليها فقهه و انطلاقا من إيمانه بحرية الاجتهاد و وجوبه و أنه لا يقلد مجتهد غيره،و أن المصيب واحد كما يراه مالك و أكثر علماء الأصول يتجلى ذلك:
    1- في اتخاذ شرع من قبلنا شرعا لنا ما لم يرد ناسخ، وهكذا أخذ المالكية بمشروعية الجعالة والكفالة من شريعة يوسف كما حكاه الله عنه في قوله: ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم. كما استدلوا على مشروعية قسمة مهيأة بقول صالح: هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم. وعلى جواز الإجازة والنكاح على منافع بقول صاحب مدين: إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج.
    2- في إباحته الاقتداء بالمخالف في الفروع و لو ترك شرطا من شروط الصلاة أو ركنا من أركانها في الفقه المالكي إذا كان الإمام لا يراه شرطا ولا ركنا في مذهبه، الصلاة وراء من نام ولم يتوضأ أو لا يقرأ الفاتحة في الصلاة أو يفتتح الصلاة بغير تكبيرة الإحرام على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه.
    3- في رفضه تكفير المسلمين بالذنب و الهوى فقد سئل مالك عن المعتزلة أكفار هم؟ قال من الكفر فروا.
    4- في تصحيحه حكم المخالف لمذهب مالك ومنع نقضه وإن خالف المشهور أو الراجح في المذهب المالكي، وهي القاعدة المعروفة بحكم الحاكم يرفع الخلاف المشار لها بقول خليل ورفع الخلاف لا أحل حراما.
    5- فيما قرره الفقه المالكي في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن المختلف فيه لا يجب فيه الأمر بالمعروف ولا النهي عن المنكر، وهي قاعدة من أهم القواعد التي تحقق التعايش بين المذاهب والطوائف المختلفة وتحفظها من الصراع المذهبي والطائفي.
    6- فيما قرره الفقه المالكي أيضا أنه إذا لم يوجد نص للمالكية في النازلة المعروضة فإنه يعمل فيها بالفقه الشافعي أو الحنفي على خلاف بينهم.
    7- في رفض مالك فرض مذهبه وموطئه على جميع الأمة حين عرض عليه الخليفة العباسي ذلك واعتذر مالك عن ذلك .
    8- في استحسانه العمل برأي المخالف ابتداء في بعض مواطن الخلاف من باب الورع والخروج من الخلاف، قراءة البسملة سرا، وقراءة الفاتحة خلف الإمام للخروج من خلاف الشافعي.
    9- في قبوله رواية المبتدع إذا لم يكن داعية لمذهبه و لم يكن ممن يستحل الكذب .
    10- في إباحته الخروج عن المذهب و العمل بقول المخالف عند الحاجة وفي بعض القضايا التي يصعب فيها الأخذ بالفقه المالكي أو لغير ذلك من الأسباب .
    روي عن مالك أنه دخل المسجد بعد صلاة العصر وجلس ولم يصل تحية المسجد فقال له صبي: قم يا شيخ فاركع ركعتين، فقام فصلاهما فقيل له في ذلك، فقال خشيت أن يصدق علي قوله تعالى: (وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون )
    2: قابليته للتطور والتجديد ومواكبة العصر في ظل الشريعة الإسلامية وتحت مراقبتها وداخل إطارها الفقهي ومحيطها الفلسفي والأخلاقي بفضل أخذه بمبادىء العادة الحسنة والمصلحة المرسلة وسد الذرائع فإن هذه الأمور تختلف من عصر إلى عصر ومن بلد إلى بلد مما يفتح الباب على مصراعيه أمام كل باحث مقتدر وكل فقيه مجتهد يتمتع بالأهلية الضرورية لاستنباط ما يحتاج لاستنباطه من أحكام أو اختيار ما هو الأفضل والأنسب مما هو موجود ومنصوص عليه في التراث الفقهي الإسلامي.
    3: المرونة في معالجة كثير من القضايا الشائكة والحالات المستعصية والعمل على حل المشاكل الطارئة بفضل مبدأ مراعاة الخلاف الذي اتخذه أصلا من أصوله الفقهية التي بنى عليها فقهه، يتجلى ذلك في:
    - تصحيحه بعض العقود الفاسدة المختلف فيها يعد وقوعها مراعاة لقول المخالف بشرط أن يكون ذلك القول مؤسسا على دليل قوي في نفسه .
    - في ترتيب آثار العقود الصحيحة على العقد الفاسد المختلف فيه أيضا.وكمثال على ذلك، الأنكحة الفاسدة المختلف فيها، فإن الفقه المالكي يصحح بعضها بعد الدخول. ويلحقه فيها الولد بالزوج ويوجب فيها التوارث بين الزوجين قبل الفتح ويعتد بالطلاق الواقع فيها.
