أشكرُكَ أبا محمّد الغامديّ، فقبلَ أسبوعٍ كنتُ أتجادلُ مع دكتوري في الجامعة، وقد زعمَ أنّ حكمة قطع يد السّارق هي أنْ يبينَ للنّاس حاله، وأنّنا نستعيض بالإعلامِ وبالشّبكينة عنه، ولم أكن أفرّقُ جيّدًا بينَ (العلّة والحكمة) وقد اتّضحَ لي من كلامِ الشّيخ أنّها قُطعت لعلّة السّرقة.
أنا قلتُ للدّكتور -وهو أستاذ لغة عربيّة- ما إعراب كلمة (جزاءً) ثمّ ما إعراب كلمة (نكالاً)، ومن هنا أفحمته، وقد أفحمته الذي نقلته، ولم أكن مُطّلعًا عليه، ولا غرابةَ، فليسَ مسلمًا من يتركُ الصّلاة بحجّة أنّ حكمة تأديتها الإراحة، وأنّه مستريح إلى الآخر !
كنتُ آملُ لو دريتُ هذين المصطلحين الأصوليين جيّدًا قبلَ ذلكَ، ففي صفّي فتيان جهلاء، وفتيات أشدُّ جهلاً منهم.
ثمّ هو زعمَ أنّ معنى (القطع) هو قطعها عن السّرقة، فالذي سرقَ لأجل المال، يُعطى مالاً، والذي سرقَ لأجل الزّواج يُزوّج، وقد كنتُ قلتُ له: إنّك تُحرّف القرآن عن معناه، فليسَ عندكَ دليلٌ تخرجُ فيه العبارةَ عن حقيقتها، ثمّ زعمَ أنّ القطع ليسَ بمعنى (البتر) مستندًا إلى أنّ أنّ تلكَ النّسوة جرحنَ أيديهنَّ ولم يقطعنها، وقد أجبته: ولتعلم أنّ القطعَ في كلام العرب هو بترٌ، وإنّهنَّ استعملنَ سكاكينَ طعامٍ، أمّا هؤلاء فتقطعُ أيديهم بالسّيفِ وغيره، أليسَ أيُّها المُتخصّص باللغة تقولون (السّيف الباتر)، أيُّها العقلانيُّ الذي لا يؤمن بسنّة ولا بكتاب !
ثمّ قلتُ له: لو صحّ زعمكَ بمعنى القطع، لكذّبتَ الله الذي قالَ: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }المائدة33 وماذا يصيرُ المعنى هنا، هل يقطعَ أرجلهم عن السّرقة، عجبًا !
لا شكَّ أنّه خرسَ ثمّ ذهبَ بعيدًا أمامَ الطّلاب يجوبُ في هواء الدّنيا عن إجاباتي !
وكنتُ قلتُ لأحدهم لمّا استمعَ لذلكَ العقلانيِّ -دكتوري- أرأيتَ إنّه يُبدّل الدّين الإسلامي وأحكامه، فلمَ تقولُ لي أنتَ البارحة (ما الحكمة من تحريم الموسيقى ؟! تريد من ذلكَ أنْ تُحلّل استماعها)، ولمّا قلتُ له ذلكَ (سكتَ فترةً) ثمّ صارحني بكلامٍ لا أخفيه عليكم، قالَ لي باللّهجة الأردنيّة: (بسْ هوّه بدّل الدّين كلّه !)
ولأنّه صديقي هكذا لم أصارحه بأنّه إذن بدّل شيئا من الدّين وأنّ جماعته وعلى رأسهم يُبدّلون الدّين بحجج واهية !
وأنّه هو صرّح بذلكَ وما زالَ يُصرّح، لكن أنا أنتشله من الظّلمات يومًا بعدَ يوم !
لا أخفيكم، فهذه الدّكتور أربعينيٌّ وما زالَ يرود المنتديات، ويبحث في قوقل أيضًا، وأنّ صديقي الإخواني يفعل ذلكَ أيضًا، لكنّني لا أخاف أبدًا منهم، وإنّني إذ أكتب هذا لينتفعوا وليرتجعوا عن مذهبهم الباطل، والسّلام !