بسم الله الرحمن الرحيم
وصلاة وسلاما على الرحمة المهداة والمنة المسداة، محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين ومن ولاه.
أمابعد، فإن الكتاب الجليل، والديوان العظيم، والكنز الثمين للإمام السيد النبيل محمد بن إسماعيل البخاري الحفيل، قد تواردت عليه أنظار الجهابذة الأعلام من مشرق العالم الإسىمي ومغربه، بحثا في أسانيده ومتونه، وتفتيشا في ألفاظه ورجاله، فكان من ذلك كتب وتآليف منها ما قد وصل غلينا، وأسعدنا الزمان به، ومنها ما لم نحل إلا باسمه، ولم نقف إلا على رسمه، أو أثارة من مشكاته، ومن ذلك مستخرج الحافظ الأمام أبي بكر الإسماعيلي الجرجاني من أهل المائة الرابعة الهجرية، وسيد حفاظ الجهة الشرقية من ديار العروبة والإسلام، ولقد احتفل الإسماعيلي في هذا الكتاب غاية الإحتفال، واستوعب فيه غاية الإستيعاب، حتى أشرف فيه على الغاية، وأوشك بل وصل فيه إلى النهاية، ومدار هذا الكتاب النفيس على استخراج أحاديث الجامع الصحيح بأسانيد خاصة للإسماعيلي، بحيث يقع له الحديث عينه ، من الأحاديث التي يسوقها البخاري في كتابه، وقد يقع فيها نوع مخالفة في المتن بزيادة أو نقصان،أوتقديم أو تأخير، أونحو ذلك مما يعرفه الواقف على طريقة المستخرجات ومناهج أصحابها فيها، وقد يلتقي المستخرِج مع صاحب الكتاب المستخرَج،في إحدى طبقات الإسناد، في شيخه أو فيما سواه.
والغاية منه- أي من الإستخراج- كما نص على ذلك سادة هذا الشأن، ما يقع للمستخرِج، من شرح مشكل، أو انفصال عن غامض بحلٍّ، أو بيان لمهمل في الإسناد، أو غير ذلك من الفوائد.
ولابد لشارح البخاري من مراجعة المستخرجات الموضوعة عليه، حتى يسلم له الكلام على هذا الكتاب الذي ليس يدرك قدره إلا من خلطه بروحه، فصارت قراءته ديدنه، وهجيراه، وأدمن النظر في دقائقه، وعكف على معانيه ومغزى ألفاظه ومتونه.
ولذلك فضل فتح الباري على سائر الشروح- وإن جلَّ بعضها- لأن الحافظ رحمه الله كان في أثناء الشرح يرجع إلى هذه الكتب النادرة، فيطالع منها ما يدخله في شرحه، ويعينه في فهم المتن وحل إشكال كثير من الأسانيد.
والحافظ ابن حجر أكثر من الإستفادة من مستخرج الإسماعيلي، حتى أربى على غيره في ذلك، ولقد أحصيت له عشرات المواضع -في الفتح- التي صرح فيها علانية بمراجعته لمستخرج الإسماعيلي، بل لقد كان رحمه الله يمتلك من الكتاب نسخة، صرح أنها هي التي يستفيد منها في الشرح.
ولبث مستخرج الإسماعيلي موجودا إلى العصور المتأخرة، ثم يظهر أنه قد ضاع، ولذلك نهضتُ إلى جمع مادته من الفتح والعمدة والإرشاد، وكتبت عنها دراسة جامعية نشرت فيمجلة جامعة الإمام بالرياض منذ خمس، أويزيد..وكنت هممت بإخراج ما عندي من مادته، بيد أنني تلكأت، لما وجدت المباركفوري في تحفته، يقول بأن من المستخرج نسخة قلمية بالمكتبة الجرمانية...
فيا عشاق الكلمة النبوية، وأنصار الإمام البخاري من جيل الصحوة الإسلامية،من يوقفنا على حقيقة هذه النسخة الجرمانية، وأين توجد هذه المكتبة، وفي أي دولة، هل هي ألمانيا؟؟
لقدقال لي أحدالمشايخ- وكنت سألته عن حقيقة ما ذكر المباركفوري-" إنه لا حفل بما يقول!!
فمن يفيدنا عن حقيقة ما يحيل عليه المباركفوري من مكتبات في تحفة الأحوذي؟؟؟؟
وكتب:د/ محمد بن زين العابدين رستم