    وفي البيوع الفاسدة ينتقل فيها الضمان للمشتري بالقبض وإذا فات المبيع يمضي بالثمن.
    بينما الفقه الشافعي يرى فسخ البيع الفاسد ولو تداولت الأيدي كما يرى فسخ الأنكحة الفاسدة ولو ولدت الزوجة الأولاد، ويحد الزوجين في بعض الحالات.
    4-: السماحة والتيسير في أحكامه وآرائه رائده في ذلك الكتاب والسنة وما استنبط منهما من قواعد أصولية ومبادىء فقهية ساعدته على اتخاذ أيسر الحلول وأخف الأحكام وأسهلها مثل قوله تعالى (يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر ) وقوله ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) وقوله ( و ما جعل عليكم في الدين من حرج ) وقوله صلى الله عليه وسلم : "يسروا و لا تعسروا" وقوله: (إياكم و الغلو في الدين ) وقاعدة "الحرج مرفوع" و "المشقة تجلب التيسير" و "الضرر يزال" و "الضرورات تبيح المحظورات" و "الأصل في الأشياء الطهارة والإباحة" وغير ذلك من القواعد التي كان لها انعكاس إيجابي في مختلف أبواب الفقه في العبادات والمعاملات والمنازعات وشؤون الأسرة وغير ذلك من أبواب الفقه التي جاء فيها الفقه المالكي أكثر تيسيرا وتسامحا وأكثر استجابة لحاجات الناس في عبادتهم و معاملاتهم وأرفق بهم وأصلح لهم في دينهم ودنياهم مما جعل الغزالي رحمه الله بعد المقارنة بين المذاهب الفقهية في باب المياه ويقول: وددت لو كان مذهب الشافعي في المياه كمذهب مالك.
    5-: الوسطية والاعتدال في أحكامه ومواقفه وفي أصوله وفروعه لا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا تشديد ولا غرابة ولا شذوذ ولا جمود ولا تعقيد ولا تمرد ولا تكفير. يقول بالقياس ويحبذ الأخذ بالرخص ويكره الأخذ بغرائب الأقوال وشواذ الأحكام يحب الاتباع ويكره الابتداع، ويحرم استعمال الحيل للتخلص من الواجبات أو التوصل إلى المحرمات، ويرفض نتائجها ويؤاخذ المحتال بنقيض قصده، و يحرمه من الاستفادة من حيلته، و يعاقبه على فعلته. و كمثال على ذلك التوليج في البيع و الوصايا ،و الفرار من الزكاة والطلاق في مرض الزوج ونكاح المحلل .
    6-: البعد المقصدي حيث يعتبر الفقه المالكي من أعمق المذاهب الفقهية فهما لروح الشريعة الإسلامية ومقاصدها وأبعدها نظرا واعتبارا لمآلاتها، وأكثرها التزاما بمراعاة حكمها وأسرارها عند استنباط الأحكام من نصوصها، وتفريع الفروع عليها، وخاصة فيما يتعلق بالضروريات الخمس:الدين والنفس والمال والعرض والعقل فإنه تفوق على كثير من المذاهب الفقهية في العناية بها والمحافظة عليها ومنع المساس بها من قريب أو بعيد وبأي وجه من الوجوه.
    وللتوضيح أكثر يكفي أن نأخذ نموذجا واحدا وثيق الصلة بالمحافظة على الأرواح، حيث يستطيع كل قارىء أو باحث أن يلمس فيه حكمة الفقه المالكي، وبعد نظره والتزامه بروح الشريعة ومقاصدها وقدرته على بلورتها وتحقيقها في تشريعاته وأحكامه.
    ففي باب الدماء يتفق الفقه الإسلامي على اختلاف مذاهبه و مدارسه على أن الحكمة من القصاص هي المحافظة على أرواح الناس وحياتهم، والضرب على أيدي المعتدين وزجرهم عن سفك دماء الأبرياء ظلما وعدوانا أخذا من قوله تعالى ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون )
    فهل استطاعت المذاهب الفقهية المختلفة تحقيق هذه الحكمة وبلوغ هذا الهدف؟ وهل وفقت لاستنباط القواعد والضوابط الملائمة لها؟ وهل نجحت في المحافظة على أرواح الناس، والقضاء على جريمة القتل أو التخفيف منها؟
    بالنسبة للفقه المالكي نستطيع الجواب بنعم على هذه الأسئلة كلها، فقد استطاع تحقيق تلك الحكمة، ووفق في وضع القواعد والضوابط الكفيلة بإنجاحها، ونجح في الحد من انتشار جريمة القتل في المجتمعات التي دانت له مدة سيادته في محاكمها ووجوده في تشريعاتها، حتى إذا غاب عنها تغيرت الأمور ولم يبق مسؤولا عما يجري فيها.
    يؤكد ما نقوله أمران:
    الأول: نظري تشريعي يتمثل في وضع القواعد الصارمة وغير المتساهلة مع من تسول له نفسه الاعتداء على حياة الناس وأرواحهم.
