ما رأيكم فيما كتبه نجيب اليماني في عكاظ اليوم الثلاثاء 10 ربيع الأول 1429 للهجرة ؟
نص المقال
ما فعله ولي الأمر في المسعى عين الحكمة
يسأل عن حكم المسعى الجديد حيث إن الكثير أشكل عليهم اختلاف الفتوى والبعض توقف عن أداء العمرة مرفقاً قولا لأحد علمائنا بأنه غير موافق على المسعى الجديد وأن من اتصل به نصحه أن لا يعتمر ما دام المسعى القديم لم يفتح. والقاعدة تنص على أن القول الضعيف في المسائل الخلافية إذا انضم إليه الحاكم ارتفع الخلاف لأنه ينظر إلى المصلحة العامة التي هي أساس الشريعة التي جاءت لمصالح العباد فكل ما هو ممنوع فعله يصبح مباحاً إذا أدت إليه الضرورة وهذه المصالح موزونة بميزان الله وهذا الميزان مبني على القسط وكل ما ينفي هذا القسط فهو منفي عن هذه الشريعة. فالشريعة مبنية على إزالة الضرورة إذا كانت لا تحمل أي نفع في طياتها أو تحمل نفعاً قليلاً ترجح كفته إلى جانب ما فيها من ضرر فالضرورة جزء من المصلحة وهي أن تطرأ على الانسان حالة من الخطر أو المشقة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس. فيباح عنذئذٍ ارتكاب الحرام أو ترك الواجب دفعاً للضرر وما يحدث في الحج والعمرة من مخاطر الزحام والسقوط فمن واجب ولي الأمر أن ينظر بعين المصلحة إلى المسلمين للمحافظة على أرواحهم التي هي مقصود الشرع.
يقول تعالى: ( إن الصفا والمروة من شعائر الله). وبقية الآية جعلت السعي بينهما في حكم السنة أي لا شيء على من تركه لقوله تعالى (فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جُناح عليه أن يطوّف بهما ).
يقول ابن قدامة إن السعي بين الصفا والمروة سنة لا يجب بتركه دم . روى ذلك ابن عباس وأنس وابن الزبير وابن سيرين ، وقال أحمد أنه واجب يجبره إن تركه لغير عذر بدم ذكره المرداوي وابن مفلح وابن نجيم والكاساني. فالسعي بين الصفا والمروة عند فريق من أهل العلم سنة من السنن لا شيء على من تركه عمداً أو سهواً لعذر أو لغير عذر وهذا القول مروي عن حبر هذه الأمة.
كما رُوي عن أنس وابن الزبير وعطاء بن رباح أفقه التابعين وعن مجاهد وابن سيرين وعن أحمد أن الأصل في اعتبار السعي سنة قوله تعالى: (فلا جُناح عليه أن يطوّف بهما). يقول ابن قدامه ورفع الحرج عن فاعله دليل على عدم وجوبه فإن هذا في رتبة المباح . وروى أن قراءة أبي بن كعب وابن مسعود “فلا جُناح عليه أن لا يطوّف بهما” وهذا إن لم يكن قرآناً فلا ينحط عن رتبة الخبر ، وإنما جاء القول في رفع الحرج عن السعي لما كان عليه الناس في الجاهلية من السعي بينهما وكان على رأس كل منهما صنم فلما جاء الإسلام وقد أُزيلت الأصنام تحرّج فريق من الأنصار عن فعل ذلك لما كانوا يفعلونه في الجاهلية فنزلت الآية . ولكن رفع الحرج في الفعل من الآية يصاحبه بوضع اللغة رفع الحرج عن الترك.
ورد عن ابن حيان في البحر المحيط في أن رفع الجناح في فعل الشيء هو رفع في تركه إذ هو تخيير بين الفعل والترك نحو قوله تعالى “فلا جُناح عليهما أن يتراجعا” فتكون الآية فيها رفع الجناح في فعل الطواف بهما نصاً وفي هذا رفع الجناح في الترك نصاً. فليس الطواف بهما واجباً لأن مدلول اللفظ إباحة الفعل وإذا كان مباحاً كان الإنسان مخيّراً بين فعله وتركه ثم إن الآية دلّت على الاستحباب لقوله تعالى: (فمن تطوّع) والتطوع من باب الزيادة على المطلوب فعله . فليس إذاً ثمة دليل على وجوب السعي إلاّ ما كان من فعله صلى الله عليه وسلم وفعله إن لم يصاحبه قول يُحمل على الندب والاستحباب عند عامة أهل الفقه كما ذكره آل تيمه في المسودة والقرافي والامدي وابن الهمام. كما أن فريقاً من الصحابة ممن حجّوا مع أبي بكر قبل حجة الوداع قد تركوا السعي وعند رجوعهم إلى المدينة المنورة لم يأمرهم الرسول بإعادة الحجة أو الإتيان بالسعي . وهذا دلالة على عدم الوجوب وهذا ما رواه البخاري عن أنس في قوله: كنا نرى أن السعي بين الصفا والمروة من أمر الجاهلية فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما فأنزل الله “إن الصفا والمروة”.
فيجوز للحاج ترك السعي بين الصفا والمروة ولا شيء عليه سواء تركه لعذر أو لغير عذر.
والحنفية أجازوا للحاج إذا اشتد عليه الزحام وأصرّ على أداء هذه الشعيرة فإنه يكفيه أداء أربعة أشواط في الطواف أو السعي ويفدي عن الثلاثة الباقية بإطعام عن كل شوط مسكين، ولنفترض أن السعي واجب عند الحنفية والحنابلة فإن الواجب في الحج يسقط للعذر ولا شيء عن من تركه ولقد أباح الله المحرّمات من خمر وميتة للحفاظ على النفس فمن باب أولى ترك الواجبات والعبادة التي ينجم عن فعلها ضرر يحرّم أداؤها كما ذكر ابن تيمية ولا يحتاج تقديم حفظ النفس على أداء واجب من العبادات إلى نظر وتأمل فإن هذا في حكم ما هو معلوم من الدين بالضرورة . فعلى الممتنعين من اباحة السعي في المسعى الجديد الرجوع عن فتواهم فهو فضيلة وليكونوا عوناً لولي الأمر.
تعليق
من يفند كلام الكاتب ويبين حقيقته ؟
جزاكم الله خيرا