    وهكذا أوجب القصاص في القتل العمد العدوان بقطع النظر عن الآلة المستعملة فيه. والطريقة المتبعة في تنفيذه، وسوى بين القتل مباشرة والقتل تسببا وتوسع كثيرا في مفهوم السببية لتشمل الإكراه على قتل الغير والأمر به. والدلالة على المختبىء المراد قتله وإمساكه لمن يقتله، ومنع الطعام والشراب والدواء واللباس عن المضطر لذلك، وشهادة الزور بما يوجب القتل.
    وأوجب قتل الجماعة بالواحد إذا اشتركوا في قتله أو تمالؤوا عليه، ونفى شبه العمد وضيق من مفهوم الشبهة الدارئة للحد، وفتح باب الاجتهاد في الحدود وجوز القياس فيها، واكتفى في ثبوت القتل بالقسامة والتدمية ولم يقبل العفو من الولي عن القاتل إذا كان القتل غيلة أو حرابة، ولا من الإمام إذا لم يكن للقتيل ولي.
    وبهذا التشريع الصارم سد جميع أبواب القتل وأغلق نوافذه وقطع الطريق على المتعطشين لدماء الأبرياء ونزع الحصانة عن الجميع، وضمن للناس حياة آمنة مطمئنة مصداقا لقوله تعالى (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون )
    يؤكد هذا و هو الأمر الثاني قلة نوازل الدماء في كتب النوازل الفقهية المالكية مما يفسر بقلة حوادث القتل،و يسجل شهادة واقعية باستتباب الأمن في تلك الحقب والبلاد التي ساد فيها الفقه المالكي .
    بينما نجد بعض المذاهب الفقهية ضيق في مفهوم القتل الموجب للقصاص وتوسع في مفهوم الشبهة المسقطة للقصاص ومنع القياس في الحدود وأثبتت شبه العمد ورد حديث القسامة.
    وبذلك انفتح باب القتل على مصراعيه، وأصبح باستطاعة كل مجرم أن يحقق رغبته، ويقترف جريمته، ويتخلص من عدوه بكل وسيلة من وسائل القتل التي لا قصاص فيها وهو آمن مطمئن على نفسه من القصاص ضامن لنفسه الحياة بعد تخلصه من غريمه.
    7 البعد العلمي والمعرفي بنصوص الشريعة الإسلامية وروحها . ومن أجل هذا البعد العلمي المعرفي كان الفقه المالكي أقرب المذاهب الفقهية إلى الكتاب والسنة وأقلها مخالفة للحديث الصحيح . وكان أكثرها صوابا وأصحها قياسا كما قال الشافعي وأرجحها رأيا كما قال الإمام أحمد وأقلها خطأ كما قال ابن خويز منداد. وأحسنها تأويلا وأصوبها جمعا وتوفيقا بين النصوص المختلفة والأدلة المتعارضة.فإن الأعلم والأفقه لا يكون علمه وفقهه إلا هكذا والمتتبع للفقه الإسلامي والفقه المالكي على مستوى الخلاف العالي لا يسعه إلا أن يؤكد صحة هذه الشهادات وصدقها.
    8-: البعد الاجتماعي والمصلحي في توجهاته وأحكامه بفضل اتخاذه المصالح المرسلة والعادات الحسنة أصلا من أصوله الفقهية، ومصدرا من مصادره التشريعية التي بني عليها فقهه، وأرسى عليها قواعد مذهبه واستمد منها آراءه وأحكامه.
    وهكذا نراه كلما كانت هناك مصلحة دينية أو منفعة دنيوية لم يرد دليل شرعي على إلغائها أو كانت هناك عادة متبعة في بلد أو سنة مألوفة بين الناس في أفعالهم أو أقوالهم لا تتنافى مع الشرع ولا تخالف قواعده فإن الفقه المالكي يقرها ويرحب بها ويدخلها في منظومته الفقهية ولا ينتظر قيام الدليل الخاص على شرعية تلك المصلحة بعينها أو تلك العادة بذاتها اكتفاء بالقاعدة العامة أن الشريعة الإسلامية إنما جاءت لجلب المصالح ودرء المفاسد، وأنه حينما كانت هناك مصلحة فهناك حكم الله حتى يدل الدليل على خلاف ذلك.
    إلا أن المعتبر في المصالح المرسلة ما يحقق المصالح الشرعية لا ما يحقق رغبات الناس و أهواءهم لأن مصالح الناس تتعارض فإن الله تعالى يقول : (و لـــو اتبع الحق أهواءهـــم لفسدت السماوات و الأرض ومن فيهن )
    9-: المنطقية والعقلانية في أحكامه لا تجد فيه ما يناقض العقل السليم أو يخالف المنطق الصحيح أو تحيله السنة الكونية، ويرفض ذلك كله ولا يقبله ويشترط الامكان في كل أحكامه ويرد ما يخالفه كما هو الشأن في الأنساب والشهادات والدعاوي.
    10: الواقعية، نوازله وفروعه في مختلف الأبواب، موضوعاتها تتراوح بين ما هو واقع وما يمكن وقوعه.
    وقد كان مالك رحمه الله إذا سئل عن شيء من ذلك يقول للسائل، سل عما يكون ودع ما لا يكون، وربما أعرض عن السائل، فإذا ألح عليه السائل في طلب الجواب يقول له: لو سألت عما تنتفع به لأجبتك.

    ـ عن موقع الشؤون الدينية المغربية بتصرُف
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

  4. #4

    افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    سددكم الله و أعانكم......و الامام مالك ـ رحمه الله ـ لا يعرف قدره إلا من قرأ سيرته و أقوال العلماء فيه, قال أحمد:" علامة المبتدع الطعن في مالك" لأنه كان شديدا عليهم. رحمه الله

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    الدولة
    سياتل..ولاية واشنطن ..
    المشاركات
    977

    افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    بارك الله فيك أخي الحبيب ابن القيم المالكي وأخي الحبيب عبد الرحمان الظاهري
    أنا الشمس في جو العلوم منيرة**ولكن عيبي أن مطلعي الغرب
    إمام الأندلس المصمودي الظاهري

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    220

    افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    جزاك الله خيرا أخي ابا العباس على اهتمامك بالبحث والنظر...

  7. #7

    افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بارك الله لك فيما كتبت قرة عيني أبا العباس، وحفظك الباري ورعاك،فوالله إنك لتثلج الصدر،وتسر النفس،فسر على بركة الله،واجتهد اكثر،وحصل واستفد وانفع غيرك،بارك الله فيك واقر بك العين.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    220

    افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    أبشر الأخوة أن كتابا نفيسا حول الإمام مالك، يضم أربعة رسائل، في طريقه للطبع حديثا...

  9. #9

    افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    نرجو من الأخ أبي العباس المالكي أن يزودنا بشروح المتون المذكورة في المقال

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    298

    افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    بارك الله فيك..واجزل لك المثوبة..فقد والله اجبت عن تساؤلات كنت اريد طرحها في دراسة الفقه المالكي...واسمح لي بهذين التساؤلين..وملاح ظة.

    اولا:
    من الملاحظ انك ذكرت منهجية التفقه في المذهب المالكي بطريقة مفصلة جدا قد تستغرق وقتا طويلا قد لا يتوافر لكل شخص..فلو اردت الاقتصار على كتاب واحد فقط يجمع شتات المسائل الفقهية باوضح عبارة وله شروح متوفرة ..فبايها تنصح؟؟

    والثاني:
    ما رايك في موسوعة الفقه المالكي وادلته للدكتور الصادق الغرياني..وهل تغني المرء لو اقتصر عليها لدراسة الفقه المالكي؟؟

    اما الملاحظة..فلماذا لم يتم خدمة هذا المذهب كما خدم - مثلا - المذهب الحنبلي..لماذا لا تتوافر الشروح المتنوعة والكتب المحققة رغم ان اصول مالك وأهل المدينة هي اصح الأصول والقواعد كما نقلت عن شيخ الاسلام رحمه الله؟؟؟

    وبارك الله فيك

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    الدولة
    سياتل..ولاية واشنطن ..
    المشاركات
    977

    افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    للرفع..من أجل الافادة..
    أنا الشمس في جو العلوم منيرة**ولكن عيبي أن مطلعي الغرب
    إمام الأندلس المصمودي الظاهري

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    298

    افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبومنصور مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك..واجزل لك المثوبة..فقد والله اجبت عن تساؤلات كنت اريد طرحها في دراسة الفقه المالكي...واسمح لي بهذين التساؤلين..وملاح ظة.
    اولا:
    من الملاحظ انك ذكرت منهجية التفقه في المذهب المالكي بطريقة مفصلة جدا قد تستغرق وقتا طويلا قد لا يتوافر لكل شخص..فلو اردت الاقتصار على كتاب واحد فقط يجمع شتات المسائل الفقهية باوضح عبارة وله شروح متوفرة ..فبايها تنصح؟؟
    والثاني:
    ما رايك في موسوعة الفقه المالكي وادلته للدكتور الصادق الغرياني..وهل تغني المرء لو اقتصر عليها لدراسة الفقه المالكي؟؟
    اما الملاحظة..فلماذا لم يتم خدمة هذا المذهب كما خدم - مثلا - المذهب الحنبلي..لماذا لا تتوافر الشروح المتنوعة والكتب المحققة رغم ان اصول مالك وأهل المدينة هي اصح الأصول والقواعد كما نقلت عن شيخ الاسلام رحمه الله؟؟؟
    وبارك الله فيك
    للرفع

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    الدولة
    سياتل..ولاية واشنطن ..
    المشاركات
    977

    افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    الاخ ابو العباس لايمكنه الرد أخي الكريم...كان الله في عونه..فلاتنسوه من دعائكم...
    أنا الشمس في جو العلوم منيرة**ولكن عيبي أن مطلعي الغرب
    إمام الأندلس المصمودي الظاهري

  14. افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    جزاكم الله خيرا .

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    الدولة
    نجد
    المشاركات
    1,082

    افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    أحسن الله إليك
    ليتك تفيدنا بالمزيد أخي الكريم
    نظرت في دواوين السنة والأثر فلا أعلم امرأة صحابية ولا تابعية حُرّة ذكرت باسمها فلانة بنت فلان ثبت السند عنها صريحا أنها تَكشف وجهها للأجانبد.عبد العزيز الطريفي

  16. #16

    افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    جزاكم الله خيرا وبارك الله تعالى في علم أخينا المفضال أبي العباس المالكي، فقد اطلعت على ما كتبه وسطرته يراعه، لكن أرجو منه التوضيح حول الجمع بين الطريقتين المغربية والمصرية ما المقصود بها؟ وهل بقي لهذه المدارس أثر في زماننا الحاضر؟ بارك الله فيكم

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    160

    افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    بارك الله فيك

  18. افتراضي رد: المنهجية لدراسة فقه أهل المدينة و أصوله:{المذهب المالكيّ}

    هل هناك شروح صوتية أو مرئية على هذه المراحل في الفقه المالكي موجودة على الإنترنت ؟

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •